Site icon IMLebanon

عن «حزب الله» و«المستقبل».. وكلام الغرف المغلقة

خشية ديبلوماسية على لبنان: الوضع أكثر دقة وحساسية

عن «حزب الله» و«المستقبل».. وكلام الغرف المغلقة

في الحرب على الإرهاب التكفيري، لا يوجد لون رمادي، لا مكان في الوسط، فإما مع هذه الحرب واما ضدها.

تلك المعادلة يطرحها سياسي مسيحي محايد، بناها على ما شاهده من جرائم وفظائع ارتكبها الارهابيون في سوريا والعراق، وضد الاقليات من مسيحيين وايزيديين واكراد، وصولا الى لبنان بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة وخطف العسكريين اللبنانيين وذبحهم. «امام كل ذلك لا نستطيع ان نقف على الحياد، لا بل من المعيب ان يبدو بعض اللبنانيين وكأنهم متعاطفون مع جبهة النصرة وداعش في جرود القلمون او في غيرها، فقط نكاية بحزب الله».

المزعج، انقسام اللبنانيين بين مؤيد لحرب «حزب الله» في القلمون، وبين معارض لها الى حد الادانة. يقول السياسي المحايد إن «حجج البعض لم تعد مقنعة، وثمة حقيقة ساطعة ليس في الامكان الهروب منها تكشف ان كل القوى السياسية في لبنان، ومن دون استثناء، سواسية كأسنان المشط في الموضوع السوري، لا فرق بين طرف وآخر الا بمقدار حجم وزمان ومكان تدخله في سوريا، الكل تدخلوا فيها حتى العظم، ولا يستطيع اي منهم ان ينفض يده مما ارتكبه، او يأخذ على غيره ما هو متورّط فيه قبله».

هذا الانفصام في الموقف، الذي يشكو منه السياسي المذكور، محل استغراب سفير دولة كبرى، حيث ينقل عنه زواره ما حرفيته: «اعرف جيدا ان الوضع السياسي معقد في لبنان، وأدرك عمق الازمة السياسية، ولكن، لَكَمْ ادهشني ان أجد اللبنانيين منقسمين حول مواجهة تخاض ضد ارهابيين يشكلون تهديدا مباشرا لكل المكونات اللبنانية، بلا اي تمييز».

«المشهد مقلق»، يقول السفير المذكور: «اقرأ مخاطر كبيرة على لبنان والمنطقة تستوجب التنبه والحذر، ونحن نوجه النصائح بذلك الى المسؤولين اللبنانيين، وما اتمناه الا تترتب على هذا الانقسام نتائج وأثمان غالية على لبنان».

واما عناصر القلق فتتبدى في ما وصفها «العلاقة المتفجرة» بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، وفي الحملات السياسية والاعلامية العنيفة المتبادلة بينهما. يقول السفير: «حاولت سبر اغوار هذه العلاقة، عبرت عن بعض الهواجس امام بعض اللبنانيين، سألتهم عن مستقبل تلك العلاقة، والى اين يمكن ان يوصل تفجّرها، فوجدتهم مطمئنين.. قالوا لي انه جزء من الفولكلور اللبناني، وهذا التوتر طبيعي بين حزبين متناقضين في الرؤى والخلفيات والاهداف. ومع انني لم اقتنع، قلت لهم اتمنى ان اطمئن مثلكم».

لكن مسؤولا لبنانيا كبيرا، يضيف السفير: «كان واقعيا جدا وقلقا في الوقت نفسه، قال لي: اخشى ان الامر صار اكثر دقة وحساسية من اي وقت مضى، ما يقلقني ان هناك في لبنان وخارجه من يريدون اشعال النار، وبتُّ اخشى ان نستيقظ يوما ونجد ان الامور قد فلتت من ايدينا، وهنا الكارثة الحقيقية على لبنان».

تيار «المستقبل»، لا ترى اوساطه ما يوجب القلق على الداخل، «نحن الاكثر حرصا على الاستقرار الداخلي والسلم الاهلي، ونترجم هذا الحرص بالتمسك بطاولة الحوار، الا ان ذلك لا يعني ان نسكت على ما يخل بهذا الاستقرار او نقبل به، بل سنستمر في رفع الصوت، سواء أأعجب ذلك حزب الله ام لم يعجبه».

بحسب تلك الاوساط «لا دور لتيار المستقبل في التوتير الداخلي السياسي والامني. حزب الله هو المسؤول، واضبارة الاتهامات جاهزة: الدويلة، السلاح، التخويف، التعالي على الدولة والتحكّم بها، الامساك بقرار الحرب والسلم، الانخراط في محور معاد للبنان، تنفيذ اجندة ايرانية، تعطيل قانون الانتخاب، تعطيل رئاسة الجمهورية، لا يقرأ تاريخ لبنان بل تاريخ الفرس، استجلاب الارهاب الى لبنان كما يفعل في القلمون، وقبله توريط لبنان بالازمة السورية…». ومع أن تيار «المستقبل» يغيظه ان يقال انه ينفذ اجندة سعودية، فإن التهمة التي لا يغفرها، وتعد من الكبائر في نظره، تتمثّل في هجوم «حزب الله» على السعودية.

واما «حزب الله»، فهو يرى تيار «المستقبل» عالقا في الامر السعودي يتحرّك بموجبه صعودا وهبوطا من جهة، ومن جهة ثانية غارقا في تحدي اثبات حضوره ضمن بيئته، وقلقا من ان يسحب البساط من تحت رجليه، وها هي معاناته تتبدى شمالا وآخرها انتخابات المجلس الشرعي وسقوطه امام نجيب ميقاتي.

اكثر من ذلك، «المستقبل» يهاجم «حزب الله» في الإعلام، لكنه في الغرف المغلقة، وامام شهود و «تسجيل محضر» يظهر الود والحرص على التلاقي والحوار ويقول للحزب حرفيا: «ما تقومون به في القلمون هو عملية جراحية لاستئصال الارهاب».

والامر نفسه ينسحب على حليفه سمير جعجع الذي يهاجم «حزب الله» علنا، بينما القواتيون، وبينهم مسؤولون، يرسلون الرسائل التي تقول: «لو ان حزب الله لم يدخل في حرب على الارهابيين، لما كنا استطعنا ان نخرج من بيوتنا».