الإتهامات بتعطيل الإنتخابات الرئاسية تطوِّق «حزب الله» من الخصوم وبعض الحلفاء أيضاً
تذمُّر «عوني» من تراخي الحزب في حسم موقفه النهائي من ترشيح فرنجية للرئاسة
تراخي الحزب بدعم عون أتاح لبعض حلفائه الإنحياز لتأييد فرنجية للرئاسة علناً
مسألة اتهام «حزب الله» بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية منذ ما يقارب السنتين لم تعد محصورة بخصومه التقليديين في تحالف قوى 14 آذار بالرغم من خلافاتهم وتعدّد مواقفهم، وإنما توسّعت هذه المرة لتطال بعض حلفائه وأصبحت موضع ملامة وتذمّر لدى معظمهم حول مغرى وأبعاد هذه الممارسة السلبية المدمِّرة التي تخالف كل شعارات وادّعاءات الحزب بحرصه على الوطن ومستقبله وباتت تطرح العديد من التساؤلات والشكوك لديهم ولم تعد كل المبررات والذرائع التي يتلطّى وراءها الحزب تجد تفهّماً أو قبولاً لمعظمهم.
ولا شك أن تلاقي زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري مع بعض حلفاء الحزب وتحديداً رئيس المجلس النيابي نبيه برّي من جهة ومع النائب وليد جنبلاط من جهة ثانية وعدد من المستقلين في دعم ترشيح زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لمنصب الرئاسة الأولى، وهو من حلفاء الحزب أيضاًَ كبديل عن رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون المرشح الواجهة الذي يتلطّى وراءه «حزب الله» لتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، أحدث ثغرة كبيرة في جدار تحالفات الحزب التقليدية حول مسألة الانتخابات الرئاسية وأظهر تبايناً كبيراً في توجهات هؤلاء الحلفاء ونظرتهم في كيفية التعاطي مع هذه المسألة ووجود رغبة صريحة لديهم في رفض إنتخاب عون رئيساً للجمهورية حتى ولو كان مدعوماً من الحزب، الأمر الذي وضع الحزب في موقع حرج لجهة أي من المرشحين الحليفين يختار أو إمعانه في سلوكية التعطيل التي أصبحت تلازمه ولم يعد يستطيع تبريرها إطلاقاً بالرغم من محاولات التهرّب والقفز فوق الحقائق.
ومع إطالة أمد أزمة الانتخابات الرئاسية واستمرار «حزب الله» في تبنّي ترشيح النائب عون للرئاسة علناً وظاهرياً وعدم قطع الطريق نهائياً أمام ترشيح النائب فرنجية الذي تقدّم الأول بأشواط، أثارت هذه السياسة الملتوية للحزب شكوكاً وتساؤلات لدى شرائح واسعة من مؤيّدي «التيار العوني» وتركزت حول كيفية ترجمة التأييد العلني لعون للرئاسة عملياً وعلى أرض الواقع من دون التحرّك فعلياً لإقناع فرنجية بالإنسحاب لصالح عون أو ممارسة الضغوط الترهيبية التي كان يلجأ إليها الحزب في كل مرّة لتحقيق أهدافه السياسية أو السلطوية وهو ما أحدث نقزة حقيقية بدأت تكبر في أوساط هؤلاء المؤيّدين ومفادها أن هذه الممارسة الملتوية باتت تصبّ ضد ترشيح عون للرئاسة وتخدم في النهاية ترشيح خصمه النائب فرنجية كون كل التوضيحات ومواقف الدعم الإعلامية لم تعد مطمئنة ولا تبشّر بحسم مسألة الترشيح حصرياً برئيس كتلة «الاصلاح والتغيير» دون سواه.
ويجهد هؤلاء المؤيّدون في رفع منسوب تذمّرهم من تصرفات وممارسات «حزب الله» بخصوص تراخي الدعم المرتقب لترشيح النائب عون للرئاسة مقابل ترشيح النائب فرنجية، وبعضهم يعتبر أن الظروف التي يمر بها الحزب إقليمياً وداخلياً دقيقة وصعبة ولا تؤهله لاعتماد سياسة الترهيب وفرض الأمر الواقع بالقوة وهو ما أتاح لبعض حلفائه من الانحياز لتأييد فرنجية للرئاسة علناً فيما البعض الآخر ينحاز لهذا الترشيح من دون المجاهرة علناً بذلك مسايرة وليس عن قناعة، بينما ذهب بعض هؤلاء المؤيّدين لعون إلى أبعد من ذلك معتبرين ان سلوكية الحزب الملتوية في التعاطي مع الانتخابات الرئاسية تؤشر إلى محاولة التملّص من تأييد عون ولو بشكل غير مباشر ولحين يُبدي هو شخصياً عزوفه عن الترشح مع مرور الوقت، اما افساحاً لانتخاب فرنجية للرئاسة أو أي شخصية أخرى يتم التفاهم حولها مع القوى والأطراف المؤثرين بالانتخابات الرئاسية، ولكن في مجمل الأحوال بدأت تترسخ في أذهان هؤلاء المؤيدين العونيين بأن رئاسة الجمهورية تبعد يوماً بعد يوم عن حظوظ النائب عون أكثر من أي يوم مضى بالرغم من كل مواقف الدعم والتأييد الظاهري التي تصدر من وقت لآخر.
إزاء هذا الواقع يجد «حزب الله» نفسه مطوقاً باتهامات تعطيل الانتخابات الرئاسية، من الخصوم وبعض الحلفاء على حدٍ سواء من دون ان يستطيع تبرير هذا التصرف اللامنطقي بالرغم من كل محاولات التهرب والقفز فوق الوقائع، في حين تتزايد تحركات ومشاورات القوى والأطراف المؤيدة لاجراء الانتخابات الرئاسية وهي قوى أصبحت مختلطة ومن حلفاء الحزب وخصومه وليست من جهة واحدة واستطاعت على مر الأسابيع القليلة الماضية تحقيق تقدّم باتجاه المطالبة باجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن مستغلة الرغبة الشعبية العارمة بضرورة اجراء هذه الانتخابات وبالتزامن مع التطورات المتسارعة في المنطقة الهادفة إلى المباشرة بوقف الحرب السورية والتوترات في المنطقة عموماً وهذا عامل مهم سيزيد من حظوظ تحقيق تقدّم جديد وإضافي في مسألة اجراء الانتخابات الرئاسية بلبنان في غضون الأسابيع القليلة المقبلة إذا صحت التوقعات بذلك.