IMLebanon

إنجازات في التطوّر وإخفاق في السياسة

 

عقد أمس مؤتمر برعاية وحضور حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة في فندق فينيسيا في بيروت تحت عنوان “ملتقى مكافحة الجريمة الإلكترونية”… كان لافتاً المعلومات الدقيقة التي عرضها حاكم مصرف لبنان حول التطوّر الكبير والخطير في مجال المعلومات، وهذا سوف ينعكس على العمل المصرفي لأنّ هناك مجالاً للسرقات وهذا ناتج عن أنّ كل تطوّر له حسنات وله سيّئات أيضاً إذ لا يمكن لأي عمل مفيد، خصوصاً في بداياته، إلاّ أن ترافقه الحاجة الى مزيد من الوقت لاستيعابه والتعايش معه وهذا أمر طبيعي، وهناك أمثلة عديدة على هذا، فلنأخذ مثلاً اعتماد محوّل السرعة الآلي في السيارات فقد كان في بدايته عملية معقدة أمّا لاحقاً فأصبح سهلاً جداً لأنّ المتخصصين بإصلاحه أصبحوا متوافرين وأكثرية أيضاً… ففي إنطلاق كل عمل هناك توهّم من عدم المعرفة وبعدها يتآلف الانسان مع الجديد.

 

وبالمناسبة لا بد من الإشارة الى أنّ لبنان والشعب اللبناني محظوظان بوجود حاكم مصرف لبنان المركزي الدكتور رياض سلامة الذي يتميز بمعرفة واسعة في الأمور والقضايا والمسائل ذات الصلة بمسؤوليته، إضافة الى كونه صاحب كفاءات عالية، ويكفي أن يكون قد قرع جرس بورصة نيويورك مرّات عديدة، وأيضاً أن يكون قد حصل على جائزة أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم غير مرة، والأهم من هذا وذاك الإستقرار المالي الذي يحظى به لبنان بالرغم من الصعوبات الاقتصادية في بلدنا وفي العالم العربي جراء الحروب الأهلية وغيرها من الاضطرابات والخلافات… وأيضاً التراجع في الاقتصاد العالمي هذا عدا التجاذبات السياسية الحادة المؤسفة، إذ أنّ عملية انتخاب رئيس للجمهورية لا تتم إلاّ بعد فراغ نحو ثلاث سنوات، وعملية تشكيل حكومة بحاجة الى سنة… وبالرغم من هذه الظروف السياسية الصعبة التي لو حصلت في بلد آخر لانهارت العملة فيه… مثلاً، الدولار حطم العملة الروسية التي تراجعت أمامه بشكل كبير جراء العقوبات

 

أما الليرة التركية فقد خسرت أكثر من 50٪ من قيمتها… والكارثة الأكبر في إيران حيث كان الدولار الاميركي يساوي 3 تومان أيام الشاه واليوم كل دولار يساوي 180 ألف تومان… ولولا الحكم الإلهي العقائدي المتخلف الذي يحكم بالحديد والنار لقامت الدنيا ولم تقعد علىالنظام ولكن…

 

في مصر استطاع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وبخطوة جريئة، أن يمسك بيد من حديد الإدارة في الدولة، فأقام إدارة جديدة مرتبطة به مباشرة استطاعت أن تؤمّن إستقراراً إقتصادياً ومالياً… (ولنا عودة حول إنجازات الرئيس السيسي التي سبق أن تحدثنا عنها في غير مقال).

 

وأمّا اللواء عماد عثمان، قائد قوى الأمن الداخلي، فكل يوم نكتشف فيه ميزة جديدة خصوصاً على صعيد التطوّر التكنولوجي… فهذا الرجل هاجسه التطوّر وعنده رغبة في أن ينجح في نقل إدارة قوى الأمن الداخلي الى مراحل متقدمة جداً، وهو يملك مشروعاً لعدة سنوات حول تطوير قوى الامن الداخلي بحيث تواكب العصر.

 

أمّا عن الجريمة واكتشاف الجرائم خلال فترة قصيرة جداً فإنّ ما يطمئن أنّ لبنان أصبح من بين أفضل الدول في العالم في اكتشاف الجرائم، والفضل يعود الى شعبة المعلومات وإمكانية الاستفادة من التطوّر الكبير في عالم “الموبايل” في كشف الجرائم ودقة استعماله والفوائد الكبرى للحصول على معلومات مهمة جداً تساعد في كشف الجرائم بسرعة قياسية.

 

وهذا الدور الذي يقوم به حاكم مصرف لبنان والرؤية التي يتمتع بها اللواء عثمان كنا نتمنى أن تنتقل عدواهما الى السياسيين عندنا الذين لا يزالون يتلهون بالمحاصصة في مقاعد الوزراء وأسماء الوزارات “الخدماتية” أو “السيادية”… وهذه الهرطقة لا تغني ولا تسمن… ويأسف المواطن أن تكون الإدارة السياسية بهذا المستوى ونحن بلد الإشعاع والنور والتطوّر.

 

عوني الكعكي