Site icon IMLebanon

الديار: تعثُّر التفاوض في غزة ينعكس تصعيداً جنوباً والمواجهة تتوسع كمّاً ونوعاً

 

تسريبات أميركية عن التوصل لـ«تفاهم نيسان» جديد يرضي كافة الأطراف؟

 الحكومة تتجاوز وزير الدفاع وتعين رئيسًا للأركان و«التيار» نحو الطعن ! – ابراهيم ناصرالدين

 

لا جديد يبنى عليه ازاء الحراك الدبلوماسي الغربي تجاه لبنان حيث اتضح من نتائج جولة الوفد الفرنسي بالامس انها مجرد ملء للفراغ الاميركي وتحرك في الوقت الضائع حيث يتحدث الفرنسيون عن مشاورات لخفض التصعيد على الحدود الجنوبية، وعن خطط لدعم الجيش، فيما يقف الجميع عاجزا عن وقف مناورات رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو الذي يدفع المنطقة الى قعر «جهنم» لحماية «كابينيت الحرب» من السقوط، وهو يحاول شراء الوقت في ظل الاخفاق المستمر في تحقيق اي صورة انتصار سواء في غزة او على الحدود الشمالية. في هذا الوقت تستمر «الثرثرة» الاسرائيلية الجوفاء عبر اعلان الناطق العسكري باسم جيش الاحتلال ان بعض القوات التي انسحبت من غزة تتدرب على مواجهة «العدو» على الحدود مع لبنان، في تكرار لتصريحات باتت محل تندر لدى كبار المعلقين الاسرائيليين وكذلك لدى المستوطنين. وبانتظار انقشاع طبيعة المشهد في غزة، تحدثت مصادر اميركية عن نضوج تصور لاعادة الهدوء على الحدود الجنوبية سيتم تطبيقه فور وقف النار في القطاع، شهد الوضع الميداني تصعيدا نوعيا من قبل المقاومة، فيما وسعت قوات الاحتلال دائرة الاعتداءات لتشمل للمرة الاولى مدينة النبطية، وقد رد حزب الله اوليا، بقصف عنيف استهدف قاعدة ميرون الجوية بصواريخ «فلق».

 

وفيما ينتظر وصول وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان الى بيروت ، حاملا معه قراءة ايرانية للاحداث والتطورات ترتكز على نجاح بلاده في ارباك الاستراتيجية الاميركية ووضعها امام خيارات صعبة بعد تورطها المباشر في الحرب في العراق وسوريا والبحر الاحمر، ارتفع منسوب التوتر السياسي الداخلي مع تعيين مجلس الوزراء رئيس اركان جديد للجيش في خطوة ارضت الحزب التقدمي الاشتراكي واغضبت التيار الوطني الحر الذي يتجه الى الطعن في القرار امام مجلس شورى الدولة.

التسوية المؤجلة؟

 

وبانتظار ان يتبلور المشهد في غزة، كشف موقع «اكسيوس» الاميركي ان الاتصالات الدبلوماسية لايجاد تسوية للاوضاع على الحدود الجنوبية، توصلت الى «صيغة ما»، ترضي «اسرائيل» وحزب الله. ووفقا للموقع تأمل الولايات المتحدة مع أربعة من حلفائها الأوروبيين، إعلان سلسلة الالتزامات بين «إسرائيل» وحزب الله لنزع فتيل التوترات وإعادة الهدوء إلى الحدود. ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين، يستند هذا التطور، إلى نموذج تفاهمات «عناقيد الغضب» عام 1996 التي عرفت بتفاهم نيسان وأعلنتها آنذاك الولايات المتحدة والقوى الدولية الأخرى لإنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان. ووفقا للموقع، فإنّ التفاهمات الجديدة لن يوقّعها رسمياً الأطراف، لكن ستصدر الولايات المتحدة وأربعة حلفاء أوروبيين- المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا- بياناً يوضح بالتفصيل الالتزامات التي وافق كل جانب على تقديمها. وستعلن الدول الغربية الخمس أيضاً مزايا اقتصادية لتعزيز الاقتصاد اللبناني. ومن المتوقع أن تركّز التفاهمات على التنفيذ الجزئي لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، الذي أنهى حرب لبنان الثانية عام 2006. وستشمل التزاماً من كلا الطرفين بوقف المناوشات على الحدود التي وقعت منذ هجوم «حماس» على «إسرائيل» في 7 تشرين الأول الماضي. والصيغة تؤمّن للطرفين، ما يريدانه، بحسب «اكسيوس»، حزب الله لا يتراجع الى شمالي الليطاني ولا ينسحب من الجنوب، وتل ابيب تُعيد المستوطنين الى الشمال بضمانة دولية.

