Site icon IMLebanon

القانون الغائب  والقانون الموجود

دارة قانون الانتخاب تدور باللبنانيين على غير هدى، حيث لا جديد مفيد، حتى اليوم، عدا الدعوات والتمنيات.

فنسبية حزب الله تحاصر مشاريع القوانين الأخرى بالكامل، وقانون الستين معدّلا يقترب من أن يكون الخيار الأخير الأوحد، ورئيس الحكومة سعد الحريري المضغوط بأزمة النزوح السوري، على أمله بالتوصل قريبا الى القانون الموعود.

ولا ينفك البطريرك مار بشارة الراعي يتلو مزاميره الانتخابية أسبوعيا علّ الله يحرّر مسؤولينا من الظلمات الى المصالحة فتنفتح آذان قلوبهم لسماع أنين الشعب… والشعب اللبناني يئنّ من الألم، ومن غياب المساءلة والمحاسبة ومن معالجة الحمى بقشور البطيخ، ومن الفساد المعشعش في الضمائر والشرايين، وفي الادارات العامة والمدارس الرسمية، التي يعلم معلموها أبناءهم في المدارس الخاصة، والدولة تدفع الى رواتبهم أقساط أبنائهم، بدل أن تلزمهم بمجاراة أولادهم لأولاد الناس، فيصبحوا ملزمين بمضاعفة الجهد وتحسين الاداء…

وليس غبطته من يخشى وحده، دوامة التمديد من شهر الى آخر، سبيلا لتجديد ولاية السادة النواب الممدّد لهم منذ ٢٠ حزيران ٢٠١٣، فكثيرون يتخوّفون من هذا المحظور لكنهم يجارون الموجة عند الوصول الى الطريق المسدود، بالسؤال التقليدي المزمن: ما هو البديل؟ أو ما العمل، علما ان البديل لا يمكن أن يقدمه فرد أحد، حتى لو كان عبقريا، بل هو خلاصة جهد جماعي متوافق ومتآلف، ومن مختلف الشرائح.

السؤال عن البديل لمشاريع القوانين المطروحة، هو في المشاريع بذاتها، شرط تحريرها من ربقة الشروط والاستثناءات، وطالما الكل على حدود مواقفهم، فلن يكون البديل عن الغائب، سوى الموجود…

وقد يقول قائل ان القانون القائم وهو الستين الأساسي، أو المعدّل بات أثرا بعد عين، بعدما تمت أبلسته وشيطنته حتى من قبل المدينين بوجودهم النيابي اليوم اليه، ومع ذلك تقول المصادر المتابعة، ان كلام السرايا غير كلام القرايا، ودائما هناك ما هو فوق الطاولة وما هو تحت الطاولة، ولا يصحّ اعتبار أي قانون ميتا، قبل صدور القانون الذي يحلّ محلّه وينعيه.

وكل ما يقال من موت قانون الستين، السريري أو الدماغي أو التام، يبقى أضغاث أحلام، طالما لا قانون جديدا يلغيه.

والراهن ان ثمة من يتعامل مع مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة. على انها فترة تجارب واختبارات لقوانين الانتخابات، الممكن أن تؤمّن صحّة التمثيل لمختلف الفئات اللبنانية.

والذي حصل بنتيجة التجارب والمحاولات، ان ما عجزت عنه الحكومات المتعاقبة منذ ما بعد تعديلات الدوحة على قانون الستين، أي تسع سنوات، لن يكون بمستطاع حكومة اعادة الثقة باتيانه في غضون سنة أو أقل قليلا.

وبالتالي، ليس ثمة ما يضمن انتاج قانون انتخاب قابل للقبول والديمومة، حتى في سنة التمديد الجديدة المحتملة، طالما الرذاذ الاقليمي موحل، وعلى صورة ما هو جار في سوريا والعراق وليبيا واليمن.

وقد يكون وزير الخارجية جبران باسيل أكثر تفاؤلا، استنادا الى استعداده اقتراح قانون، كلما شعر بسقوط قانون مقترح… واصفا أسبوع الآلام بإسبوع قانون الانتخاب وقال: من أوستراليا سنصلي كلنا طوال هذا الأسبوع، حتى قيامة قانون الانتخاب.

لكن وزير الاعلام ملحم الرياشي يرى ان التأجيل التقني للانتخابات بات احتمالا واقعا، ما يعني ان التأجيل حاصل حكما، أما القانون فيبقى قيد الدرس، كالسبعة عشر قانونا المركونة في أدراج مجلس النواب. وليس ما يقلق على مستوى ردّات الفعل الشعبية، فالشعب اللبناني اليوم كالمضروب بالخلاّط، لشدّة ما أصابه من ارتجاج وفراغ وعدم استقرار، لذلك فهو سلّم أمره لأولي الأمر، والناس في هذا الشرق، على دين ملوكهم، كما هو معروف.