مصدر دبلوماسي: مخاوف على امن الحدود والداخل… وحياة الفراج في خطر
مبادرة جديدة للدوحة عنوانها رئاسي وحقيقتها اعادة ترتيب النظام اللبناني – ميشال نصر
بين الزخم المتجدد على الخط الرئاسي داخليا مع جولة اللقاء الديموقراطي ووفد الحزب الاشتراكي، والاندفاعة القطرية باتجاه بلورة مبادرة جديدة، قد تحتاج الى اسابيع قبل خروجها الى النور، يستقطب الحدث الدولي من وراء البحار الاهتمام، رصدا لما قد ينجم عنه من مواقف في ظل معلومات عن ضغوط اميركية كبيرة تمارس لانهاء الشغور الرئاسي، فيما يؤكد حزب الله جهوزيته للحرب اذا فرضت.
فعشية القمة الاميركية- الفرنسية في باريس، اصطفاف غربيا بدا واضحا معه الانقسام العالمي، بتجليه الاوكراني، يحضر الملف اللبناني من بوابة ما صدر من مواقف عن اجتماع «رؤوساء الحكومات»، فيما بقي السباق المحموم بين الجهود الدبلوماسية الدولية والتصعيد العسكري الخطر على الجبهة الجنوبية على أشدّه، رغم تسجيل تراجع ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية، بعد التصعيد الخطر على جانبي الحدود واعتماد سياسة الارض المحروقة وترسيمها بالنار بدل الديبلوماسية.
ضبط النفس
فقد اكد رؤساء دول وحكومات اللجنة الرباعية (فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا) في بيانهم الصادر في باريس أن الحفاظ على استقرار لبنان مسألة حيوية، مشددين عزمهم على العمل من اجل الحد من التوتر على طول الخط الأزرق تطبيقًا للقرار 1701، داعين جميع الاطراف لضبط النفس وتجنب أي تصعيد في المنطقة، مركزين في بيانهم الخاص حول الشرق الاوسط على ضرورة الاستمرار في العمل معًا من اجل دعم خطة بايدن وتنفيذها.
قلق اممي
في السياق، دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش إلى «وقف الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله على طول الحدود بين الدولة العبرية ولبنان»، معرباً عن قلقه من خطر نشوب «صراع أوسع نطاقاً تكون له عواقب مدمّرة على المنطقة»، وتابع المتحدّث باسمه ستيفان دوجاريك، قائلا، في بيان إنّه «مع استمرار تبادل إطلاق النار حول الخط الأزرق، فإنّ الأمين العام يدعو الأطراف مرة أخرى إلى وقف عاجل لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701»، مبديا، أسفه « لفقدان مئات الأرواح، ونزوح عشرات الآلاف ، وتدمير منازل وسبل عيش على جانبي الخط الأزرق».
ميقاتي يثمّن
من جهته رحّب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالبيان الصادر، الذي «شدد على ضرورة الحفاظ على الاستقرار في لبنان وتوحيد جهودهم من خلال المساعدة على خفض التوتر على طول الخط الأزرق، وفقًا للقرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة»، مثمنا عالياً موقفهم الداعم للبنان والداعي الى بذل كل الجهود لوقف التصعيد، معتبرا ان اولوية حكومته هي في التواصل مع أصدقاء لبنان في العالم ودول القرار للجم التصعيد ووقف العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان، لافتا، إلى أنَّ «الاتصالات الديبلوماسية اللبنانية جنّبت لبنان في العديد من المحطات مخاطر الخطط الاسرائيلية لتوسيع الحرب، ليس في اتجاه لبنان وحسب، إنما على مستوى المنطقة، وهذا التوجّه عبر عنه بيان الدول الاربع بتشديده على العمل لتجنب التصعيد الإقليمي».
اجواء سلبية
وفي ظل ترقب ما قد تفضي اليه اجتماعات الاليزيه، اشارت مصادر ديبلوماسية، الى ان المناشدات ما عادت تنفع، اذ ان تل ابيب مصرة حتى الساعة على رفض كل محاولات وقف اطلاق النار، معتبرة ان «المونة» الاميركية – الغربية على رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، تبقى اضعف تاثيرا من حسابات الاخير الداخلية، وأزماته التي يتخبط فيها، وهو ما يدفع نحو الخشية من ان تعمد تل ابيب الى التعويض عن وقف عملياتها في غزة، بمحاولة تحقيق انتصار ما —على الجبهة اللبنانية، مستندة الى، وحدة الموقف الداخلي بين الحكومة والمعارضة حول ضرورة حل معضلة الجبهة الشمالية، من جهة، والتاييد الدولي الواضح والصريح في هذا الاتجاه ايضا، من جهة اخرى، وان كان التباين هو حول كيفية تحقيق هذا الهدف.
