قتل الاسرائيليون الوزير الفلسطيني زياد ابو عين تحت عيون العالم من أقصاه الى أقصاه، ضربوه بأعقاب البنادق، سقط فوق تلك الصخرة النائحة من بعده، إختنق وسط الصحافيين والكاميرات وشكّلت حشرجته استعراضاً فاجعاً أمام العدسات تصوّره، وهو يلفظ أنفاسه تاركاً وصية مدوية:
“لقد تم الإعتداء عليّ، ضربوني، لكن هذا الاحتلال الفاشي سيرحل والشعب الفلسطيني سينتصر”.
استشهد زياد ابو عين رئيس هيئة مقاومة جدار الفصل والاستيطان في فلسطين المحتلة، على عين العالم وخصوصاً على عين الادارة الاميركية، التي يفترض ان يكون خجلها مضاعفاً، ذلك ان جريمة قتل وزير فلسطيني كان يعترض على سرقة الاراضي الفلسطينية شمال شرق رام الله، تتجاوز في وحشيتها كل ما أورده اول من أمس، تقرير لجنة الاستخبارات في الكونغرس عن برنامج التحقيق مع أسرى تنظيم “القاعدة” و”طالبان” بعد هجمات 11 أيلول من عام ٢٠٠١ الإرهابية.
ثمة فرق كبير بين التعذيب في أقبية “السي آي إي” والقتل الوحشي المكشوف فوق تلك الارض الفلسطينية التي تفيض دماً وشهداء، وعلى الذين يتصببون عرق الخجل في واشنطن من أساليب التعذيب التي مورست عندهم، ان يتذكروا ان عدد الفلسطينيين الذين قتلهم جنود الاحتلال الاسرائيلي منذ حزيران الماضي، يوازي تقريباً عدد الذين سقطوا في الهجوم الارهابي على مانهاتن، فزياد ابو عين، مستر اوباما، هو الشهيد الفلسطيني رقم ٢٦٢٥ خلال خمسة اشهر. وعندما يتحدث المسؤولون في واشنطن عن احساسهم بالذنب والإثم من وقائع التعذيب والممارسات في أقبية استخباراتهم، وتقول رئيسة لجنة الكونغرس ديان فاينستاين، وهي بالمناسبة يهودية، “ان التاريخ سيحكم علينا انطلاقاً من التزامنا بمجتمع عادل يحكمه القانون ومن استعدادنا لأن نواجه الحقيقة البشعة”، ويرى جون ماكين صديق اسرائيل ان “ممارسة التعذيب لطّخت شرفنا القومي”، عليهم ان يتذكروا انهم شركاء ضمناً في تاريخ طويل ومشين، من جرائم القتل والتصفيات التي تنفذها ربيبتهم اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
يقولون انهم غارقون في الخجل لأن اسلوب الإيهام بالغرق كان من وسائل التعذيب التي استخدمتها “السي آي إي”، لكنهم يتجاهلون ان اسرائيل التي يحمونها لا تُوهِم بل تُغرق فلسطين واهلها في القتل والدم والتهجير منذ عام ١٩٤٨.
معلوم ان مجلس الأمن الدولي يستعدّ للبحث في مسألة الإعتراف بالدولة الفلسطينية في نهاية هذا الشهر، ولهذا تم ترتيب لقاء عاجل في روما يوم غد الأحد بين جون كيري وبنيامين نتنياهو، لمحاولة قطع الطريق على السلطة الفلسطينية، لكن يبقى في وسع الرئيس محمود عباس ان يحمل معه الى الأمم المتحدة ارثاً طويلاً من الدم ولائحة بمئات آلاف الشهداء الفلسطينيين، وآخرهم شهادة زياد ابو عين، ويلقيها في أعين الاميركيين والعالم!