IMLebanon

شراكة إسلامية مسيحية لإطلاق مركز «فرصة» لعلاج الإدمان

 

دبوسي يُطلق انتفاضة اقتصادية بوجه طبقة سياسية متوحشة ويرفض عزل الفيحاء

 

لبنان في سباق بين الدمار والإعمار، هذه المعادلة أطلقها رئيس غرفة التجارة الصناعة والزراعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي في مؤتمره الصحافي الذي عقده نهاية العام، ليطلق من خلاله مواقف عالية السقف تجاه الطبقة السياسية، في موقف غير معهود منه، وهو المعروف بهدوئه ودبلوماسيته الطاغية، لكنّ تفاقم الكارثة التي أصابت البلد وأوصلته دولته إلى الفشل الذريع، يشفع للخروج عن الهدوء والنطق بلسان المسؤول المدرك لخطورة الموقف والعارف بأوضاع الناس المأساوية، فكانت انتفاضة دبوسي وتحذيره من تداعيات الانفصام الذي يمارسه «المسؤولون» ودفاعه الثابت عن طرابلس ورفض استضعافها وتأكيد أنّها الركن الشديد في إنقاذ لبنان.

 

وبينما استعمل توفيق دبوسي «المدفعية الثقيلة» في وجه من يضع الفيحاء في دائرة الاستهداف، كانت المدينة تشهد مبادرات نوعية متقدمة، لوضع الحلول لمشكلات تخلّت الدولة عن مسؤولياتها فيها، ليثبت المجتمع الطرابلسي أنّه غنيّ بالطاقات وقادر على النجاح ومصرٌّ على الصمود: المبادرة الأولى تمثلت في توقيع اتفاقية تعاون بين جمعية «المنهج» و«تجمع أم النور» لإطلاق مركز «فرصة» لعلاج المدمنين على المخدِّرات، في خطوة نوعية غير مسبوقة على مستوى الشمال، والمبادرة الثانية إطلاق مبادرة « تريبولاين» لتأمين خدمة النقل المشترك في طرابلس ومحيطها، في مؤشر يعطي صورة واضحة عن رفع أبناء المدينة لمستوى الاستجابة للأزمات الزاحفة عليهم.

 

انتفاضة دبوسي: طرابلس ترفض العزل وتصرّ على الإنماء

 

تحت عنوان «سباق بين التفجير والإنقاذ»، عقد دبوسي مؤتمره الصحافي السنوي وركز فيه على نقاط عدة، أهمها:

 

أنّ لبنان هو محط انظار العرب والمجتمع الدولي، و»نريد أن نبني علاقات على الندية سواء أكان مع أشقائنا العرب أو مع اصدقائنا على نطاق المجتمع الدولي تظللها الإستثمارات التي تحسّن الظروف الإقتصادية والبيئية وتوفر فرص العمل المنشودة».

 

أكّد أنّ محور لبنان وركيزته الأساسية طرابلس الكبرى، وأن قيامة لبنان لن تكون الا منها، وأنّ الدمار اذا وقع لا سمح الله لن يكون أيضا إلاّ منها، لذلك نحن متمسكون بلبنان الوطن ومتمسكون بإنمائه وإزدهاره بشراكة متوازنة مع جميع مكوناته، موضحاً أنّ المطلوب ليس المساعدات ولا حتى القروض، بل المطلوب بناء إقتصاد  وطني يتمثل بمنظومة إقتصادية متكاملة بما تتضمنه من تطوير وتحديث لمرافق ومؤسسات عامة تلبي إحتياجات المستثمرين اللبنانيين والعرب والدوليين، ونحن منفتحون على المستويات اللبنانية والعربية والدولية ولا تراودنا أية فكرة نحو الإنعزال والإنغلاق، خصوصا أنّ المنظومة الإقتصادية المتكاملة تفضي الى عملية ردم لمساحة 21 مليون متر مربع، وتتضمن مطاراً دوليا ذكياً شبيهاً بمطار سنغافورة، ومرفأ يلبي احتياجات حركة الملاحة الدولية، وكذلك منصة للنفط والغاز وتتوفر من خلالها فرص عمل متعددة الوظائف، مبدياً الأسف لغياب الإدارة اللبنانية عن كل ذلك، لأنّ غياب الحس بالمسؤولية هو السائد.

 

شنّ دبوسي هجوماً عنيفاً على الطبقة السياسية متهماً إياها بالفشل في بناء الدولة والمؤسسات وبتدمير الحاضر والمستقبل، بجشع وعنف وتطرّف وارتهان، معلناً أنّ المسؤولين بحاجة إلى معالجة أنفسهم، لأنّ أنانياتهم تأخذهم إلى الدمار.

 

أعطى دبوسي التفاتة خاصة للجيش اللبناني «عماد الوطن»، مشيداً بدوره في الأزمات وفي حفظ الأمن والاستقرار في المرحلة الحالية وتأمين الوصول إلى تجاوز الأزمة والحفاظ على الكيان، مشيراً إلى أهمية الجيش في حياة الأوطان، وإلى النماذج التي أسهم فيها بالازدهار، وخاصة تجربة مصر في السنوات الأخيرة وما حقّقته من إنجازات تنموية مشهودة.