واذ ابدت المصادر عدم اطمئنانها للوضع الامني سواء على الحدود، او في الداخل، اعتبرت ان المرحلة تتطلب جهودا كبيرة وكثيفة من مختلف الاطراف في السلطة اللبنانية، ومن الجهات الديبلوماسية الدولية لمنع تدحرج لبنان نحو حرب ستشكل الضربة القاضية في ظل الاوضاع المهترئة على الصعد كافة، رغم التحذيرات الجدية من ان «أي هجوم قوي على لبنان يعني حرباً إقليمية»، وفقدا لمقربين من محور المقاومة.
علما ان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أوضح أن الأولوية هي تجنب توسع الصراع الحالي، مشيرا إلى أن هذا الموضوع هو جوهر المحادثات الدبلوماسية مع «إسرائيل» والدول الأخرى في المنطقة، لافتا إلى أن حزب الله لا يزال ينفذ ضربات عبر الحدود، بعضها مدمر بشكل كبير، وأن «لإسرائيل» الحق في الدفاع عن نفسها ضد ما اسماه «الهجمات الإرهابية»، ولكنه عبر عن القلق من خطر تصعيد الصراع وتوسيعه، وهو ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول موقف واشنطن الفعلي، وفقا للمصادر.
الوضع الامني
هذا الغليان الميداني العسكري جنوبا، تقاسمه امس، حادث شهدته منطقة الكولا بين دورية من مديرية المخابرات و «مجموعة سورية»، بعد ساعات من الحادثة الارهابية التي تعرضت لها السفارة الاميركية في عوكر، التي ينتظر اتمام التحقيقات فيها، استقرار الوضع الصحي للمهاجم «قيس الفراج»، الذي تدهور بشكل مفاجئ، بعد خضوعه لعملية صعبة ودقيقة نجح معها الاطباء في وقف النزيف الذي تعرض له نتيجة اصابة مباشرة في الشريان الابهر في الفخذ، على ما اشارت مصادر طبية، مؤكدة ان نسبة نجاته ضئيلة.
حادثتان وفقا لمتابعين، اعادت الأضواء إلى ملف النازحين السوريين، مذكرة بخطورة هذا الملف، إذ لم يعد من فارق بين نازح مسجل أو غير مسجل، بين موجود بشكل شرعي ومن دخل خلسة عبر التهريب، ما يطرح بجدية ضرورة حل ملف النازحين ككل، بعد الخيبة التي اصيب بها الموقف اللبناني في مؤتمر بروكسل.
الملف الرئاسي
وفيما يواصل العدو الكامن خلف الحدود الجنوبية اعتداءاته التي تحصد الموت وتخلف الدمار، تستشرس مافيا الداخل المتحكمة بمفاصل الدولة اللبنانية في التمديد للفراغ والشغور في الدولة ومؤسساتها، مختبئة تحت عباءة عودة الزخم الى الملف الرئاسي، داخليا عبر الجولات الاشتراكية المكوكية، وخارجيا، من خلال المحادثات الماراتونية في قطر.
الجولات الاشتراكية
من هنا، على ما يبدو جاء التحرك الاستطلاعي، لكتلة اللقاء الديموقراطي والحزب الاشتراكي، التي يؤكد احد نواب تكتل الاعتدال على انه غير منسق معهم، رغم ترحيبهم باي مسعى يصب في خانة الحلحلة، وان كانت بعيدة المنال راهنا، مستبعدا ان يكون التحرك المدعوم فرنسيا هدفه ضرب المسار المشترك للخماسية والاعتدال.
مصادر اشتراكية اشارت الى ان التحرك الذي باشره النائب تيمور جنبلاط بالتنسيق مع «وليد بيك»، حتمته النتائج التي خلص اليها الاخير، من الزيارات والاتصالات الخارجية التي قام بها خلال الايام الماضية، حيث سمع وجهات نظر، وافكارا تصلح للبناء عليها الا انها بحاجة الى التطوير، قبل تحويلها الى مبادرة جدية.
ورات المصادر، ان الهدف من الجولات محاولة لتقريب بعض وجهات النظر خاصة المرتبطة بمسألة الانتخاب وديموقراطية الانتخاب وحق الجميع في الترشح من ناحية، ومن ناحية أخرى الا يكون اولوية الحوار قبل الجلسات والعكس صحيح، مع التركيز على التشاور وأهميته بين الكتل لتقريب وجهات النظر، خاتمة «لسنا متشائمين لكن في الوقت نفسه لا يمكننا ان نبشّر اللبنانيين».
