تعهّدات قبرصيّة للضغط أوروبياً في ملف النازحين السوريين… والعبرة في التنفيذ!
السيّد نصرالله يُحذر من الفتنة الداخليّة: لا خطوط حمراء مع «إسرائيل» – ابراهيم ناصرالدين
تظهرت الهشاشة الداخلية بأقبح صورها خلال الساعات القليلة الماضية، عقب اختطاف وقتل منسق «القوات اللبنانية» في منطقة جبيل باسكال سليمان، وما تلاها من مظاهر تحريضية اعادت البلاد سنوات الى الوراء. وفيما اتهم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «القوات» و«الكتائب» بالتحريض على الحرب الاهلية، واصفا التهديدات التي تعرض لها عدد من المواطنين في قرى جبيل بانها خطرة جدا، جزمت مصادر امنية ان ما حصل مرتبط بعصابة خطف، تقوم بالابتزاز والمطالبة بفدية، ولا خلفية سياسية للحادث، فيما تكثفت الاتصالات الامنية والسياسية على ارفع المستويات لمنع حصول استغلال سياسي للجريمة في الشارع المحتقن عقب ساعات من التحريض، حيث بدأت ردات فعل غاضبة في جبيل، على الرغم من اعلان القوى الامنية ان العصابة اقدمت على قتل سليمان اثناء محاولة سرقته.
في هذا الوقت، الترقب سيد الموقف في المنطقة وعلى الجبهة الجنوبية، بانتظار الرد الايراني الحتمي على الاعتداء «الاسرائيلي» على مبنى القنصلية في دمشق، فيما الانظار مشدودة ايضا الى «كواليس» الاتصالات المكوكية التي يقودها الاميركيون في القاهرة، لانجاز التهدئة في غزة، في ظل كلام عن تفاؤل حذر يلف عملية التفاوض التي تتزامن مع ازمة سياسية حادة داخل كيان العدو، على خلفية الاخفاق الميداني بعد الانسحاب المذل من خان يونس، وتهديد وزراء اليمين بتطيير الحكومة في حال رضخ نتانياهو للضغوط الاميركية ووافق على «الصفقة».
وفيما رمى البيت الابيض «الكرة» في ملعب حركة حماس، وقال انها استلمت مقترحا جديدا للهدنة والتبادل والجميع بانتظار ردها، تحدث مسؤولون اميركيون في الادارة الاميركية عن تغيير جوهري في نهج الرئيس جو بايدن تجاه الدعم غير المشروط لـ «اسرائيل» في حربها على غزة، مع الاقرار بانه بطيء، لكن المهم بالنسبة اليهم انه يتحرك.
مقتل سليمان
واعلنت قيادة الجيش ان المخابرات تمكنت من توقيف معظم أعضاء العصابة السوريين المشاركين في عملية الخطف. وتبين خلال التحقيق معهم أن المخطوف قُتِل من قبلهم أثناء محاولتهم سرقة سيارته في منطقة جبيل، وأنهم نقلوا جثته إلى سوريا، وتنسق قيادة الجيش مع السلطات السورية لتسليم الجثة، وتستكمل التحقيقات بإشراف النيابة العامة التمييزية.
ميقاتي يدعو للهدوء
ودان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الجريمة، وشدد على استمرار التحقيقات لكشف الملابسات الكاملة وراء عملية الخطف والمتورطين فيها وفي اغتيال المخطوف وتقديمهم الى العدالة، وقال: في هذه الظروف العصيبة ، ندعو الجميع الى ضبط النفس والتحلي بالحكمة وعدم الانجرار وراء الشائعات والانفعالات.
«القوات» تصر على التسييس!
من جهتها، اصرت مصادر في «القوات اللبنانية» على ان قتل باسكال سليمان جريمة سياسية موصوفة وسنتابع المسألة، ولن نسكت عن هذه الجريمة التي لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد باي فدية، وليست مسألة خاصة انما مسألة سياسية بامتياز.
