Site icon IMLebanon

عن «الحل» السوري..

الحراك السياسي والديبلوماسي المكثّف من الرياض إلى جنيف (اليوم) وموسكو وباريس (الأسبوع المقبل) تمهيداً لاجتماع نيويورك في الثامن عشر من الشهر الجاري المخصص لمتابعة ما بدأ في مؤتمر فيينا في شأن النكبة السورية يدل على سياق تسووي يبدو في ظاهره وكأنه منطلق بتصميم أكيد نحو تحقيق أهدافه بغض النظر عن مجريات المعارك الدائرة على الأرض السورية وفي سمائها.. لكن الحاصل فعلياً، هو أن تلك الأهداف ستحتاج بالضبط الى تلك المعارك، كي تتحقق، أكثر بكثير من حاجتها الى ذلك الحراك الناشط.

وتلك حسبة مبدئية، عدا عن كونها بدائية: ثقل الميدان وحده يحدد وزن رافع الشعار في التفاوض. وكلما أُريد للصوت أن يصل أكثر، حضر دوي الأسلحة الثقيلة أكثر فأكثر. وهذا يعني تلقائياً وحُكماً، ان المرحلة الآتية ستشهد شراسة إضافية واستثنائية في المواجهات العسكرية ومن قبل جميع «المعنيين»، وهي شراسة يُتوقع لها أن تحمل الكثير من المفاجآت غير السارة للمحور الذي يتصدره البلطجي الروسي.

الغريب في هذه النكبة، هو أن المناورات فيها مفضوحة سلفاً، وقليلاً ما تثمر. ومع ذلك يصرّ الجانب الروسي – الايراني على تكرار اعتمادها وبطريقة بائسة ومكلفة وإن كانت الأثمان الأبرز يدفعها السوريون أولاً وأساساً.. وأحدث (وليس آخر) الأمثلة على ذلك، كانت «عاصفة السوخوي» التي هبّت وأخذت من شعار مكافحة الارهاب عنواناً لها، قبل أن تتبلور شعاراتها الفعلية المتمثلة بمحاولة توجيه ضربة كاسرة لكل المعارضة السورية، ولكل امتداداتها الاقليمية والدولية. ثم الذهاب الى ملاقاة «المجتمع الدولي» في البحث عن «حل سياسي» مرتجى!

قبل هذه «العاصفة»، أطلق المحور الممانع عاصفة الارهاب الداعشي، وكاد أن ينجح في استثمار جناها واخضاع العالم لامتحان المفاضلة بين إرهابي يلبس ربطة عنق ويدّعي حمل لقب رئيس جمهورية سوريا، وإرهابي آخر يلبس الجلباب ويدّعي حمل لقب «خليفة المسلمين»..

حدّة المناورة وانتشار شظاياها الى خارج الجغرافيا السورية (والعراقية) كادا أن يوجها ضربة قاصمة لظهر المعارضة السورية.. لكن المبدأ الحربي القائل بأن أفضل حليف للمقاتل في الميدان ليس سوى عدو مغرور، عاد وتمظهر في سوريا من خلال الأداء الغبي للمتذاكي بوتين واعتماده تكتيكات صغيرة في قصّة إقليمية دولية كبيرة: أمعن في المناورة حتى أحرج الجميع، وفي مقدمهم باراك أوباما. وافترض ان الآخرين، الأتراك والسعوديين والأوروبيين لن يجاروه في الرقص على حافة الهاوية! ولن ينجروا الى مواجهة شاملة من أجل طاغية ساقط أصلاً!

تبيّن العكس! وظهر جلياً، أن أوباما «اقتنع» أخيراً بأن ضرب الإرهاب لن يثمر من دون الانتهاء من سلطة ذلك الطاغية.. مثلما ظهر ان المعطى السوري تخطى حدوده الجغرافية وصار عبارة عن خط تماس مع الروسي الذي أنزل قواته عند حدود «الناتو« قبل أن تكون حدود تركيا! وان الجانب العربي والاسلامي الأكثري لم يكن وليس في وارد تكتيف يديه أمام الجموح التوسعي الإيراني الغريب والمحزن!

.. مؤتمر نيويورك المتمم لمؤتمر فيينا ينعقد في ظل معادلة تقول ان المحور الإيراني الروسي يكاد أن يصل الى السقف الذي لا يستطيع خرقه في سوريا لمحاولة إنهاء المعارضة وانقاذ الأسد، في حين أن المحور الآخر بدأ للتو في «تفعيل» هجومه المضاد وتأكيد ثوابته التي تقول ان الأسد انتهى، وإن ذلك سيترسخ بـ»حل سياسي» أو بـ»حل عسكري».