IMLebanon

الديار: تهويل استخباراتي ودبلوماسي بالحرب… ولا مؤشرات ميدانية مقلقة؟

ابراهيم ناصرالدين

الجيش الاسرائيلي يعاني نقصا بالعديد وحزب الله جاهز لصد اي عدوان !

تحذيرات من حرب المضائق ــ والمطارات… وقلق من «الدمار الكبير»

 

على الرغم من تقديرات الاستخبارات الأميركية بأن مواجهة واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله من المحتمل أن تندلع في الأسابيع القليلة المقبلة، إذا فشلت جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، واعلان هيئة البث الكندية نقلا عن قائد عسكري بان الجيش يستعد لإجلاء 20 ألف كندي من لبنان، تزامنا مع تحذيرات متتالية من السفارات الغربية لرعاياهم من التوجه او البقاء في بيروت، لا تدل المؤشرات الميدانية على الحدود، بان ثمة شيئا غير تقليدي يتم الاعداد له من قبل العدو الاسرائيلي، اقله في المدى المنظور، فالتدريبات المكثفة لا تعدو كونها رفعا لمستوى الجهوزية لجيش منهك بعد اشهر من القتال في غزة، والاعلان عن نقل وحدات قتالية من القطاع الى الحدود مع لبنان لم يصل بعد الى الحد المثير للقلق، فضلا عن وجود نقص كبير في عديد القوات القتالية، يضاف الى ذلك نقص في بعض انواع الذخائر، في مقابل المزيد من التحذيرات من قدرات حزب الله التدميرية غير المحدودة وانعدام فرصة قبوله باستيعاب اي حرب محدودة دون الرد عليها دون «سقوف».

الحسابات الخاطئة والجهوزية

 

هذا الواقع الميداني، لا يلغي خطر حصول اي خطا في الحسابات، او تدحرج غير محسوب في الاحداث، بحسب مصادر مقربة من حزب الله، ولهذا لا تزال المقاومة على جهوزية تامة لمواجهة اي احتمال، وتواصل عملياتها الردعية لمنع الحرب، وكان آخرها صلية صاروخية كثيفة قطعت الكهرباء عن مناطق في صفد بالامس ردا على الاعتداءات الاسرائيلية، لكن التهويل المبالغ فيه من قبل قيادات صهيونية، وبعض الدول، والاعلام، لا يعكس الواقع الحالي الذي لم يتغير على نحو «دراماتيكي»، ولا تزال حرب «عض الاصابع» على حالها بانتظار تبلور المشهد الدبلوماسي والميداني المرتبط بالحرب في غزة.اما في الشمال فثمة اقرار في الاعلام الاسرائيلي بان المبادرة في الشمال هي بيد حزب الله، ولهذا فليس الوقت ملائما الان لشن حرب شاملة مع لبنان.

ماذا يريد غالانت؟

 

وفي هذا السياق، لم تلمس مصادر دبلوماسية غربية وجود رغبة جدية لدى وزير الحرب الاسرائيلي يؤآف غالانت خلال زيارته الى واشنطن لشن حرب شاملة ضد لبنان، وعلى عكس التهديدات العلنية التي جلها استهلاكي وموجه للداخل الاسرائيلي، كان ثمة توافق مع المسؤولين الاميركيين على ان الوضع لا يحتمل على الحدود الشمالية، واهداف الحرب من وجهة نظر اسرائيلية محقة، لكن لا قدرة على تحقيقها دون التسبب بمواجهة اقليمية، فضلا عن الاضرار الاستراتيجية التي ستلحق باسرائيل.

«الابواب» غير مقفلة

 

ولهذا فان الادارة الاميركية تمسكت بموقفها الرافض لاي تصعيد غير مفيد، واعاد من التقاهم هناك وفي مقدمتهم عاموس هوكشتاين التاكيد على ان احتمالات التوصل الى تفاهمات مرتفعة جدا بمجرد وقف النار في غزة وهو الامر الذي يعمل الوسطاء على انضاجه «ببطء» بفعل تعقيدات ميدانية وسياسية، لكن الابواب لم تقفل بعد ولا يزال بالامكان تحقيق اختراق، والى ان يحصل ذلك المطلوب تخفيض وتيرة التصعيد مع حزب الله، الذي ارسل بدوره اشارات عديدة على عدم رغبته في توسيع رقعة المواجهة.

