IMLebanon

عبدالله بو حبيب… يا للعار!

 

أدانت وزارة الخارجية اللبنانية اجتياح الأراضي الأوكرانية، ودعت روسيا إلى وقف العمليات العسكرية فوراً.

 

وفي حين لا تشكِّل هذه الدعوة أيّ ثقل في المعادلات العالمية وموازين القوى، لتسجّل فقط موقفاً قائماً على «المبادئ الراسخة والناظمة للشرعية الدولية التي ترعى الأمن والسلم الدوليين وفي طليعتها مبدأ احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وأمن حدودها»، إلّا أنها في قاموس مرتزقة المحور الإيراني تعني الكثير الكثير. وهي تصل إلى حدّ العمالة. لا تختلف وزارة الخارجية من خلال بيان الإدانة بشخص الوزير عبدالله بو حبيب عن عمالة كل القوى والأحزاب والجمعيات التي تتغذّى من السفارات.

 

بالتالي، لن يمرّر المرتزقة هذا الخلل الأشبه بالخطيئة الكبرى، لأنه يضرب صميم المرتكزات التي عمل عليها منذ مصادرة السيادة لتغيير طبيعة العلاقات الخارجية اللبنانية.

 

وكلّنا يذكر الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، عندما نهر وزير خارجيتنا السابق محمود حمود الذي كان ينتظر إشارة من «ولي أمره» فاروق الشرع ليقرر موقف لبنان، بقوله الشهير «ما تبصش لفاروق يا محمود»..

 

ونذكر مواقف الصهر الغالي جبران باسيل، عندما عبَّر عن حزنه وأسفه لعملية استهداف قاسم سليماني في بغداد، في حين رفض إدانة الهجوم الإرهابي الذي استهدف أرامكو، متذرعاً بمبدأ النأي بالنفس، قائلاً: «لا يمكنني من منطلق مبدأ النأي بالنفس إدانة ضرب منشأة في السعودية كما لا يمكنني إدانة ضرب مستشفى في اليمن».

 

فمثل هذا الموقف من بو حبيب يضرب الجهود كلّها التي أثمرت إنجازات أودت بلبنان إلى عزلته ومقاطعة الدول العربية له. وقمّة غياب الوعي السياسي والإستراتيجي تعكسها قراءته الحرب الروسية على أوكرانيا بمنظار القانون الدولي ووجوب حلّ النزاعات بالوسائل السلمية واللجوء إلى مجلس الأمن.

 

ومن هو هذا الـ»بو حبيب» الذي يدعو روسيا بكل عظمتها وجبروتها، وبكل تدخّلاتها لمصلحة محور الممانعة، إلى «وقف العمليات العسكرية فوراً وسحب قواتها والعودة إلى منطق الحوار والتفاوض كوسيلة أمثل لحلّ النزاع القائم، بما يحفظ سيادة وأمن وهواجس الطرفين ويسهم في تجنيب شعبي البلدين والقارة الأوروبية والعالم مآسي الحروب ولوعتها»؟؟

 

ألا يعرف معاليه أن لا وجود لنفوذ يخيف الآخرين ويقوّي السلطة ويلبّي الطموح من دون مآسي الحرب ولوعتها؟؟

 

فعلاً، هي قمّة السذاجة الدبلوماسية، وقمّة التهاون بالمصالح اللبنانية في روسيا. بالتأكيد هو لم يدرس حجم هذه المصالح، وإلا لما ارتكب هذا الخطأ الجسيم.

 

بالطبع، لا لزوم لمقارنة استثمارات رجال الأعمال اللبنانيين في روسيا مع استثمارات لبنانية وعمالة لبنانية في الخليج العربي، فالعزة والكرامة تحولان دون ذلك. ناهيك عن رفض مطلق للإنبطاح واستجداء الرضى.

 

ألم يكن بإمكان الخارجية اللبنانية أن تكتفي بالبحث في كيفية إقناع روسيا بمدّها بالقمح اللازم عوضاً عن أوكرانيا مقابل تأييدها الغزو؟ أو أن تخفّف من قلق اللبنانيين القابعين تحت وابل النيران الروسية، فتوصيهم برفع الأعلام البيضاء، وطلب اللجوء إلى موسكو؟؟

 

وماذا عن رئيس الجمهورية ميشال عون الذي وافق على البيان؟؟

 

كان يكفيه الإتصال الهاتفي مع بو حبيب والتداول وإيّاه في أوضاع أبناء الجالية اللبنانية في أوكرانيا والإجراءات الاحترازية الواجب اعتمادها لتأمين سلامتهم وتوفير الحاجات الضرورية لهم.

 

لماذا الإجتهاد في غير محلّه.. ومن سيدفع الثمن؟؟

 

الأيام والأشهر المقبلة قد تحمل الأجوبة المطلوبة.. لكن حتّى لو تسامحت روسيا مع هذا الموقف اللبناني الدبلوماسي المتهوّر، فإن مرتزقة المحور الإيراني لن يتسامحوا.. وسيحاسبون بو حبيب.. الذي تجرّأ على اتخاذ موقف يحرج إيران وأذرعها ويكسر الجهود التي بذلت لتخريب سمعة لبنان ونسف علاقاته الخارجية كلّها..

 

يا للعار!..