التحقيقات بالجريمة
وكانت الاجهزة الامنية وفي طليعتها استخبارات الجيش قد نجحت بعد ساعات من اختطافه، في الحصول على خيوط وتفاصيل كثيرة متصلة بالقضية لجهة مصيره والجهة الخاطفة، وتم التعرف الى المكان الذي اختطف اليه والسيارات المستعملة. وبالاستناد الى افادات من اوقفتهم مخابرات الجيش، تبين ان العملية مرتبطة بالخطف مقابل الفدية، وان العصابة متمرسة في هذا الامر، وبات كل عناصرها مكشوفين للقوى الامنية. وكان سليمان قد خطف بعد تقديمه واجب العزاء في احدى الكنائس في المنطقة، حيث اقدم مسلحون يستقلون سيارتين على تطويقه واخذه بالقوة، وقد ساعدت كاميرات المراقبة في المنطقة وعلى الطريق الساحلي في تحديد وجهة الخاطفين، كما عملت مخابرات الجيش على تفريغ محتويات هاتفه النقال الذي وجد في مكان قريب.
توقيف سوريين
وأعلنت قيادة الجيش في بيانات منفصلة توقيف عدد من السوريين المشاركين في عملية الخطف، بلغ عددهم 4، ويجري التحقيق معهم لكشف ملابسات العملية. ووفقا للمعلومات، عثرت مخابرات الجيش في طرابلس على السيارة التي استخدمها خاطفو سليمان. وكشفت التحقيقات الاولية ان اللوحة التي استخدمت على السيارة أجنبية، بينما السيّارة مسروقة. وواصلت مخابرات الجيش البحث عن شخص سوري آخر متورّط في عمليّة الخطف.
ووفقا للمعلومات، سيزور قائد الجيش ووزير الداخلية بكركي اليوم لاطلاع البطريرك على تفاصيل ما حصل. في الاثناء، استمر اقفال اوتوستراد جبيل ، وشلت الحركة في المدينة، تلبية لدعوة الى الاضراب وجهتها «القوات»، وقد نشر حزب «القوات» ورئيسه سمير جعجع على منصة «اكس»، صورة لمنسّق الحزب في قضاء جبيل، مع التعليق الآتي «ما بتِقطع»!
نصرالله: ما حصل خطر جدا
وقبل الاعلان عن مقتل سليمان، علق الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على عملية الخطف قائلا: «ان محطة اعلامية خبيثة، و «القوات» و «الكتائب»، حرضوا واتهموا حزب الله والممانعة بخطفه»، واضاف: «سمعنا كلاما بغيضا وطائفيا، وتم قطع الطرقات، والتهديد باستخدام السلاح». وشكر السيد نصرالله الاجهزة الامنية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية وقائد الجيش، وانتقد اللغة والسلوك الذي يقود به هؤلاء الشارع المسيحي، ليس بسبب الاحقاد فقط ، بل بسبب ارتباط هؤلاء بمشاريع خارجية ايضا. وخلص الى القول «ما حصل درس للبنانيين والمسيحيين خصوصا، وهو فضيحة لـ «القوات اللبنانية» و «الكتائب» وكل من وقف وراء خطابهم، فهم اصحاب فتن ويبحثون عن الحرب الاهلية، ونحن «الثنائي» من يحافظ على السلم الاهلي. وردا على قيام هؤلاء بتهديد بعض سكان تلك المنطقة، قال نصرالله انه امر خطر جدا جدا.
اقرار «اسرائيلي» بالهزيمة
في غضون ذلك، وضمن قراءتهم للقرار «الإسرائيلي» المفاجئ بالانسحاب من خان يونس وجنوب قطاع غزة، تزامناً مع عملية نوعية للمقاومة، ومع مرور نصف عام على الحرب، اعتبر عددٌ من المراقبين «الإسرائيليين» هذا القرار تعبيرا جديدا عن الفشل الذريع الذي تتحمّله الحكومة، مشدّدين على ضرورة إخراج صفقة تبادل لحيز التنفيذ فوراً. وتساءل محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل، في مقال بعنوان: «إلى أين نسير من هنا» عن المرحلة المقبلة، مشدداً أن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة اليوم بعد هذه الانسحاب: تصعيد إضافي مع حزب الله وايران ، تقدم مفاجئ نحو صفقة، أو عملية عسكرية جديدة في القطاع والاتجاه الأساس نحو رفح.
«اسرائيل» نحو الهاوية
من جهته، اكد من يصفه «الاسرائيليون» بـ «جنرال الغضب» اسحاق بريك، ان نتنياهو وغالانت وهليفي خسروا السيطرة بصورة مطلقة على الوضع، وأن «الإسرائيليين» يصمتون رغم أنهم ركابٌ على متن تايتانيك «إسرائيلية» تقودها قيادة فاسدة.