من سيدفع الثمن؟

 

ووفقا لمصادر دبلوماسية، قد تدفع المنطقة ثمن التردد الاميركي في رفع «البطاقة الحمراء» بوجه حكومة اليمين الاسرائيلية على الرغم من ارتفاع الاصوات في «اسرائيل» والتي تحذر من اقتراب «الخراب الكبير» بسبب المصالح الشخصية للقيادة السياسية التي تدير الكيان ولا شيء آخر.

 

ولفتت تلك الاوساط الى ان ما يعيق المفاوضات في غزة ازمة داخلية اسرائيلية تتمثل بعدم سهولة اتمام صفقة أخرى لإعادة المخطوفين أو بعضهم  لانها مشروطة بوقف القتال في غزة لفترة محددة أو بشكل كامل، وقف القتال لفترة محددة سيثير قاعدة نتنياهو الاستيطانية الكهانية التي يتعلق مصيره بها. اما وقف القتال بشكل كامل فيحتاج إلى نقاش في حلول دائمة والتطرق الى الوجود الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والاندماج مع المبادرات الدولية. بموازاة ذلك، ستؤدي إلى بداية تحقيق حقيقي في فشل 7 تشرين الاول والعثور على المسؤولين. وهذا يعني حكما نهاية حكم نتنياهو. ومن هنا ينبع حظر التوصل إلى صفقة، والتوجه لدى حكومة الحرب التضحية بالمخطوفين لبقاء حكم نتنياهو!

 

ووفقا لصحيفة «هآرتس» الاسرائيلية، فان قرار التضحية بالمخطوفين أدى إلى تغيير أهداف الحرب المعلنة. نتنياهو توقف عن تكرار تدمير حماس وإعادة المخطوفين وانتقل الى التحدث عن «الانتصار المطلق». هذا هدف صيغ بضبابية لا يمكن قياسها بشكل متعمد، واستهدفت منع التوصل إلى صفقة والتسبب باستمرار القتال خدمة لمصالح نتنياهو الشخصية.

 

وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، فإن «إسرائيل، ما زالت بعيدة تماما عن النصر الإستراتيجي في غزة بعد 4 أشهر من بدء الحرب رغم تحقيق مكاسب تكتيكية ضد حركة حماس، وتساءلت عما سنحصل عليه في المستقبل وتساءلت «هل ستشتعل الضفة الغربية؟ هل سيحترق الشمال؟ هل سينهار الاقتصاد؟ ماذا في ذلك. هل  سينبذنا العالم؟ كل هذا سيحصل وسيقودنا نتانياهو وبن غفير  يداً بيد معاً إلى خراب مجيد.

ماذا يحمل عبداللهيان؟

 

في هذا الوقت، وللمرة الثالثة بعد اندلاع حرب غزة، يحط وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في بيروت، وبانتظار ما سيحمله معه من «رسائل»، لفتت مصادر مطلعة الى انه سيعيد تذكير واشنطن بتحذير بلاده من اشتعال المنطقة اذا ما استمرت في تغطية العدوان على غزة، في وقت تتزامن زيارته مع تورط اميركي واسع في العمليات العسكرية المباشرة على اكثر من جبهة. واذا كان سيؤيد ما يقبله الفلسطينيون في اطار التفاوض على وقف النار في غزة، فهو سيجدد دعمه للمقاومة في لبنان وحقها في الدفاع عن سيادة الدولة اللبنانية، حيث لا تزال طهران على موقفها الرافض لتوسيع الحرب مع تأييدها المطلق لحزب الله للذهاب الى ابعد الحدود في الرد على اي اعتداء اسرائيلي واسع.

واشنطن «مردوعة» لا طهران!

