IMLebanon

الديار: حرب غزة جمّدت الملف الرئاسي و«الحزب» ليس مع «الخيار الثالث»

 

لودريان نقل نصيحة ماكرون بضرورة الحفاظ على الهدوء جنوباً – نور نعمة

 

استأنفت «اسرائيل» عدوانها على قطاع غزة بقصف عنيف مخلفة اكثر من 100 شهيد في ساعات معدودة فضلا عن وضع حكومة العدو خطة عسكرية برية جديدة ترتكز على هجوم بري على جنوب غزة توازيا مع عمليات في شمال القطاع وفق مسؤول عسكري «اسرائيلي» كبير افاد بذلك لصحيفة فايننشال تايمز ولجوء حكومة بنيامين نتنياهو الى خطة مختلفة عن السابقة هو تأكيد فاضح لفشل قوات الاحتلال بتحقيق اي مكسب ميداني خلال الخمسين يوما في مواجهتها البرية للمقاومة الفلسطينية وفي القصف الجوي الذي لم يتمكن من اضعاف عزيمة المقاومة واهل غزة لقتالهم الاحتلال الاسرائيلي. وعليه، تجددت الاشتباكات بين كتائب القسام والجهاد الاسلامي من جهة وقوات العدو الاسرائيلي من جهة اخرى في غزة الا ان المقاومة الفلسطينية تمكنت مرة جديدة من ايلام العدو وتكبيده خسائر في صفوف جنوده الى جانب اسقاط سرايا القدس مسيّرة اسرائيلية من طراز سكاي لارك في سماء المنطقة الوسطى. هذا وحملت حماس العدو الاسرائيلي مسؤولية انتهاء الهدنة بعد رفضه كل عروض الافراج عن محتجزين اخرين كاشفة مراوغة «اسرائيل» ونفاقها عن استعدادها لوقف اطلاق نار في حال افرجت كتائب القسام عن 10 اسرى اسرائيليين. ذلك ان حكومة بنيامين نتنياهو لا يمكن ان تستمر بالهدنة لان الفشل الاستخباراتي الذي حصل في السابع من تشرين الاول الماضي-اكتوبر يجعلها مضطرة تحت الضغوطات لتحقيق انجاز عسكري لتبييض صورتها امام شعبها ولصورتها امام العالم خاصة ان الولايات المتحدة الاميركية تعطيها الذخائر وكل الاسلحة المتطورة والمال لتسجيل «انتصار» ومع ذلك يبدو الانجاز الاسرائيلي العسكري بعيد المنال حتى اللحظة في ظل تصميم المقاومة الفلسطينية على القتال حتى الرمق الاخير.

 

في المقابل، لم تتوقف قطر عن مساعيها لارساء هدنة طويلة الامد هذه المرة مع التنسيق مع الاستخبارات الاميركية والاسرائيلية والمصرية. ولكن هل تنجح مصر وقطر في احداث خرق جديد في الحرب الدائرة بين المقاومة الفلسطينية و«اسرائيل» اذا كانت واشنطن تدفع بتل ابيب الى المضي قدما في عدوانها؟

 

اما في جنوب لبنان، قصف الطيران الحربي «الاسرائيلي» في منطقة مفتوحة في محيط بلدة الناقورة (القطاع الغربي) وايضا في اطراف اللبونة وحامول والقوزح. من جهة اخرى، دوت صفارات الانذار في الجليل الاعلى مما دفع السكان للفرار بحثا عن مأوى بعد سقوط صواريخ هادفة للمقاومة هناك فضلا عن قيام حزب الله باستهداف تجمع لجنود جيش الاحتلال في موقع جل العلام بالاسلحة المناسبة.

 

ونعى حزب الله مجاهدا استشهد جراء قصف العدو الاسرائيلي لجنوب لبنان. كما استشهد شخص ووالدته في بلدة حولا الحدودية، ومواطن لبناني اخر في بلدة الجبين جراء غارة اسرائيلية.

 

وفي النطاق ذاته، حصل انفجار لصاروخين اعتراضيين «اسرائيليين» في اجواء سهل مرجعيون سبقهما انفجار صاروخ اعتراضي «اسرائيلي» اخر في اجواء بلدة كفرشوبا جنوب لبنان.

نزوح عدد من الفلسطينيين الى سيناء- مصر

 

ومع تجدد القصف العنيف على غزة، حذر المفوض العام للاونروا من ان الهجوم «الاسرائيلي» على جنوب غزة قد يدفع مليون لاجئ فلسطيني الى الحدود المصرية.

