Site icon IMLebanon

حوار “الضرورة القصوى” حمى نفسه بجلسته الأولى ما هي الانطباعات الأولية وماذا عن الجلسة التالية؟

نجح الحوار في جلسته الاولى في ان يحمي نفسه… فماذا عن الجلسة الثانية؟

واستطراداً. هل سيتجاوز القطوعات الماثلة وتلك التي يمكن ان تستجد بين لحظة واخرى ويستكمل الرحلة المكتوبة عليه؟

هذا الاستنتاج والتساؤل اللاحق به أثارتهما شخصية سياسية تنتمي الى فريق 8 آذار وهي مولجة بمتابعة مسار العملية التحاورية الحديثة الولادة من الفها الى يائها. وهذه الشخصية تصارح من يتصل بها بان ثمة محاولات بذلت من جانب الفريق الآخر، وتحديدا “تيار المستقبل”، بهدف ضمني يرمي الى تهديم مسارات الحوار قبل ان ينطلق قطاره ولكن وفق طريقة ناعمة لا تظهره في موقع الفاعل لهذا الامر كونه ينطوي على محاذير شتى.

وفي رأى هذه الشخصية ان مضمون البيان الذي اصدرته “كتلة المستقبل” النيابية قبل اقل من 16 ساعة من التئام الجلسة الاولى للحوار، والذي كان عبارة عن حملة تصعيدية على “حزب الله” لم يشهد لها مثيل الا منذ وقت طويل، اريد منه “تسميم” اجواء الحوار ومناخاته عبر حشر الفريق الآخر، اي الحزب، لكي يرد الصاع صاعين فتنفتح ابواب سجال كلامي لا ينتهي قبل ان يتعطل الحوار، وهو في مستهله.

وافادت معلومات ان الدوائر المعنية في الحزب امضت ساعات في قراءة الموقف الناجم عن “البيان المستغرب”، ووضعت مسودة بيان الرد لتعميمه، ولكن اتصالات ربع الساعة الاخير اسفرت عن طي البيان وصرف النظر عن الرد تحت عنوان تفويت الفرصة على الراغبين في تعطيل الحوار، او في احسن الحالات “اسره” تحت وطأة اجواء معينة وضفاف محددة.

لم يعد خافيا للدوائر عينها ان الحوار ليس في الأصل منّة من فريق 14 آذار، وبالتحديد فريق اساسي في “تيار المستقبل”، وعليه اتخذ المعارضون قرارا ضمنياً بمحاولة التعطيل وذلك من خلال:

– مبادرة “القوات اللبنانية” الى اعلان المقاطعة.

– الترويج ان خريطة الحوار غير عادلة لان كفة قوى 8 آذار المشاركة هي الارجح.

– الترويج ان لا أمل من الحوار كونه تجربة مكرورة لم تحل عقدة معقودة وتفتح ابوابا موصودة.

– التعميم بان الحوار يجهل القضية الاصل وهي مسألة انتخاب رئيس جديد قبل البحث في اي قضايا اخرى.

وفي موازاة ذلك كان راعي الحوار والداعي اليه الرئيس نبيه بري يضبط اعصابه وهو يعايش حملات تشكيك به وبالحوار الذي اطلق الدعوة اليه في 22 آب الماضي. فلم يعد جديدا القول ان بري بلغته “احتجاجات” مباشرة من الفريق الآخر وصلت الى حد التشكيك بدوره في ادارة الحوار من قبيل الاعتراض على بنوده وعلى خريطة القوى والشخصيات المدعوة اليه.

ومع ان بري رد استهلالاً “بالتي هي احسن”، الا انه شعر قبيل ساعات من الجلسة الاولى ان السيل يوشك ان يبلغ الزبى فرفع عقيرته مبلغا من يعنيهم الامر انه مستعد لفرط عقد الحوار اذا ما مضوا قدما في الحملة وذلك من خلال كلام فحواه: “انا احاول ان احميكم واجهد لانقذكم وانقذ الوضع، لذا ارفض المزايدة او جعلي كبش محرقة”.