 

وقد استبقت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية زيارة رئيس الدبلوماسية الايرانية بالتاكيد أنّ إيران أثبتت من الناحية العملية، صعوبة بالغة في ردعها من قبل  الولايات المتحدة الأميركية، وفي مقال بعنوان «لماذا يصعب تخويف إيران؟»، رأت المجلة أنّ الضربات حتى الان تمّت تسويتها بصورة أساسية لمصلحة حلفاء إيران، التي تحظى بعلاقات عميقة مع 4 دول عربية، ولن تتمكّن بضع طلعات جوية متفرّقة من إزاحتها، فالولايات المتحدة ممزّقة في الشرق الأوسط، بين المغادرة والبقاء، ولهذا فان الوضع الراهن للولايات المتحدة في الشرق الأوسط لا يعمل، ومن المفارقات أنّ طهران هي التي ردعت واشنطن .

حراك «الوقت الضائع»

 

في هذا الوقت، جال وفد فرنسي على المسؤولين متابعا الاوضاع على الحدود الجنوبية، ووفقا لمصادر سياسية بارزة فان الوفد لم يحمل جديدا وكرر التحذير من تدحرج الاوضاع جنوبا نحو الاسوأ، دون ان تكون لديه صورة واضحة حيال طبيعة التطورات المرتقبة، مع التأكيد انه لم يحمل اي «رسالة» تهديد من «اسرائيل». وقد استقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الوفد الذي ضم المدير العام للشؤون السياسية في وزارة الخارجية فريدريك موندوليني، المدير العام للعلاقات الدولية والاستراتيجية في وزارة الدفاع أليس ريفو، نائب مدير شمال افريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية ايمانويل سوكه والسفير الفرنسي هيرفية ماغرو الذي اشار الى ان «الزيارة هي متابعة لتلك التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، وقال طرحنا خلالها افكارنا بشأن الوضع في جنوب لبنان، ولاحقا التقى الوفد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب، ورئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة حيث اكد بري للوفد الالتزام بتطبيق كامل للقرار 1701، كما شدد على ضرورة تعزيز الجيش اللبناني عديداً وعدة والتعاون مع قوات اليونيفل.

التصعيد جنوبا وعمليات نوعية

 

في هذا الوقت، انعكس التعثر السياسي في المفاوضات حول وقف النار في غزة تصعيدا على الجبهة الجنوبية حيث وسعت قوات الحتلال اعتداءاتها، مستهدفة للمرة الاولى مدينة النبطية بغارتين استهدفت واحدة منها سيارة مدنية حيث جرح شخصان بداخلها احدهما بجروح خطرة، وقد زعمت قوات الاحتلال ان الغارة استهدفت قياديا في المقاومة. في المقابل، نفذ حزب الله سلسلة عمليات نوعية واستهدف ثكنة ‏برانيت بالأسلحة الصاروخية وأصابها إصابة مباشرة، كما استهدف مقر ‏قيادة اللواء الشرقي 769 التابع لفرقة الجليل 91 في ثكنة كريات شمونة، وأعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن إصابة ضابط وجنديين في استهداف حزب الله قاعدة عسكرية في كريات شمونة. وتحدثت وسائل إعلام عبرية عن سقوط صاروخ على مبنى في كريات شمونة وأنه طُلِب من المتبقين في المستوطنة الدخول إلى الملاجئ. وشوهدت أعمدة الدخان ترتفع من ثكنة برانيت عند الحدود الشمالية مع لبنان بعد قصفها بصاروخ بركان. واندلع حريق وحصلت اضرار كبيرة في كريات شمونة بعد إطلاق صواريخ من لبنان دون دوي صفارات الإنذار. كما اعلن حزب الله استهداف مبنى في مستعمرة المطلة يتموضع فيه جنود العدو بالأسلحة المناسبة، كما استهدف سلاح المدفعية في المقاومة الاسلامية موقع الرادار في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وتم تحقيق اصابات مباشرة. كما قصف حزب الله مربض الزاعورة وموقع بركة ريشة، فيما اعلن الجيش الإسرائيلي اسقاط مسيّرة آتية من لبنان.

