Site icon IMLebanon

إنجاز للدولة… وللاعتدال

لا نعتقد ان لبنانياً واحداً في الصميم لا يشعر بامتنان كبير للانجاز الذي حققه الامن العام كجهاز أمني أساسي تناط به مهمات مراقبة الحدود والمعابر، البرية والجوية والبحرية والتقصي في الداخل أيضاً، بتوقيفه الشيخ الفار من وجه العدالة احمد الاسير الذي في ذمته وعلى يديه دم شهداء عسكريين ومدنيين. هو بكل تجرد وموضوعية إنجاز يماثل الانجازات الكبيرة الاخرى التي حققتها القوى العسكرية والامنية والاجهزة، ولا سيما منها مخابرات الجيش وشعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي وأمن الدولة في مكافحة الارهاب واستئصال خلاياه وكذلك كشف شبكات التعامل مع اسرائيل. نعدد الاجهزة هنا بالاسماء لا على سبيل التوازنات السياسية والطائفية والمذهبية المقيتة والسخيفة، وان تكن بصراحة أحد الجوانب الواقعية  لتركيبتنا اللبنانية التي لم توفر الاجهزة والمؤسسات الامنية والعسكرية من الاستقطابات الطائفية والحزبية والسياسية. بل نفعل ذلك لنقول علنا وجهاراً إننا نفخر بالاجهزة حين تثبت انها تعمل فقط بمعايير الدولة ومعايير السهر والمحافظة على أمن المواطن اللبناني، وحين تثبت أيضاً مضيّها في تطوير العمل الامني والاستخباري الاحترافي من ضمن القوانين واشاعة مناخ العدالة المطلقة غير المنحاز الى أي منطق سواه. وهذه الانجازات، التي تتعاقب الاجهزة الامنية على تحقيقها، يجب ان تُدرج في خانة تصليب مناعة الدولة وقواها وأجهزتها كإنجازات لمجموع الشعب اللبناني أولاً وكحافز أساسي لتعميم العدالة، فلا تبقى فئات تتساءل عن ملفات اخرى متروكة ومهملة ومتهمين معروفين يسرحون ويمرحون من دون توقيف، ولن نوغل أبعد في ملفات ضحايا وشهداء جرائم كبرى اخرى يراد لدمائهم ان تذهب هدرا لتصفية الأهداف الوطنية والسيادية التي استشهدوا من أجلها.

نقول بصراحة وبلا تردد إننا لا نأخذ شيئاً بجريرة شيء آخر لأن هذا الانجاز في ذاته يستحق كل الإشادة والتهنئة. أما ما يعنينا أيضاً من باب سياسي ووطني آخر في هذا التطور فهو ان نشد بقوة على يد الرئيس سعد الحريري تحديداً الذي أثبت مرة أخرى انه الداعم الاول والمخلص لمشروع الدولة في لبنان. ونقولها بلا مواربة أيضاً إن الرئيس الحريري، الذي وفر قبل أكثر من سنتين الغطاء السياسي العريض لعملية الجيش في عبرا، التي انهت ظاهرة الاسير المسلحة والمتطرفة، والذي وفر لاحقاً الغطاء المماثل للخطة الامنية والعسكرية في طرابلس، والتي وضعت حداً لمعاناة عاصمة الشمال الفوضى المستشرية، عاود الآن في مسارعته الى تهنئة الامن العام بإنجازه، اثبات صلابة تمسكه بدعم القوى الامنية والعسكرية والاجهزة، بما يعنيه ذلك من تمسك تيار “المستقبل” بالاعتدال مهما تعرض لتجارب وحملات واستفزازات واختبارات. لا نثير هذا الامر محاباة للرئيس الحريري أو على سبيل استفزاز أي فريق يعد نفسه خصماً له، وانما من منطلق وطني صرف، كالذي يدفعنا الى تهنئة أي جهاز أمني بأي انجاز للدولة. ومن هذا المنطلق نقول حرام ان تذهب الانفعالات ببعضنا الى إلصاق تهم وتسميات غريبة عن اصالة اللبنانيين في التخاطب السياسي مهما اشتدت الخلافات السياسية. ليكن هذا منطلقاً، على الاقل، لوقف المهاترات الكلامية. فلن يكون رابح في لبنان متى انهار الاعتدال.