IMLebanon

عبد الرحيم مراد: نصرالله عمّم أنني خطّ أحمر

خلافاً للدورات الانتخابية السابقة، يبدو النائب السابق عبد الرحيم مراد مُرتاحاً إلى وضعه الشعبي في البقاع الغربي، مستفيداً من الخدمات التي تُقدّمها مؤسساته ومن أخطاء خصومه. انفتح على السعودية، وتمايز عن محور المقاومة في المسألة اليمنية، إلا أنّه ثابت على موقفه الداعم للمقاومة والقضية الفلسطينية، ولسوريا

قبل قرابة أسبوعين من موعد الانتخابات النيابية في الـ2009، عُقدت مناسبة اجتماعية للنساء في البقاع الغربي نظمها تيار المستقبل. عُرض في خلال اللقاء فيلم قصير، قيل للحاضرات يومها إنّها مشاهد لـ«مجازر ارتكبها الشيعة بحق السنّة في بيروت». فيما الحقيقة أنها كانت «مشاهد للمجزرة بحق السوريين القوميين الاجتماعيين في حلبا العكارية عام 2008»، على ذمّة الوزير السابق عبد الرحيم مراد. بعد الانتهاء من عرض الفيديو، ظهرت على الشاشة صورتا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ومراد. إلى هذا الحدّ كان المستقبل بحاجة إلى شحن جمهوره.

اتُّهم مراد بأنّه تابع مذهبياً إلى حزب الله، وإقليمياً إلى الرئيس السوري بشار الأسد. استُغلّت أحداث السابع من أيار، ووَصْف نصرالله لها بـ«اليوم المجيد»، كذلك غابت ضوابط المال الانتخابي.

هذه العوامل أدّت إلى تأليب الرأي العام ضدّ مراد، فنال في الانتخابات الأخيرة 29095 صوتاً من أصل 65237 مقترع، بفارق 4294 عن آخر الرابحين الوزير جمال الجراح (نال 33389 صوتاً). وحصل مراد على 29.4% من أصوات الناخبين السنّة. علماً أنّه قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري في الـ2005 واستغلال دمه في الانتخابات، كان مراد اللاعب الأول في منطقته.

بنبرة صوته الخافتة، يبدو مراد واثقاً من أنّ «المستقبل لم يعد قادراً على استخدام هذه الأمور». ما الذي تبدّل؟ «غيابهم (المستقبل) الكلّي»، يقول لـ«الأخبار». في المقابل، كانت مؤسسات «الغد الأفضل تكبر وخدماتنا تتضاعف». عامل آخر أسهم في تبديل الصورة السلبية تجاهه، هو انفتاح السعودية عليه وزيارة مراد للرياض عام 2015. تلا ذلك، استقبال الرئيس سعد الحريري لمراد في منزله بوسط بيروت في شباط 2016. أفادت الزيارتان مراد في «الشارع السنّي». يقول إنّ خصومه من الرأي العام «قد لا يكونون أصبحوا قريبين منّا، ولكنّهم توقفوا عن تفادي لقائي وإلقاء السلام». بعد لقاء الحريري، اعتمد الوزير والنائب السابق سياسة مدّ اليد للجميع، في حين أنّ «المستقبل»، ولا سيّما في «الغربي» لم يوقف حربه ضدّ مراد. ففي لقاء سابق مع «الأخبار» (العدد ٢٩٩٥) وصف الوزير الجراح مراد باللاعب الهامشي «البعيد في السياسة والقريب في المصالح». حتى مركزياً، لم تتطور العلاقة بين الطرفين. يُخبر مراد أنه حين زار الحريري كان لمحاولة إقناعه «بأننا نختلف حول ملفّي سوريا وحزب الله، فلنترك ذلك جانباً ونحاول تسوية أوضاعنا المشتركة». ولكن لماذا لم تتدخل السعودية لتسوية الأمر؟ أم أنها لم تكن جدية في «ترتيب البيت الداخلي»؟ يجيب مراد: «بلى كانت جدية، ولكنها وضعت عنواناً وما زلنا ننتظر التفاصيل».

يقول مراد إنه إذا اعتُمدت «النسبية» سيترشح ابنه حسن

على الرغم من أنّ كلّ المؤشرات وبعض المعلومات تؤكد أنّ مراد لن يتحالف مع «المستقبل» في النيابة، يتحفظ عن حسم ذلك، «لنرى أولاً ما هو القانون وكيف سيكون شكل الدوائر». ولكن المحسوم أن لا شيء مع الوزير السابق أشرف ريفي. يستطيع الأخير أن يستقطب جزءاً من جمهور تيار المستقبل العاتب على قيادته، «ونحن نُشجع أن يكون هناك أكثر من لائحتين». ولكن، مراد يحمل خطاباً معتدلاً وغير متطرف مذهبياً. يوضح أنّه «حين أدعو إلى حوار سني ــ سني يكون بهدف إعادة الشارع السني إلى خطابه العروبي».

يقول «أبو حسين» إنّ الوضع انتخابياً «لمصلحتنا. ونحن مستعدون للانتخابات ولم نتوقف عن تقديم الخدمات طوال السنوات السابقة». يستند في حديثه إلى عمل مؤسساته، واستطلاعات الرأي، إضافة إلى جولات نجله حسن في دول الاغتراب. قبل التمديد للمجلس النيابي، قدّم الأب وابنه أوراق ترشحهما إلى «النيابة». ومن حينه، يجري الحديث عن أنّ حسن سيكون المرشّح. إلا أنّ الوزير السابق يربط هذا القرار بالقانون الانتخابي، «إذا اعتمدت النسبية يكون حسن المُرشح». ولا تبديل في الحلفاء: 8 آذار والتيار الوطني الحر، «الأقوى مسيحياً في الغربي». العلاقة مع النائب وليد جنبلاط جيدة، «وقائمة على الاحترام المتبادل». وبالنسبة إلى تلويح «المستقبل» بترشيح حليف مراد السابق محمد القرعاوي بعدما «كبرت المسافة بيننا»، الأرجح أن «تكون مناورة. غالباً ما يعدون الناس بترشيحهم ويتراجعون».

خسر مراد بسبب موقفه الداعم لسوريا وحزب الله. من دون أن يدفعه ذلك إلى أن يحيد عن الخطّ الذي انتهجه. إلى أن برز موقفه الداعم للسعودية (أحد ألدّ اعداء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي ينتمي مراد إلى خطّه) في عدوانها على اليمن، ومن ثمّ زيارته للرياض. ارتفعت الأصوات ضدّ مراد، متهمة إياه بأنه يبحث عن موقع سياسي وعن غطاء «سنّي». بالنسبة إليه، «كما أنّ أمن لبنان من أمن سوريا، من حقّ السعودية أن تُدافع عن مصالحها وحدودها في اليمن». ولكن، في خلال اللقاء مع ولي ولي العهد محمد بن سلمان «شدّدتُ على ثابتتين: القضية الفلسطينية، والعلاقة مع سوريا. وأكدت أنّ عدونا الوحيد هو إسرائيل، فإيران خصم سياسي نحلّ أمورنا معها بالتفاهم». صحيح أنّه بعد الانفتاح السعودي ــ المرادي «انتقدني البعض وشكّك في مواقفي. ولكن في خلال اجتماع لمجلس الشورى في حزب الله، طلب منهم السيّد حسن تعميم أنّ عبد الرحيم مراد خطّ أحمر، وله الحقّ في أن يتحرك كيفما يشاء. في المرّة الماضية نلنا 92% من أصوات الشيعة، هذه المرّة قد ننال 96%»، يختم ضاحكاً.