زيارة لودريان اكدت مجددا ان الامور مقفلة رئاسيا

 

على الصعيد اللبناني السياسي، اعتبرت اوساط سياسية مطلعة للديار ان زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان لبيروت يصب جزء منها في سياق محاولة ترقيع صورة فرنسا من خلال لبنان بعد ان خسرت قواعدها وتراجع نفوذها في عدة دول . ذلك ان لودريان التقى بمسؤولين لبنانيين دون ان يحمل في جعبته اي خطة عملية تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية بل انحصر النقاش فقط في الذهاب الى الخيار الثالث دون انتظار اي تطورات خارجية وعليه اكتفى الموفد الفرنسي بالدعوة الى الاسراع في انهاء الشغور الرئاسي.

 

وفي النطاق ذاته، اعتبرت اوساط سياسية بارزة ان الاوضاع في غزة جمدت الملف الرئاسي بشكل كبير واقفلت كل الابواب التي كانت ستسهل انتخاب رئيس للجمهورية. وقصارى القول، ان ما يحصل في غزة زاد من عمق الاصطفاف بين المعارضة والممانعة حيث ان قبل حصول عملية طوفان الاقصى كانت معظم القوى اللبنانية تراهن على حصول تسوية اقليمية تنعكس ايجابا على لبنان منها ايصال رئيس الى قصر بعبدا.

 

اما اليوم، ومع دخول حزب الله في المعركة فقد تعقد المشهد وفقا لهذه الاوساط السياسية خاصة من ناحية حزب الله وتيار المردة والتيار الوطني الحر بتغيير التعامل مع فرنسا نظرا لانحياز الاخيرة لـ«اسرائيل» في العدوان على غزة. وعليه، رأت الاوساط السياسية ان حزب الله اليوم لن يتجاوب بمرونة مع اي طرح فرنسي ولن يرض بتاتا بوصول رئيس للجمهورية يكون بعيدا عن المقاومة مع اتضاح التوجهات الغربية بالضغط ومحاصرة محور المقاومة الذي يشكل الحزب ركيزة اساسية فيه. وانطلاقا من هذه الاجواء الاوروبية والاميركية المنحازة لـ «اسرائيل»، سيتشدد حزب الله اكثر من اي وقت مضى على التمسك بمرشحه سليمان فرنجية ولن يقبل بأقل من فرنجية رئيسا.

 

من جهة اخرى، لفت مسؤول بارز في القوات اللبنانية للديار الى انه خلال الاجتماع مع وزير الخارجية الفرنسي السابق جان ايف لودريان شرحت القوات ان المعارضة قادرة على ايصال جهاد ازعور الى رئاسة الجمهورية لو تم الالتزام بالقواعد الديمقراطية اي الذهاب الى جلسات انتخابية مفتوحة ولكن هذا الامر لم يحصل. واضاف هذا المسؤول ان القوات قالت للودريان ان فريق الممانعة متسمك بالمرشح سليمان فرنجية وبالتالي خيار المرشح الثالث ليس مدرجا في قاموسه.

 

وانطلاقا من ذلك، رأت القوات اللبنانية انها ليست على استعداد للبحث في اسماء جديدة لرئاسة الجمهورية طالما الثنائي الشيعي ليس بوارد التراجع عن رئيس تيار المردة ناهيك ان لودريان لم يطرح اي مرشح كخيار ثالث.

الموفد الفرنسي اتى لتسويق اقامة منطقة «جنوب الليطاني» منزوعة السلاح

 

الى ذلك، كشفت مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى للديار ان هناك توجها غربيا جديدا في اقامة منطقة منزوعة السلاح تطال جنوب الليطاني وان تتولى قوات اليونيفل وحدها مسؤولية هذه المنطقة اضافة الى انتشار هذه القوات على الخط الازرق وابعاد حزب الله عن هذه الحدود. وهذه الحركة الدولية التي تتزعمها اميركا حيال المشروع الخطير والمريب بحق المقاومة، اتى الموفد الفرنسي جان ايف لودريان لتسويقه من خلال لقاءات جمعته مع مسؤولين لبنانيين. هذا الطرح طبعا لم يتداوله لودريان مباشرة مع حزب الله انما قال للمسؤولين في لبنان ان هناك مشكلة في تطبيق 1701 تتخطى ضبط القواعد التي تحكم جبهة الجنوب وهذا الامر يعود الى ما قبل حدوث 7 اكتوبر- تشرين الاول أي قبل عملية طوفان الاقصى. واشار الى ان قرار 1701 يتم خرقه باستمرار لافتا الى ان مجلس الامن عدل بقرار 1701 عام 2022 حيث اعطى لقوات اليونيفيل حرية التحرك في الجنوب من دون أي تنسيق مع الحكومة اللبنانية أو الجيش اللبناني اضافة الى مراقبة عناصر حزب الله. انما داخليا حصل تنسيق بين الجيش والمقاومة على ابقاء الامور على حالها رغم التعديلات.