وعندما اخفقت محاولات المحاولين لنسف الحوار، انعقدت قبل ظهر الاربعاء الماضي الجلسة الاولى في المكان المحدد، فما هي الانطباعات الاولية التي خرج بها المراقبون عن هذه الجلسة وعن مآل هذا الحوار وفرص نجاحه، واستتباعا النيات الحقيقية للمتحلقين حول طاولته البيضوية في ساحة النجمة وسط تدابير امنية حربية بالمعنى الكامل للكلمة؟

– ان الحوار الذي انطلق قد اسر كل المشاركين فيه، فما من فريق بقيت لديه الجرأة والقدرة على تحمل مسؤولية عرقلته على غرار ما حصل في تجربتي الحوار السابقتين (في مجلس النواب ثم في قصر بعبدا) وذلك بانتظار معجزات.- لا شك في ان الجلسة الاولى للحوار استهلكت بشكل او بآخر الند الاول من جدول الاعمال وهو المتعلق بانتخابات الرئاسة الاولى. فلقد كشفت مناقشات هذه الجلسة ما كان في حكم الثابت وهو استحالة احداث خرق يغير من واقع الحال المفروض منذ شغور سدة الرئاسة قبل اكثر من عام وعليه فان السؤال المطروح هو: هل سيطوي الرئيس بري في الجلسة المقبلة للحوار النقاش في هذا البند ويفتح المجال امام مناقشة البند التالي، ام سيكون هناك عودة على بدء ليسمع الجميع مجددا الرأيين المعروفين والمتناقضين في موضوع الرئيس الجديد؟

لا ريب في ان الرئيس بري الماسك بناصية الحوار يملك بدائل وخيارات لمثل هذا الموقف ليخدم الهدف الاساسي المعلن للحوار وهو ان يبقى مستمرا الى اطول فترة ممكنة.

ولكن ماذا بعد؟ الرئيس بري عبّر عن شطارة وبراعة ووعي لتاريخية اللحظة عندما اطلق في شكل متتال عبر زواره من الاعلاميين المسائيين سلسلة رسائل الى المدعوين الى مائدة الحوار فحواها الآتي:

– ان الحوار فرصة اخيرة للبننة الاستحقاقات الكبرى وفي مقدمها استحقاق الرئاسة الاولى.

– ان الحوار امامكم والحراك الشعبي الصامد منذ فترة وراءكم فعليكم الاختيار والمفاضلة.

وفي راي العارفين بخفايا العقل السياسي لرئيس المجلس ان بري يريد ان يقول للنخبة السياسية وهو في مكان الصدارة منها ما ملخصه: ان مصلحتكم في هذه اللحظة السير معي في خريطة الطريق التي وضعتها لان ثمة خارجاً ينتظر اللحظة السياسية ليفرض عليكم ارادته على جاري العادة لانكم عجزتم عن المبادرة والفعل، وان الحراك الشعبي الحاصل، وان كان لن يفضي الى تحولات عاجلة، الا انه بات حقيقة لا يمكن تجاهلها وغض الطرف عن ان مرجل غضب الشارع يغلي فعلا.

وعليه فخلاصة قوله المفترض: ليس لكم الآن الاطاولة الحوار، فاعتصموا بها قدر الامكان ولا تضيعوا فرصتها.

ومع ذلك ثمة من لا يزال يعتقد ان الحوار سيظل بلا نتائج ما من شأنه ان يزيد تهشيم صورة الدولة وتآكل مكانتها وهيبتها عند السواد الاعظم من اللبنانيين، لا سيما ان هذا السواد سيظل يعارض خطة الحكومة لمعالجة ازمة النفايات، وستظل الحكومة مقيمة على عجزها الفاضح في هذا المجال لفترة يتوقع الجميع ان تطول.

انه اذاً حوار الضرورة القصوى، والمطلوب من بري والجميع بذل جهود اضافية لتأمين حماية له.