IMLebanon

حسابات العودة الى الحل السياسي

الموفد الايراني مرتضى سرمدي يكرر في بيروت خطاب التركيز على جزء من الصورة في اليمن. ولا أحد يتوقع من أي طرف في الصراع أن يعترف بما في المشهد كله. لكن الكل يعرف أن حرب اليمن المطلوب وقفها ليست فقط عاصفة الحزم بل أيضاً صاعقة أنصار الله الحوثيين وعلي عبدالله صالح. فضلاً عن ان الحرب التي تجاوزت الإطار اليمني الى الأفق الاقليمي والدولي، صارت في الوقت نفسه قضية داخلية في لبنان وبلدان المنطقة. وليس ذلك مجرد تعبير عن التعاطف والتضامن مع بلد شقيق في محنته بمقدار ما هو دليل على حدة الاستقطاب ضمن صراع المحاور في المنطقة بكل ما في الصراع من عوامل جيوسياسية وحسابات فئوية وخلفيات تاريخية ومذهبية وايديولوجية.

ومن المهم أن تتكاثر الأصوات الداعية الى حل سياسي. فالرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي زار طهران بعد الاعتراض على سياستها في زعزعة استقرار المنطقة يشارك الرئيس الايراني حسن روحاني في المطالبة بحل سياسي. لا فقط في اليمن بل أيضاً في المنطقة التي تزنرها حلقة من النار وتحتاج الى مقاربة اقليمية شاملة لإنهاء الأزمات في اليمن وسوريا والعراق. ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف يقول لأعضاء البرلمان الذين يناقشون الدعم العسكري المطلوب من اسلام آباد: خذوا وقتكم، لسنا مستعجلين، فهناك فرصة لحل سياسي. ودول عاصفة الحزم بقيادة السعودية تعلن أن هدف العملية العسكرية النهائي هو عملية سياسية تعيد الشرعية الى اليمن ولا تستثني أحداً.

لكن الحل السياسي في اليمن ليس بداية من الصفر، ولا رحلة الى محطة بعيدة غامضة المعالم ومتعرجة المسالك. فهو شيء حدث في مؤتمر الحوار الوطني الذي استغرقت جلساته شهوراً للتوصل الى مخرجات وافقت عليها القوى جميعاً بمن فيها الحوثيون، والى مسودة دستور جديد لنظام فيديرالي. وهو ما حظي برعاية عشر دول مع الموفد الدولي جمال بن عمر، وما انقلب عليه الحوثيون بالقوة المسلحة ضمن التواطؤ مع الرئيس المخلوع صالح والدعم الايراني.

والسؤال هو: هل اكتشف كل طرف حدود القوة؟ هل أدرك الحوثيون وداعموهم أن التضاريس السياسية والقبلية والجغرافية في اليمن أقوى من أية قوة يحاول أصحابها حكم البلد وحدهم ويعجزون عن اقناع القوى الأخرى بالمشاركة؟ وهل تتقدم لدى قيادة عاصفة الحزم حسابات توظيف القصف الجوي في الدفع نحو الحل السياسي، على تحديات الاضطرار للقيام بعملية برية مكلفة للجميع؟

الجواب في المسافة بين ما هو مأمول فيه وما هو متوقع. وهي مسافة يمكن أن تضيق بقوة موازين المصالح مع موازين القوى كما يمكن أن تتوسع بقوة الاندفاع في المغامرة والمقامرة.