 

مبادراتٌ للصمود

 

تشهد طرابلس التحضير لإطلاق مشروعين يحملان أهمية خاصة، لأنهما من حيث المبدأ يعطيان إشارة الانطلاق لدى المجتمع الطرابلسي للتصدي لغياب الدولة ولإثبات حيوية هذا المجتمع، الرافض للانغلاق والمصرّ على مواصلة العمل لتوفير مستلزمات الصمود الاجتماعي.

 

مشروع «فرصة» لعلاج المدمنين على المخدرات: تجسيد للشراكة الوطنية

 

يقوم هذا المشروع على التعاون بين جمعية «المنهج» في طرابلس، برئاسة محمود الأحمد، وتجمع «أم النور» برئاسة المطران بولس نجيم، ويهدف إلى توفير العلاج لمن ابتلي بآفة المخدرات وما يوازيها، وتأتي أهمية هذا المشروع من جوانب عدة أهمها:

 

أنّ مشروع «فرصة» هو نتاج تعاون وطني بين جمعيتين، إحداهما إسلامية «المنهج» والثانية مسيحية الطابع، وإن كانت خدماتهما متاحة لجميع المواطنين، لكنّ لهذا التعاون رمزيته الإيجابية، في طرابلس التي تتعرّض لحملات التشويه والإقصاء، ليس فقط من حيث الشكل، بل إنّه تحوّل إلى تعاون نموذجي في ملف هو من أخطر الملفات التي تهدّد الأمن الاجتماعي في طرابلس وعموم لبنان.

 

أنّ هذا المشروع هو الأول من نوعه في الشمال، ويأتي استجابة لحاجة المجتمع الشمالي لواحة علاج لمئات الشباب الذين سقطوا في فخّ الإدمان، خاصة أنّ طرابلس تتعرّض لحرب مخدرات، حيث يجري إغراق أحيائها الشعبية بها، بشكل مجاني، وهذا يكشف أنّ الهدف من هذه الحرب ليس التجارة، بل المطلوب تدمير شباب طرابلس وإغراقه بالآفات الاجتماعية التي تبدأ بالمخدِّرات ولا تنتهي بكلّ أشكال الإجرام من سلب وقتل.. خاصة أنّ الموردين مكشوفون وأعلنوا عن أسمائهم وإقاماتهم في الضاحية الجنوبية.

 

ينتظر الطرابلسيون والشماليون انطلاق مشروع فرصة في مركز نموذجي في أبي سمراء باحتفال يوم السبت 15 كانون الثاني 2022 في معرض رشيد كرامي الدولي ليبدأ فصل جديد من فصول الصمود والتكامل مع الجيش والقوى الأمنية في سبيل دحر غزاة المخدرات عن الفيحاء.

 

المبادرة الثانية: خدمة غير ربحية للنقل مشترك

 

أطلق المهندس وائل ازمرلي والدكتور بديع مطر وعدد من رجال الأعمال، وعاملون في مختلف القطاعات، مبادرة حيوية بهدف مساعدة المواطنين على مواجهة الغلاء في مجال النقل، من خلال تأمين خدمة النقل المشترك في طرابلس ومحيطها، عبر حافلات ذات مواصفات عالية، بتكلفة غير ربحية، وعبر فريق عمل محترف، إدارياً ولوجستياً وخدماتياً على متن الحافلات، من خلال عدد من المسارات التي تربط المدينة بمحيطها والتي سيتم تفعيلها تدريجياً، مساراً تلو الآخر، ومن المقرّر أن تنطلق يوم الاثنين الموافق 3/1/2022، معتمدين قيم: التميز، السلامة، الراحة والاستدامة، وسيكون أول الخطوط تشغيلاً خط طرابلس الكورة.

 

حملت المبادرة اسم «تريبولاين»، وقد جاءت في ظروف أدّى غلاء كلفة الانتقال إلى خسارة كثيرين لأشغالهم، وإلى تجميد جزء هام من الحركة الاقتصادية، ومن المتوقع لهذه المبادرة أن تسهم في استعادة الحيوية على صعد كثيرة بين طرابلس وجوارها.

 

مبادرات خلاّقة وبحث عن التكامل:الدولة  غائبة لمراحل طويلة

 

تزخر طرابلس بالمبادرات الخلاّقة التي تقوم بها جمعيات ومؤسسات مدنية وأهلية، وهي بدأت تستجيب للحاجات الأكثر حاجة وأهمية، لكنّ من الواضح أنّ الأزمة ذاهبة أكثر فأكثر نحو التفاقم، وأنّه لا بدّ من التعاون بين أصحاب هذه المبادرات بشكل سريع للتكامل ولوضع أسس لتسريع الاستجابة للكوارث الآتية، وكان صوت توفيق دبوسي المرتفع في وجه الطبقة السياسية جرس إنذار أحمر يستدعي التصرف على أساس أنّ الدولة لن تكون حاضرة في حياة المواطنين لأوقات وربما لمراحل طويلة، والأولوية هي توسيع عمليات الإغاثة والانتقال بها نحو التنمية في ظل الأزمات الزاحفة، وهذا ما يمكن لغرفة طرابلس أن تقوم به في قادمات الأيام، في مهمة إضافية من مهمات التفاعل الاجتماعي التي تقوم بها استجابة للتحديات التي تواجه المجتمع.