IMLebanon

الديار: «ترتيب» المنطقة على «نار حامية» وجبهة الجنوب تفرض لبنان «لاعباً رئيسياً»

 

 باريس مرتاحة للرد اللبناني على «المبادرة» وخطة هوكشتاين تحتاج «للتنقيح»

 ماذا بعد زيارة صفا الايجابية الى الامارات؟… تعديلات حول السلاح في وثيقة بكركي – ابراهيم ناصرالدين

 

يبدو الايقاع الداخلي اللبناني بطيئا، ولا يسير على موجة واحدة مع الاحداث والتطورات الاقليمية المتسارعة، وحدها الجبهة الجنوبية تضع لبنان على «الخريطة» وتجعله لاعبا رئيسيا في «لعبة» تشكيل المنطقة، واعادة ترتيبها على وقع التطورات الميدانية في غزة، وموازين القوى الجديدة، حيث تتصاعد وتيرة التحركات الدبلوماسية لبلورة هدنة يحاول رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو التنصل منها بشتى الطرق، علما انه رضخ للضغوط بالامس واعلن ارسال رئيس الموساد الى الدوحة اليوم لاجراء جولة جديدة من التفاوض غير المباشر مع حركة حماس، فيما عقد في القاهرة اجتماع سداسي عربي مع وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن حيث تم البحث في جهود وقف الحرب، وحتمية تحقيق وقف إطلاق النار.

 

داخليا،عاد مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا من الامارت بأجواء ايجابية حول ملف المعتقلين اللبنانيين، فيما شهدت بكركي جولة جديدة من «العصف الفكري» بين القوى المسيحية الاساسية، في غياب «تيار المردة»، في اطار وضع اللمسات الاخيرة على «وثيقة» تعبر عن الهواجس المسيحية في ظل الفراغ الرئاسي وما يلحق بالمسيحيين من «غبن» في الدولة. ووفقا للمعلومات، تبقى بعض النقاط بحاجة الى صياغة، ومنها ما يتعلق بكيفية مقاربة سلاح حزب الله حيث خضعت النقاط حوله لتعديلات بعد تحفظات من التيار الوطني الحر، فيما اعلنت كتلة الوفاء للمقاومة ان ردها على المبادرات الرئاسية بات قريبا، مع تسجيله ملاحظة واضحة حيال البطء في معالجة الفراغ في بعبدا.

ايجابية بلينكن؟

 

وفيما تقصد الوزير الاميركي اشاعة اجواء ايجابية حول اقتراب التوصل الى اتفاق هدنة، عبر الاعلان ان مفاوضات الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والإفراج عن المحتجزين تقترب من  الوصول الى الاتفاق، مؤكدا أن الفجوات تضيق، واصفا الاتفاق بأنه أصبح ممكنا جدا، تحدثت مصادر دبلوماسية عن نقاش معمق اجراه بلينكن في السعودية قبل يومين بشأن تصور عربي لخطة سلام إقليمي شامل، تبدأ بإنهاء الحرب على القطاع ثم إطلاق مسار يقود إلى إقامة دولة فلسطينية، مقابل تطبيع مع «اسرائيل» استنادا الى مبادرة السلام العربية، وهو امر لا تزال امامه عقبات كبرى في ظل رفض اليمين الاسرائيلي الحاكم لاي مفاوضات تفضي الى قيام دولة فلسطينية.

تهديدات بايدن لنتانياهو

 

من جهته، كشف محلِّل الشؤون العسكريّة عاموس هارئيل النقاب عن أنّ الرئيس الأميركيّ جو بايدن أوضح لرئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو، أنّ واشنطن ستمنع أيّ عمليةٍ عسكريّةٍ في رفح. ونقل عن مصادر امنية رفيعة في تل ابيب تاكيدها ان بايدن أوضح لنتنياهو في المكالمة الهاتفيّة التي جرت بينهما الثلاثاء، أنّ «إسرائيل» مرتبطة عضويا بالولايات المُتحدّة في جميع النواحي، وفي مقدّمتها العسكريّة، وذلك في تهديد مبطن حيال احتمال وقف المساعدات العسكرية اذا لم يستجب لموقف الادارة الاميركية حيال الهدنة!

