يذهب عديدون الى التأكيد ان الحكومة، بكامل مكوناتها السياسية، أمام امتحان بالغ الأهمية اليوم موعد انعقاد الجلسة بعد انقطاع طال أمده..
الجلسة ستعقد وقد حسم الأمر، بكامل أعضاء الحكومة او بغياب عدد منهم.. والأجواء التي سادت الأيام القليلة الماضية، والمساعي التي نشطت على خط تفعيل عمل الحكومة، كانت ايجابية بصورة عامة، وإن لم يلغِ ذلك حذر البعض مما يمكن ان تحمله الساعات الأربع والعشرون السابقة لموعد انعقاد الجلسة، من تطورات، لاسيما وان تكتل «التغيير والاصلاح» لم يعطِ ضمانات كافية. وهو لم يحصل على الضمانات التي يطلبها، إن لجهة «الآلية»، واكتمال النصاب، وملء الفراغ في العديد من الأجهزة العسكرية والأمنية وهو يصر على لسان رئيسه (الجنرال السابق) النائب ميشال عون على ذلك، مع تعهد بأن يكون ملء الفراغات (المسيحية تحديداً) من حصته حصراً، او على الأقل اثنان من ثلاثة؟؟
طوال الاسبوعين الماضيين، اشتغل الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام على خط تفعيل الحكومة، وكانت مادة أساسية في جلسة «الحوار الوطني» في عين التينة الاثنين الماضي، كما جلسة الحوار المسائية بين «المستقبل» و«حزب الله».. من دون ان يعني هذا قفزاً من فوق الاستحقاق الرئاسي، حيث لم يعد خافيا على أحد موجة القلق التي بدأت تطل على ألسنة كثيرين، خشية ان يكون تفعيل الحكومة بديلاً عن ملء الشغور في سدة الرئاسة الأولى وقد اعتاد الجميع على هذا الفراغ الذي دخل يومه التسعين بعد الخمسماية.. او على الاقل «تكيفا» مع غياب رئيس الجمهورية؟!
لم يكن بيد الرئيس بري ولا بيد الرئيس سلام، ولا بيد أي أحد ان يقدم أي ضمانات بأن تفعيل الحكومة سيكون «مرحلياً» و«موقتاً» وضمن سقف زمني محدد.. خصوصاً وأنه، وباعتراف الجميع، ومن خلال التسريبات اليومية، والمواقف المعلنة لمسؤولين في الحكومة، ان «اجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان أمر موقوف، ليس على موازين القوى المحلية.. بل هو «قرار اقليمي – دولي غير متوفر الآن..» على ما درج وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على اعلانه في الأيام الأخيرة وهو يجول على المرجعيات والفاعليات السياسية وغير السياسية.. وحل المشكلة هي في القرار وليس في الحوار» بين الافرقاء اللبنانيين..
الواضح، أنه وأمام هذه التعقيدات الدولية – الاقليمية – الداخلية، لم يكن أمام المعنيين من خيار سوى العمل، بأقصى جهد ممكن، من أجل تفعيل عمل الحكومة.. وان الأجواء في جلسة مجلس الوزراء اليوم الخميس ستكون «ايجابية» والافرقاء جميعاً يميلون الى المشاركة، حيث الحديث عن مخارج لتذليل شروط «التغيير والاصلاح» بالآلية وتمسكه بالتعيينات العسكرية للمشاركة «قد يكون في حصر التعيينات بالمجلس العسكري وعضويه الكاثوليكي والارثوذكسي تحديداً، فبالاتفاق على ملئهما، يعاود «التكتل» مشاركته في الجلسات..»؟! وقد كان لافتاً يوم أمس اعلان الرئيس بري في «لقاء الاربعاء النيابي» تأكيده «وجوب ادراج التعيينات الأمنية على جدول أعمال مجلس الوزراء وابقائها بنداً أول الى حين الاتفاق عليها..» من دون ان يلغي ذلك شيئاً من الحذر في ربع الساعة الأخيرة، خصوصاً و ان التطورات على خط الاستحقاق الرئاسي، وما يحكى ويشاع عن دعم رئيس «القوات» سمير جعجع لترشيح الجنرال عون للرئاسة، بات وكأنه «حقيقة» وواقعاً لا يحتاج الى المزيد من البراهين.. والادلة والمواقف.. وقد نقل البعض عن جعجع تأكيده ان هذا الخيار ليس مناورة.. وهو خيار ثابت ونابع من قناعة.. وهناك أسباب عديدة دفعته الى ذلك..
بعض الذين هم على خط التواصل بين «الرابية» و«معراب» يؤكدون ان المسألة خرجت من دائرة الاحتمالات المرجحة.. وان خيار رئيس «القوات» ترشيح عون جاء نتيجة لجملة تطورات من بينها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- مبادرة الرئيس سعد الحريري ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، أحد أبرز مكونات 8 آذار، وأحد أبرز حلفاء الرئيس الاسد، والقفز من فوق «القوات اللبنانية» التي علمت بالخبر من الاعلام، ولم يصر الى الاتصال بها لوضعها في الصورة، خصوصاً وان جعجع هو المرشح للرئاسة من فريق 14 آذار..
2- شعور رئيس «القوات» بالمهانة والتهميش..
3- رغبة حقيقية لدى «القوات» في «شد العصب المسيحي» وسط تطورات اقليمية بالغة الخطورة، لم تعد أي ساحة بعيدة عن تداعياتها الخطيرة..
لم تقفل «معراب» الأبواب.. ولقاء وزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس «القوات» سمير جعجع، جاء في اطار الرغبة في ايضاح الصورة، «وان انتخاب رئيس للبنان هو قرار اقليمي ودولي غير متوافر، والفرصة غير سانحة في الوقت الراهن..» ولبنان، والمنطقة يمران في «مرحلة عواصف سياسية تحتاج الى مداراة.. ونحن لسنا في حاجة الى مزيد من المواجهات..» خصوصاً وان ما تردد في الأيام القليلة الماضية عن لقاء جديد بين الرئيس سعد الحريري والنائب فرنجية في باريس، لم يصر الى تأكيده او الى نفيه، وأوساط «المستقبل» تحاذر التطرق الى هذه المسألة وتمتنع عن الاجابة عما اذا كان التردد في اعلان ترشيح فرنجية رسمياً بداية لاعادة النظر في هذا الخيار والتفتيش عن خيارات أخرى، أم أنه استمرار للتشاور بين الرجلين بانتظار لتطورات اقليمية ما؟! قد تطول أكثر مما هو متوقع، لاسيما وان «الارهاب» هزّ أول من أمس الاستقرار التركي، من قلب مدينة اسطنبول بتفجير هو الثالث بعد تفجيري العاصمة انقرة الانتحاريين في تشرين أول الماضي؟!..