على الرغم مما آلت اليه التطورات الاقليمية والعربية وانعكاساتها المتتالية على الوضع في لبنان، على المستويات السياسية والاعلامية والاقتصادية والاجتماعية، بل والأمنية، كافة، فإن «المنازلات» الداخلية بين الافرقاء الأساسيين، لاسيما «حزب الله» و«تيار المستقبل»، لاتزال على «سكة الحوار السياسي» ولم تخرج عنه…
وخلافاً لكل التوقعات، فقد ثبت الرئيس سعد الحريري مقولة «ربط النزاع» مع «حزب الله» الى ابعد الحدود، مؤكداً «ان التصعيد المتواصل لـ«حزب الله» لن يستدرجنا الى مواقف تخل بقواعد الحوار والسلم الأهلي…».
ليس من شك في ان التطورات الاقليمية، وتحديداً على أرض اليمن، دفعت بالوضع في لبنان الى مداه الأقصى… على رغم المسافة الجغرافية الكبيرة التي تبعد «وطن الارز» عن «اليمن السعيد»… ولم يكن أحد يتوقع هذا التطور الدراماتيكي السريع، على رغم المصالح الداخلية المتشابكة مع المصالح الخارجية، فبدا وكأن المصير السياسي، وغير السياسي، بات موقوفاً على مجريات الحدث اليمني…
اللافت، ان الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، الذي، وخلافاً لكل ماضيه، قد أكثر من طلاته الاعلامية متحدثاً عن الحدث اليمني، ليس في حد ذاته فحسب بل بما يحتضنه هذا الحدث وما يمكن ان تكون له من تداعيات… حتى ليخل للمراقب ان المسألة باتت «مسألة حياة او موت»؟! ومع ذلك، فإن السيد نصر الله، لم يقدم إجابات كافية ومقنعة عن سر هذه المواقف الهجومية وغير المسبوقة والتي تجاوز فيها «كل الاعراف اللبنانية» في التهجم المباشر على قيادات دولة تحظى لدى نصف اللبنانيين – على الأقل – باحترام يوازي – على الأقل – «احترام» السيد نصر الله لدولة ايران…
إلى الان، تركزت ردود الأفعال على المواقف السياسية والاعلامية، التي تواكب مسار الحوار الجاري بين «حزب الله» و«تيار المستقبل»… والذي بات في عرف كثيرين، «لا جدوى منه». في ظل هذه الهجمات المفتعلة على المملكة العربية السعودية…
من حق «حزب الله» ان يعبر عن رأيه وعن مواقفه…
كما من حق «المستقبل» ان يعبر عن رأيه وعن مواقفه، تماماً كما من حق أي فريق؟؟ لكن من حق اللبنانيين ان يقولوا: «انتظروا قليلا ولا تخطئوا في الحسابات»… فلا جدوى من أي موقف سياسي عابر للحدود، اذا كان سيضع مصالح عشرات، بل مئات آلاف اللبنانيين من العاملين في دول الخليج كافة، في موضع حرج للغاية، قد يتطور الى ما يحذر منه كثيرون…
حبذا، لو يعيد السيد نصر الله قراءة خطابه الأخير، ويخرج على الملأ ويقول قناعته بالذي ورد فيه… ويا حبذا لو يستمع الى ما ورد في خطابه، على لسان آخر وتحديداً في المفاصل التالية متمنين عليه لو «يهدئ أحصنته»؟! وان لا يحتفل بـ«عاصفة الوهم» من الآن… ويعد للعشرة، بل للمئة وهو يدعو الآخرين بألاّ يخطئوا بالحسابات…»؟!
ماذا كان جرى لو ان السيد نصر الله، الذي كان مثالاً للدعوة «بالحكمة والموعظة الحسنة» تروَّى، واصطبر، من قبل ان يفجر هذا الكم من الاحقاد النائمة منذ عشرات السنين…»؟!
لا يجدي القول: «ان لكم قراءة ولنا قراءة، ولا مشكلة في الانتقاد» سيما وان كان ذلك مفروناً بسيل من المواقف التي تهون عندها «الشتائم». فالمسألة لا تقاس بوجهة نظر فريق دون آخر… وهناك مصالح دول وأمم وشعوب باتت «في الدق».
من الخطأ التشكيك في وطنية السيد نصر الله، لكن من واجب السيد نصر الله ان لا يدير ظهره بالمطلق الى سائر شركائه في الوطن الذين يتقاسم واياهم الحياة الواحدة، والمصير الواحد، ويشاركهم في مؤسسات الدولة، ويجلس واياهم الى طاولة واحدة… طالما اصطلح على تسميتها بـ«طاولة الحوار»؟! التي، ان كان لها من جدوى، ففي «تنفيس الاحتقانات»، التي ما ان تهبط في مكان درجة، حتى ترتفع درجات في أمكنة أخرى؟!
أخشى ما نخشاه ان يكون ابو هادي وقع في «الفخ»… وتحسب لسعد الحريري خطوته في «ربط النزاع»، التي لم تقطع «شعرة معاوية»، والفريقان يدركان ان لبنان لا يحتمل أي نوع من المغامرات او الخطوات غير المحسوبة النتائج… لاسيما وان البعض، وان كان أظهر شيئاً من «التفهم» لـ«تورط» الحزب في سوريا، والتاريخ، والتطورات، وحدها كافية للدلالة على صحة الموقف او عدم صحته، فإن كثيرين، يأخذون على الحزب، هذا التمدد العابر للحدود والدول، ويكون «رأس حربة» في صراعات اقليمية، او صراعات على السلطة في هذه الدولة او تلك؟!، خلافاً لرغبة الغالبية الساحقة من اللبنانيين ولمصالحهم، العابرة لحدود المناطق والطوائف والمذاهب…
لكم قراءتكم… وللآخرين قراءتهم، لكن سقف القراءات يجب ان يبقى مضبوطاً ضمن حدود تجنب لبنان الوقوع في فخ المغامرات العبثية التي لا يفيد منها لبنان، ولا يفيد منها سوى عدو لبنان الوحيد «إسرائيل» ومن يسايرها ويماشيها ويدعمها، وينساها، او ينسى «أفعالها الشيطانية…» ولا بأس من ان نسرق عبارة قالها السيد نصر الله في خطابه الأخير، ونقول له: «اعمل معروف انزل من على الشجرة…»؟!