Site icon IMLebanon

الديار: الصراع السياسي ينتقل إلى قطاع النفط… الشركات تتوقّف عن تسليم المحروقات

 

 المالية العامة في مأزق تاريخي… والسبب دولرة الاقتصاد

 الإجرام «الإسرائيلي» مستمر في قطاع غزّة والمقاومة صامدة بوجه الاحتلال

 

خسائر هائلة بالعديد والعتاد يتكبدّها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزّة. وإذا كانت أرقام الخسائر التي يُفصح عنها الكيان الغاصب بعيدة عن الواقع بحسب محللين عسكريين، فإن الأرقام الأكثر واقعية هي بأقل تقدير ثلاثة أو أربعة ما يُصرّح عنه العدو بدليل سحب قواته من غزّة والاعتماد على الغارات الجوّية والمدافع بنِيّة تدميرية تُخالف كل القوانين الدولية. وصدر عن إذاعة «الجيش الإسرائيلي» نهار أمس أنه تمّ سحب اللواء الخامس، وهو لواء احتياط من قطاع غزة والذي كان يُقاتل ضمن الفرقة 162 غرب مدينة غزة. ويأتي هذا الانسحاب بعد عدّة انسحابات شملت كلًا من الكتيبة 7107 نهار السبت الماضي، والفرقة 36 في منتصف الشهر المماضي، والكتيبة 13 في لواء غولاني في أواخر كانون الأول، وذلك بعد تكبد هذه الوحدات خسائر فادحة في معارك مع المقاومة الفلسطينية. وأضافت الإذاعة أنه لم يعد هناك سوى لواء المظليين 646 من قوات الاحتياط الذي يقاتل في خان يونس جنوب قطاع غزة.

 

وعلى الرغم من هذه الخسائر، تعمد آلة القتل الإسرائيلية إلى قتل المواطنين الفلسطينيين العُزّل من خلال الغارات الجوّية والقصف المدفعي ضمن إطار استراتيجية الأرض المحروقة وهو ما يخالف كل القوانين الدوّلية التي تضمن إعفاء المواطنين العُزّل والأطفال من وحشية الحرب. وبحسب وزارة الصحة في قطاع غزّة، ارتفع عدد شهداء العدّوان الإسرائيلي إلى 26257 شهيدًا و64797 جريحًا، معظمهم من جراء ارتكاب العدوّ مجازر بالمدنيين العُزّل في المستشفيات والمنازل والملاجئ وغيرها وهو ما يدخل في خانة «الإبادة الجماعية»!

 

الجدير ذكره أنه أصبح معلومًا أنه وبعد أكثر من مئة يوم على العدوان الغاشم على قطاع غزّة، لم يستطع جيش الاحتلال تحقيق أي هدف من الأهداف التي أعلنها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو – أي القضاء على حماس وإطلاق الأسرى. على العكس نرى أنه حتى الساعة تتواصل عمليات إطلاق الصواريخ من قبل المقاومة الفلسطينية، وهو ما يعني أن العدو فشل في تفكيك قدرات الفصائل الفلسطينية المقاومة.

 

لبنانيًا، تفاجأ المواطن بإعلان الشركات المستوردة للمحروقات توقفها عن تسليم المحروقات إلى المحطات أخذة بذلك المواطن رهينة كما جرت العادة منذ بداية الأزمة في العام 2019 وأخذت مجدها في العام 2021 لحين خضوع السلطة السياسة لشروط الشركات والسماح لها بالتسعير بالدولار الأميركي.

 

رسميًا، يأتي توقف الشركات المستوردة للمحروقات عن تسليم المحروقات كردّة فعل على مادة وردت في قانون موازنة العام 2024 تُفرض من خلالها ضريبة على الشركات التي استفادت من الدعم الذي قدمه مصرف لبنان (10%). إلا أن مصدرا وزاريا سابقا وفي حديث لجريدة «الديار»، تحدّث عن صراع سياسي امتدّ إلى قطاع المحروقات حيث إن تشابك المصالح بين بعض السياسيين والشركات جعل هذا القطاع ملعبًا جديدًا للصراع السياسي. ويضيف المصدر أن بعض الشركات محسوبة بالكامل على أفرقاء سياسيين على خصومات مع بعضهم بعضا وبالتالي كل ما يجري هو امتداد لهذا الصراع.

 

خبير اقتصادي صرّح لجريدة «الديار» بالقول ان كل هذا الأمر هو عبارة عن مسرحية سياسية لأنه من شبه المستحيل تعقب الشركات التي استفادت فعليًا من الدعم بحكم السرية المصرفية والتي قد تمنع وزالرة المال من معرفة تفاصيل المستفيدين، وهو ما عارضه خبير اقتصادي اخر بقوله ان أسماء الشركات التي استفادت من الدعم أصبحت لدى وزارة الاقتصاد والتجارة (أرسلها حاكم المصرف المركزي السابق رياض سلامة إلى وزارة الاقتصاد) وقدّر الخبير المستحقات الناتجة من هذه الضريبة بأكثر من 300 مليون دولار أميركي بأقلّ تقدير. وبالتالي فإن نيّة جدّية بملاحقة هذه الشركات هو أمر ممكن دون الحاجة إلى رفع السرية المصرفية. من جهته طرح المصدر الوزاري (الآنف الذكر) احتمالية رغبة لدى بعض السياسيين بإعادة هيكلة قطاع المحروقات من خلال اعتماد الطريقة نفسها التي أستخدمت في القطاع المصرفي. ويُضيف أن الأمر رهينة قوّة اللوبي النفطي المعروف عنه تاريخيًا تأثيره في القرار السياسي في لبنان.

