تستضيف أبو ظبي يوم الأحد المقبل مؤتمر الطاقة العربي حيث يبحث الوزراء الحاضرون أوضاع الطاقة والتطورات الراهنة في أسواق النفط والغاز. وتكمن أهمية هذا المؤتمر الذي تعقده منظمة الأقطار العربية المنتجة للنفط «أوابك» أنه تحت رعاية رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد ومشاركة وزراء النفط في الدول العربية الأعضاء في «أوبيك» وفي طليعتهم الوزير السعودي علي النعيمي الذي يمثل أكبر دولة نفطية في «أوبك» والذي تتجه أنظار عالم الطاقة والاقتصاد إلى سياسة بلده النفطية في ظروف تشهد انخفاض سعر برميل النفط إلى أقل من ٦٠ دولاراً.
ليس من مهمة منظمة «أوابك» أن تحدد معدل الإنتاج أو الأسعار إلا أن أحاديث المشاركين، وزراء نفط الإمارات سهيل مزروعي والكويتي صالح العمير والعراقي عادل عبد المهدي والقطري محمد سادا والجزائري يوسف يوسفي وأمين عام المنظمة عبد الله البدري ستكون محط انتباه العالم النفطي مع حضور ومشاركة استثنائية في مؤتمر طاقة عربي لمديرة وكالة الطاقة الدولية الهولندية ماريا فان دير هوفن. فهؤلاء المسؤولون سيتناولون خلال يومين موضوع انخفاض أسعار النفط وتداعياته مع من يؤكد أن سبب ذلك هو كثرة النفط في السوق والبعض يعارض هذه الرؤية مثل الجزائر. وفي أميركا أكبر سوق للنفط في العالم الغربي وفي الصين التي تنافسها في آسيا يعتبر البعض أن منظمة «أوبك» أعلنت الحرب على الصناعة الأميركية للنفط والغاز. هكذا علق رئيس شركة «بيوننير» للموارد الطبيعية وهي شركة كبرى تنتج النفط الصخري في الولايات المتحدة بعد رفض «أوبك» تخفيض الإنتاج لرفع الأسعار.
إن جلسة مؤتمر أبو ظبي التي سيرأسها وزير النفط السعودي ستتمحور حول ورقة الدكتور بسام فتوح مدير معهد أكسفورد لدراسات الطاقة التي تشير إلى أن العنصرين الأساسيين اللذين أديا إلى حصول طفرة النفط والغاز الصخري في أميركا هما أسعار النفط المرتفعة والتطور التكنولوجي. ويشير فتوح إلى أن سعر برميل النفط بأقل من ٦٠ دولاراً ستمثل تحدياً لتمويل منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة الذين سيحتاجون إلى رفع رأسمالهم للاستثمار كما أن معظم تمويلهم يرتكز على الدين، فأسعار النفط المنخفضة ستحد من تمويلهم. ولكن يقول فتوح إن السؤال الأساسي سيكون عن مدى سرعة تجاوب الإنتاج الأميركي مع انخفاض أسعار النفط. فكثير من الخبراء في قطاع النفط يحاولون الرد على هذا السؤال وعلى أسئلة أخرى. إلى أي مستوى يجب أن ينخفض سعر النفط ليؤثر بشكل ملموس على الصناعة النفطية الأميركية. فانخفاض سعر النفط سيؤدي إلى عدم دخول شركات نفطية عالمية مثل «توتال» وغيرها في استثمارات جديدة مكلفة في العالم.
لا شك أن أسعار نفط منخفضة ستساعد الاقتصاد العالمي في الولايات المتحدة وفي منطقة اليورو وستؤدي إلى الحد من طفرة النفط الصخري الأميركي على المدى المتوسط. كما تخيف بعض مناطق أميركا مثل تكساس وداكوتا الشمالية وآلاسكا وأوكلاهوما التي تتخوف من حدوث إفلاسات نتيجة انهيار أسعار النفط. ولكن هذه ليست مسؤولية دول «أوبك» وحدها أو مسؤولية السعودية لحماية الأسعار. فالدول العربية المنتجة تحتاج إلى حماية حصتها من السوق العالمية. فلماذا يطلب من السعودية أن تخفض إنتاجها ويبقى الإنتاج الروسي على ما هو عند ١٠ ملايين برميل في اليوم وتزيد أميركا إنتاجها من النفط الصخري، بينما على دول «أوبك» أن تخدم مصالح هذه الدول على حساب حصتها في السوق وأهميتها فيه؟ كل هذه المواضيع ستكون محور مؤتمر أبو ظبي الذي سيحضره أيضاً مدراء صناديق تمويل مشاريع تنموية مثل سليمان الحربش الذي يرأس صندوق «أوبك» للتنمية وعبد اللطيف الحمد الذي يرأس الصندوق العربي للتنمية وسيكون لهما آراء حول تأثير انخفاض أسعار النفط على المشاريع التنموية في العالم.