Site icon IMLebanon

abc يخنق موظفيه: تعليق دفع الرواتب

 

 

في الثالث من نيسان الجاري، نشر النائب السابق روبير فاضل فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ينفي فيه «الشائعات» عن طرد موظفين من الـ«abc». أكّد أنّ الأخيرة مُستمرة في دفع الرواتب، «رغم الأزمة الاقتصادية التي بدأت قبل 17 تشرين الأول». ولكنّه في الوقت نفسه «دقّ جرس الإنذار» من أنّه حين تضطر شركة «مثل الـabc» إلى أن تصرف موظفين، فهو الدليل الأخير «قبل الانهيار التام وانفجار أزمة البطالة». صحيحٌ أنّ رئيس مجلس الإدارة – المدير العام السابق لشركة المجمعات التجارية، وجدها مُناسبةً ليوضح للرأي العام أنّه لم يعد له علاقة بالشركة بعد أن باع حصصه لأشقائه قبل قرابة ثلاث سنوات، إلا أنّه لم يُخفِ تماماً وجود «نارٍ» تسبّبت في إشعال «القيل والقال» حول المؤسسة العائلية. فما أخفاه فاضل عن الرأي العام في الفيديو، أنّ شركة «مثل الـabc» قرّرت أن تفتتح مسار التخلّي عن موظفيها في هذه الظروف الاستثنائية، مُتحصّنة بالقانون الذي ترى أنه «يُبرّر» لها تصرّفها، عبر اتخاذ قرار تعليق عقود الموظفين منذ بداية نيسان حتى انتهاء «حالة الطوارئ» التي تمرّ بها البلاد نتيجة تفشّي وباء «كورونا».

 

ما فكّرت فيه إدارة الـ«abc»، هو اتخاذ تدابير تُحافظ على ما في محفظتها المالية، فلا تدفع رواتب الموظفين في فترة الإقفال التي فرضتها حالة التعبئة العامة. كم تبلغ هذه الرواتب لـ«تغصّ بها» شركة بهذه الضخامة؟ وهل تُمثّل أكثر من 1% من نسبة الأرباح التي راكمتها الشركة على مرّ سنوات طويلة، أدّت بها إلى التوسّع وافتتاح فرع فردان في الـ2017، تمّ التغنّي به لكونه الأكبر في منطقة الشرق الأوسط؟ وإذا سُلّم جدلاً أنّ أزمتي المبيعات والاستيراد أثّرا على الشركة، ماذا عن جزء كبير من المدخول المؤمّن عبر تأجير مساحات في الفروع لماركات ومؤسسات عالمية؟

اتصلت «الأخبار» بإدارة الـ«abc» التي برّرت تعليق العقود «المؤقّت» بأنّه إجراء يسمح به القانون «حين يكون هناك قوّة قاهرة». منذ 17 تشرين الأول، «استمررنا في دفع الرواتب، بعكس العديد من الشركات الأخرى، وأعطينا الحوافز للموظفين، وسدّدنا كلّ المستحقات، حتّى إنّنا أعطينا الموظفين مكافآت بمناسبة رأس السنة، وذلك رغم الوضع المزري». وتؤكّد الشركة أنّه «لم يعد لدينا إمكانية أن نستمر بهذه الطريقة، وأصبحنا مُضطرين إلى اتخاذ خيار من اثنين: إما أن نُقفل بشكل نهائي، أو نجد طريقة لتسيير الإقفال المؤقت». متى ينتهي المؤقت؟ «ربّما بعد 15 يوماً أو شهر». يبدو ذلك مُستغرباً، فما هي «العجيبة» التي ستدفع بالعجلة الاقتصادية إلى التحرك بهذه السرعة، وتُلغي خطر «كورونا»؟ يأتي الجواب بأنّ «استعادة النشاط بعد انتهاء أزمة كورونا»، أي ما يُمكن أن يمتدّ لأشهر. أليس مُستغرباً أن تنهار شركة كهذه بهذه السرعة، فيما مؤسسات أخرى، ليست ظروفها المالية أفضل من «abc»، ما زالت تُعاند وتدفع حقوق الموظفين؟ تردّ إدارة الـ«abc» بأنّ مشكلتها «بدأت تقريباً في آذار 2019، يُضاف إلى ذلك أنّ عدداً من المستأجرين لم يكونوا قادرين على تسديد الإيجارات».

 

في الفيديو الذي نشره، طلب روبير فاضل من الحكومة أن تتبنّى 4 إجراءات: تسهيلات مصرفية لكل الشركات، إلغاء الرسوم والضرائب، تأمين الحدّ الأدنى من الدولارات للشركات المبني عملها على الاستيراد، وإعطاء عيّنات نقدية للموظفين. صحيحٌ أنّ من واجبات الدولة توفير الحماية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، ولا يجوز تحت أي ظرف التساهل معها في وقوفها على الحياد في هذه المعركة. الحكومة يجب أن تدفع لتحفيز الاقتصاد، وأن تدفع لتُحصّن الناس في عزلهم المفروض عليهم. في الوقت عينه، لا يُمكن لنائب طرابلس السابق أن يُحدّد للحكومة إجراءاتها، من دون أن يُطالب أصحاب الثروات أيضاً بتحمّل مسؤوليتهم تجاه الموظفين في مؤسساتهم. هؤلاء لا يلتفتون إلى الدولة إلا في زمن القحط، لمطالبتها بإعفاءات ضريبية، وهي «النغمة» التي سترتفع أصواتها قريباً، لاستغلال الازمة الحالية للتهرب من دفع الضرائب.

اليوم بدأت «abc» بهضم حقوق العاملين. خُطوتها ستُعطي «ذريعة» لمؤسسات أخرى للقيام بالإجراء نفسه. ولكن سبقها إلى «التعسّف» بالموظفين شركات، إما من خلال الحسم من الراتب، أو تعليق العمل بالإجازات السنوية، أو الصرف.

يقول أحد الخبراء القانونيين إنّ وباء «كورونا» يُعتبر «قوة قاهرة» غير متوقعة، «ولا يستطيع الكثير من المؤسسات أن يتحمّل تبعاته». في هذا الشقّ، «تُفهم» الحالة الصعبة التي تمرّ بها المؤسسات، منذ ما قبل 17 تشرين الأول، وتفاقمت في الأشهر الماضية. لا أحد يتنكّر لأزمة عالمية، لبنان جزء منها. إلا أنّ الخبير القانوني يُضيف أنّه «لا يُمكن إيقاف راتب الأجير الذي لا يرتبط فقط بالعمل المُتمّ، بل هو أيضاً مفهوم اجتماعي يتعلّق بتأمين عيش كريم».