IMLebanon

الديار: التوترات الاقليمية تتصاعد… فهل تكون سياسة الاغتيالات هي المعتمدة؟

 انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية… ملف منسي وسط الحرب الدائرة – نور نعمة
تصاعدت التوترات الاقليمية بشكل مكثف هذا الاسبوع نظرا لعمليات الاغتيال التي نفذتها «اسرائيل» ضد العميد في الحرس الثوري الايراني رضي الموسوي في سوريا ثم اغتيالها للرجل الثاني لحركة حماس واحد ابرز مخططي طوفان الاقصى صالح العاروري في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، الى جانب قيام الطيران الحربي الاميركي باستهداف فصائل المقاومة في العراق واستشهاد القياديين من «حركة النجباء». وتزامنت هذه العمليات المذكورة مع حصول انفجارين ارهابيين في جنوب ايران قرب مرقد اللواء قاسم سليماني اسفر عن سقوط اكثر من 100 قتيل وعدد كبير من الجرحى. الا ان السلطات الايرانية تجري تحقيقاتها، وقد القت القبض على عدد من المشتبه فيهم في التفجير الارهابي في مدينة كرمان. والحال ان المنطقة كلها على فوهة بركان، فهل ينفجر الوضع ام يعود «الاسرائيليون» الى رشدهم ويدركون ان اتساع رقعة القتال وتعدد الجبهات لن يرتد سلبا الا على «اسرائيل». ذلك ان حكومة الحرب «الاسرائيلية» اختارت طريقا جديدا في حربها ضد حماس عبر تنفيذ اغتيالات لقادة كتائب القسام معتبرة انها حققت انتصارا. ولكن في الوقت ذاته اضحى واضحا ان الكيان الصهيوني هو كيان اصطناعي لا جذور له مغروزة بالارض، ولا انتماء بالحق وبالعدل ولاستمراريته سيكون مضطرا دائما الى اللجوء الى الحديد والنار لحماية وجوده.

حزب الله يحسم الموقف: لا تفاوض على الترسيم البري قبل انتهاء العدوان الاسرائيلي على غزة
وفي الميدان والايام والليالي المقبلة، سيرد حزب الله حتما على قيام «اسرائيل» باغتيال القيادي في حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية من العاصمة بيروت. وقد هدد العدو الاسرائيلي انه اذا شن حربا على لبنان في الايام والليالي المقبلة، فحينئذ سيقاتل حزب الله في الميدان بلا ضوابط وبلا حدود. وفي كلمته امس خلال الاحتفال التأبيني للقائد المجاهد الحاج محمد ياغي (أبو سليم)، قال امين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله ان الحزب بدأ بضرب أهداف عسكرية وضباط وجنود وعندما ضربت المقاومة بيوتا كان ردا على استهداف المدنيين في لبنان ومذكرا ان الهدف الرئيسي لفتح الجبهة في الجنوب هو الضغط على حكومة العدو لوقف العدوان على غزة وتخفيف العبء عن المقاومة فيها. وتابع ان لبنان امام فرصة تاريخية لتحرير جميع اراضيه وتثبيت عدم الخرق الجوي للسيادة اللبنانية، حيث شدد ان حزب الله سيرد على خرق الضاحية الخطر واغتيال العدو للعاروري ولن يقبل التسليم بهذه المعادلة، مشيرا الى ان السكوت يعني التسليم بكشف الساحة اللبنانية.

اما عن جهود الولايات المتحدة الاميركية في احتواء تمدد رقعة الاشتباكات بين حزب الله وبين «اسرائيل» عبر ترسيم بري او تطبيق قرار 1701 فقد حسم السيد حسن نصرالله الموقف تجاه هذه المعضلة بانه ما دام العدوان الاسرائيلي مستمرا على غزة، فلن يحصل اي تفاوض حول الحدود الجنوبية اللبنانية.

وفي قراءة لكلمة امين عام حزب الله، قالت اوساط سياسية للديار ان المقاومة لا تزال تبني حساباتها وفقا للداخل اللبناني، ولا تريد التصعيد باتجاه الحرب الكبرى. ولكن اصبح واضحا ان المخطط الاسرائيلي كان يقضي بالاستفراد بقطاع غزة وارتكاب جرائم حرب وتدمير شامل للقطاع وتحويل الغزاويين الى نازحين وصل عددهم الى مليون و900 الف نازح فلسطيني، اي 90% من عدد سكان غزة وفق بيان رسمي لوكالة الاونروا الدولية للاجئين . انما قرار حزب الله بفتح جبهة الجنوب لاسناد ودعم فصائل المقاومة الفلسطينية في قتالهم للعدو الاسرائيلي الى جانب قيام المقاومة بتكبيد جيش الاحتلال خسائر كبيرة في صفوفه على حدود شمال فلسطين المحتلة، اربك مخطط «اسرائيل» بما ان حصول اشتباكات بين جنودها ومقاتلي الحزب على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة امر لا يناسبها. عندئذ بدات حكومة الحرب «الاسرائيلية» تهدد بالحرب الكبرى على لبنان، ومن ثم اقدامها على خطة تصعيدية باغتيالها للقيادي صالح العاروري ومساعديه في الضاحية الجنوبية لبيروت يصب في خانة محاولة «اسرائيلية» لاستفزاز حزب الله ودفعه باتجاه الحرب الكبرى.

