كتبت ميرفت سيوفي:
هل وزير التربية عبّاس الحلبي هو فعلاً قاضي؟ على ما نعرف من مواصفات القاضي أنّه ذو أناة يتبيّن الأمور ويفحصها وعندما يصدر قرار يكون حازماً حاسماً، فيما لم الرّجل مرتبك دائماً في كلّ قراراته، ولا علاقة له بالتربية والتعليم وهو غارقٌ في شبريْ ماء الحرب وعاجز عن اتخاذ مواقف واضحة ، ولأنّ العند يورث الكفر كاد قرار معاليه وإصراره على بدء العام الدراسي في 4 تشرين الثاني يتسبّب بمجزرة بعد الغارة العنيفة التي تعرّضت لها أمس منطقة الجيّة والتي ألحقت أضراراً بمدرسة مار شربل التي أجلت تلاميذها بعد الغارة وأعادتهم إلى بيوتهم بعد الأضرار التي لحقت بها، يا معالي القاضي هل قال لك أحدٌ أنّ النّا “ملاقية” أولادها على الطريق أو أنّها تقطفهم عن الشجر!!
للأمانة علينا أن نقول أنّ أسوأ الوزراء في تاريخ وزارة التربية والتعليم العالي هم الدّروز الّذين جاء بهم وليد جنبلاط إلى الوزارة من دون أن يكون لهم أي علاقة بالتربية والتعليم، يتحسّر الأساتذة والأهل والطلاب على أيام وزير التربية الياس بو صعب الذي كان يرفض تعريض أرواح التلاميذ والأساتذة لحوادث يتسبّب بها الطقس العاصف وتساقط الثلوج، فيما نرى الوزير عبّاس الحلبي ومن دون أدنى مبالاة يعرّض أرواح هؤلاء للموت مع علمه الكامل بأنّه لا منطقة آمنة في لبنان وأن الصواريخ الإسرائيليّة تستهدف كلّ وأيّ مكان!!
حاولت أن أجد في سيرة الوزير عبّاس الحلبي مايشير إلى علاقته بالتربية والتّعليم فتفاجأتُ بسيرة تقول لنا أنّه “عضو” في جمعيات ولجان وكلّها لا علاقة لها بالتربية والتعليم، وأنّه ألّف بضعة كتب كلّها عن الدّروز وعن الحوار اللبناني، أمّا المفاجأة الحقيقة فهو في لقبه الأساسي “قاضي سابق”، ولكن قاضي أين وكيف وأين درس القضاء لم نعثر على جملة واحدة مفيدة حتّى أنّه لم يُحدّد الفترة التي كان فيها قاضياً، المفارقة كانت عندما استنجدنا بأرشيف موقع “محكمة .نت” لنكتشف أنّ معاليه عُيّن في ملاك القضاء العدلي بموجب المرسوم رقم 41 بتاريخ 1977 وشغل مركز مستشارفي محكمة الاستئناف في بيروت ثم استقال. وعليه لا نعرف ما إذا معاليه مستشار أم قاضي، خصوصاً أنّه كرّر التعريف عن نفسه بوصفه مستشار وفي الطليعة مستشار في بنك بيروت والبلاد العربية وعضو “بشي” 50 لجنة لا علاقة لها بالتربية والتعليم!
وعلى حسب العادة، كلّما جاء وزير يأتي بمجموعة من المستشارين أصحاب الاختصاص في الوزارة التي سيكون على رأسها، فهل مستشاري معاليه حالهم من حاله أم أنّهم من أهل الاختصاص “حدا ينوّرنا الله يردّ عنكن”!! كان وزير التربية في حكومة تفجير مرفأ بيروت طارق المجذوب في كلّ بيان أو مذكّرة تصدر عنه بأن التعليم حقّ لكلّ إنسان لا نعرف تحديداً من يذكّر بهذا الحقّ؟ هل يذكّر نفسه لأنّ هناك شريحة من التلامذة الأجانب وهم شريحة من تلامذة المدرسة الرسمية في المناطق اللبنانيّة، وهم من جنسيات مختلفة من الفلسطينيين والسوريين وجنسيات أخرى من الجاليات التي غضب الله عليها وأقامها في أكثر بلاد الله عنصريّة، وغالب هؤلاء مقيمين على الأراضي اللبنانيّة وهم من غير مدارس الأونرا للفلسطينيين ومن غير الملحقين عبر برنامج الأمم المتحدة للاجئين السوريين، هم خليط من أطفال يحقّ لهم عبر شرعة حقوق الطفل أن يتلقّوا التعليم في مدارس البلد الذي ولدوا فيه ووجدوا ذويهم يعملون فيه، ولكن حتى تاريخه ومع أن وزير التربية ينقل عنه كل المعنيون بهذه الأزمة أنّه وعد بتسجيل كلّ التلاميذ، علينا أن نسألهم وآخر من نقل عنه السيدة بهيّة الحريري، متى تصدر مذكرة تسجيل الطلاب الأجانب؟ لماذا يدفع طفل أجنبي ثمن العنصرية اللبنانيّة مرّة تلو الأخرى!!
حضرة الوزير الغارق في شبر ميّ، البلد في حالة حرب مع العدو الصهيوني ولا تستطيع أن تفتح مدارس في منطقة وتلقها في أخرى، حكّم ضميرك لأنّ أرواح هؤلاء ليست رخيصة خذ ولو لمرة واحدة قراراً جريئاً وأعلن عن التعليم لهذا الهام أونلاين على الأقل حتى نهاية هذا العام أو حتّى تضع الحرب أوزارها، وتفضّل وأصد آخر مذكّراتك العظيمة بتسجيل الطلّاب الأجانب الذين يعيشون على أعصابهم، “وانتَ ولا على بالك” يا معالي المستشار!!