IMLebanon

تراكم تحدّيات يُهدّد زخم التحالف الدولي كلّ حجج أوباما في طاحونة الأسد

يواجه التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في سوريا تحديات حقيقية تهدد امكان استمراره بالزخم الذي انطلق فيه وفق ما تقول مصادر معنية متابعة في بيروت، على رغم انه لم يكن زخما قويا. فهذا التحالف الذي هو التحالف الثالث في المنطقة يفتقر الى عناصر كثيرة مما حظي به التحالف الدولي الذي شن ضد العراق من اجل ارغامه على الانسحاب من الكويت التي كان احتلها صدام حسين في العام 1990 او ايضا من التحالف الذي قادته الولايات المتحدة من اجل احتلال العراق في العام 2003. فكل من هذين التحالفين كانت لهما نقاط قوة وضعف ولو انهما نجحا في الاهداف المعلنة لهما. والتحدي الذى يواجهه التحالف الحالي المبني على واقع مواجهة الارهاب ولمدة طويلة يواجه تعقيدات بأبعاد سياسية تترتب عليها نتائج مصيرية في المنطقة لذلك هو يتم على جبهات عدة: احداها يتمثل في شكوك ومخاوف يبديها افرقاء التحالف في المنطقة ممن يقدمون تغطية سياسية للولايات المتحدة من اجل قيامها بالغارات ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا من ان تساهم هذه الغارات في الوصول الى نتائج غير مرجوة وغير مقصودة كأن يستفيد النظام السوري وايران من الحرب ضد داعش في غارات يشنها النظام ويرتكب مجازر فيها. وقد اكتفت الولايات المتحدة بالتنديد بهذه الغارات وكأن ما يجري من جانب النظام يحصل في بلد اخر غير سوريا التي تستهدف فيها الغارات الاميركية مناطق محددة. وفي الوقت نفسه بدت آلية دعم المعارضة المعتدلة التي تلقت ضربات قاسية بطيئة وطويلة مما افسح في المجال امام تحذيرات علنية قدمتها كل من تركيا وقطر على هذا الصعيد. وهما تدفعان الادارة الاميركية في اتجاه خطوات ضامنة لعدم توظيف غارات التحالف ونتائجها في غير ما تهدفان اليه خصوصا ان تساؤلات تثار حول حماية كوباني والاكراد فيها وعدم حماية ثوار سوريا من الطائفة السنية في مناطق أخرى. في حين ان الدول الاقليمية الاخرى المشاركة ليست بعيدة من الخلاصات نفسها علما ان الدول الغربية الحليفة لواشنطن وغير المشاركة في التحالف ضد داعش في سوريا حذرت مبكرا من هذا المنحى. وتضغط هذه الدول في اتجاه موقف اميركي اكثر وضوحا والتزاما من الازمة السورية من دون نجاح كبير حتى الان ما دامت الادارة الاميركية لا تضع ازاحة بشار الاسد اولوية في سلم اولوياتها او على الاقل قبل تدمير داعش كما ان سوريا نفسها ليست اولوية قبل العراق من جهة وقبل مواجهة الارهاب من جهة اخرى مما يبقي اجندات الحلفاء في التحالف مختلفة وتعبر عن نفسها في المواقف المعلنة.

اما الجبهة الاخرى فتتمثل في الجبهة الاميركية الداخلية اذا صح التعبير في ظل تيارات متضاربة بعضها يدفع منذ وقت غير قصير في اتجاه اعادة تعويم بشار الاسد في مواجهة خطر داعش في ظل عدم وجود مساعدة عملية على الارض كما في العراق من اجل دعم العمليات الجوية للتحالف واستغراق اعداد المعارضة المعتدلة وقتا طويلا. وبعضها الاخر يخشى على التحالف من الانهيار في ظل عدم وضوح النيات الاميركية الحقيقية من نظام بشار الاسد وقدرة هذا الاخير على الاستفادة من الغارات التي يشنها التحالف سياسيا من خلال نجاح خطته الاصلية في جعل الحرب على الارهاب تتقدم المطالبة برحيله او بتغيير النظام ومن ثم دفع التحالف الى التعاون معه عملانيا او يقول بفشل الحرب على داعش في حال تم الابقاء على الاسد في السلطة. وكان وزير الدفاع الاميركي تشاك هاغل بالذات انتقد في مذكرة وجهها في 30 من الشهر الماضي الى البيت الابيض الاستراتيجية الاميركية في سوريا مطالبا الادارة بتوضيح نياتها من نظام بشار الاسد معتبرا ان دمشق قد تستغل هجمات التحالف الدولي ضد داعش وان السياسة الاميركية معرضة للفشل بسبب الارتباك الذي يحوط بموقف واشنطن من الاسد.

تضع المصادر المعنية مبادرة الرئيس الاميركي في اختتام مشاركته في قمة العشرين في بريزبن في اوستراليا في 17 تشرين الثاني الجاري في اطار استخدام منبر هذه القمة من اجل توجيه رسائل في الاتجاهات المذكورة فضلا عن حسم اللغط عن اعتزامه التغيير في سياسته ازاء سوريا. فأبدى سببين رئيسيين احدهما “ان الاسد قتل مئات الالاف من مواطنيه بوحشية ونتيجة لذلك فقد شرعيته بالكامل في هذا البلد”. والثاني ان التعاون معه “سيدفع مزيداً من السنة في سوريا في اتجاه دعم الدولة الاسلامية وسيضعف الائتلاف”. كان يكفي بالنسبة الى المصادر المعنية ابراز اوباما السبب الرئيسي الذي يحول دون اي امكان للتعاون او اعادة تعويم الاسد وهو ما اتهم به الاسد لجهة مسؤوليته عن قتل الالاف من مواطنيه اذ ان هذا يعد سببا جوهريا مانعا وحاسما، لولا انه يحتاج الى توجيه رسائل في الوقت نفسه الى حرصه على التحالف والغطاء الذي تؤمنه الدول العربية بحيث لا امكان لاي نجاح للحملة العسكرية ضد داعش من دونه. ولكنه في مقابل استبعاده التعاون مع النظام السوري واستبعاده التوصل الى حل سياسي للحرب الاهلية السورية يشمل بقاء الاسد في السلطة وفق ما قال، استبعد شن عمليات عسكرية ضده. وهي معادلة لا تحدث فارقاً كبيراً وفق ما ترى هذه المصادر.