بعد 3 سنوات في معتقل الخيام.. اتّصل بـ«الموساد»
متّهم أمام «العسكريّة»: «داعش» آتية إلى لبنان!
كثيرةٌ هي الجرائم المنسوبة إلى الشاب هارون س.، من إنشاء مجموعة مسلّحة والانتماء إلى «جبهة النصرة» إلى متابعة دورات عسكريّة، بالإضافة إلى مراقبة حواجز للجيش اللبناني بهدف استهدافها.
وبالرغم من أنّ الشاب الثلاثيني أنكر إفادته الأوليّة وإفادته عند قاضي التحقيق العسكري، مشيراً إلى أنّه لا ينتمي إلى أي مجموعة ولم يذهب إلى سوريا، إلا أنّه أكثر من هفواته في ختام استجوابه من قبل رئيس المحكمة العسكريّة العميد الركن خليل ابراهيم. لم تخرج من فم هارون كلمة «داعش»، أكثر من مرة قال له ابراهيم «داعش» وهو يقول «تنظيم الدولة» أو «الدولة الإسلاميّة»، لينتهي به المطاف إلى قوله إنّه «لا يقول داعش مخافةً من أن يجلدوني. وهم آتون إلى هُنا (أي إلى لبنان)»، ليردّ ابراهيم قائلاً: «أهلاً وسهلاً بك وبهم».
وليزيد الطين بلّة، أعرب هارون عن ندمه، فسألة ابراهيم: «على ماذا أنت نادم وأنت تنكر كلّ التهم المنسوبة؟»، ليجيب إنّه نادم «لأنّه كان يرغب بالدخول إلى الجيش»!
وفق إفادته الأوليّة، اعترف هارون س.، المقيم في وادي النحلة (قضاء الضنية ـ المنية)، بأن يكون قد تعرّف على أكثر من شيخ متشدّد في المنطقة كانوا يقومون بإلقاء الخطب والدعوات الدينيّة لبثّ الحماسة عند الشبّان وإرسالهم إلى سوريا. ثم قام هارون مع ابن عمّه بكر س. (موقوف في رومية) بزيارة أحمد الأسير مرتين متتاليتين في عبرا لإقناعه بفكرة إنشاء خليّة أمنيّة تابعة له في الشمال (وفق إفادته الأوليّة). وأعجب الأسير بالفكرة، ووعدهما بأن يزوّدهما بالمال والسلاح والذخيرة، إلا أنّه لم يفعل.
وبعد أن يئسا من الأسير، توجّها إلى أحد السوريين من آل أبو ظهر الذي باع هاتفه الخلوي وأعطى المال لهارون وبكر بغية التوجه إلى سوريا. وفعلاً ذهبا إلى عرسال فجرودها ثم توجّها إلى قارة ومن هناك إلى يبرود، حيث التحقا بـ «كتائب الفاروق الإسلاميّة» بقيادة عبد الرزاق طليس. وفي طريق عودتهما إلى لبنان، خطفهما مسلحون ليتدخّل «أبو طاقية» (مصطفى الحجيري) ويدفع الفدية إلى المسلحين بغية إطلاق سراحهما.
لم تكن هذه الرحلة هي الرحلة الأخيرة إلى سوريا، بل أعاد هارون وبكر الكرّة مرة ثانية، ولكن هذه المرّة توجّها إلى عسال الورد والتحقا بـ «جبهة النصرة» تحت إمرة «أمير المجموعة» الملقّب بـ «أبو محمّد الطرطوسي»، ثم تسلّما سلاحاً وذخائر وعتاداً وخضعا لدورات تدريبية عسكرية وأخرى دينيّة.