خسارة الحرب

 

وفي اقرار بخسارة الحرب قالت صحيفة «معاريف»، أنّ الأشهر الأخيرة أثبتت بما لا يدعو مجالاً للشكّ أنّ الحرب على غزّة كانت إخفاقًا مطلقًا. في المقابل، عبّرت الصحيفة عن إيمانها العميق بأنّ صفقة تبادل الأسرى لن تخرج الى حيّز التنفيذ، لأنّ نتنياهو يرفضها، ذلك أنّ رئيس الوزراء، يريد حربًا، ولهذه الحرب لا يوجد أيّ هدفٍ سوى أنْ يبقى في الحكم، ولا يلوح في الأفق أيّ حديثٍ عن إنهاء هذه الحرب.

جهود وارتياح فرنسي

 

وبانتظار الاجوبة التي سيتلقاها بلينكن من نتانياهو اليوم، وكذلك مسار التفاوض الصعب في الدوحة، اعلنت الخارجية الفرنسية العمل على كل الجبهات لتجنب التصعيد بين لبنان و «إسرائيل»، ولفتت إلى أن فرنسا تعمل لتجنب التصعيد الإقليمي خصوصا على الحدود في الجنوب، وكان لافتا الاعلان الفرنسي عن الارتياح لما اسمته الجواب الايجابي للسلطات اللبنانية حول مقترح التهدئة الفرنسي عند الحدود. وقد اشارت مصادر سياسية بازرة الى ان جبهة الجنوب تجعل من لبنان طرفا اساسيا في اي محادثات ستجري مستقبلا، بعد ان نجح حزب الله في فرض قواعد اشتباك جديدة لا يمكن لاي من الاطراف ان يتجاوزها بسهولة. وهذا الامر سيكون على بساط البحث بعد وقف الحرب على غزة.

المبادرة «مجمدة»

 

ووفقا لمصادر مطلعة، فانه في ظل عدم وجود وقف لإطلاق النار في غزة، الشرط الأساسي الذي وضعه حزب الله من أجل وقف النار، فليس لدول الوساطة، ما يمكن أن تطرحه في هذه الأثناء، ولفتت الى ان المبادرة الفرنسية تتحدث عن وقف منفصل لإطلاق النار بين لبنان و «إسرائيل»؛ وسحب قوات حزب الله مسافة 10 كم عن الحدود؛ وانتشار 15 ألف جندي لبناني على طول الحدود؛ وتعزيز قوة الأمم المتحدة «اليونيفيل». لكن هذه المبادرة تحتاج الى»التنقيح» وستبقى مجمدة حتى لانها مشروطة بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

خطة هوكشتاين؟

 

من جهتها، كشفت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية ان المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوكشتاين سبق وابلغ من التقاهم في بيروت و «اسرائيل»، بان الاتفاق حول هدنة غزة وشيك، وهو وضع على طاولة رئيس الحكومة الانتقالية في لبنان نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، خطة المراحل التي قد تدفع قدماً بوقف لإطلاق النار في لبنان، إلى جانب قطاع غزة، وتحريك حوار يهدف إلى تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 1701 حسب التعديلات التي طلبتها «إسرائيل».

لا قدرة على الحسم راهناً

 

ووفقا للصحيفة، فان الوضع في لبنان وصل إلى طريق لا يملك أي طرف، داخلياً كان أم خارجياً، القدرة على الحسم أو فرض قرار، فيما تصب الولايات المتحدة جهدها الآن لمنع توسيع المواجهة بين «إسرائيل» وحزب الله، وتجري محادثات حول ذلك، ليس فقط مع الحكومة الإسرائيلية والحكومة اللبنانية بل أيضاً مع السعودية، وكذلك مع قطر التي تمول الجيش اللبناني جزئياً، حسب تعبيرها، وكذلك مع الإمارات التي فتحت خطوط تواصل على الساحة اللبنانية عبر سورية!

«زوال» اسرائيل؟

 

وفي «نبوءة» جديدة لمن يعرف في كيان العدو «بنبي الشؤم» الذي سبق وتنبأ بكل الازمات التي اصابت «اسرائيل»، قال الجنرال احتياط اسحاق بريك ان «دولة إسرائيل» في طريقها الى الزوال المحقق، تمامًا كما غرقت سفينة (التايتانك) عندما اصطدمت في العام 1912 بالثلج. وبرأيه من الممكن إنقاذ الكيان من هذا المصير، فقط إذا قامت «إسرائيل» بتغيير القادة السياسيين والأمنيين الذين كانوا مسؤولين عن أكبر فشلٍ في تاريخ الكيان.

