المعادلة اليوم واضحة، لا يُمكن ان تطلب من المواطن ان يتحمّل الأزمة ويكون شريكاً في الحل، ويدفع ضرائب والمزيد من الضرائب ما لم يعرف ما يحصل فعلياً في مالية الدولة، وكيف تُدار الدولة، وما يتمّ صرفه من المال العام. على الدولة اللبنانية في المرحلة المقبلة ان تكون شفافة الى ابعد حدود. وحيث انّ قانون الحق في الوصول الى المعلومات شابه العديد من العقبات ومن سوء التفسير ورفض التنفيذ، نقترح اليوم ان يُصار الى إقرار قانون جديد يُلزم الحكومة اللبنانية بالانتقال الى الحكومة المفتوحة. وفي تعريف الامم المتحدة للحكومة المفتوحة، بأنّها «الحكومة التي تعرض معلوماتها للمشاركة وتشجّع مشاركة المواطنين في صنع القرار، وتقدّم للجمهور الأدوات التي تسمح بإخضاع الحكومة للمساءلة (World Justice Project, 2016)، وانطلاقاً من ذلك اقترح قانوناً جديداً، «قانون الشفافية والبيانات المفتوحة» يتخطّى الفكرة التقليدية في الوصول الى المعلومات، وأعرف انّه سيُقال إنّ القانون حالم وصعب التحقيق، من احلام المدينة الفاضلة، وانه قد طُبّق في بعض الدول، إلا أنّ تطبيقه صعب وتعترضه العراقيل، ولكن الّا نتباهى باختراع الحرف، ربما آن الاوان لنخترع شيئاً جديداً بعد ان توقف الزمن بنا في فترة إختراع الحرف.
أعرض القانون التالي وأتمنّى مشاركة آرائكم وملاحظاتكم وأفكاركم حوله، لنسعى سوياً نحو حكومة مفتوحة وبيانات مفتوحة.
اقتراح قانون الشفافية والبيانات المفتوحة
في الأسباب الموجبة،
لمّا كان الحل الجذري لآفة الفساد هو الوصول الى شفافيةٍ مطلقة تسمح لكل مواطنٍ لبناني الإطلاع على كافة الأعمال والقرارات المتخذة على الأراضي اللبنانية وكيفية صرف الأموال العامة،
ولمّا كان إخفاء المعلومات يؤدي الى ترسيخ جذور الفساد،
ولمّا كان نشر كافة المعلومات يؤدي الى فضح حالات الفساد ويسهّل الأعمال الرقابية على إختلاف أنواعها، ويتيح المساءلة العلمية،
ولمّا كان العالم كله يتجّه الى عصر الحكومات الالكترونية وبات عصر المعلومات يتسّم بالسرعة عبر الانترنت والبوابات الالكترونية المتقدّمة ومحرّكات البحث والارشيف الرقمي الذكي،
وحيث انّ إتاحة البيانات بشكل مجاني وتوفيرها بالصيغة المفتوحة عبر شبكة الإنترنت يسمحان للمجتمع المدني وقطاع الأعمال والأفراد وأصحاب المصلحة المعنيين بإعادة استخدام هذه البيانات ودمجها لأغراضٍ متعددة، وتوفّر للمجتمع العديد من الفرص للمشاركة في عملية اتخاذ القرارات ورسم السياسات، وتحقيق الكفاءة والشفافية والمساءلة وتعزيز الثقة في الأداء الحكومي والقطاع العام والتوعية بالإجراءات الحكومية، مما يسمح للأفراد بالمتابعة والمساهمة في تنفيذ تلك الجهود، كما يوفّر الفرصة للأفراد والرياديين لإظهار طاقات الإبداع والابتكار لديهم في تطوير خدمات مختلفة، مما يوفّر فرص عمل وموارد مالية جديدة.
وحيث أنّه أصبح واضحاً أثر التكنولوجيا الإيجابي على تقديم الخدمات، وإمكاناتها في تدعيم الحوكمة وتحسين العلاقة بين الحكومة والمجتمع الذي تخدمه. إذ تسمح التكنولوجيا بانفتاح الحكومات، وجعلها قريبة من جميع أفراد المجتمع في المناطق الجغرافية كافة، وذلك بفضل التواصل والتعاون الثنائي الاتجاه.
لهذا السبب، كان للتكنولوجيا دور مركزي في تنفيذ مبادرات الحكومة المفتوحة، وفي بناء المؤسسات العامة القوية والشفافة والخاضعة للمساءلة، التي تخدم المواطنين وتعزز مشاركتهم الفاعلة في إيجاد الحلول المناسبة للتنمية المستدامة.
