معادلة بري: «لبنان وسطي».. لا تحمّلونا أكثر مما نحتمل
عن السعودية و«حزب الله».. والمواجهة المفتوحة
استخدمت السعودية كل المنصات للتصويب على الحزب لتصنيفه ارهابيا: الامم المتحدة، مجلس الامن، الاتحاد الأوروبي، مجلس التعاون الخليجي، الجامعة العربية، وزراء الخارجية العرب، وزراء الداخلية، وزراء الإعلام .
تعتبر السعودية ان «حزب الله» تجرأ ولامس محرماتها في اليمن والبحرين والعراق وسوريا وكذلك في لبنان. دخلت معه في مواجهة مفتوحة، وها هي تقدم يوميا اعلانا بأنها ماضية في تصفية الحساب مع الحزب، بخطوات يصنفها البعض انفعالية وهروبا من الاخفاقات، ويقرأ فيها آخرون مقدمات لسيناريوهات حربية للثأر من الحزب، ومحاولة فرض معادلات جديدة في المنطقة، وتحديدا في سوريا ولبنان.
حلفاء السعودية يبررون هجومها، ويدعون «حزب الله» للعودة الى لبنان. واما رد الحزب ففيه شيء من السخرية «لم نتسلم بعد سمات الدخول».
وفي رد الحزب ايضا: «لن نتفاجأ بمزيد من التصعيد السعودي. لطالما استهدفَنَا السعوديون، وهم مصرون على إدخال انفسهم في مأزق جديد، وقرارنا الا نسكت. إن صعَّدوا سنصعِّد. يريدون ليّ ذراعنا وربما اكثر، ولن نمكّنهم من ذلك، كما لن نمكنهم من وضع اليد على القرار في لبنان. لا يوجد لدينا شيء نخسره مع السعودية، لا علاقات ولا مصالح ولا امتيازات ولا مكرمات، والخاسر حتما هو من يفتعل التصعيد».
على ان هذا التصعيد، بحسب مرجع في «8 آذار»، سيبقى صراخا عن بعد، بلا ترجمة عملية له في الداخل اللبناني.
لا تملك السعودية امكانية تحريك الداخل، ولا تستطيع تجاوز التوجيهات الاميركية: «تجنبوا المساس باستقرار لبنان وأمنه».
ولا «حزب الله» في وارد التصعيد والتوتير بلا سبب، او حتى الاستعانة بآخرين للتصدي للهجوم السعودي. هنا يروي المرجع ان بعض المشايخ، بعثوا برسالة للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، معبرين عن نيتهم عقد لقاء تضامني مع الحزب والمقاومة، كرد على السعودية وبعض المشايخ. جاء رد نصرالله شاكرا ولا يرى ضرورة ملحة لعقد هذا اللقاء. «ماذا تنتظرون ممن يعاني من خبطة على الرأس؟ في العراق أفشلنا مشروعه، وفي سوريا أراد إطاحة الرئيس بشار الاسد وأحبطنا مشروعه، وفي اليمن كسرنا مشروعه، وفي البحرين لم يفعل شيئا.. وفي لبنان ليس قادرا على ان يحقق شيئا، حتى ان يفرض رئيسا للجمهورية من فريقنا. فلا تستكثروا عليهم الصراخ، فليصرخوا ويقولوا ما يريدون، وليفعلوا ما يشاؤون، المعركة ليست هنا، المعركة هناك في سوريا وفي كل تلك الساحات.. الا في لبنان».
في هذا الجو، مفتاح التهدئة والتبريد سعودي ـ ايراني. وفي معلومات المرجع المذكور ثمة محاولات لاحياء خطوط التواصل السعودي ـ الايراني، وهناك حديث جدي عن زيارة قريبة لوفد رسمي ايراني قد تؤسس لتنفيس الاحتقانات ولجم التوترات المشتركة.
هذا «المفتاح»، يؤكد عليه ايضا الرئيس نبيه بري: «التقارب السعودي ـ الايراني يضع الامور كلها على سكة التهدئة والحلول لكل المشكلات والتعقيدات».
ومن هنا نصيحته للبنانيين بتغليب الواقعية والموضوعية وادراك ان مصالح الدول وعلاقاتها ببعضها البعض، يمكن ان تتقدم في اية لحظة على كل ما عداها. ألم يرَ اللبنانيون كيف فرضت مصلحة السعودية التفاوض مع الحوثيين، بمعزل عن منصور عبد ربه وحكومته، فقط لتحقيق هدف على الحدود اليمنية السعودية؟
والأهم، في رأي بري، ان تسري في الذهن اللبناني والعربي والخليجي والايراني «معادلة» عنوانها «لبنان وسطي». توجب ما يلي:
ـ ان يعرف اللبنانيون لبنانهم، وان يعرف العرب والخليجيون والايرانيون هذا اللبنان على حقيقته، ومكانه وموقعه ودوره وصيغته».
ـ ان يدرك اللبنانيون والعرب ان لبنان لا يستطيع ان يكون ضد نفسه، ولا ضد العرب، ولا ضد دول اخرى. وهذا اللبنان الوسطي، يقول بري، هو لمصلحة لبنان، ولمصلحة العرب وفي مقدمتهم السعودية، ولمصلحة باقي الدول وفي مقدمتها ايران».
ـ ان يدرك اللبنانيون انهم مسؤولون عن بلدهم، ومسؤولون امامه. من هنا ينبغي ان يكون سقف الخطاب حيال اي بلد عربي او حيال ايران منخفضا ومتوازنا.
ـ ان يدرك العرب ان للبنان وضعية وخصوصية مقاومة، وان عدوهم هو اسرائيل وان من يحافظ عليهم ويشكل سياج امان لهم، هو هذا اللبنان. وبالتالي لا يستطيعون ان يقولوا ان المقاومة في لبنان هي ارهاب ويشبهونها بالارهاب الذي يضرب العالم. هنا لا يجوز التعميم.
ـ ان تدرك ايران ان لبنان لا يستطيع ان يخرج ابدا من بوتقته العربية.
يقول بري: «هذه الهوية الوسطية توجب ان يفهم اللبنانيون لبنانهم كما هو، وان يفهم العرب والعالم لبنان على حقيقته، نحن لنا مصلحة في المقاومة في لبنان، ولنا مصلحة بالموقف العربي ولنا مصلحة بالدعم الايراني لنا.. فافهمونا على حقيقتنا ولا تحملونا اكثر مما نحتمل».
قيل لبري إن هناك من يخشى من حرب اسرائيلية على لبنان. فقال: «هناك مثل شعبي يقول: ان طلع صيتك حصّاد.. حط منجلك وارتاح. الاسرائيلي يضع رجلا فوق رجل، العرب اراحوه، ويقومون بالواجب عنه».