وهنا رأت المصادر الديبلوماسية ان حزب الله لا يبني ردوده على الانفعالات والغوغائية والفوضوية، بل يدرس رده جيدا وبطريقة ذكية، ومن ثم يحدد المكان والزمان ليسدد الضربة الموجعة للعدو الاسرائيلي.

مصادر مطلعة للديار: المنطقة دخلت مرحلة جديدة وهي حرب امنية
من جهتها، قالت مصادر مطلعة للديار ان الولايات المتحدة الاميركية لا تريد الحرب الشاملة في منطقة الشرق الاوسط، كما ان ايران صرحت بشكل واضح انها لن تسمح لاي قوى بجرها الى مواجهة عسكرية لا تريدها، وتتكلم طهران عن الصبر الاستراتيجي، وهذا دليل واضح ان الجمهورية الاسلامية الايرانية لا تريد توسيع الحرب. اضف الى ذلك، لا يريد حزب الله ايضا الذهاب الى حرب كبرى في حين ان «اسرائيل» وحدها تريد توسيع رقعة القتال، بخاصة مع حزب الله بهدف ابعاده الى شمال الليطاني.

وبناء على هذه المعطيات، كل هذه القوى باستثناء الكيان الصهيوني تقوم بضبط النفس بانتظار حدث ما. ولفتت هذه المصادر الى ان ما هو واضح اليوم ان المنطقة دخلت في حرب جديدة، وهي حرب امنية توازيا مع العدوان الاسرائيلي على غزة والقتال الحاصل بين جيش الاحتلال وبين المقاومين في حركة حماس. وبمعنى اخر، ان استهداف اميركا لقياديين في الحشد الشعبي العراقي واغتيال «اسرائيل» للعاروري، يشير الى ان المعركة انتقلت من عسكرية الى امنية لناحية استهداف القادة البارزين المناهضين لواشنطن ولـ «تل ابيب».

واعتبرت المصادر ان الحرب الامنية الجديدة، اي مسار الاغتيالات، لن يتوقف عند هذا الحد، بل على الارجح ستشهد المنطقة في المستقبل القريب المزيد منها.

«اسرائيل» غرقت بوحول معركة غزة
وفي سياق متصل، اعتبرت مصادر عسكرية ان «اسرائيل» غرقت بوحول معركة غزة حيث لم تتمكن من تحقيق انجاز عسكري، على رغم مرور ثلاثة اشهر على بدء الحرب على القطاع. واشارت هذه المصادر الى ان حرب المدن تكون دائما حربا طويلة، وتتحول الى حرب استنزاف ترهق جيش الاحتلال على نطاق كبير، في حين ان حركة حماس تتراجع قدراتها على القتال بشكل ضئيل.

وتابعت المصادر العسكرية ان «اسرائيل» وضعت عنوانا واضحا باستئصال حركة حماس من قطاع غزة، في حين ان حماس ترفض الخروج من غزة وتعتبر ان الكلمة للميدان. ولفتت الى انه كلما «اسرائيل» عجزت عن تحقيق اهدافها» فستلجأ الى حرب الاغتيالات تعويضا عن خسارتها الميدانية. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: الصراع بين الكيان الصهيوني وبين حماس…الى اين؟ فـ «اسرائيل» لا تقبل ان تعود ادراجها الى الوراء بما انها اعتبرت ان هذه الحرب هي وجودية بالنسبة لكيانها. وحماس بدورها لن تتراجع عن حقها المتجذر في الارض، وهي ستقاتل حتى النصر والنصر والنصر.

انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية….. ملف منسي
اما في الداخل اللبناني، فكل المؤشرات تدل الى ان انتخاب رئيس للجمهورية ليس فقط ملفا مجمدا، بل اضحى ملفا منسيا في ظل التطورات الاقليمية الملتهبة والخطرة. وتساءلت اوساط مطلعة اذا كان سيتم انتخاب رئيس قبل انتهاء الحرب في غزة او بعد نهايتها؟ والحال انه بمقدار بساطة الامور لانتخاب رئيس للحمهورية اذا حصلت مشاورات لبنانية داخلية ترضي المعارضة والممانعة، بمقدار ما هي معقدة وبعيدة المنال لانتخاب رئيس اذا كانت مرتبطة بما ستنتجه الحرب الدائرة في غزة.

ولفتت الاوساط المطلعة الى ان لبنان سيشهد قريبا حركة موفدين دوليين وديبلوماسيين، منهم للجم التصعيد في الجنوب وعدم دخول لبنان في حرب لا تحمد عقباها، ومنهم للبحث في الملف الرئاسي. من جهته، الموفد الفرنسي جان ايف لودريان هو المسؤول الذي سيتناول الشغور الرئاسي ضمن الخيار الثالث الذي تكلمت عليه اللجنة الخماسية.

ولكن هل سيصل لودريان الى نتيجة ايجابية على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية اذا كانت حرب غزة لها ارتدادات واسعة على الساحة السياسية اللبنانية، وفقا لهذه الاوساط المطلعة؟