IMLebanon

عن صحافة الورق

 

لاحظ جهاد خلال زيارته الحالية الى لندن أنّ صحافة الورق لا تزال حاضرة هناك وبقوة. والظاهرة التي افتقدناها في لبنان ومعظم البلدان العربية لم يفتقدها البريطانيون. وهي ظاهرة قراءة صحف الورق في القطارات،  وبالذات قطارات الأنفاق، وفي المقاهي و»لوبي» الفنادق.

 

من لندن اتصل بي جهاد (وهو مدير الإبداع في واحدة من أكبر شركات الإعلان في العالم) وقال: في زياراتي الأخيرة المتكررة الى لبنان رحت أبحث عبثاً، عن صحيفة في مقهى، أو عن شخص واحد يقرأ صحيفة في منتدى أو قي قاعة استقبال الزوار في فندق من الفنادق. أمّا هنا، في العاصمة البريطانية فلا تزال الصحف في متناول النزلاء والزوار في الفنادق كلها تقريباً.

 

وما زلت تراهم يتصفحونها.

 

كما لاحظ أنّ القراء، هناك، مدمنو قراءة زوايا معينة، أو أخبار محدّدة. وخصوصاً الاعلانات، وتحديداً الإعلان المبوّب.

 

فالصحف لا تزال تقدم «الخدمة» لمن يبحث عنها:

 

فالباحث عن وظيفة ثابتة أو عمل موقت يبحث عنهما في صحيفة الورق.

 

والباحث عن شقة يستأجرها، يبحث عنها في الصحيفة.

 

وكذلك الباحث عن فندق.

 

وأيضاً من يبحث عن أمكنة اللهو والمتعة على أنواعها.

 

ومن يهمه  أن يتخلص من «عفش» منزله. ومن يسعى الى «عفش» مستعمل.

 

فالإعلان المبوب يؤدي خدمة لكل صاحب مطلب: شارياً، بائعاً، أو … فضولياً.

 

يعني ليس مئات آلاف القراء (لكل صحيفة ورق) يهمهم كثيراً ما يكتبه كبار كتاب الأعمدة، وليسوا معنيين كثيرا بــ»المانشيت»، ولا حتى بالتحقيقات… وإن كان لهذه كلها قراؤها الأوفياء. وهم قد لا يكونون معنيين (بأكثريتهم الساحقة) بما يجري في ڤنزويلا، ولا بجدار ترامب على الحدود مع المكسيك، ولا بفساد نتانياهو، ولا بأزمة الصواريخ (S 400) بين واشنطن وأنقرة (…) إنما هم معنيون بما يلامس كلاً منهم شخصياً.

 

ولقد وضعت نقابة الصحافة اللبنانية، وأيضاً نقابة محرري هذه الصحافة، هاجس مصير صحافة الورق في مقدمة جدول الأعمال. وكانت ثمة مشاريع تبين أنها لا توصل الى حل جذري يعالج أقله واقع الصحافة في الحاضر والآتي القريب إن لم يكن في المستقبل.  منذ أن أعلنت الدولة بلسان مسؤولين كبار ووزراء عن الاهتمام «بأزمة الصحافة المصيرية، تتعرض صحافتنا  المكتوبة الى سلسلة نكسات، كي لا نقول نكبات. بدليل توقف نحو نصف الصحف الصادرة … وما بقي صامداً منها معرّض، بدوره، لمصير مماثل لسابقاته التي احتجبت حديثاً خصوصاً في السنة الماضية.

 

وفي تقديرنا أنّه يفترض أن تنطلق أي معالجة من استراتيجية يضع مبتكروها في حسبانهم الآتي:

 

1- المنافسة لم تعد ممكنة مع الــ»أون لاين» فهذه الخدمة باتت عالماً آخر، ومستوى آخر، وسرعة أخرى، وحضوراً آخر.

 

2- أن تتحمل الدولة مسؤوليتها المباشرة في توفير دعم فعّال للصحف التي لا تزال صامدة… وهذه المساعدة تكون مادية مباشرة، وغير مباشرة ذات صلة بالرسوم ودعم فعّال لسعر  الورق،  وتخفيض فواتير الكهرباء والهاتف الخ…

 

3- أن «يُفرض» وجود نسخ من الصحف الصادرة كلها في جميع الفنادق والمطاعم والنوادي ووسائل النقل كافة.

 

4- أن تكون الصحيفة اللبنانية  على متن الطائرات كلها التي تحط في مطار بيروت مثلما هي على متن شركة الطيران الوطنية (طيران الشرق الاوسط – أجنحة الأرز).

 

5- أن تشترك المقار والإدارات الرسمية كافة بأعداد وازنة من الصحف اللبنانية الخ…

 

طبعاً هنالك مقترحات أيضاً قد لا تتسع لها هذه العجالة التي «استدرجها» اتصال جهاد  هاتفياً من لندن ولكن يبقى على صحافتنا أن تقدم الخدمة والمادة المفيدة.