IMLebanon

عن التحرك العوني و«النفَس الطويل»

بعين الرضى، ينظر العماد ميشال عون الى القاعدة البرتقالية تلبي نداءه للتحرك «من اجل وطن حر غير فاسد». تلبية النداء منحته لذة مفاجأة خصومه وازعاجهم.. كالعادة.

بدورها تشعر القاعدة بأنها تتنفس «الاوكسجين» النظيف الذي تحب. شريحة عونية كبيرة ممن لبّت نداء «الجنرال» الى ساحة الشهداء لم تكن بحاجة الا الى اشارة منه. هذه الشريحة لم تكن بالضرورة حزبية، بل ربما مناصرة او شعرت انها معنية مباشرة بخطاب رئيس «تكتل التغيير والاصلاح». لكنهم شاركوا ليقولوا انهم يؤيدون فعليا مطلب الشراكة الحقيقية التي يرفع لواءها التيار البرتقالي.

التجاوب «العقلاني» للناس، وليس العفوي هذه المرة، لان من نزل من غير الحزبيين انما فعلها لاقتناعه بالشعارات المرفوعة وبأن الكيل قد طفح ولا بد من التحرك حتى لو عبثا، يتوقف عنده العونيون بعناية. يربطونه باللحظة السياسية التي تمر بها البلاد وبأن المواطن العادي لم تعد تحركه جبال الفساد ولكنه حضر وصرخ وعبّر. لم تكن هذه الشريحة هي الاكثرية في تحرك ساحة الشهداء ولكنها كانت موجودة. وهذا يسجل للعماد عون في قدرته على الاستمرار في جذبها لـ «التصويت بأقدامها». خصوصا انه وجه نداء قبل يوم واحد فقط من التحرك. وتجدر الاشارة هنا الى ان بعض نواب التيار لم يكونوا على علم بموعد التحرك ولكنهم برهنوا عن جهوزية ملحوظة كانت كفيلة باظهار التيار حزبا متضامنا موحدا وكأن لا «معارك انتخابية طاحنة» في داخله ولا «عداوات شخصية» ولا «طموحات مشروعة واخرى غير مشروعة».

في مقاييس الشكل والمضمون، يعتبر العونيون انهم نجحوا في تحركهم. ولكنهم يعتبرون ايضا ان هذا جزء «من انعاش الذاكرة وتنشيطها بالنسبة لكثيرين». يقول احدهم، «لا يجب ان ننسى ان التيار لم يخض مثل هذه المبادرات منذ الانتصار على الاحتلال السوري، وبالتالي يمكن اعتبار ان ما حصل الاربعاء بروفا لما سيحصل بعدها وتذكير بما كان يحصل قبلها». لكن رفيقة له لا تنظر الى الامر من هذه الزاوية. تقول: «عندما كنا نتحرك في زمن الوصاية لم يكن العدد بهذا الحجم. حجمنا بالاعداد كنا نظهره فقط في الانتخابات والتصويت. اما النضال فليس فقط في التظاهرات». وعليه، يدعو العونيون الى التحضر لنضال «النفس الطويل والصبر والعمل اكثر باتجاه الهدف».

لا يبدو العونيون منتشين بنجاح تحركهم. حزبي مخضرم يعتبر ان تحرك الاربعاء لم ينجح في «هز النظام المقيت الذي نسعى الى تغييره والقائم على الفساد والمحسوبيات وقضم حقوق المسيحيين ونسف الشراكة». ومن هنا يعد بأن العمل في المرة المقبلة يجب ان يتركز على هذه النقطة. يضيف رفيقه: «لم تكن فكرة صائبة ان ينتهي التحرك في ساحة الشهداء بكلمة منبرية واحدة وانتهى العرض. كان لا بد من افكار اضافية كأن يتم تنظيم حفل فني وطني او يعطى الكلام لمنسقي الاقضية ليدلوا بدلوهم على المنبر». لكن وزراء ونواب وقيادات التيار غطّوا الى حد ما هذا النقص فكانوا جميعهم من دون استثناء يقومون بجولات على المتظاهرين ويستمعون ويجيبون ويسألون ويتوددون ويبتسمون لصور الـ «سيلفي» مع المناصرين. فارتسمت الكثير من حلقات الحوار البرتقالية ولو كانت سريعة. فالتحرك برمته جاء سريعا، وهذا ما اغضب مثلا بعض الوفود الآتية من البعيد كعكار وبشري وغيرهما لان وصولهم تزامن مع انتهاء التحرك.

منذ اسابيع، نزل عونيون الى الشوارع عفويا وبشكل حماسي. هذه المرة لبوا نداء رسميا من قائدهم. رفعوا شعار الروح الوطنية وفي ما بينهم برهنوا عن روح رياضية. صقورهم وحمائمهم. انتقدهم البعض بالكثير. كان «أفقعها» السيارة التي تحمل لوحة سورية وعلما برتقاليا وصورة القبلة على ضفاف التحرك. فكان جوابهم بسخرية: «هذا من قهرهم. لكن المؤسف ان يتم البحث في كومة الشعب عن ابرة دخيلة. اما القبلة فربما هم ليسوا معتادين على قبل الحب وانما فقط على تقبيل الايدي والارجل في السعودية». ويختم هؤلاء: «رح نستمر.. ورح نعمل بلد لنا ولكم».