IMLebanon

«الحِملْ» ثقيل على أبي خليل

ملف الكهرباء سيعود الى الواجهة لأن هذا القطاع سيشكل معياراً لنجاح العهد، على اعتبار انه ملف مُزمن يستنزف الخزينة وأعصاب الناس، ويكاد يتحوّل الى قضية ميؤوس منها. فهل ينجح الوزير الجديد في تحقيق الفارق، واغلاق الملف كما وعد؟

لم يتكبّد سيزار ابي خليل عناء الانتقال من مكان الى مكان لتسلّم حقيبة الطاقة. في أقصى الاحتمالات، انتقل الوزير الجديد من مكتب الى مكتب. وهو بالتأكيد لم يضطر الى ترك ملفات لتسلّم ملفات جديدة. الملفات بين يديه من الأساس، وما عليه سوى استكمال العمل.

لكن الفارق بين اليوم والأمس، ان ابي خليل بما يمثل، (التيار الوطني الحر وتحديداً رئيس التيار جبران باسيل) بات في الواجهة أكثر، والضغوطات على التيار ستكون أكبر لأسباب ومعطيات كثيرة، هذه أبرزها:

اولا – ان خطة تأهيل الكهرباء وتأمينها 24/24 ساعة هي في الأساس خطة جبران باسيل منذ العام 2010، وكان يُفترض ان تُنفذ في العام 2015، لكنها تعثرت ولا تزال.

ثانيا – ان تسلّم التيار وزارة الطاقة بشكل مباشر ومن خلال ابي خليل تحديداً، وهو المُكلّف من قبل التيار منذ البداية بمتابعة الملف، تُحمّل هذا الفريق السياسي مسؤولية مباشرة لتأمين الوعود السابقة.

ثالثا – ان قطاع الكهرباء لا يحتمل التأويل كثيرا، ومؤشر النجاح او الفشل فيه يرتبط بتأمين التيار 24 ساعة، وليس من خلال الكلام وتقديم التبريرات لتفسير اسباب الفشل او التأخير.

رابعا – ان وجود رئيس للجمهورية هو زعيم التيار الوطني الحر، يزيد الضغط على وزارة الطاقة لتنفيذ خطة الـ24 ساعة، لأن عرقلة المشروع من قبل أطراف سياسية أخرى، كما قيل في السابق، لم يعد مقبولا شعبيا، بوجود رئيس قوي في الموقع الأول، ساهم بنفسه في الضغط على مجلس النواب لاقرار خطة الكهرباء. ومن البديهي انه ينبغي ان يكون قادرا على منع عرقلة هذا المشروع من قبل اي جهة سياسية.

بالمناسبة، هناك مجموعة من الاسئلة التي تواكب ملف الكهرباء من ضمنها، الاسئلة التالية:

اولا- كيف يمكن اقرار خطة من هذا النوع ومن ثم تأخير دفع الاموال الى الشركات المتعهدة، لتفشيل التنفيذ. وهل يجوز ان يبقى هذا الامر غامضا، من خلال تبادل الاتهامات بين وزارة المالية ووزارة الطاقة، بحيث ان كل وزارة تحمّل المسؤولية الى الوزارة الأخرى في العرقلة؟

ثانيا – كيف يمكن إقرار خطة بهذا الحجم، ومن ثم تغييرها على أساس اكتشاف ان معمل الجية لم يعد صالحا لاعادة التأهيل ومن الأفضل تأسيس معمل انتاج جديد؟ أوليس من باب الأولى معرفة هذا الأمر قبل إقرار الخطة؟ وكيف وضعت الخطة من دون دراسة وضع المعامل باسلوب علمي وواقعي لا يقبل بهذا «الاكتشاف» في وقت لاحق؟

ثالثا – حتى الان لم يفهم المواطنون ما قصة معمل الانتاج الثاني في الشمال، والذي قيل ان تجميد تنفيذه مرتبط بخلاف حول من سيدفع الضريبة على القيمة المضافة :الدولة ام الشركة المتعهدة. وهل يمكن تبرير اجراء عقود بهذا الحجم (حوالي 500 مليون دولار) وترك ثغرة قانونية بهذه الفداحة؟

رابعا- هل يجوز استمرار الغموض في ملف العقود، على غرار ما جرى في ملف عقد تشغيل وصيانة معملي المحركات العكسية في الذوق والجية. صحيح ان مؤسسة الكهرباء قدمت التوضيحات، لكن الغريب ان تبقى الشكوك عالقة في الأذهان بسبب غياب الثقة بكل ما له علاقة بالالتزامات التي تدر الاموال على السماسرة من كل حدب وصوب.

خامسا – هل تحولت بواخر الانتاج المؤقتة الى حل دائم، بما يؤشّر الى فشل الخطة الموضوعة لاصلاح القطاع؟

في النتيجة، هناك عهد جديد وحكومة جديدة، ووزير الطاقة الجديد محسوب على العهد، لن تكون التبريرات السياسية او اللوجستية مُتاحة امامه، وبالتالي هو من الوزراء المحكوم عليهم بالنجاح، والنجاح هنا يعني تأمين التيار 24 ساعة، ولو بتأخير سنتين عن الموعد الأصلي (2015).

وكل ما عدا ذلك، سيعتبره المواطنون بمثابة فشل لن يكون من مصلحة سيزار ابي خليل ومن يُمثّل. ومن هنا يبدو الحمل ثقيلا على وزير الطاقة، الذي يُفترض ان يحقق الفرق في ملف قديم لم ينجح سابقا في تحريكه كما ينبغي من موقعه كمستشار، والبعض كان يعتبر انه كان الوزير البديل، فهل ينجح في المهمة من موقعه كوزير أصيل؟