 

وبغض النظر عن الحقيقة الكامنة وراء هذا الأمر، يبقى المواطن اللبناني رهينة الصراع السياسي والاقتصادي والفساد القائم بالبلد. ويتوقّع البعض أن تستفحل الأزمة وتأخذ أبعادًا كارثية خصوصًا اننا فيِ أوج فصل الشتاء، على عكس ما صرّح به رئيس تجمّع الشركات المستوردة للمحروقات بأن «لا نية للتصعيد». على هذا الصعيد يقول المصدر الوزاري (الآنف الذكر) أن الحلّ في هذه الحالة يكون عبر استيراد وزارة الطاقة والمياه للمحروقات مباشرة، إلا أن هذا الحل يبقى مستبعدًا وذلك بحكم أو وزير الطاقة الحالي لن يستطيع مقاومة الضغوطات السياسية التي لن تتأخر بالظهور. للتذكير أنه وعلى أيام وزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني استوردت وزارة الطاقة والمياه المحروقات مباشرة من دون المرور بالشركات.

 

إلى هذا، تتوالى التعليقات حول موزانة العام 2024. على هذا الصعيد، يقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية البروفسور جاسم عجاقة في حديثِ لجريدة «الديار»، إن الحكومة في مأزق تاريخي نتيجة دوّلرة الاقتصاد. فعلى الرغم من أن موازنة العام 2024 رفعت الضرائب والرسوم بشكل كبير إلا أن معظم هذه المداخيل هي بالليرة اللبنانية ويتمّ تجميعها في حساب الدولة لدى مصرف لبنان (حساب رقم 36).

 

وبحسب رئيس الحكومة السابق، هناك 100 تريليون ليرة لبنانية مكدّسة في الحساب 36 بالإضافة إلى 150 مليون دولار أميركي كاش و850 مليون دولار مصرفي (لولار). ويقول عجاقة ان الحكومة غير قادرة على دفع مستحقاتها بحكم أن مدفوعاتها هي بالدولار أميركي في حين أن معظم مداخيلها هي بالليرة اللبنانية، وما تمتلكه الحكومة فعليًا لتغطية مستحقاتها هي 150 مليون دولار، وهي غير قادرة على استخدام مئة التريليون ليرة لبنانية التي تمتلكها تحت طائلة نسف الاستقرار النقدي. هذا الأمر هو نتيجة حتمية لدولرة الاقتصاد بالشكل الذي قامت به الحكومة. من هنا يضيف عجاقة أن الإمكانية الوحيدة القائمة أمام الحكومة هي تسعير خدماتها وضرائبها بالدولار الأميركي وهو أمر لن يتأخرّ طرحه على الساحة السياسية.

 

ويعتبر عجاقة أن الفوضى القائمة مرجّحة إلى الازدياد في ظلّ التشرذم السياسي القائم، والتأخر في إصلاح القطاع المصرفي، وبسط السلطة المالية للدوّلة على أراضيها، وإعادة هيكلة القطاع العام بشقّيه (المؤسسي والوظيفي)، وهو أمر شبه مستحيل – بحسب عجاقة – أن يتمّ في ظل غياب رئيس للجمهورية ووجود حكومة أصيلة.

 

إلى هذا، بدأت تداعيات التصعيد القائم في البحر الأحمر تلقي بظلالها على فاتورة المواطن اللبناني حيث بدأت الأسعار بالارتفاع بدءًا بالمحروقات، والمواد الغذائية، والأدوية. وبحسب بعض المحلّليلين، من المرجّح أن ترتفع الأسعار أكثر فأكثر مع ارتفاع أسعار التأمين والنقل البحري وهو ما سينعكس على الأسعار في الأيام والأسابيع المقبJلة.

 

وعن قدرة وزارة الاقتصاد والتجارة على رقابة الأسعار، يقول هؤلاء ان هناك موانع لوجستية تتمثل بغياب الإمكانات المادية وموانع سياسية بحكم تمتّع بعض التجار بغطاء سياسي.

 

سياسيًا، عاد ملف رئاسة الجمهورية إلى الواجهة مع الحراك الذي قامت به اللجنة الخماسية وإمكانية إطلاق مبادرة جديدة لإنجاز هذا الاستحقاق. ولم ترشح الكثير من المعلومات عن اللقاء الذي جمع اللجنة الخماسية مع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي وهو ما فسّره البعض بتباعد شبه أكيد بين وجهات نظر أعضاء اللجنة الخماسية، مما يعني مزيدا من التأخير في انتخاب رئيس للجمهورية.

 

قضائيًا، أصبح قانون «التمديد للقيادات الأمنية سنة كاملة» والذي يشمل كلًّا من قائد الجيش العماد جوزاف عون، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، نافذًا بعد إعلان المجلس الدستوري عدم اتخاذ أي قرار في جلسته النهائية لجهة البتّ بالطعن المقدّم من «التيار الوطني الحر» في هذا القانون.

 

وبحسب المعلومات، لم يتوصّل المجلس الدستوري إلى إصدار قرار وذلك لعدم توافر سبعة أعضاء مع أو ضدّ الطعن وهو ما يعني تعذر توافر التصويت عليه بالأكثرية وهي النسبة التي ينص عليها القانون (أكثر من سبعة أعضاء) لصدور قرار عن المجلس.