IMLebanon

عن الإمارات.. وإيران

 

يتابع الحوثيون إطلاق الصواريخ الإيرانية وبأوامر إيرانية ولأهداف إيرانية، باتجاه المملكة العربية السعودية! ويتابع «حزب الله» في لبنان إطلاق إفتراءاته الإيرانية الهوية، والإيرانية القصد والمأرب، باتجاه المملكة وسائر أهل الخليج العربي ودوله.. وتتابع ماكينته الإعلامية المتعددة والمتنوعة، والمربوطة بالأجر والتبعية والولاء وسائر العلل بالمصدر الإيراني نفسه، الطخّ المسفّ باتجاه الرياض بداية وأساساً، ثم باتجاه دولة الإمارات العربية استطراداً وكيداً.

 

والعلّة المسمومة لا دواء لها، سوى أنّها ليست قاتلة تبعاً لمناعة عامة تعصى عليها. ولطبيعة تظل أقوى من التطبّع وأصلب من قدرة السمّ على التسرّب والانتشار في غير موضعه العليل!

 

تكرار محاولة تخريب المناخ الإيجابي المعقول السائد في علاقات لبنان مع السعودية والإمارات تحديداً، والمسّ بمبدأ «النأي بالنفس» الذي أُعيد تفعيله في الفترة القصيرة الماضية.. ثم استئناف التطاول على الدولتين العربيتين الخليجيتين الراعيتَين والحاضنتين للعدد الأكبر من اللبنانيين العاملين في الخارج (إقليمياً ودولياً)، ثم الاستمرار في الافتراء على قِيَمِهما وسياستهما وقيادتهما وديبلوماسيّهما.. تكرار ذلك وما هو أكثر منه، لا يدلّ سوى على علّة مستحكمة في أداء المنظومة الإيرانية المتمددة في نواحينا، وهذه تعني تقديم الولاء التام من دون التبعات التامة. أي الرضى والتسليم بدونية مطلوبة من صاحب «الولاية» أساساً، ومسموعة ومقبولة من التابع فرعاً.

 

وفي هذا القياس، يصير التابع أقل رتبة حُكماً وواقعاً: هو مَنْ يتكفّل بالصدارة ومهمة الغطاء! وهو من يتنكّب الثمن ويؤدلج تجارته ويفخّمها! وهو من يُكلَّف بخوض المعارك بالنيابة عن الوصي والولي! وهو الذي يتعمّد في كل مرّة تقديم أكثر من المطلوب منه! وإشاعة تهتّك «أرقى» مستوى من الأمر الوارد من صاحب الشأن الإيراني. بحيث يسري الأمر في الدم والإعلام والسياسة والتجارة.. فيقتل ويُقتل اللبناني والعراقي والأفغاني والباكستاني في سوريا ويبقى «الإيراني» في موقع الريادة والاستفادة! وإذا حصل مثلما حصل أخيراً، وسُفِكَ دمه «مباشرة» في غارة إسرائيلية، يخرج مَن يقول إنّ القيامة ستقوم غداً! وأن ما بعد ليس مثل ما قَبل! وأنّ الدنيا ستتزلزل أخيراً لأنّ ثمانية أو سبعة إيرانيين قتلى أهم بما لا يُقاس (في عُرفه!)، من ألوف التابعين والموالين الذين سقطوا على درب خدمة «الولي» ذاته ونفسه!

 

وكذا الحال في كل شأن. بما في ذلك، الشأن المفتوح على النزاع الذي تعتمده إيران إزاء جيرانها في الخليج العربي.. بحيث أنّ «خدمات» الأتباع غير الإيرانيين مطلوبة بحرارة وكثافة تبعاً للموقف في اليمن مثلاً. أو في سوريا، أو إزاء البحرين. وفي هذا يحسب صاحب الشأن في طهران حساب الجوار والمصالح حتى في ذروة التأزّم، ويحاول الابتعاد عن صدارة المشهد الصِدامي! بحيث أنّ الاستعانة بالتابعين والمُوالين تبقى أقلّ كلفة وأكثر مردوداً.. ويمكن من خلالها التملّص في اللحظة المناسبة من تَبِعات ما اقترف هذا الموجود في بيروت! أو في ضاحيتها! أو في صنعاء أو بغداد.. إلخ!

 

هذه العلاقة الدونية شرطها، التلقائية الذاتية أكثر من أي شيء آخر.. وهذا شيء «أصيل» وحقيقي في ديارنا، وسابق على اللحظة الإيرانية، عند هؤلاء الأتباع: قبل طهران كانت موسكو أيام الامبراطورية السوفياتية العظمى! وكان خليفة لينين وماركس في مكانة «الولي» الإيراني اليوم! ثم كانت دمشق أيام وصايتها «الأخوية» على لبنان. وكان «القائد» الأسد الأب في مكانة صاحب الشأن الإيراني اليوم! وقبلهما في محطة «الحرب الأهلية» كان «القائد الفلسطيني» في المكانة ذاتها.. ولم يُعدِّل تبدُّل هويّات هؤلاء، بقاء الهوى الدوني والزبائني والاستلحاقي على وتيرته الاستنفارية التامّة، والتبعية العمياء عند التابعين والموالين والمضروبين بعلّة نقصان النضج والحاجة الدائمة إلى «مرجع» خارجي ما! وإلى تقديماته وأمواله وسلاحه وتوجيهاتها ورعايته! ثم تغطية ذلك كله بأردية مؤدلجة تليق بكل مقام في وقته المناسب! ولا ضير في ذلك أن يخرج الماركسي من عباءة القومي العربي (الفلسطيني أو السوري!) ويذهب الى القومية الإيرانية، ثمَّ يصل من دون فواصل إلى «الإسلام الأصيل»! ثم إلى المذهبية الصافية!

 

.. وبعد ذلك، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة مثلها مثل المملكة العربية السعودية، كانت ولا تزال دار خير وسلام وإنماء وإعمار وودّ في داخلها وخارجها.. وإزاء أِهلها وكل مَنْ نزل بها. وإزاء لبنان ومآزقه وحروبه وفتنه وبلاياه السوداء.. وسفيرها في بيروت حمد الشامسي مثل صديقه وصنوه الوزير السعودي المفوّض السفير المميّز والممتاز واللامع وليد البخاري، رجل اقتدار ومروءة وشهامة ونبل خصال. ومؤتمن على تنفيذ سياسة بلاده الراعية والصادقة والأخوية تجاه لبنان. وناجح في عمله بشهادة كلّ مَنْ عرَفَه.. ويكفي للدلالة على مدى نجاحه، أن يكون موضوعاً للافتراء والتجنّي والتطاول من قِبَل هؤلاء العاملين في خدمة مشروع إيراني، لا يريد الخير للبنان والعرب.