في وقت يتساءل العالم حول ماذا سيحدث لإسعار النفط وهل يبقى سعر برميل البرنت في مستوى ٤٨ الى ٥٠ دولاراً؟، يطلق وزير الطاقة القطري السابق عبد الله حمد العطية يوم الأحد المقبل في الدوحة مؤسسة تحمل اسمه للبحوث والندوات والتقارير حول النفط وقضاياه في المنطقة العربية. أنشأ العطية هذه المؤسسة بدعم وتشجيع من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة الذي وصف وزيره خلال الاحتفال بوصول انتاج قطر من الغاز الطبيعي الى ٧٧ مليون طن بـ «الوزير النزيه». والعطية بنى صناعة الغاز والنفط في قطر على توجيهات اميرها آنذاك الذي منحه الثقة وسلمه مسؤولية تحويل قطر الى اكبر منتج غاز طبيعي في العالم.
عمل العطية في قطاع الطاقة منذ ١٩٧٢ في مسؤوليات مختلفة حتى تولى وزارة النفط في ١٩٩٢ وأصبح مع وزير النفط السعودي علي النعيمي الذي تولى هذا المنصب بعد ثلاث سنوات من العطية، اهم وزيري نفط في منظمة اوبك. هما معروفان بفاعليتهما وفهمهما للسوق النفطية العالمية وأهمية التعامل معها في شكل علمي ومحترف، ما حسّن الكثير في أداء المنظمة ومحاولة إبعادها قدر الإمكان عن التوترات السياسية التي نتجت من حرب العراق في ٢٠٠٣. اليوم تنطلق هذه المؤسسة العربية الفريدة بمساهمة وحضور كبار مسؤولي قطاع الطاقة العالمية، وطرح العطية في ندوة استضافته مؤخراً سؤالاً يسأله منتجو النفط في العالم العربي: ماذا سيحدث لو ارتفعت الأسعار مجدداً الى حدود المئة دولار بالنسبة إلى إنتاج النفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة؟ فقال: حتى لو توقفت شركات انتاج النفط الصخري عن العمل موقتاً بسبب تدني الأسعار فوق مستوى التكلفة، يبقى النفط داخل الصخور ويمكن استئناف انتاجه مجدداً، خصوصاً انه يجري حالياً الإسراع في تطوير تكنولوجيات جديدة تخفض تكلفة إنتاجه. فالأسعار المتدنية في نظره تقسم العالم إلى ثلاث فئات الأولى: دول منتجة تعتمد مداخيلها بنسبة اساسية على عائدات النفط وتتعامل بهدوء مع الأزمة الحالية، كمعظم دول الخليج. والفئة الثانية: مثل ايران وروسيا اللتين تعتقدان بأن هبوط الأسعار مؤامرة على اقتصادهما. والفئة الثالثة: هي الدول المستوردة التي تعتبر ان اي انخفاض يقلص مصاريفها ويساهم في اعادة انتعاش اقتصادها مثل دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ما لا شك فيه ان انطلاق مؤسسة العطية، يأتي في وقت ينشغل منتجو العالم والمتعاملون في الاقتصاد العالمي في تقييم يومي لتطور اسعار النفط والسوق العالمية، لأنها مؤثرة في شكل كبير في اقتصاد العالم اينما كان. وشخصية مثل العطية لها وزن كبير في قطاع الطاقة تضفي على اعمال هذه المؤسسة صدقيتها وقيمة في دراساتها وندواتها. فالسوق النفطية حالياً تشهد معروضاً كبيراً من النفط ما يساهم في زيادة بناء المخزون العالمي نتيجة صيانة المصافي، وتنتهي الصيانة في نهاية الشهر المقبل ما يجعل خبراء في السوق النفطية يتوقعون ألا ينزل مستوى سعر برميل البرنت عن مستوى ٤٥ الى ٥٠ دولاراً للأشهر الثلاثة المقبلة. وعن احتمال عودة النفط الإيراني الى الأسواق في آذار (مارس) المقبل، يقول خبراء تجارة النفط انها قد تطول اكثر، لأن رفع العقوبات عن ايران سيتأخر الى ان تعطي وكالة الطاقة الذرية الضوء الأخضر لذلك، بعد ان تقوم بالتفتيش المتفق عليه لمواقع تخزين اليورانيوم ومواقع تخصيبه في ايران والمواقع النووية. ومن المتوقع ان تعقد دول اوبك اجتماعها في 4 كانون الأول (ديسمبر). وليس لـ «اوبك» خيار آخر سوى الاستمرار في استراتيجيتها الحالية وعدم تخفيض انتاجها لحماية حصتها، لأنها لو خفضت انتاجها ورفعت الأسعار سيحدث بسرعة ما توقعه العطية وهو ارتفاع انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة على حساب نفوط الخليج التي قد تخسر حصصها من الأسواق.
دراسات وندوات مؤسسة العطية ستساهم في شكل كبير في محاولة الإجابة عن اسئلة عديدة تطرح في هذا الموضوع.