وقبل أن يعودا إلى لبنان، طلب منهما الطرطوسي إنشاء مجموعة تابعة لـ «النصرة» في الشمال وكلّفهما أيضاً بمراقبة حواجز الجيش اللبناني بغية مهاجتمها في ما بعد. ولكنّ المجموعة التي كانت تتألف من عدد من قريبي هارون وأبناء المنطقة أبرزهم ربيع ز. والشيخ بكر س.، سرعان ما تضعضعت بفعل عدم إرسال الطرطوسي لما وعد به بسبب الوضع في سوريا، لينضوي بعض أعضاء المجموعة إلى «داعش» وبعضهم إلى جماعة أسامة منصور كـربيع ز. الذين شاركوا في القتال في باب التبانة والاعتداء على الجيش.
وقد استمهل موكّل هارون المحامي مصطفى العكّاري للمرافعة، لترجأ الجلسة إلى 18 أيلول المقبل للمرافعة وإصدار الحكم.
السجن سنة.. مع وقف التنفيذ
وفي «العسكريّة» أيضاً، مثل الموقوف يحيى عبود بتهمة الاتصال بعملاء «الموساد» الإسرائيلي مع علمه بالأمر، تحت قوس المحكمة متشبثاً بالمنصّة الخشبيّة كي لا يقع أرضاً، إذ إنّ الرجل الخمسيني يتناول أكثر من 30 حبّة دواء يومياً، ومنها حبوب أعصاب.
لم يبدأ عبود الحديث منزعجاً من عمليّة توقيفه (منذ حوالي الأربعين يوماً)، وإنّما جلّ ما يزعجه هو توقيفه مع العملاء في سجن رومية، مضيفاً: «اسجنونني أينما أردتم ولكنّ ليس مع العملاء».
كثيرةٌ هي الأسئلة التي ممكن أن توجّه إلى عبود الذي اعتقل لأكثر من ثلاث سنوات في معتقل الخيام (قبل التحرير) بعد اكتشاف «الموساد» أنّه كان يتجسّس عليهم لمصلحة المقاومة فتعرّض لشتّى أنواع التعذيب على يد عملاء العدوّ، بالإضافة إلى موت والدته وهو في المعتقل واغتيال «الموساد» لشقيقه في توغو. خلاصة التقرير الطبيّ عن حالته بسبب ظروف الاعتقال والتعذيب أنّه يعاني من أكثر من 35 كسراً في حنكه وأزمات قلبيّة وضعف في الرؤية والسّمع وتوتّر عصبي وضيق تنفّس وقلق دائم..
وقف عبود أمام المحكمة وهو يكاد أن يبكي ويقول: «أنا تعبان ولم أتعامل مع العدوّ ولم أطلب منه المال، بل كنت أريد الانتقام منهم»، متسائلاً: «هل شكلي شكل عميل؟».
وروى ابن العديسة أنّ أحد الممرضين أبلغه أن الإسرائيليين يتصلون ببعض اللبنانيين وأعطاه رقماً اتصل به من «تلكارت» من دون أن يجيبه أحد. ثمّ عاود الاتصال بالرقم من هاتفه الخاص، فردّ أحدهم وأعطاه رقماً آخرَ، طالباً منه أن يعرّف عن نفسه بـ «الرقم 47».
وبالفعل، قام عبود بذلك فأجابه شخص يدعى «مايك». ومن دون أن يعرف اسم المتّصل، طلب «مايك» من «الرقم 47» معلومات عن رون أراد، ليشتمه الأخير قبل أن يعاود الاتصال أكثر من مرة، حتى أبلغه عنصر «الموساد» أن بإمكانه السفر إلى تركيا لترتيب لقاء، فاعتذر الأخير بسبب وضعه الصحيّ.
وأشار المتّهم إلى أنّه أبلغ «حزب الله» بذلك، قبل أن يعود ويسلّم نفسه لـ «المعلومات».
وقد ترافع وكيل عبود المحامي صليبا الحاج الذي أرفق ملفّه بالوضع الصحي لموكّله، مؤكداً أن النيّة الجرمية غير موجودة.
وأصدرت هيئة المحكمة حكمها على عبود بالسجن سنة واحدة ومنحه وقف التنفيذ عن باقي العقوبة.