الوضع الميداني

 

ميدانيا، شهدت ساعات المساء امس تصعيدا اسرائيليا حيث شنت طائرات العدو غارتين على ميس الجبل، الأولى استهدفت بصاروخين منزلاً في الحي الشرقي والثانية استهدفت منزلاً في حي رأس الظهر كان قد استُهدف سابقاً بالمدفعية. كذلك استهدفت غارة طيرحرفا في القطاع الغربي وشنت المقاتلات الإسرائيلية غارة بالصواريخ على يارين، وعيتا الشعب، ومروحين، والقوزح، والعديسة… ودوت صفارات الإنذار في كريات شمونة ومحيطها. كذلك دوت صفارات الإنذار في منطقة أفيفيم بالجليل الأعلى على الحدود الجنوبية، واعلن حزب الله استهداف موقع المالكية بالقذائف المدفعية وحقق إصابة مباشرة. وفيما سمعت اصوات انفجار صواريخ اعتراضية وقصف مدفعي إسرائيلي فوق كفركلا، اعلنت المقاومة ايضا انها استهدفت موقعا وتموضعا لقوة استخبارات عسكرية إسرائيلية في مستوطنة المطلة. وقال الحزب في بيان إن عناصره استهدفوا نقطة تموضع ‌‏لقوة استخبارات عسكرية في مستعمرة المطلة، وأصابوها إصابة مباشرة وأوقعوا أفرادها بين قتيل ‌‏وجريح.‏ وخرق طيران العدو جدار الصوت في أجواء منطقتي النبطية وإقليم التفاح على علو منخفض، مما أحدث دويا قويا.

تغريدة «عنصرية»؟!

 

وفي تغريدة تحمل في طياتها «عنصرية» مقيتة، علّق عضو كتلة الكتائب النائب الياس حنكش على المعلومات التي تحدثت عن ان الحكومة ستصرف ما قيمته 20 الف دولار لعائلة كل شهيد جراء الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، فكتب عبر منصة «اكس» قائلا «إن كانت المعلومات صحيحة، فإن الدولة ستعتبر شهداء حزب الله شهداء درجة أولى وستدفع تعويضا لعائلاتهم في حين لم تكترث لباقي الشهداء، ومن بينهم ضحايا تفجير المرفأ الذين لم يحصلوا على أي تعويض رغم تلقي لبنان مساعدات تخطت قيمتها نصف مليار د. أ.». وختم قائلا: «الضرايب عولاد الدولة والتعويض «لولاد الدويلة»!؟

صفا عاد من الامارات؟

 

وفيما عاد مسؤول وحدة الارتباط في حزب الله وفيق صفا الى بيروت بعد زيارة غير مسبوقة الى الامارات، حيث بحث حصرا في بت قضية الموقوفين اللبنانيين، ولا شيء آخر، ذكرت مصادر مطلعة ان كل الكلام عن تزامن اطلاق سراحهم مع انتهاء الزيارة، كان مجرد تكهنات اعلامية، ولا يمكن البناء عليها لتحليل اجواء الزيارة التي اتسمت بالايجابية. ووفقا لتلك المصادر، الزيارة خطوة اولى لانهاء هذا الملف، وستكون هناك زيارت اخرى لاستكمال حل هذه القضية.

الزيارة ايجابية… ماذا بعد؟

 

وقد رافق صفا مسؤول امني اماراتي وصل الى بيروت لمرافقة وفد حزب الله الى العاصمة الإماراتية، ثم عاد معه كضمانة امنية، وتجنبا لاي احتمال قرصنة جوية قد تقوم بها «اسرائيل». ووفقا للمعلومات، فان الزيارة التي استمرت ثلاثة ايام، كانت ايجابية، وكانت محصورة بمناقشة ملف المعتقلين مع المسؤولين الاماراتيين والبحث في كيفية اطلاق سراحهم واعادتهم الى لبنان، وهي لم تتطرق الى اي ملفات داخلية وإقليمية. وبحسب مصادر دبلوماسية، فان هذه الخطوة مهمة جدا، ويمكن البناء عليها، لان ثمة قناة للتواصل قد فتحت بين حزب الله والامارات، حتى لو كانت حتى الان محددة بمواضيع معينة.

