IMLebanon

تفعيل الحكومة استثناء من قاعدة التعطيل! سلام يخشى أن ينحر تأخير الرئاسة النظام

لا تخفي أوساط قريبة من رئيس الحكومة تمام سلام ارتياحه الى إعادة تفعيل عمل الحكومة بما يسمح بتمرير شؤون الناس في مجلس الوزراء بعد أشهر من التعطيل القسري الذي مارسه أفرقاء على عمل الحكومة لحصولهم على تعيينات تناسبهم في المجلس العسكري، إلا أن هذا التفعيل لا يدفع رئيس الحكومة الى النوم على حرير أن الحكومة ستسلك طريقها الى العمل الفاعل والمثمر والمجدي، خصوصا أن مجلس الوزراء حين كان يجتمع لم تكن جلساته تخلو من مماحكات عطلت اتخاذ القرارات أيضا، بحيث بدا التخصص بالتعطيل هو نقطة انطلاق عمل بعض الافرقاء. لذا، فإن التحفظ يبقى سيد الموقف على رغم الترحيب المبدئي من دون حماسة كبيرة أو غامرة اذا صح التعبير، خصوصا ان سلام اصلا لم يخف عدم ارتياحه مع هذه الحكومة، على رغم إقراره بعدم قدرته على الاستقالة في هذه الظروف نتيجة اعتبارات متعددة. لكن انطلاق تفعيل الحكومة لا يشكل في الواقع ضمانا فعليا وأكيدا لتفعيلها، خصوصا ان الحكومة مقبلة على تعيينات في مجلس قوى الامن الداخلي وتعيين مدير جديد للمخابرات في الجيش بعد شهرين. فالتعطيل يبدو من جهة السيف المصلت فوق رأس الحكومة ما دام الفريق الذي عطل استطاع ان يأخذ ما يريده تحت وطأة استمرار التعطيل، وما دام نجح في نيل ما يطلبه نتيجة لذلك. ويمكن ان يتم اللجوء الى هذا السلاح في كل وقت، فيما يبدو تفعيل الحكومة راهنا بدلا من ضائع في ظل عدم إمكان حصول انتخابات رئاسية في المدى القريب. ويعتقد أن ما جرى اخيرا من تحريك للملف الرئاسي، ساهم في وقف تعطيل الحكومة راهنا. وما يحرص عليه سلام، وفق الاوساط نفسها، هو ما يكرره في كل مناسبة، ومؤداه أن استمرار الشغور في موقع الرئاسة الاولى بات مكلفا جدا على البلد، وكلما مر يوم اضافي على هذا الواقع زادت الكلفة.

في أي حال، فإن “المواجهة” بين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجيه، أوحت في الشكل ان الملف الرئاسي تقدم، في حين انه شهد المزيد من الضعف والتراجع استنادا الى التفتت الذي أصاب الاصطفافات التي كانت قائمة. فعلى رغم تذرع البعض بأن البلد مستمر من دون رئيس بلا تداعيات كبيرة منذ ما يزيد على سنة ونصف سنة، يشكل عدم الانتخاب نحراً للنظام الذي كان يمكن ان يعود ويقف على رجليه من أجل انتظام عمل مؤسسات البلد، فيما الامور لا تبدو مهيأة لحصول انتخابات قريبا. والواقع أن دعم الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب فرنجيه، ثم ترشيح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الجنرال ميشال عون، حركا المياه الراكدة في ملف الرئاسة، وأظهرا اقترابا لفرنجيه من قوى 14 آذار في مقابل اقتراب لجعجع من 8 آذار، لكن هذه الحركة لا يبدو أنها تتعدى ذلك، ولا أفق لها في ما خص الدفع لحصول انتخابات رئاسية قريبا، على رغم ما خلفته من انطباع عن حركة موفقة من جانب جعجع في تأمين التغطية المسيحية لعون بغية وصوله الى سدة الرئاسة الاولى، باعتبار أنها تركت أفرقاء كثرا خارجها لا يسيرون بركبها، وهم ليسوا قلة، حتى من ضمن الوسط المسيحي نفسه، أي بوجود حزب الكتائب و”تيار المردة” والمستقلين خارجها. ويخشى تاليا أن يكون كل السيناريو الاخير الذي حصل أعاد الامور في موضوع الرئاسة الى المربع الاول، على عكس ما توحيه بعض الاندفاعات الحاسمة، وتاليا فإن الرئاسة الى براد التأجيل مجددا.

وثمة من لا يعول كثيرا على لقاء الرئيس الايراني حسن روحاني الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، على رغم أن الفرنسيين مهتمون بالملف الرئاسي اللبناني، باعتبار أن الرئيس الايراني عقد اتفاقات بملايين الدولارات مع الفرنسيين على نحو قد يحرج هؤلاء إذا أرادوا أن يطلبوا أي شيء بالنسبة الى أي ملف آخر، وهو بادر الى الاعلان عن عدم الاستعجال في حل المسألة السورية. ثم إن هناك التعثر الذي اصاب مبادرة الحريري على رغم انطلاقها بزخم إقليمي في الاساس، أي سعودي- ايراني، وهي لم تكن لتنطلق من دونه على رغم كل الكلام المغاير، استنادا الى كلام لمساعد وزير الخارجية الايراني حسين عبد الامير اللهيان في بيروت عن التقاء سعودي – ايراني على هامش لقائي وزيري خارجية البلدين في الموضوع السوري في جنيف، من أجل دعم لبنان وابعاده عن تأجج الخلافات، الامر الذي فهم منه عدم ممانعة في الدفع نحو ما تم تزخيمه في لقاء الحريري- فرنجيه. يضاف الى هذين العاملين عامل ثالث بات معروفا، لكنه يعود فيبرز مجددا لدى إعادة الموضوع الرئاسي الى الواجهة مرة بعد مرة، وهو أن ايران ترغب في انتظار ما ستؤول اليه الاوضاع في المنطقة. ويبدو الخارج عموما مطمئنا الى وضع أمني معقول ومتماسك والى وضع مالي تم ضبطه تحت سقف القوانين والقرارات التي أقرت في مجلس النواب، علما أن دولا عدة تعاني أوضاعا اقتصادية صعبة تشهد غالبا مدا وجزرا. وهذه العوامل كلها لا تدفع الى الاستعجال في الملف الرئاسي، بل على العكس، خصوصا اذا كان هناك اعتقاد انه من الافضل ان يكون البلد من دون رئيس للجمهورية لا يخضع للمساءلة أو المحاسبة.