وحيث انّ المنظمات الدولية التي تقيس مؤشرات الدول في تطبيق اسس الشفافية تشدّد على مفهوم «الإفصاح الاستباقي»، أي إتاحة البيانات والمعلومات الحكومية بمبادرة من الجهة المعنية، بدلاً من إتاحتها، استجابة لطلب محدّد يقدّمه واحد أو أكثر من المهتمين. ويسمح الإفصاح الاستباقي بزيادة الشفافية والمساءلة إلى حد بعيد، إذ يضع نشر هذه المعلومات الحكومة في موضع المراقبة الدائمة من المواطن، الذي سيكون في مقدوره مثلاً تتبّع الإنفاق الحكومي، وتفهّم خلفيات اتخاذ القرارات أو رسم السياسات، وضمان الحصول على الخدمات الملائمة لاحتياجاته. ويسمح الإفصاح الاستباقي أيضاً بزيادة العدالة في إتاحة المعلومات؛ ويؤدي إلى تقليص الزمن والجهد والكلفة؛ ويشجّع على إعادة استخدام المعلومات والاستفادة منها كمورد اقتصادي لتوليد قيم مضافة.
المادة الاولى:
على الإدارة أن تعتمد سياسة البيانات المفتوحة، اي ان تجعل كافة بياناتها الادارية مُتاحة للعموم عبر مواقعها الالكترونية (في المرحلة الاولى) أو على بوابة منفصلة للبيانات المفتوحة (في مرحلة لاحقة).
المادة 2: تعريف الادارة:
يُقصد بالإدارة بمفهوم هذا القانون:
1- رئاسة الجمهورية
2- مجلس النواب
3- رئاسة مجلس الوزراء
4- الدولة وإداراتها العامة.
5- المؤسسات العامة.
6- الهيئات الادارية المستقلة.
7- المحاكم والهيئات والمجالس ذات الطابع القضائي او التحكيمي، العادية والاستثنائية، بما فيها المحاكم العدلية والادارية والمالية دون المحاكم الطائفية.
8- البلديات واتحادات البلديات.
9- المؤسسات والشركات الخاصة المكلفة إدارة مرفق او ملك عام.
10- الشركات المختلطة.
11- المؤسسات ذات المنفعة العامة.
12- الجمعيات على اشكالها وانواعها التي تستفيد من المال العام عبر هبات ودعم ومساهمات.
13- سائر اشخاص القانون العام.
المادة 3: البيانات:
أ- تُعتبر بيانات، بمفهوم هذا القانون، كل المستندات الخطية والمستندات الإلكترونية والتسجيلات الصوتية والمرئية والبصرية والصور وكل المستندات القابلة للقراءة بصورة آلية، مهما كان شكلها او مواصفاتها، التي تحتفظ بها الادارة.
ب – تُعد بيانات ادارية على سبيل المثال لا الحصر:
1- الموازنات والتقارير المالية والاقتصادية
2- محاضر وقرارات مجلس الورزاء
3- جميع العمليات التي بموجبها يتمّ دفع أموال عمومية مهما بلغت قيمتها، على أن تتضمن ما يلي: قيمة عملية الصرف، وكيفية الدفع، والغاية منه، والجهة المستفيدة، والسند القانوني الذي بموجبه جرى الصرف (مثلاً: مناقصة، عقد بالتراضي، تنفيذ حكم قضائي).
4- الرواتب والاجور والتعويضات، الحوافز وبدلات السفر والنقل واللجان والتعويضات الاجتماعية والمدرسية.
5- القرارات الادارية من تعيين وترقية ونقل موظفين، تعيين لجان وقرارات فصل واستحداث دوائر ومكاتب جديدة.
6- التبرعات والمساهمات والمساعدات على اشكالها وانواعها التي تقدّمها الادارة.
7- الملفات والتقارير والدراسات والمحاضر والإحصاءات.
8- الأوامر والتعليمات والتوجيهات والتعاميم والمذكرات والمراسلات والآراء والقرارات الصادرة عن الادارة.
9- العقود التي تجريها الادارة.
10- التقارير السنوية التي تتضمن معلومات حول آلية عمل الادارة والتكاليف والأهداف والقواعد والإنجازات والصعوبات التي اعترضت سير العمل والحسابات المدققة والسياسة العامة المعتمدة والمشاريع الخاصة بالادارة المعنية، التي نُفّذت والتي لم تُنفّذ وأسباب ذلك، وأيّة إقتراحات تسهم في تطوير عمل الإدارة.
11- وثائق المحفوظات الوطنية.
المادة 4: يُستثنى من البيانات المفتوحة ما يأتي:
1- أسرار الدفاع الوطني والأمن القومي والأمن العام.
2- ادارة العلاقات الخارجية للدولة ذات الطابع السري.
3- حياة الأفراد الخاصة وصحتهم العقلية والجسدية.
4- الأسرار التي يحميها القانون كالسر المهني او السر التجاري مثلا.
5- وقائع التحقيقات قبل تلاوتها في جلسة علنية، والمحاكمات السرية، والمحاكمات التي تتعلق بالأحداث وبالاحوال الشخصية .
6- مداولات مجلس الوزراء ومقرراته التي يعطيها الطابع السري.
7- الآراء الصادرة عن مجلس شورى الدولة إلّا من قبل اصحاب العلاقة في إطار مراجعة قضائية.
المادة 5: تناط بإدارة التفتيش المركزي مساءلة ومحاسبة اي ادارة لا تلتزم احكام هذا القانون، أو تتجاهل تنفيذه بعد صدوره.