Site icon IMLebanon

الغائبون يغطّون قرارات الحكومة.. أملاً باقتراب التسوية

التخبط في النفايات مستمر: طرح غير جدي لمشاركة البلديات!

الغائبون يغطّون قرارات الحكومة.. أملاً باقتراب التسوية

حلت البركة على مجلس الوزراء، وتحول دفعة واحدة إلى مؤسسة منتجة، بعدما ظل يدور في حلقة الفراغ لثلاثة أشهر أو يزيد. أما مقاطعة وزراء «تكتل التغيير» و «حزب الله» لجلسة أمس، فبدت بمثابة توقيع غير مباشر على «القرارات الضرورية» التي اتخذت. وفي هذه الحالة، بدا الغياب أفضل من الحضور، أولاً لأنه أقل إحراجاً للمتغيبين، غير القادرين على تحمل تبعات عدم دفع رواتب الموظفين أو ضياع الهبات.. وثانياً لأنه أزاح عن كاهل المجلس الدخول في إشكالية الآلية، التي يرفض المقاطعون مناقشة أي بند قبلها. وثالثاً لأن الإخراج، الذي بدا واضحاً أنه ثمرة جهود الرئيس نبيه بري، وضع مداميك اتفاق أشمل يعمل على بلورته ويؤدي إلى حل مسألة التمديد لقائد الجيش وفتح مجلس النواب وتفعيل عمل مجلس الوزراء.

واستمراراً لهذا المسعى، تمنى بري على رئيس الحكومة تمام سلام، في الاتصال الثاني بينهما خلال يومين، التريث بالدعوة لعقد جلسات لمجلس الوزراء افساحاً في المجال للمشاورات الجارية لتأمين حضور كل الأطراف، علماً أن الاتصال الأول، أمس الأول، أسفر عن تجميد سلام للمراسيم السبعين، بانتظار اطلاع وزراء «الحزب» و «التكتل» عليها.

وفي السياق نفسه، أعرب رئيس الحكومة، بحسب ما أعلن الوزير رمزي جريج في المقررات الرسمية، «عن الأمل في استمرار التواصل بين القوى السياسية لإيجاد الحلول والمخارج التي تعيد الجميع إلى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء وتحمل المسؤولية المشتركة تلبية لاحتياجات اللبنانيين».

وكان الوزراء الـ 18 الذين شاركوا في الجلسة حريصين على عدم استفزاز الغائبين بقرارات غير ضرورية أو مستفزة، فاكتفوا بالموافقة على مراسيم: نقل وفتح اعتمادات لتغطية الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد للموظفين وتأمين التغذية للجيش، قبول بعض الهبات وتكيلف وزيري الأشغال العامة والعدل إجراء المقتضى لتسمية مكتب محاماة للدفاع عن الدولة في قضية دعوى التحكيم المقامة من عبد الجاعوني ضد الدولة جراء سحب الحكومة للرخص التي استحصل عليها لإنشاء شركة «إمبريال» للطيران.

مع ذلك، لم تفارق «النفايات» الجلسة، إذ استهلكت معظم وقتها. ولكن كالعادة، لم تخرج القرارات المتخذة عن سياق التخبط المستمر منذ إقفال مطمر الناعمة في 17 تموز الماضي. وكي لا يعلن مجلس الوزراء عجزه، الذي بات يعرفه القاصي والداني، خرج بتكليف وزير الداخلية التواصل مع البلديات لتبيان مدى استعدادها وخططها لتحمل المسؤولية كل في نطاقه، بالرغم من أن معظم الوزراء يعرفون ان لا قدرة للبلديات على إدارة هذا الملف، الذي تعجز السلطة بكامل أركانها عن إدارته. وهو ما أكد عليه الرئيس تمام سلام، مشيراً إلى أن «موضوع النفايات يتجاوز كل الحدود والاعتبارات المتعلقة بالصراع السياسي. وقد بات أزمة وطنية لا تقتصر على منطقة دون غيرها أو فئة دون أخرى أو طائفة دون أخرى».

وبعيداً عن الحديث عن «مواصلة المساعي الحثيثة لإيجاد المطامر وتجهيزها من أجل إزالة النفايات من الشوارع»، كان واضحاً بالنسبة لأكثر من وزير أن الأزمة ذاهبة إلى التفاقم، في ظل العجز الكامل للسلطة أو استخفافها بالملف الذي أنزل الناس إلى الشارع. ومع التسليم، بأن مسألة المطامر هي مسألة سياسية بامتياز، فإنه لم يعد مقبولاً تلكؤ القوى السياسية في حسم أمرها في هذا المجال، خاصة أنه تردد، خلافاً لما هو سائد، أن كل الشركات التي شاركت في المناقصة قدمت اقتراحات لأماكن الطمر، وهي أماكن لم يكن ممكناً طرحها بدون موافقة المرجعيات الطائفية المناطقية.

وكما حصل مع منطقة عكار، كذلك قررت الحكومة رشوة البلديات من كيسها، من خلال «الإيعاز للوزارات المعنية لإنجاز مراسيم توزيع مخصصات البلديات من الصندوق البلدي المستقل، بما فيها عائدات الخلوي»، بالرغم من أن هذه المخصصات، لا سيما عائدات الخلوي، هي حق لهذه البلديات، بغض النظر عن تحملها مسؤولية النفايات من عدمه.

وكان لافتاً أن الحل عبر البلديات دفن في مهده، أولاً لأن معظم الوزراء الذين أقروا الحل أو طرحوه لا يعولون عليه. وثانياً لأن البلديات، كما الشركات التي تقدمت للمناقصة، ليست مسؤولة عن إيجاد المطامر إنما الحكومة التي عليها أن تقدم استراتيجية واضحة لمعالجة موضوع النفايات، على أن تقوم البلديات بتنفيذ الشق المتعلق بها كالكنس والجمع والفرز.

وفي كل الأحوال، وبغض النظر عن التخبط المستمر، بدا أن مجرد الحديث عن عودة إشراك البلديات في معالجة ملف النفايات، حتى لو لم يكن جدياً، بمثابة انتصار مبدئي للمعتصمين الذين لم يتركوا ساحة رياض الصلح منذ أسبوع. وبعد أن تحقق مطلبهم الأول المتعلق برفض نتيجة مناقصات النفايات، ها هو المطلب الثاني يتحقق أيضاً (إعادة موضوع معالجة النفايات للبلديات). لكن في المقابل، يبقى من مطالبها أن «تُرفع يد مجلس الإنماء والإعمار عن هذا الملف بشكل كامل، ومحاسبة وزير البيئة لفشله وعجزه عن إدارة أزمة النفايات».

أما مطلب «محاسبة كل من تورط بالعنف من مسؤولين سياسيين وأمنيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية نهاد المشنوق، وتوقيف العناصر الذين أطلقوا النار»، فجاءه الرد من مجلس الوزراء، منوهاً «بالدور الذي لعبته وزارة الداخلية في المحافظة على الأمن». ولم يكتف المجلس بذلك، إنما أبدى «حرصه على حرية التعبير عن الرأي عبر التظاهر ورفضه الاعتداءات التي قام بها المندسون في التظاهرات التي استهدفت قوى الأمن ومحيط مقر رئاسة مجلس الوزراء والأملاك العامة والخاصة». كما أكد المجلس «على وجوب اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لمنع حالات الشغب والاعتداءات»، وهو ما بدا بمثابة تفويض جديد لقوى الأمن بمواجهة المعتصمين في التظاهرة الموعودة يوم غد السبت.