الدوحة من جديد
في هذا الاطار كشف مصدر دبلوماسي عربي في بيروت، ان قطر تستعد لطرح مبادرة «ابعد واكبر» من حل رئاسي فقط، اذ ان الدوحة ترغب من خلال الدعوات التي وجهتها الى قيادات لبنانية لزيارتها والاستماع اليها، في وضع ورقة تتضمن النقاط المشتركة تنطلق من الملف الرئاسي لتصل الى بحث طبيعة النظام السياسي اللبناني والاصلاحات المطلوبة، القائم على توازنات اتفاق ٢٠٠٨.
وتابعت المصادر بان «سان كلو» الذي تطمح قطر الى انجازه، لن يكون سهل المنال، وان المبادرة التي تعتزم اطلاقها في الاسابيع المقبلة يبقى نجاحها معلقا على النتائج السياسية التي ستنتج من وقف حرب غزة، وعلى ما اذا كانت «اسرائيل» جادة في ضرب لبنان، والاهم على نتائج التسوية الحدودية الجنوبية، التي لا يمكن الا ان تترجم سياسيا، توازنا جديدا بين اطراف الداخل اللبناني.
وعليه ختمت المصادر بالتاكيد ان كل المبادرات الراهنة، خارج الورقة الفرنسية المقدمة للحكومة اللبنانية، التي وفقا لاحد ابرز وزرائها قابلة للنقاش، ولم يتم رفضها كما يتردد، ستبقى دون جدوى، لان القرار الاميركي، بموافقة دولية، اتخذ باحداث تغيير على الحدود وفي الداخل، فيما تبقى عالقة مسالة «عالحامي» او «عالبارد».
حلحلة في الكهرباء
وفيما اعيد تفعيل مبادرة مستشار الرئاسة الاميركية لأمن الطاقة آموس هوكشتاين من ضمن حزمة إغراءات لدعم الاقتصاد اللبناني، وبعد زيارة وزير الطاقة وليد فياض إلى دمشق ومناقشته موضوع استجرار الغاز والكهرباء عبر سوريا مع المسؤولين في دمشق، ناقش الاخير اليوم مع رئيس حكومة تصريف الاعمال، الاستياء السوري من عدم وجود مبادرة رسمية واضحة من لبنان تجاه العلاقة مع سوريا، معلنا بعد زيارته السراي، ان «هناك زيادة في تغذية الكهرباء، فمؤسسة كهرباء لبنان تعمل مع مجموعتي دير عمار والزهراني وتنتج ما يعادل نحو 450 ميغاوات والآن سيرتفع الإنتاج في نصف شهر حزيران إلى نحو600 ميغاوات، وهذا يعني أن هناك ساعات تغذية إضافية، وبما أننا في فترة الصيف والحر فستزيد الحاجات نظراً الى اللجوء الى المكيفات وتصبح الحاجة الى الكهرباء أعلى، فهذا الاجراء يسمح بالمحافظة على نظام التغذية الموجود ولا يمكن أن يعطي أكثر لأن الحاجات في كل الأماكن ستكون أكبر مما كانت في فصل الربيع، وبالتالي هذا يسمح بالمحافظة على نظام التغذية الحالي، ونسعى أيضا لشراء الفيول ولدى المؤسسة الاموال اللازمة لذلك لزيادة التغذية أكثر».
المطار
هذه « الحلحلات» الوهمية وما رافقها من اشاعة اجواء زهرية، ادت على ما يبدو الى ان تشهد حركة مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت نشاطاً ملحوظاً، حيث بدأ عدد الركاب اليومي الى لبنان يفوق العشرين ألفاً، من بينهم أكثر من 12 ألف وافد، وفقا لارقام «الطيران المدني»، اما حركة المغادرين فهي بدورها تشهد المزيد لا سيما على صعيد مغادرة الحجاج الى المملكة العربية السعودية لتأدية فريضة الحج لهذا العام، قبل حلول عيد الأضحى المبارك منتصف الشهر الحالي. وعليه، يتوقع ان ترتفع حركة السفر من والى لبنان خلال الفترة المقبلة لا سيما مع بداية فصل الصيف والاجازات السنوية.
مخاوف من الحرائق
وفيما يشهد الجنوب كسرا جديدا ومتسارعا لقواعد الاشتباك، وارساء لتوازنات ومعادلات جديدة، آخرها «الحريق بالحريق»، الذي عاش الجنوبيون تحت رحمة قذائفها الفوسفورية، التي اكلت الاخضر واليابس، مخلفة اضرارا بالغة، قد يصعب تعويضها، حذرت الجهات المختصة من موجة الحرائق السنوية التي قد تشهدها المناطق اللبنانية، والتي قضت على مساحات شاسعة من البقع الخضراء، سواء نتيجة اهمال اللبنانيين، ام كانت عن قصد، في ظل غياب أي امكانات للدولة اللبنانية للتدخل السريع والسيطرة على الوضع.