Site icon IMLebanon

عن التفرّد و«ثنائية» التحكّم بالقرار!  

 

لا مؤشرات حتى الآن حول قرب تشكيل الحكومة، والعمق الذي بلغته هذه الأزمة صار رَدمه يتطلّب صدمة سياسية تخلط أوراق التأليف وتخضع الجميع لها، وتطلبهم ولو مُكرَهين الى بيت الطاعة. ولكن كيف يمكن لهذه الصدمة ان تحدث، ومن لديه قدرة الصدم؟ لا أحد يملك الجواب. ومعنى ذلك انّ الانتظار سيطول الى ما شاء الله.

 

المشكلة التي تزيد هذه الأزمة عمقاً، تكمن في الهروب المتعمّد الذي يمارسه بعض النافذين، من الاسباب الحقيقية والمتعددة للأزمة، عبر حصرها فقط بعقدة او عقدتين هنا وهناك.

 

يكفي التعمّق ولو قليلاً في جوهر مشكلة التأليف، ليتبيّن خطأ ربط تعطيل التأليف فقط، بما سمّيت بالعقدة المسيحية او «أم العقد» بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، او بالعقدة الدرزية رغم احتدام التخاطب بين التيار والحزب التقدمي الاشتراكي. ليس في الإمكان نفي انّ هاتين العقدتين صعبتان، لا بل مستعصيتان، الّا انهما ليستا سوى عقدتين في مسلسل عقد، أكثر صعوبة واستعصاء، ومنها:

 

وبعض هذه القوى، ومن بينها حلفاء للمستقبل وحلفاء للتيار، بدأت تعبّر عن خشيتها البالغة من هذا الامر، ومن انّ بحث ايّ بند في مجلس الوزراء وأمام هذه الثنائية سيتطلب خوض معركة، ما يعني اننا سنكون في ظلها أمام معارك متتالية في مجلس الوزراء. وهذه الخشية دفعت البعض، على طول الخط الممتد من «حزب الله» الى «أمل» الى «القوات»، الى التقدمي، وصولاً الى «حزب الله» والحلفاء الى إعلان الرفض المُسبق لهذه الثنائية التي إن صارت أمراً واقعاً، يعني مشيت البواخر، وكل الصفقات. وبعض هؤلاء قال صراحة: «لن نسلّمهم البلد، ولن نتركهم يبلغون هذا الهدف مهما كلّف الأمر، ونكون مجانين إن وافقنا على هذه الثنائية».

 

 

فالتيار، ورئيسه جبران باسيل على وجه الخصوص، مُتهم في هذا الجانب من قبل الطرفين، بأنه يريد ان يأخذ تياره كل تمثيل كتلة «لبنان القوي». وامّا تمثيل الحلفاء، وخصوصاً من سمّوا أنفسهم نواب العهد، فلا يريد ان يمثّلهم من حسابه، بل يريد ان يقتنص تمثيلهم من حساب الآخرين وتحديداً من «القوات»، وكذلك من الاشتراكي وخوضه معركة توزير طلال ارسلان.

1 – كتلة لبنان القوي (29 نائباً الذين يتألفون من نواب التيار ونواب العهد)، فإن اعتمدت صيغة وزير لكل 3 نواب، معنى ذلك انّ حصة هذا التكتل ومن ضمنها حصة رئيس الجمهورية، تصبح 9 وزراء، (التيار 18 نائباً… يعني 6 وزراء) وليس 10 او 11 او 12. واما اذا اعتمدت صيغة وزير لكل 4 نواب، فتصبح حصة التكتل 7 وزراء يعني التيار 4 وزراء او 5 فقط. وحصة الرئيس 2 او 3 وزراء.

 

 

2 – القوات اللبنانية (15 نائبا)، تحصل على 5 وزراء باعتماد صيغة وزير لكل 3 نواب، و3 وزراء وثلاثة أرباع الوزير يعني 4 وزراء، بصيغة وزير لكل 4 نواب.

 

 

3 – كتلة بري (17 نائبا)، تحصل على 5 وزراء وثلاثة أرباع الوزير يعني 6 وزراء، باعتماد صيغة وزير لكل 3 نواب، و4 وزراء بصيغة وزير لكل 4 نواب.

 

 

4 – «حزب الله» (13 نائبا)، يحصل على 4 وزراء بصيغة وزير لكل 3 نواب، و3 وزراء بصيغة وزير لكل 4 نواب.

 

 

5 – تيار المستقبل (20 نائبا)، يحصل على 6 وزراء وثلاثة أرباع الوزير بصيغة وزير لكل 3 نواب، و4 وزراء زائد الحريري بصيغة وزير لكل 4 نواب.

 

 

6 – سنة المعارضة (6 نواب)، بصيغة وزير لكل 3 نواب يحصلان على وزيرين، اما بصيغة وزير لكل 4 نواب فيحصلون على وزير.

 

 

7 – تيار المردة (5 نواب)، وكتلة ميقاتي يحصل كل منهما على وزير بصيغتي وزير لكل 3 او 4 نواب. واما حزب الكتائب (3 نواب)، والقومي (3 نواب) فيتمثّل كل منهما بوزير.

 

 

هذه النتائج تنسف كل طموحات وما سُمّيت «انتفاخات البعض»، وهذا سبب موجِب لعدم الذهاب الى هذا المعيار. وبالتالي، امام هذه الصورة، لا يبدو انّ ولادة الحكومة ميسّرة. الّا اذا حصل امران متلازمان، الأول مبادرة الرئيس المكلّف الى حزم امره، وإقران ما يكرره دائماً بأنه هو وحده من يشكّل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية بالفعل. بحيث يقدم تشكيلة حكومته ويخرجها مع رئيس الجمهورية وحده، من دون ان يخضع لمزاجية هذا الطرف السياسي او ذاك.

 

والثاني، مبادرة رئيس الجمهورية الى «خَبط» يده على الطاولة والقول كفى مماطلة وتعطيلاً، ويُلزم قبل كل الآخرين فريقه السياسي بقبول الامر الواقع الذي أفرزته الانتخابات النيابية كما هو، وبالتواضع وخفض سقف مطالبه ووقف حرب الأحجام التي يخوضها في اتجاهات سياسية متعددة، وخصوصاً داخل البيت المسيحي.

 

الّا انّ المشكلة هنا، تكمن في انّ الحريري ليس بصَدد المبادرة، وكذلك رئيس الجمهورية لأنه يتبنّى مطالب فريقه السياسي جملة وتفصيلاً.