ووجه الجنرال المتقاعد انتقادات حادة لحكومة الاحتلال ورئيسها، واتهمها بدفع «إسرائيل» نحو الهاوية، وقال إنه بسبب موقف الجمهور «الإسرائيلي» هذا، فهو لا يعمل على تغيير مسار السفينة التي يسيطر على قيادتها أشخاص من المستوى السياسي والعسكري أضاعوا دربهم، واختلطت عليهم الأمور، ولا يمكن الوثوق في رجاحة رأيهم وقراراتهم، وَهُم يقودون «الإسرائيليين» نحو الارتطام بجبل الجليد.
الضربة الايرانية والحرب الاقليمية؟
وحذر بريك مما اسماه طريقا لا رجوع عنها، وقال «الضربة القوية التي يمكن أن توجهها إلينا إيران رداً على قرار زعامتنا، التي فقدت عقلها وقررت مهاجمة القنصلية الإيرانية في دمشق وتعريض وجود الدولة للخطر، كلها أمور تزيد من المخاوف من نشوب حرب إقليمية عاجلاً أم آجلاً لسنا مستعدين لها مطلقاً». وطبقاً لتقديرات بريك، فإنه عن طريق الفرصة التي أُعطيت للإيرانيين بسبب حماقة زعامة «إسرائيل « يجب الفهم أنه بعد هجوم كهذا، ستتغير القواعد في الشرق الأوسط كثيراً بصورة ليست في مصلحة «إسرائيل».
الاستعداد للاسوأ «كهربائيا»؟
ووسط تصاعد المخاوف من انقطاع الكهرباء اذا اندلعت الحرب مع حزب الله، أوصى رئيس إدارة شركة الكهرباء في كيان الاحتلال الإسرائيلي «نوغا» اللواء احتياط سامي تورجمان، المستوطنين بوضع منظومة طاقة شمسية على السطح لاستخدامها ليس في الروتين فقط، لكن في الطوارئ أيضاً. وقدّم تورجمان، في مقابلة مع «القناة 14 الإسرائيلية»، سيناريو توسّع الحرب مع لبنان يتضمّن حالات انقطاع التيار الكهربائي لساعات في معظم المستوطنات، مرجحاً أنّ يكون هناك استهداف محدّد يؤدي إلى أزمة في التغذية الكهربائية. وأشارت القناة إلى أنّ «نوغا» هي «إحدى المنشآت الأكثر حماية في «إسرائيل»، والتي يُفترض بها أن تعمل وتسمح باستمرار إمداد الكهرباء طوال أيام الحرب، وحتّى في السيناريو الأسوأ الذي يتحدّث عن سقوط آلاف الصواريخ يومياً. وأضافت أنّ سقوط عشرات آلاف الصواريخ، ومنها الدقيقة، ستجلب دماراً في أنحاء «إسرائيل»، وهذا هو السيناريو الأكثر تفاقماً في المؤسّسة الأمنيّة «الإسرائيليّة» بشأن الحرب مع حزب الله.
انهيار خلال ساعات!
من جهته، أقرّ مدير عام شركة «نوغا» شاؤول غولدشتاين في حديثه مع القناة نفسها، أنّ «إسرائيل» لا تستطيع الصمود في سيناريو العتمة لعدّة ساعات وسيحصل الانهيار، مضيفاً أن عليها الاستعداد للأسوأ «نحن لا نعلم ما الذيّ يخطّط له حزب الله. بدوره، تحدّث نائب مدير عام تشغيل «نوغا» شمعون فيشر عن اللجوء إلى خطة إذا توقّف التزويد بالكهرباء وفيها يتم الدعم بمولّدات الكهرباء الّتي تعمل بالديزل في محاولة لتأمين مواصلة العمل في الشركة…
نصرالله: «اسرائيل» ارتكبت حماقة
وكان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، قد اكد «ان الحماقة التي ارتكبها «الاسرائيليون» بالهجوم على القنصلية الايرانية في دمشق عجلت اتصال الرئيس الاميركي جو بايدن بريس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو»، مشددا على «ان هذا الاتصال هو دليل ان الاميركي يستطيع ان يفرض على «اسرائيل» ما يشاء». وخلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه الحزب، لمناسبة استشهاد اللواء محمد رضا زاهدي ورفاقه في الغارة «الاسرائيلية» على القنصلية الايرانية في دمشق، في مجمع سيد الشهداء في الضاحيةالجنوبية، كشف «أن حضور الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان يعود تاريخه إلى العام 1982 بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان»، موضحا انه «نتيجة إحساس الإمام الخميني بالمسؤولية في العام 1982، قرر إرسال قوات إلى لبنان وسوريا لمساندة اللبنانيين والسوريين في مواجهة الاجتياح الاسرائيلي». وأشار الى ان «استهداف القنصلية الإيرانية في سوريا يعني أن الاعتداء هو على إيران وليس فقط على سوريا»، معتبرا ان «الجديد أيضا هو مستوى الاغتيال حيث كان الشهيد زاهدي هو مسؤول المستشارين في سوريا».
