تبدي أكثر من جهة سياسية مخاوفها من الخلاف الناشئ بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي العماد ميشال عون ونبيه بري، والذي بدأ يفرمل العمل الحكومي والمجلسي، خصوصاً وأنه ذاهب باتجاه التصعيد، حيث علم أنه، ونتيجة الإتصالات التي جرت في الساعات الماضية من قبل موفد رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، تبيّن ومن خلال المتابعين لمسار هذا الحراك، أنه لا لقاء قريباً سيجمع عون ببري، وبالتالي ليس من حلحلة متوقّعة لهذا الخلاف، كذلك ينقل أن الرئيس سعد الحريري سيعاود اتصالاته في نهاية الأسبوع الجاري بعد عودته من الخارج، لكن المحيطين برئيسي الجمهورية والمجلس يستبعدون أي مخرج أو تسوية لمرسوم ترقية ضباط دورة الـ 94.
من هنا، تشير أجواء المتابعين، إلى أن ما يجري تخطّى أزمة مرسوم الترقية، وأعاد خلط الأوراق السياسية والإنتخابية والتحالفية، أي أن وقوف النائب جنبلاط إلى جانب صديقه الرئيس بري، لم تهضمه أوساط بعبدا، وذلك ما انسحب على مسار الإتصالات بين «التيار الوطني الحر» والحزب التقدمي الإشتراكي حول انتخابات دائرتي الشوف وعاليه، وإمكانية الإئتلاف بينهما، ومن هنا، فإن النائب جنبلاط الذي كان يستعدّ لإعلان أو تسمية مرشحي حزبه و»اللقاء الديمقراطي»، عاد وتريّث إلى حين نضوج الإتصالات على خط الأحزاب والقوى المسيحية، ولا سيما مع «التيار الحر»، على اعتبار أنه لم يحصل تحالف بين الطرفين في أي استحقاق إنتخابي نيابي.
لذلك، فإن خلاف بعبدا ـ عين التينة، بات يشكّل ما يشبه الإصطفافات السياسية بين كلا المعسكرين، وذلك، وفي حال بقيت الأمور على ما هي عليه، ستكون نتائجه وخيمة على صعيد التعاون بين الحكومة والمجلس النيابي وكل المشاريع التي ستحال إلى المجلس النيابي، ومن هنا، فإن الرئيس الحريري قلق من هذه الأجواء التي تفرمل حكومته، وكذلك كل مشاريع القوانين المرسلة من الحكومة إلى مجلس النواب في سياق سياسة النكايات والكيديات السياسية.
وفي المقابل، فإن ما يعيق مبادرة أو تحرّك رئيس الحكومة، هو استياء يبديه الرئيس بري في مجالسه من الحريري وموقفه الميّال إلى رئيس الجمهورية، وتحديداً حول مرسوم ترقية الضباط.
أما ما ستكون عليه الإصطفافات والتموضعات بين الأفرقاء السياسيين، وتحديداً بين فريقي رئيس الجمهورية والمجلس النيابي على خلفية هذه الأزمة، يقول المتابعون، أن ذلك سيكون بداية في الإنتخابات النيابية وتحديداً في دائرتي بعبدا وزحلة، حيث التحالف بين النائب جنبلاط وبري محسوم في هذه الدوائر وصولاً إلى عاليه والشوف، بينما «أم المعارك»، وفي سياق تصفية الحسابات، ستكون في دائرة جزين، والخوف الأكبر باعتقاد أكثر من جهة سياسية سيحصل بعد الإنتخابات النيابية، وتحديداً معركة رئاسة المجلس النيابي، ومن بعدها حكومة ما بعد الإنتخابات.
وهنا، يرى المتابعون، أن بري مطمئن لهذه الحسابات من خلال تحالفه مع «حزب الله»، ومع النائب سليمان فرنجية وكتلة «اللقاء الديمقراطي»، ومع أكثر من كتلة نيابية تدور في فلكه.
لذا، فإن مسألة ما يجري بين الرئيسين بري وعون، إنما تؤشّر إلى خارطة سياسية جديدة على كل المستويات، ولا سيما على أبواب الإستحقاقات المتتالية من الإنتخابات إلى رئاسة المجلس والحكومة، وحتى لاحقاً انتخابات رئاسة الجمهورية، حيث كل طرف سياسي يزن حساباته للمرحلة المقبلة التي لن تكون سهلة أو عادية، بل إستثنائية بامتياز.