لم يكتمل زهو رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط بدخوله قصر الاليزيه وتعريف الرئىس الفرنسي فرنسوا هولاند الى نجله تيمور الذي يسلمه الارث السياسي بالتقسيط على الصعيدين المحلي والخارجي، فقد جاءت زيارة رئىس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع لتحول زهو جنبلاط الى انقباض سوداوي على حدّ قول مصادر متابعة، لا سيما ان ما احاط بالزيارة سعودياً فاق التوقعات الجنبلاطية وغيرها من التوقعات نظراً لما حفلت به من مؤشرات على الصعيد البروتوكولي اذا جاز التعبير بدءاً من انتقال جعجع بطائرة خاصة وضعتها المملكة بتصرفه وصولاً الى لقائه الملك سليمان بن عبد العزيز في مطلع زيارته حيث انعكس البروتوكول السعودي الصارم المتبع والذي يقضي كما هو معروف بان زوار المملكة من غير الرؤساء والملوك يبدأون زياراتهم بلقاء وزير الخارجية ثم ولي العهد ويتوجونها بلقاء الملك كخاتمة، وربما هذه اللفتة غير المألوفة باستقبال جعجع على طريقة الرؤساء اثارت الفأر في «العبّ» الجنبلاطي ما دفعه الى المسارعة في ارسال وزير الصحة وائل ابو فاعور الى جدة لاستطلاع الامر من خلال لقاء الرئيس سعد الحريري.
وما زاد من القلق الجنبلاطي تضيف المصادر، ان جعجع التقى ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع محمد بن سلمان في حضور وزير الخارجية عادل الجبير ورئيس الاستخبارات العامة خالد الحميدان بالاضافة الى عدد من الوزراء وكبار المسؤولين السعوديين وتم البحث في الاوضاع على الساحة اللبنانية والحرائق في المنطقة، ما يشير وفق الرؤية الجنبلاطية الى ان السعودية تنظر الى جعجع كحليف استراتيجي بعد توقيع الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة دول 5+1، ولكن ما يغرق جنبلاط في الحيرة يتمحور حول الدور الذي اوكل لجعجع على الساحة المحلية وعما اذا كانت المملكة اختارته حصانها في مرمح السباق الرئاسي لا سيما ان المرحلة الراهنة بعد الاتفاق ستغيّر موازين القوى في الداخل اللبناني وعلى صعيد المنطقة برمتها حيث ثمة ازدحام غربي لزيارة طهران التي استقبلت وفداً المانياً برئاسة وزير الاقتصاد الالماني اضافة الى حماس وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لزيارتها حيث سيكون الملف الرئاسي اللبناني على طبق محادثاته خصوصاً ان الادارة الاميركية اوكلت هذا الامر الى باريس.
وتضيف المصادر ان جبنلاط لم يتوقع ان يتم استقباله في المملكة ببرودة على الرغم من ان زيارته الاخيرة لتقديم واجب العزاء بالراحل سعود الفيصل، وان يكون لقاؤه الحريري التي استقبله في دارته جافياً، كونه قدم كل اوراق اعتماده للمملكة من موقفه تجاه النظام السوري الذي يفوق بعدائيته مواقف السعودية، وان القنوات الذي يحاول فتحها ابو فاعور ونجله تيمور مع القيادة السعودية لم تؤت ثمارها كون المملكة لم تغفر له مشاركته باطاحة حكومة الحريري، وقد ادرك جنبلاط بعد فوات الاوان ان اللعب مع العقل البدوي يختلف كثيرا عن عقلية النظام السوري الذي اغرقه جنبلاط بالشتائم في مهرجان المليونية الشهيرة واصفاً الرئيس بشار الاسد «بالقرد والحوت»، وعلى الرغم من ذلك غفرت دمشق له وفتحت ابوابها له لينقلب عليها مجدداً ولمرة اخيرة، فاذا كانت دمشق تسعى الى احتواء النزف السياسي، فان الامر يختلف مع السعوديين على طريقة التعامل مع الالغام حيث الغلطة الاولى هي الاخيرة كما حصل لجنبلاط.
وتشير المصادر الى ان سيد المختارة يخطط في المرحلة الاكثر استثنائية للوقوف في الوسط بين السعودية وايران حيث يتولى ابو فاعور الملف السعودي، و في وقت اعطي النائب غازي العريضي الاذن للانفتاح على ايران الذي نصح الاطراف «بوجوب الحوار معها» فهل هذا الموقف نابع من «قبة باط» ام اجتهاد شخصي منه، وهو من كان مكلفاً «دوزنة» العلاقات مع دمشق ايام الراحل «ابو وائل»، وهل يستطيع جنبلاط حمل اكثر من بطيخة بكف واحدة علماً ان جميع اللاعبين على الحلبة الاقليمية وامتداداتها المحلية يرفضون الرمادية فلون المرحلة ابيض او اسود ولا مكان للوسطية في لعبة الكبار، وربما هذا الامر يقف وراء الحفاوة السعودية بجعجع ومعاملته على طريقة معاملة رؤساء الدول كونه لم يغيّر في التزاماته معها في وقت يمارس فيه جنبلاط الحزن والانتظار لنيل البركة من المملكة.