الرد حتمي
وأوضح السيد نصرالله «ان التقديرات تشير إلى أنَّ العدو أخطأ التقدير في استهداف القنصليه، نسبةً لما أُعلن من موقف إيراني وما يُنتظر من رد فعلٍ إيراني». ولفت الى انه «عند توافر المعلومات، بات واضحا ان الاميركي سلم و «الاسرائيلي» والعالم كلّه سلّم بالردّ الإيراني على هذا الاستهداف، وهذا حق طبيعي لإيران ومن الطبيعي أن تقوم الجمهورية الإيرانية بهذا الرد».
لا خطوط حمراء
وحول إسقاط المقاومة الإسلامية في لبنان طائرة «هرمز 900»، قال السيد نصرالله «أسقطنا طائرة هرمز 900 وهي فخر الصناعة «الإسرائيلية»، وضُربت قيمتها العسكرية والتجارية ، ولا نريد إظهار الصاروخ الذي أصابها». وأضاف: «إن العدو اعتبر أن اسقاط الطائرة هو تجاوز للخطوط الحمر ونحن نقول له من قال إننا لا نتجاوز الخطوط الحمر»؟ مشددًا على «ان أهمية العملية هي أنَنا أسقطنا طائرة هرمز في الخطوط الأمامية، وهو يقرأ ما للمقاومة من قدرات في الدفاع الجوي.».
ملف النزوح الى اين؟
رئاسيا، ودون ان يقدم اي توضيحات، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الملف الرئاسي سيتحرّك بعد الأعياد. وقال بري في حديث للصحافيين بعد اللقاء مع الرئيس القبرصي، ان الاجتماع كان جيداً وليس هناك عتب من قبرص على لبنان بل تعاون مثمر. ووفقا لمصادر مطلعة، قدم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي احاطة مفصلة عن الاعباء التي يتحملها لبنان بفعل ازمة النزوح في لقاء ثنائي مع الرئيس القبرصي، ثم انضم عدد من القيادات الامنية والعسكرية، حيث تم عرض ارقام مقلقة حول النزوح، فالسوريون باتوا يمثلون 30 في المئة من سكان لبنان، والولادات 50 في المئة من الولادات على الاراضي اللبنانية.
تعهدات قبرصية
وقد تعهد الرئيس القبرصي باثارة الملف مع دول اوروبية تتعامل بسلبية مع عودتهم الى بلادهم ، حيث سيسوق لاعادتهم الى مناطق آمنة داخل الاراضي السورية. وهو سيحمل ملفا متكاملا الى مؤتمر النازحين في نهاية نيسان. كما وعد بتأمين حزمة مساعدات للحكومة اللبنانية والجيش لمكافحة التهريب. وطالب رئيس الحكومة بالحصول الى داتا كاملة بالنزوح من المنظمة الدولية، وعلى تعهدات بان من ستعيدهم قبرص الى لبنان سيرحلون على سوريا دون اي اعتراضات اوروبية! وتم التوافق على ان تقوم قبرص بمسعى لدى الاتحاد الاوروبي لوضع “اطار عملي” مع لبنان، على غرار ما حصل بين الاتحاد الاوروبي وكل من مصر وتونس، ومن شأن هذه الخطوة المرتقبة منح الحكومة اللبنانية المزيد من المساعدات الضرورية، واعطاء النازحين السوريين حوافز للعودة الى بلدهم.
لكن مصادر حكومية اكدت ان العبرة تبقى في التنفيذ! وعقد قائد الجيش العماد جوزاف عون اجتماعا مع نظيره القبرصي الجنرال جورج تسيتسيكوستاس، جرى خلاله البحث في التعاون الامني بين البلدين.