غارات اسرائيلية

 

وواصل الطيران الحربي الإسرائيلي انتهاك الأجواء اللبنانية، محلقاً فوق بيروت وجبل لبنان، في وقت أغار صباحاً على بلدة عيتا الشعب، وشن غارتين على بلدة الخيام وغارة على كفركلا وطيرحرفا استهدفت منزلاً لشخص من آل عطايا سبق أن استهدف سابقاً ما أدى إلى تدميره بالكامل. وحلّقت مسيّرات إسرائيلية من نوع هيرمز 450 و900 في أجواء النبطية والزهراني. وقصف جيش الاحتلال بالمدفعية أطراف بلدتي طيرحرفا والجبين وحرش هورا بين كفركلا وديرميماس وسهل مرجعيون وتلة حمامص، وأطلق من داخل موقع العباد رشقات نارية في اتجاه الأحياء السكنية في حولا وقام بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة باتجاه بلدتي كفركلا والوزاني. واستهدفت غارتان بلدة كفركلا الحدودية، وكذلك حصلت غارات متتالية على الحي الشرقي في الخيام وعلى أطراف كفرشوبا وأطراف الفرديس.

توتر داخلي

 

داخليا، ادى تعيين مجلس الوزراء امس اللواء حسان عوده بعد ترقيته من رتبة عميد إلى لواء، رئيسا للاركان، ازمة قديمة –جديدة مع التيار الوطني الحر، فيما بقي شاغرا في مجلس القيادة منصبا العضوين الشيعي والاورثوذكسي، وفي ظل تحرك في محيط السراي لم يخل من التصعيد والمواجهات نظمه العسكريون المتقاعدون مطالبين بإنصافهم، أعلن ميقاتي عن عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء يوم غد السبت ستخصص للبحث في أوضاع العسكريين المتقاعدين وموظفي القطاع العام، وتم خلال الجلسة اقرار نشر موازنة العام 2024 وستكون فورا موضع تنفيذ.

جلسة حكومية  يوم غد

 

فوسط توتر وتدافع بين الجيش اللبناني والعسكريين المتقاعدين الذين أقفلوا مداخل السراي الحكومي لمنع انعقاد جلسة مجلس الوزراء قبل زيادة رواتبهم وتلبية مطالبهم، تمكّن مجلس الوزراء من الانعقاد بعدما وصول عدد من الوزراء إلى السراي بواسطة آليات الجيش. وقد أكد الرئيس ميقاتي حرصه على حقوق المتقاعدين، وقال: أعي تماماً الواقع الاجتماعي للمتقاعدين والأوضاع التي يمرّون فيها، ولكن لا نستطيع تجاوز سقف الإنفاق، ولم يكن موضوع بدل الإنتاجية للقطاع العام مطروحاً على جدول الأعمال في الجلسة بل سنعقد جلسة يوم السبت للبحث في زيادة بدل الإنتاجية للقطاع العام من أجل استمرار العمل في الوزارات والإدارات العامة.

انفجار الخلاف مع «التيار»

 

في هذا الوقت، اثار تعيين العميد حسان عودة رئيسا للاركان بعد ترقيته إلى رتبة لواء رد فعل عنيف من قبل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل كونه تم من دون اقتراح وزير الدفاع المختص العميد موريس سليم، حيث سيلجأ «التيار» الى الطعن في هذا التعيين أمام مجلس شورى الدولة.

باسيل «ونحر الطائف»

 

وقد اكد سليم ان ما حصل مخالفة دستورية وقانونية جديدة ارتكبها رئيس الحكومة، نافيا ان يكون اقترح اي اسماء للتعيينات العسكرية انسجاما مع رغبة عارمة رسمية وسياسية وروحية بعدم اجراء اي تعيين في الوظائف الشاغرة في غياب رئيس الحمهورية. من جهته، اعتبر باسيل ان ما حصل نحر من قبل حكومة مستقيلة لدستور الطائف. وقال «من اقترح على الحكومة المستقيلة تعيين موظف فئة اولى من دون الوزير المعني، هو قد اغتصب صلاحية دستورية تعود لوزير الدفاع وفقاً للمادة 66 من الدستور، وهذا جرم جنائي معاقب عليه بالاعتقال لمدّة لا تقل عن سبع سنوات وفقاً للمادة 306 من قانون العقوبات». واكد انه من البديهي ايضاً ان يقدّم طعن امام مجلس شورى الدولة في هكذا قرار، وفي هكذا مرسوم صادر دون توقيع الوزير المعني، ومن الطبيعي ان يُقبل الطعن ويتم وقف تنفيذ القرار فوراً وإلغاؤه، والاّ ما معنى ان يكون هناك دستور وقانون وشورى دولة؟!