IMLebanon

فريق عمل «البيك»: كلّ زغرتا!

الأسئلة المرتبطة بهوية فريق عمل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية عادت تُطرح مع ترشيحه إلى رئاسة الجمهورية من قبل تيار المستقبل. ملاحظات عدّة سُجلت حول الأداء الاعلامي لهذا الفريق في بعض الأحيان والخيارات التصعيدية في السياسة. الأسماء عديدة داخل «المردة» حيث لكل منها مهمّة. نفض «الوزير» يديه من متابعة يوميات الحزب والأمور التفصيلية، متفرغاً لـ»العلاقات الاستراتيجية»… وهواياته

نصب الجيش السوري، أيام وجوده في لبنان، حاجزاً عسكرياً على مقربة من منزل النائب سليمان فرنجية في زغرتا. كان يكفي أن يمرّ الزغرتاويون الـ«مرديّون» على الحاجز، «يضربون» التحية لعناصره، مُعرفين عن أنفسهم بـ «موكب الوزير»، فيُسمح لهم بالمرور. طالت «المسرحية» و«الموكب» آخذ في التضخم. إلى أن صودف مرور فرنجية شخصياً، من دون مواكبة. استوقفه العناصر، مشككين: «إنتَ كمان سليمان فرنجية؟». كان الجنود قد ضاقوا ذرعاً بهذا «الموكب الكبير»، فلم يتعرفوا على «أخ» باسل الأسد، وصديق الرئيس بشار الأسد لاحقاً.

في زغرتا يوحي أنصار النائب سليمان فرنجية أنهم من فريق عمله. الجميع مُقرّب من «البيك»: يحرسون قصره. يستشرسون في الدفاع عن مواقفه وخياراته. يمرون بموكبه. لم تتبدل الأمور منذ نهاية الوصاية السورية على لبنان. ما زال الزغرتاويون يُسرعون بعد تبادل التحية إلى سحب بطاقة تعريفهم: «مرافق البيك»، «موظف في مكتبه»، «أنتمي إلى الحلقة الضيقة». هؤلاء لا يزعجون «البيك»… ربما. على الأقلّ بامكانه أن يستريح داخل «عرزاله» الكبير، مطمئن البال أن في الخارج رجالا لن يسمحوا بأخذه على غفلة. وحتى لو ادعوا قربه، في نهاية اليوم القرار السياسي يُتخذ بالتشاور مع أعضاء الحلقة الضيقة التي لا يتعدى عدد أعضائها أصابع اليد الواحدة. في زغرتا يعرفونهم جيداً: «أصحاب الوزير (فرنجية) من إيام أهلن. كبروا معو وضلوا معو». لا يملكون حسابات على مواقع التواصل الإجتماعي، وإن وجدت فهي غير مُفعّلة. صورهم مع زعيمهم لا تملأ الحيطان الإفتراضية. قريبون منه لدرجة تنتفي معها الحاجة لتظهير ذلك. على العكس من «رفاقٍ» آخرين، هم جزء من فريق العمل ولكن الدائرة الأوسع. بعض أعضاء هذه المجموعة غلّبوا آمال انتخاب فرنجية رئيساً بعد ترشيحه من قبل الرئيس السابق سعد الحريري على واقع الحياة السياسية. بدلوا أسلوب عملهم ليتناسب مع لقب «مستشار في القصر الجمهوري»، مفصلين بذلاتهم البيضاء إستعداداً للصورة التذكارية على مدخل بعبدا. تقمصوا الجانب السلبي من شخصية «البكاوات» في التعاطي مع الناس: الاستخفاف وتخوين كلّ من انتقد مواقف «المردة» التي تلت الترشيح.

