IMLebanon

عن «القلمون» آخر معارك حزب الله

عن أيّ «واقع» سيتحدّث أمين عام حزب الله حسن نصرالله الليلة، عن واقع اليمن وأوضاع الحوثيين، أم سيتحدّت عن الواقع اللبناني ونتائج اجتماعه بالعماد ميشال عون والتعيينات الأمنيّة والتمديد الذي لا مفرّ منه في لحظة يستدرج حزب الله فيها لبنان مجدداً إلى حربٍ مخيفة أعدّت لها العُدّة من إيران، أم سيتحدّث عن واقع «التقرير» الذي وزعته وكالة «إرنا» الايرانية ووعدت فيه بالسعيْ إلى»ان يكون عيد المقاومة والتحرير الوطني في لبنان هذا العام مناسبة لعيدين» وبالطبع من دون الأخذ برأي لبنان ولا شعبه ولا دولته!!

طبول الحرب تصمُّ آذان اللبنانيين، مع أنها في بلاد أميركا اللاتينية يُعتبر قرع الطبول نذيراً بالحرب والسلم معاً، إلا في لبنان ، فحزب الله مصرّ على قرع هذه الطبول على جثث ودماء أبناء الطائفة الشيعيّة بعدما دخل مرحلة إرسال فتية لم يبلغوا سنّ الرّشد بعد، وفيما تطلق عليهم المحطات الإخبارية صفة أطفال، أمّا لدى حزب الله فهؤلاء دخلوا سنّ التكليف الشرعي منذ السابعة من العمر…

في أغلب الظنّ بالواقع اللبناني أنّ حسن نصرالله سيشحن جمهوره ليستعدّ لتقبّل خسائره في القلمون، في وقتٍ يستعد فيه بشار الأسد الديكتاتور المجرم الذي تراق على قدميه دماء الشيعة اللبنانيين، للهروب ونقل عاصمته إلى طرطوس على ما تتناقل الأنباء من أخبار هزائمه المتتالية، قد يعلن نصرالله ذوبان الثلج الذي طالب في أحد خطاباته بالاستعداد له، وحزب كهذا لا يعيش إلا على الحرب وإشعالها وعلى أعداد القتلى ليضخّم قوّته، مع أنّ الحروب خراب وهدم وشؤم!!

ذات يوم سأل الفاروق عمر بن الخطاب – رضِي الله عنه وأرضاه – عمرَو بن معدي كَرِب – شاعر العرب وفارسها – عن الحرب، فقال: «مُرَّة المذاق، إذا قلصت عن ساق، مَن صَبَرَ فيها عَرَف، ومَن ضَعُفَ عنها تَلِف، وهي كما قال الشاعر: الحرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فُتَيَّةً/ تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ/ حَتَّى إِذَا اسْتَعَرَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا/ عَادَتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ خَلِيلِ/ شَمْطَاءَ جَزَّتْ رَأْسَهَا وَتَنَكَّرَتْ/ مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ»، فأيّ طبولٍ سيقرعها الليلة نصر الله؟!

ولا شيء لدينا هنا ضدّ «طبول الحرب أو السّلم» فالإعلام يقوم اليوم بدورها، فهي حسبما أطلق عليها قدماء المصريين أداة «سلم وحرب» معاً، وللمفارقة كانت فرق «الطبلجية» تتولى قرعها لتحفيز المحاربين… ولقرع الطبول عند قدماء السومريين والبابليين منذ أكثر من ستمئة ألف عام منزلة خاصة في حياة هذه الحضارة العريقة، وكانت وقتذاك تقرع في بيوت الحكمة وفي الهياكل الدينية، وكانوا ـ السومريين والبابليين ـ يعتبرون قرع الطبول هيبة وسيطرة على شعوبهم، وكانوا يعتبرون قرع الطبول وخاصة العملاقة منها ملهماً للإبداع والأفكار الخلاقة والعمل الجاد، وكانوا يخصصون حراساً متدربين على الطبول الموجودة في المعابد وبيوت الحكمة، حتى لا تُسرق، لأن القرع عليها لها معابد كثيرة يجهلها السارق الذي يمكن بالقرع عليها يقيم الدنيا وقتذاك ولا يقعدها؛ وكان لقب «حارس الطبول» من أهم الألقاب في الحضارة السومرية والبابلية.

أمّا «إرنا» فقرعت طبول الحرب من طهران على لسان قائد ميداني في حزب الله بالحديث عن المرحلة الثانية من معركة القلمون ستبدأ بهجوم واسع من أربع جبهات لتضييق الخناق على الإرهابيين التكفيريين، في تلة موسى ومحيطها، وذلك بعد الانتهاء من تموضع القوات والتثبيت الكامل وتجهيز تلك المواقع المحررة بالعتاد والاعداد البشرية القتالية وبالمدفعية الصاروخية اللازمة والتي ستقوم بالتمهيد بالقصف المدفعي الميداني والجوي عندما تحصل القوات على الموافقة من القيادة وتحديد الساعة الصفر»!!

وسط ضجيج الحرب المرتفع على الحدود اللبنانيّة السوريّة، اللبنانيّون قلقون من أمر واحد ووحيد، ويطرحون السؤال: «هل سيوّرط حزب الله الجيش اللبناني في معركة القلمون»؟! وجواب هذا السؤال عند قيادة الجيش فقط لا غير، ونتمنّى أن تطمئن القيادة شعب لبنان عن دورها في الأيام المقبلة وكيف ستتجنب استدراج حزب الله لها إلى الوحل القلموني؟!

أما أمين عام حزب الله حسن نصرالله فنذكره قول الشاعر أبو قيس بن الأسلت، عسى يتقِ الله في دماء أبناء الناس والأرامل والأيتام وما طوّق عنقه به من دماء اللبنانيين عموماً: «من يذق الحرب يجد طعمها/ مُرّاً وتحبِسه بجعجاع/ وما الحرب إلا ما علمتم وذقتُم/ وما هو عنها بالحديث المرجمِ/ متى تبعثُوها تبعثُوها ذميمةً/ وَتَضْرَ إذا ضَرّيتُموها فَتضرمِ»…