IMLebanon

طاولة الحوار طبقاً للاتفاق الثلاثي

العالم والاقليم يغلي ،وحده لبنان تعطلت عجلته عن الدوران. سوريا تسقط هدنتها، العراق «يكمل طحشته» باتجاه داعش على وقع «ثورة» شعبية يتزعمها الصدر ضد الحكومة. اوروبا في مرمى الارهاب مجددا، والدور مرة أخرى على فرنسا.اما في تركيا فانقلاب لم يصمد اكثر من ساعات قبل ان يعيد اردوغان عبر انتفاضة شعبية مدعومة من الشرطة الجيش الى ثكناته دافنا المحاولة في مهدها.

فالتعطيل المستمرمنذ أكثر من عامين للاستحقاق الرئاسي، فتح الباب واسعا أمام كلام كثير عن خطة لأخذ البلد إلى مؤتمر تأسيسي قد يعيد النظر بتوازنات النظام السياسي التي أرساها «اتفاق الطائف» قبل أكثر من ربع قرن، وضرب اول مسمار في نعشها «اتفاق الدوحة»، طارحا علامات استفهام كبيرة حول الغاية الفعلية من والنتائج المتوخاة من «الثلاثية الحوارية» مطلع آب ،رغم دحض الراعي، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، هذا التوجه بتأكيده التمسك باتفاق الطائف.

وفي انتظار ما سيدور حول طاولة الحوار التي ستجتمع على مدى 3 أيام متتالية مطلع آب، تبدو الملفات الداخلية الدسمة دخلت كلّها حال مراوحة سلبية. فرئاسة الجمهورية في الثلاجة ولا حل لمعضلتها، وهو ما لمسه وزير الخارجية الفرنسية جان مارك ايرولت خلال زيارته بيروت مطلع الاسبوع، فغادر محبطا واعدا بطرق أبواب الرياض وطهران مرة جديدة لمحاولة تليين المواقف. أما قانون الانتخاب العتيد، فيدور في حلقة مفرغة وسط غياب القرار السياسي بالافراج عنه بدليل تطيير نصاب جلسة اللجان النيابية المشتركة الاخيرة. وفي الملف النفطي، فالأجواء التفاؤلية التي أشاعها تفاهم التيار الوطني الحر وحركة أمل في سمائه لم تصمد طويلا، والضوء الاخضر لانطلاق قطار التنقيب تحول الى برتقالي بانتظار توسيع رقعة التفاهم حوله، وإلا فلن يطرح المرسومان النفطيان في مجلس الوزراء.

سوداوية زادت من حدتها الآمال التي علقها اللبنانيون على زيارة وزير الخارجية الفرنسي وامكانية دفعها الملفات العالقة وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي نحو الحلول المطلوبة سرعان ما تبددت مع انتهاء محادثاته ومغادرته بيروت كما حضر، واعدا كما المرة السابقة بمزيد من السعي مع كل من الرياض وطهران لتسهيل ملء الشغور الرئاسي، رغم ما اثاره الاخير خلال مداخلة له امام مجموعة من الثامن من آذار ، عن ان سايكس بيكو جديدا ترتسم معالمه في المنطقة عنوانه العريض حقول الغاز واستثمارها، داعيا في هذا الاطار الى رصد ما يجري على الخط الاسرائيلي التركي -الايراني وصولا الى روسيا معتبرا ذلك من معالم تقاسم النفوذ الجديد والذي قد لا تنضح معالمه في المستقبل القريب، وبالتالي فان ربط الازمة اللبنانية سواء بالوضع في سوريا او بمصير المحاور القائمة ومسارها سوف يؤدي بالوضع اللبناني الى مزيد من الهريان السياسي والاقتصادي، علما انه لا يمكن ايضا اغفال الخطورة الامنية بفعل الاوضاع القائمة على الحدود الشرقية الشمالية وفي جرود عرسال التي تشكل مركزا وممرا للعناصر الارهابية والتكفيرية المهددة للاستقرار الامني في لبنان.

واذا كانت مصادر سياسية مستقلة تعتبر أن طاولة عين التينة ستشكل مناسبة لطرح كل القضايا العالقة بعد أن تحوّلت الى ما يشبه «مجلس وزاري مصغر»، كانت تضمنته ورقة الاتفاق الثلاثي نهاية الثمانينات، فهي في المقابل تدعو الى عدم رفع سقف التوقعات حول ما يمكن ان يتمخض عن الحوار ، ذلك أن مباحثاتها قد لا تخرج بأي جديد يذكر يخرق جدار الازمة السياسية ، مشيرة الى ان «اجتماعاتها قد تكون لملء الوقت ولكن مهما يكن، يبقى التواصل بين الاقطاب أفضل من عدمه»، وإذ رحبت بمواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري لناحية التمسك باتفاق الطائف ورفض أي مؤتمر تأسيسي، جددت التأكيد ان تجربة اتفاق الدوحة لم تكن مشجعة ، فما الذي يضمن ألا يتكرر الامر نفسه ، متخوفة من أن يكون فلش رزمة الملفات العالقة كلها دفعة واحدة على الطاولة محاولة لتمييع الاستحقاق الرئاسي او لمقايضته بمكاسب تعزز موقع بعض الاطراف على الخريطة السياسية اللبنانية.

مصادر القوات اللبنانية ،اعتبرت من جهتها بان معطلي الدولة ياخذنوها الى مكان آخر ،دون الاقرار بالامر، عبر استخدام تسميات وتعريفات تختلف بين طرف وآخر داخل الفريق، متسائلة كيف يمكن صرف كلام «الاستاذ» واين، رغم التقدير الكامل لمساعيه لتهدئة الراي العام، تبدي مصادر التيار الازرق اطمئنانا ملفتا بعدما تلقت ضمانات اقليمية ودولية بالحفاظ على الستاتيكو القائم حاليا في لبنان ،دون اي تغيير في طبيعة ووجه نظامه ، وهو في سبيل ذلك سيشارك في الجلسات الحوارية من منطلق الانفتاح من ضمن ثوابت، رفض خيار «السلّة» التي قد تُطرح لانه من الخطأ ربط كل استحقاق دستوري بسلّة، لما قد يخلقه ذلك من اعراف جديدة ويضع البلد في ازمة دائمة، مشددة على ان الاولوية هي لانجاز الاستحقاق الرئاسي قبل اي شيء اخر، يليه اجراء الانتخابات النيابية وفق قانون جديد ، متحدّثة عن «حلحلة» على خط قانون الانتخاب رغم عدم اكتمال نصاب جلسة اللجان النيابية ،مبررا ما حصل بتجنّب «الحرج» للنوّاب الذي لا يشاركون في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، لان جلسة اللجان تزامنت مع جلسة الانتخاب.