IMLebanon

عن الاستراتيجيّة الدّفاعيّة  

 

بصرف النّظر ما إذا كانت وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية تناقلت فعلاً أم لا تحليلات وتفسيرات خاطئة لكلام رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون خلال حواره مع الإعلاميين أول من أمس في قصر بيت الدين، وبصرف النّظر عن المسارعة إلى محاولات التوضيح وتوزيع أجواء أن الرئيس لم يتراجع عن موقفه من موضوع الاستراتيجيّة، مع أنّ التوضيح في حدّ ذاته غلّف الحديث عن الاستراتيجيّة الدفاعيّة بغلاف «توافقي» ممّا يعني تحويلها إلى مشروع «مشكل» لبناني، مع أنّ الرسالة التصحيحيّة أو التوضيحيّة التي تولاها وزير الدفاع الياس بو صعب وبيان مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الأرجح أنّها رسالة للخارج الأميركي المتحيّن والمتربّص لفرض العقوبات، وهو يأخذ هكذا كلام كثيراً على محمل الجدّ والتفكير.

 

بصرف النّظر عن كلّ هذه، لا نظنّ أنّ «الاستراتيجيّة الدفاعيّة» عنوان ينطلي على اللبنانيّين خصوصاً بعد الأخذ والردّ الذي علّ روح اللبنانيّين حول هذا الموضوع، في شهر شباط من العام 2014، أي قبل سنوات خمس كتبنا في هذا الهامش تحت عنوان «أكذوبة الاستراتيجيّة الدفاعيّة وسلاح حزب الله» تساءلنا «ما إذا كان حقاً حزب الله يملك سلطة التفاوض حول سلاح إيراني الهويّة موضوع بين يديه ليكون جبهة أماميّة لإيران تخدم مصالحها في إستراتيجيتها النووية؟!»، في الحقيقة الحديث عن استراتيجيّة دفاعيّة مضيعة للجهد وللحقيقة، ووقتها كتبنا خلاصة واقتراح قلنا فيها: «هذا ليس سلاح حزب الله، والحزب نفسه «أجير» عند إيران يُنفّذ أوامرها، لذا أي كلام عن حوار حول إستراتيجية دفاعية لحلّ أزمة سلاح حزب الله ليس مكانها لبنان، لأن الحزب ليس له سلطة ولا صفة للمحاورة حول هذا السلاح، لذا على لبنان نقل هذا الموضوع إلى مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي الذي يفاوض إيران بالنيابة عن الولايات المتحدة الأميركية».

 

وحتى لا يستغرق كثيرون في الأخذ والردّ حول عنوان الاستراتيجيّة الدفاعية نودّ أن نذكّر فقط أنّه في آذار العام 2006، قدّم وفي «مطوّلة» استغرقت جلسة كاملة من «جلسات الطاولة المستديرة» أمين عام حزب الله حسن نصرالله عنوان «الاستراتيجية الدفاعيّة» في مناورة حلّ لسلاح الحزب ـ وهي فكرة حزب الله في الأساس ـ وعاد وتراجع عنها بعد حرب تموز ليصبح العنوان أنّ «السلاح باقٍ ما بقي القرآن والإنجيل والسّموات والأرض» في خطاب شهير لنائب الحزب علي عمّار، ثم الاتفاق على الاستراتيجية الدفاعيّة في بيان بعبدا الشهير وانقلاب حزب الله عليه لاحقاً، وها هو الحديث يعود من جديد إلى أفق مسدود إسمه «مناخ توافقي»، كلّ ما يُراد تعطيله في لبنان تضاف إليه كلمة توافقي، لأنّه ثمّة استحالة في أن يتوافق الفرقاء اللبنانيّين على أمر، فكيف إذا كان الموضوع يتعلّق بسلاح إيران في يدِ حزل الله، والذي خرج منذ تورّطه في الشؤون السوريّة والعراقيّة واليمنيّة عن كونه «سلاح مقاومة» ليتأكد تكريسه كسلاح ضدّ المنطقة وتحت أمر الأجندة الإيرانيّة ومصلحتها!

 

 

من المؤسف أنّ حسابات الدولة اللبنانية وكلّ حكوماتها منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم لم تتجاوز عمليّة دفن رأسها في الرّمال تأجيلاً لمواجهة الحقيقة، والاستمتاع بالحديث عن المشروع الإيراني على أنّه «مقاومة» بعد تجربة حوارات عدّة حول «الاستراتيجيّة الدفاعيّ» وآخرها «اتفاق بعبدا» الذي تحوّل حبراً على ورق بفعل تراجع حزب الله عنه وتنصّله من مندرجاته كلّها، لا نرى حاجة لتكرار التجربة والدخول في أخذ وردّ مع حزب الله حول سلاحه، الأمور في المنطقة وسير الصراع فيها، ومصير إيران وحزب الله في مرمى العقوبات الأميركيّة والتي قد تتحوّل إلى دولية كفيلة بتحديد مصير ما يُسمّى لبنانيّاً «استراتيجيّة دفاعيّة».