«وثيقة» بكركي وتحفظات «التيار»

 

في هذا الوقت، اقتربت خمس قوى مسيحية من الاتفاق على وثيقة «وطنية» برعاية بكركي، تتناول العديد من المسائل السياسية، وثمة توجه للاتفاق على الوثيقة قريبا. وقد جمع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثلي الاحزاب المسيحية، باستثناء تيار المردة. وبحسب المعلومات، فان بنود الورقة النهائية أصبحت جاهزة والاتفاق تم بنسبة 90 في المئة من حيث تقارب الافكار، وهي ليست بعيدة عن ورقة «القوات و «التيار»، لكنها تحتاج الى صياغة وتصور نهائي. الا ان كيفية صياغة الموقف حول سلاح حزب الله لا يزال يأخذ حيزا كبيرا من النقاش، وقد رفض «التيار» مسألة الدعوة الى نزع فوري للسلاح وتحدث عن خطة على مراحل، كما ربط مسألة حياد لبنان ببناء جيش قوي، على النموذج السويسري.

تراجع الحضور المسيحي

 

وتتطرق مسوّدة وثيقة بكركي الى دور لبنان التاريخي والحر، كما تذكر بالثوابت التاريخية، اي الحرية والتعددية والمساواة في الشِرْكة واحترام اتفاق الطائف والقرارات الدولية والحياد واللامركزية الادارية الموسعة. وتدعو الوثيقة الى بسط سيادة الدولة على كل اراضيها وحماية حدودها ووضع السيادة بحمى بالجيش اللبناني والقوى الامنية حصراً وتبني استراتيجية دفاعية واضحة، كما إلى عدم الانزلاق الى خيارات لا تخدم لبنان وشعبه والعمل معاً لانتخاب رئيس ووضع ميثاق شرف بين المسيحيين اولاً ثم مع الافرقاء الاخرين. وتنبّه الوثيقة الى تراجع الحضور المسيحي في القطاع العام وبيع اراضيهم وخطر السلاح غير الشرعي اللبناني وغير اللبناني والنزوح السوري وتوطين الفلسطينيين والفساد وتأخير الاصلاح.

وثيقة وطنية

 

وجاءت اجتماعات بكركي نتيجة المساعي التي قام بها المطران انطوان بونجم بتكليف من البطريرك، الذي عمل طوال الاشهر الثلاثة الماضية مع الاحزاب في محاولة لايجاد قواسم مشتركة فيما بينها. وتابع جولته خلف الكواليس، وتم بنتيجتها تشكيل لجنة مصغرة، بدأت تضع نقاط التقاطع المشتركة مع القوى السياسية اللبنانية للوصول الى خريطة طريق او تصور يوافق عليه كل اللبنانيين. وهذا التصور يكون المنطلق للرئيس المقبل، وعلى اساسه يصار الى انتخابه.

لا جديد رئاسيا

 

في هذا الوقت، لا تزال المراوحة الرئاسية على حالها. وفي سياق «ملء الفراغ»، جدد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رفضه للحوار،. واعلن ان انتخابات رئاسة الجمهورية اسمها انتخابات، ودستوريا هي انتخابات، وعمليا هي انتخابات مع او من دون تفاهمات مسبقة. وقال انه لا حل لانتخابات رئاسة الجمهورية الا بالانتخاب، والذي يقول انه من دون حوار لا رئاسة جمهورية، يعني انه يقول عمليا وعلنا وصراحة، إذا لم تقبلوا مرشحي فلا رئاسة جمهورية. وهذا أمر غير مقبول ومرفوض تماما!

الاستحقاق «مؤجل»

 

وفي تعبير واضح عن المأزق الراهن، وصف النائب بلال عبدالله بعد زيارته مع النائب فيصل الصايغ مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الأوضاع بالمستعصية. وقال «يبدو أنه بعد تعثر مبادرة كتلة الاعتدال التي كنا ندعمها نحن، وما زلنا ندعم هذا التوجه، وعلى إيقاع الحرب الإقليمية القائمة، وإيقاع الأصوات التي نسمعها من هذا الفريق أو ذاك، يبدو أن الجو الداخلي لم يصبح بعد جاهزا للتسوية الداخلية لانتخاب رئيس، وكذلك الجهود التي تبذلها اللجنة الخماسية لم تثمر بعد، وأن هذا الاستحقاق للأسف ما زال مرحلا».

موقف حزب الله «قريبا»

 

من جهتها، جددت كتلة الوفاء للمقاومة «عزمها الدائم على مراعاة الوفاق الوطني وعلى تطبيق الدستور، لا سيما لجهة بذل الجهود لاختيار رئيس سيادي للبلاد قادر على الاضطلاع بمسؤولية مواجهة التحديات. ولفتت الى انه من موقع مشاركتها المسؤولة في مقاربة تلك التحركات، ستبلغ في الوقت القريب والمناسب موقفها الرسمي بغية إنجاز هذا الاستحقاق حفظا للمصالح الوطنية.