كسر فرنجية احتكار العائلات الكبرى في زغرتا في تولّي المراكز القيادية

ينقسم فريق العمل إلى قسمين: المسؤولون في المناطق وأعضاء المكتب السياسي في المردة. تتوزع الملفات السياسية والإعلامية على القسم الثاني من فريق العمل. معظم هؤلاء كان عضواً في اللجنة الإدارية التي شُكلت منذ عامين تقريباً من أجل تقييم وضع «المردة» وإعادة تفعيل العمل الحزبي في المناطق. نائب «التيار» الوزير والنائب السابق فايز غصن هو أحد المسؤولين عن ملفّ العلاقات السياسية. يبرز إسم المحامي يوسف فنينانوس كأحد المسؤولين عن العلاقة مع حزب الله والأجهزة الأمنية والقضائية، وبعض أركان النظام السوري. المرشح المفترض إلى النيابة في قضاء البترون وضاح الشاعر هو أحد أعضاء لجنة الحوار ــ غير الدائم ــ مع القوات اللبنانية. عضو المكتب السياسي شادي سعد كان ممثل «المردة» في اجتماعات ممثلي الأحزاب التي بحثت ملفّ الحوض الرابع في مرفأ بيروت. غالباً ما يُمثل فرنجية في نشاطات الرابطة المارونية، بحلّتها القديمة. في المقابل، مهمة شادي الدحدح مُحددة: مسؤول مكتب الطلاب، الذي يُحاول إعادة بثّ الروح في عروقه. إعلامياً، تبرز عضو المكتب السياسي فيرا يمين. على الرغم من انشغالاتها الدائمة التي تمنعها معظم الأحيان من التقاط هاتفها، إطلالاتها الإعلامية كثيفة. تنتقي مفرداتها جيدا، فتظهر من جهة «حامية» إرث الرئيس سليمان فرنجية والنهج العروبي. ومن جهة أخرى حادة لدرجة فضّ «الوئام» مع كثير من الحلفاء والخصوم السياسيين. زميلها الآخر، الوالج الجديد إلى عالم «تويتر»، هو المسؤول الإعلامي المحامي سليمان فرنجية. يأخذ على عاتقه، أخيراً، انتقاد الثنائية القواتية ــ العونية بتغريدة من 140 حرفاً. أما بالنسبة للدور الذي يؤديه روبير سليمان فرنجية (عم النائب فرنجية)، فهو معنوي أكثر منه قياديا في «المردة».

يبقى ثلاثة أعضاء في فريق العمل: طوني سليمان فرنجية، روني عريجي ويوسف سعادة. هم «عقل» سليمان فرنجية. دور طوني «قيادي. هو المسؤول التنظيمي في المردة». نقطة قوته التي سهّلت انطلاقته هي كونه ابن فرنجية، رغم أنه يحاول دائما خلق هامش له بعيداً عن «جلباب أبيه». التحدي الذي يواجهه ليس سهلاً، «استلم أمانة وهو أمام اختبار أن يُحافظ عليها». أما المسؤولية الادارية ــ السياسية فيتقاسمها الوزيران عريجي وسعادة.

علاقة القربى بين والدتَي فرنجية وعريجي والصداقة بين والديهما، كانت السبب المباشر لرفقتهما، قبل أن تجمعهما مقاعد المدرسة. أواصر اللحمة اشتدّت على مرّ السنوات وأضيفت إلى العلاقة الشخصية، قناعة عريجي بالخط الذي يُمثله صديقه. مسؤولياته في المردة تدرجت من مسؤول الأمور القضائية إلى مسؤول الماكينة الإنتخابية، ثم مسؤول العلاقات الخارجية. تدرب مع فرنجية في الوزارات التي تسلّمها، قبل أن ينضم هو إلى نادي الوزراء الزغرتاويين. أما نفسه، فعلّمها الهدوء وعدم الانفعال. لا يمنع أنه ما زال ينزعج من الكلام السلبي الذي يُقال بحقه. قبل وزارة الثقافة، لم يكن عريجي من الوجوه المألوفة إعلامياً. ما زال يُفضل العيش في الظلّ، فهو خارج «المردة» لا يملك طموحاً سياسياً. يكتفي بمسؤوليته الوزارية ــــ السياسية حالياً، وهو واثق جداً من علاقته بفرنجية. الوزير سعادة ــ كما يُنادونه في زغرتا ــ يتشارك مع عريجي المنطق نفسه. يتشابهان في جوانب عديدة من شخصيتيهما، إلا الاستيقاظ باكرا. نشاط سعادة يبدأ بعد الـ10.30 صباحاً. دوره ينقسم بين متابعة العلاقات السياسية (يتواصل مع الأحزاب ويُشارك في جلسات الحوار الوطني) وتنسيق الملفات الميدانية. طباعه هادئة كلّ الوقت. في عام 1989، تفرغ سعادة للعمل الحزبي فكان أحد العاملين الأساسيين على تحويل «التيار» إلى مؤسسة حزبية. لم يطل الأمر، حتى أصبح مرجعاً أساسياً في «المردة». يقول ما يُفكر به فرنجية دون العودة إليه ويرافق طوني في مرحلة بنيانه السياسي. لا يُحبذ المنحى الشعبوي الذي يجنح إليه زملاؤه في إطلالاتهم الإعلامية، فيُفرمل إندفاعهم. الثقة التي يخصه بها فرنجية وخبرته السياسية ــ الحزبية تسمحان له بذلك.

فرنجية ابن العائلة الإقطاعية في زغرتا. حفيد الرئيس الخامس لرئاسة الجمهورية. اختار لنفسه نمط عمل يختلف عن أسلافه. كسر احتكار العائلات الخمس (الدويهي، معوض، فرنجية، كرم ومكاري) في تولّي المراكز القيادية. وزع المهمات على رجاله، محاولين نقل «التيار» من حالته العائلية إلى كيان حزبي، وإن كانوا ما زالوا بعيدين عن ذلك. بات بإمكانه التفرغ للعلاقات «الاستراتيجية»، ولممارسة هواياته: الصيد والتقاط الصور وقيادة الطائرات…