IMLebanon

حصول الإنتخابات البلدية لا يعني أن النيابية أصبحت في قبضة اليد

حصول الإنتخابات البلدية لا يعني أن النيابية أصبحت في قبضة اليد

تداعيات الأولى تنحصر في المدن والقرى والثانية ترسم معالم الخارطة السياسية

رغبة خارجية لإنجاز الإستحقاق البلدي لإطلاق مشاريع إنمائية على شكل هبات وقروض ميسرة

هل تخترق الانتخابات البلدية والاختيارية جدار التمديد الذي اعتادت عليه البلاد على أكثر من مستوى وسط الشغور الرئاسي والعجز الحكومي والشلل البرلماني، أم ان هذا الزخم الموجود لخوض غمار هذا الاستحقاق سرعان ما سيتلاشى ويدخل مجدداً في مدار التمديد تحت أي حجة موجودة غب الطلب في ادراج المسؤولين.

حتى الساعة توحي كل الإجراءات والمعطيات بأن هذه الانتخابات ستجري في موعدها، وأن الداخلية اقتربت من إنجاز ما هو مطلوب منها على المستوى اللوجستي والإداري لتأمين حصولها، حتى ان البطاقات المخصصة للاعلاميين المولجين تغطية الانتخابات على مساحة لبنان قد وزّعت على وسائل الإعلام، وهو ما يُؤكّد إصرار الوزير المختص على إتمام هذه العملية وفق المواعيد المحددة، على الرغم من تشكيك البعض في إمكانية حصول ذلك لاعتبارات سياسية وغير سياسية.

ووفق المعطيات فإن الانتخابات البلدية وما ستتمخض عنه من نتائج سترسم صورة عمّا سيكون عليه الحال بالنسبة للانتخابات النيابية ولخارطة التحالفات السياسية المقبلة، خصوصاً وأن اجراء هذه الانتخابات في بعض المدن والقرى سيكون على أساس التبعثر الحاصل في هذه التحالفات على مستوى 8 و14 آذار، إذ وكما هو أصبح معلوماً فإن هذين الفريقين ما زالا موجودين من حيث الشكل اما من حيث المضمون فلم يعد هناك من مبرر لوجودهما بعد الانشطارات التي حصلت نتيجة انقلاب الصورة في ما خص الترشيحات لرئاسة الجمهورية حيث احدثت هذه الترشيحات شرخاً يصعب دمله بسهولة داخل كل فريق، وأن نتائج هذا الشرخ ستكون واضحة في النتائج التي ستفضي إليها الانتخابات البلدية في أكثر من مكان، من العاصمة وصولاً إلى أصغر بلدية في لبنان، وهي ستؤسس لمشهد انتخابات نيابية مغايرة عن تلك التي حصلت قبل التمديد للمجلس.

وتؤكد مصادر سياسية متابعة في هذا المجال ان اجراء الانتخابات البلدية ليس بالضرورة تكون مقدمة لحصول الانتخابات النيابية، فالبلدية تحتاج فقط لقرار من وزير الداخلية وهذا أمر سهل، اما الانتخابات النيابية فهي تحتاج إلى توافق سياسي يصعب تأمينه في هذه المرحلة لاعتبارات داخلية وخارجية، ولو كان بالإمكان الوصول إلى هذا التوافق لما كان قد استوطن الشغور الرئاسي طيلة هذه المدة في قصر بعبدا ولكان المجلس انتخب رئيساً للجمهورية منذ زمن بعيد، وإضافة إلى ذلك فإن ما يجعل الانتخابات البلدية تختلف عن النيابية من حيث الشكل والمضمون هو ان تداعيات الانتخابات البلدية تقتصر على المدن والبلدات، اما الانتخابات النيابية فهي ترسم الخارطة السياسية للمرحلة المقبلة ويتداخل فيها العامل الداخلي مع الإقليمي والدولي، وهو ما يجعل الحديث عن إمكانية اجراء الانتخابات النيابية ما دامت الانتخابات البلدية قد حصلت هو حديث ليس في محله، فخوض الانتخابات البلدية لا يعني على الإطلاق ان يكون هناك قدرة على اجراء الانتخابات النيابية.

وفي رأي هذه المصادر ان من راهن أو حاول الايحاء بأن الانتخابات البلدية لن تحصل لا يفقه أي شيء في الدستور، فالاقدام على مثل هذه الخطوة يحتاج إلى قانون يصدر عن مجلس النواب بعد تقديم مشروع قانون معجل ومكرر ومعلل لتحديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية، وهذه الخطوة لا يجرؤ أحد من القوى السياسية على التقدم نحوها في ظل التمديد لمجلس النواب وغياب رئيس للجمهورية وأن يتحمل عبء هذا الارجاء أو التمديد.

وتؤكد المصادر ان مثل هذا الاستحقاق لا يؤثر بشكل فعلي على المشهد السياسي، إذ ان تداعيات نتائج الانتخابات البلدية تبقى محصورة في الإطار المناطقي والعائلي وفي الاحياء على عكس الانتخابات النيابية التي من شأنها ان تحدد مسار ومصير الوضع السياسي العام.

وفي اعتقاد المصادر ان الانتخابات البلدية باتت بحكم الحاصلة، إذ ان لا معطيات توحي بحصول أي طارئ يؤدي إلى تأجيلها أو التمديد للواقع الحالي، وأن ما قيل في الآونة الأخيرة من ان اقدام الأساتذة والمعلمين على الإضراب من شأنه ان يقلب الطاولة كون ان غالبية المراقبين على صناديق الاقتراع هم من القطاع التعليمي لم يكن في محله، وبالتالي فإن كل المناخات الموجودة لخوض غمار هذا الاستحقاق باتت مؤاتية.

وكشفت المصادر عن ان هناك رغبة خارجية بوجوب إنجاز الاستحقاق البلدي لكي لا يؤخذ على لبنان بأنه يضرب بمواعيده الدستورية عرض الحائط، خصوصاً وأن لا قدرة على انتخاب رئيس للجمهورية في هذه المرحلة، لافتة إلى ان هناك الكثير من المشاريع الإنمائية المعلقة على حبل اجراء الانتخابات البلدية، وانه بمجرد حصولها سيتم إخراج هذه المشاريع إلى النور وهي في غالبيتها مشاريع على شكل هبات من بعض الدول والصناديق والمنظمات الدولية.

وإذ كانت الانتخابات البلدية باتت تحصيل الحاصل، فإن الانتخابات النيابية تبقى معلقة على وضع قانون انتخابات، وهذا القانون يحتاج إلى التوافق السياسي البعيد المنال لإخراجه من مقبرة اللجان التي احيل عليها، وبالتالي فإن التمديد الثالث للمجلس الحالي أمر غير مستبعد في بلد العجائب.