IMLebanon

إنجازات» أمنيّة تفرض التمديد للقادة

لا نقاش في أنّ ما أنتجه حوار عين التينة سُجّل في خانة الإنجازات الأمنية بعد تظهيرها وتخريجها عبر المؤسسات الدستورية والعسكرية. فالتكتم حيالَ ما يتقرّر في كلّ جلسة نجح والنتائج تتحدّث عنه. لذلك لم يستغرب أحدٌ الحديث عن إقرار خطط أمنية إضافية في جلسة الحوار الأخيرة والذي يشكّل مدخلاً لولوج ملف التمديد للقادة الأمنيّين. فكيف يمكن ذلك؟

جرياً على عادتهم، اكتفى المشرفون على الجلسة السابعة للحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» ببيان مختصَر عدَّد الشخصيات التي شاركت في اللقاء، ولمّا وصل الى المضمون قال «إستُكمل النقاش، وسُجِّل تقدم جديّ في الملفات الامنية والسياسية».

بتسع كلمات لا أكثر ولا أقل، اشار البيان الى حصيلة ثلاث ساعات استغرقتها الجلسة في عين التينة، حتى بلغ قول البعض «إنه لم يتوافر لمعدّي البيان الرسمي الحبر الكافي للإشارة الى أنّ موعد الجلسة الثامنة قد حُدّد في 18 آذار الجاري»، فترك الأمر للتسريب الإعلامي.

الآلية التي وُضعت للحوار في ضيافة رئيس مجلس النواب نبيه برّي رسمت مساراً واضحاً وصريحاً لا ينقص الكشف عنه سوى الإعتماد على سياسة الإنتظار لتتحدث الوقائع عن الجلسات تباعاً.

فما كان منتظراً من هذا الحوار في ظلّ الرعاية الإقليمية والدولية التي حظي بها ينفذ تباعاً، وانتهت كلّ الملاحظات التي كانت لدى الطرفين وانتظما تحت عباءة عين التينة ترجمة لتفاهمات إقليمية أوحت بالحوار بوابة لدرء الفتنة السنّية – الشيعية.

كانت المخاوف من احتمال وقوع هذه الفتنة بين لحظة وأخرى موجودة ومشروعة على وقع بحور الدم في سوريا وتورّط «حزب الله» الى جانب الخبراء والمقاتلين الإيرانيين والعراقيين الشيعة في سير المعارك الى جانب فريق سوري يحمل عنوان «النظام» في مواجهة الفريق السوري الآخر بغالبيته السنّية، أياً كانت العناوين الكبرى التي تحدثوا عنها بما فيها نظرية «الحرب الكونية على محور المقاومة».

فلم يكن هناك في لبنان خوف أكبر من أن يتطوّر أيّ حادث يرتكبه أحد الفريقين بحقّ الآخر في أيّ منطقة حساسة يتلاقى فيها مناصرو وجمهور الطرفين السنّي والشيعي، خصوصاً إذا جاء على خلفية الصراع الدموي المذهبي في المنطقة والممتدّ من العراق الى سوريا، لتشتعل مناطق عدة في لبنان وينساق الطرفان بإرادتهما الى حرب تتّخذ من منطق الدفاع عن النفس عنواناً مشروعاً.

على هذه الخلفيات، رسمت استراتيجيات عدة لمسار الحوار ووضعت أجندة ثانية غير معلنة لدى الطرفين لم يكشف عنها أحد. ومن بين الملفات المخفية كان التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي هدفاً كبيراً مضمراً طالما أنّ ملف التمديد قد فتح على مصراعيه في قيادة الجيش ومديرية المخابرات ولم ينسحب على مواقع أخرى، خصوصاً عندما اتصل الأمر بأعضاء المجلس العسكري الى أن فقد نصابه وانتقلت صلاحياته إستثنائياً الى قائد الجيش.

وأمام هذا الواقع تقرأ المراجع المعنية الخطط الأمنية التي تعدّ من إنجازات الحوار من سجن رومية الى طرابلس فالمدن الرئيسة التي رفعت منها الصور واللافتات، ثم الخطط الخاصة بالبقاعين الأوسط والشمالي وصولاً الى ما يُخطط له في الضاحية الجنوبية لتفرض آلية عمل تتحكّم بمسار الحوار في معزل عن مصادر القرار السياسية والعسكرية الأخرى والتي كان عليها تبنّي هذه القرارات وتنفيذها عبر المؤسسات العسكرية والأمنية والسياسية على السواء.

وبناءً على ما تقدّم تقرأ المراجع المعنية الحديث عن سيل الخطط الأمنية وطريقة تطويرها وتوسيعها لتكون الوعاء الصلب الذي يستوعب التمديد لقادة الأجهزة الأمنية المرشحين للإحالة الى التقاعد قريباً، خصوصاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي لينضمّ الى لائحة الممدَّد لهم الى جانب قائد الجيش ومدير المخابرات والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع في افضل الظروف.

وأهمّ ما يمكن التوقف عنده أنّ الجدل ممنوع حولها أياً كانت الأصوات التي يمكن أن ترتفع من الرابية أو من أيّ موقع آخر. فالقرارات المنتظرة غير قابلة للنقاش وهذا ما سنشهد عليه تباعاً والى موعد لا يستطيع أحد تقديره من اليوم إذا ما بقي الشغور قائماً في قصر بعبدا.