 

واشارت هذه المصادر الديبلوماسية ان الهدف من ذلك هو تطمين المستوطنين الذين هربوا من شمال فلسطين المحتلة بسبب الاشتباكات الحاصلة على الحدود والذين يشترطون العودة الى بيوتهم في حالة واحدة وهي عدم وجود حزب الله على الحدود الجنوبية اللبنانية. وبمعنى اخر، تسعى واشنطن وباريس ودول اخرى الى اراحة «اسرائيل» على كل الجبهات واضعاف كل جهة او مقاومة سواء كانت لبنانية او يمنية او عراقية تشكل تهديدا للكيان الصهيوني وفي الوقت ذاته باعفاء اسرائيل من كل الجرائم الوحشية التي ارتكبتها في حق الفلسطينيين واللبنانيين.

 

ولكن هذا المشروع الهادف الى تعديل كبير لقرار 1701 لابعاد المقاومة يصادر القرار اللبناني وحرية الشعب اللبناني في تقرير مصير مناطقه ومن يحق له الوجود فيها. بيد ان اي مشروع يضع لبنان تحت رحمة «اسرائيل» لن يكون لصالح الشعب اللبناني الاعلم بالظلم الاسرائيلي وادراكه ان الكيان الصهيوني يضرب القانون الدولي بعرض الحائط ويفعل ما تمليه عليه مصلحته.

 

من هنا، قالت اوساط سياسية للديار ان آلية تنفيذ مشروع منطقة عازلة جنوب الليطاني هي صفر على ارض الواقع لان الجيش اللبناني لا يمكنه ان يطبقه ولا حزب الله سيقبل به وبالتالي سيبقى حبرا على ورق.

لماذا الغرب يرفض الشغور في قيادة الجيش اللبناني؟

 

في هذا السياق، اوضحت مصادر وزارية للديار ان واشنطن وباريس ترى ان اقامة منطقة خالية من السلاح جنوب الليطاني تتطلب وجود ثبات في الجيش اللبناني اي عدم حصول شغور في موقع القيادة اذ في حال اصدر مجلس الامن قرارا يقضي بنشر قوات اليونيفيل فقط في جنوب الليطاني دون وجود لحزب الله فيجب ان يكون هناك قائد للجيش لتمرير ذلك. وتابعت المصادر الوزارية ان الغرب لا يهمه هوية او شخص قائد الجيش بل جل ما يريده ان لا يحصل فراغ لتنفيذ مبتغاه. ذلك ان التمديد هو اسهل الحلول حاليا لان تعيين قائد جيش جديد يتطلب انتخاب رئيس للجمهورية ووجود حكومة فاعلة وليس حكومة تصريف اعمال.

 

وعلى هذا الاساس، اعلن الموفد الفرنسي جان ايف لودريان موقفه بكل صراحة وبطريقة مباشرة للمسؤولين اللبنانيين انه من الضروري تاجيل تسريح قائد الجيش رابطا هذه المسألة على انها ترتقي الى الامن القومي الاوروبي والاميركي.

 

ولكن في الداخل اللبناني، رئيس التيار الوطني الحر ابدى معارضة واضحة امام لودريان حول التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون منددا بأي تدخل خارجي في الشؤون اللبنانية . اضف على ذلك، تعارض جهات اخرى التمديد للقيادة في الجيش لاعتبارات عدة.

قائد الجيش العماد جوزاف عون صمام امان للوطن

 

بمعزل عن طموحات اوروبية او اميركية في التأثير على قيادة الجيش اللبناني لتحقيق هدفه باقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب الليطاني، قالت مصادر امنية ان العماد جوزاف عون لا يتأثر بأي قوى خارجية ولا ينفذ اي مشروع يضر بمصلحة لبنان. واضافت ان قائد الجيش الحالي يشكل صمام امان للبنانيين وللوطن وقد نسق الجيش اللبناني مع حزب الله في الجنوب للحفاظ على سيادة لبنان رغم القرار الدولي الذي صدر عام 2022 والذي اعطى صلاحيات اضافية لقوات اليونيفيل. وهذا الامر يؤكد ان الجيش اللبناني بقيادة العماد جوزاف عون والمقاومة يتكاملان في الدفاع عن لبنان.