غالانت «والعصر الحجري»

 

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت حذر خلال زيارة لواشنطن من أن الجيش الإسرائيلي قادر على إعادة لبنان إلى «العصر الحجري» في أي حرب مع حزب الله، لكنه قال إن الحكومة تفضل حلا دبلوماسيا للوضع على الحدود بين إسرائيل ولبنان. وأضاف أيضا إنه ناقش مع كبار المسؤولين الأميركيين مقترحاته «لليوم التالي» لحكم غزة بعد الحرب والتي ستشمل فلسطينيين محليين وشركاء إقليميين والولايات المتحدة، لكنه وصف العملية بأنها ستكون طويلة ومعقدة. وقال غالانت في نهاية الزيارة التي استمرت أياما عدّة لا نريد الحرب لكنّنا نستعدّ لكلّ السيناريوهات، وحزب الله يدرك جيّداً أنّنا قادرون على إلحاق أضرار جسيمة في لبنان إذا اندلعت حرب.

التهويل بالحرب؟!

 

وفي اطار «التهويل» المتواصل، ارتفع عدد الدول التي دعت رعاياها الى مغادرة بيروت الى 8، فيما اعربت فرنسا عن قلقها الشديد حيال خطورة الوضع في لبنان، لافتة إلى تصاعد أعمال العنف على الحدود مع إسرائيل «في شكل دراماتيكي»، ودعت جميع الأطراف إلى أكبر قدر من ضبط النفس، والتوصل إلى حل دبلوماسي. من جهتها، حذّرت السفارة الأميركية في بيروت مواطنيها من السّفر الى لبنان بسبب الوضع الأمنيّ الخطير، كما اوصت السفارة الروسية في بيروت «رعاياها بالامتناع عن السفر إلى لبنان حتى تهدأ الأوضاع في جنوب البلاد». لكن السفير الروسيّ لدى لبنان الكسندر روداكوف اكد عدم إصدار بيان جديد يدعو فيه الرعايا إلى مغادرة لبنان. وشدّد على أنّها نسخة قديمة موجودة من السنة الماضية وما زالت مستمرة حتى اليوم. وقال: «نقول لمواطنينا أن لا يأتوا إلى لبنان قبل هدوء الساحة الجنوبية، وإلى الرعايا الموجودين تركنا لهم الخيار بالبقاء أو المغادرة.

منطقة عازلة!

 

من جهتها، نشرت صحيفة «فاينانشال تايمز» الأميركية مقالا مطولا أكدت من خلاله أن قنابل الفوسفور الإسرائيلية جعلت المنطقة الحدودية في لبنان غير صالحة للسكن.ولفتت الصحيفة الى ان الدمار الرئيسي وقع في منطقة طولها 5 كيلومترات طالت بنية تحتية مدنية، بما في ذلك المباني السكنية والأراضي الزراعية. ووفقا لتقديرات الصحيفة، فإن نتائج القصف تشير إلى أن إسرائيل تريد إنشاء منطقة عازلة في لبنان!.

نقل قوات الى الشمال؟

 

في هذا الوقت، اعلنت «القناة 12 الإسرائيلية» إن قيادة المنطقة الشمالية بدأت تدريب الجنود من جبهة الجنوب استعدادا لعملية محتملة بالشمال. وأضافت أن «الجيش ينقل قوات إلى الحدود مع لبنان. وقد بثّ الجيش الإسرائيلي مقاطع مصورة لتدريبات واستعدادات جنوده لسيناريوهات الحرب، وقال الجيش في بيان ان القيادة الشمالية تعمل على تعزيز الاستعدادات وجهوزية القوات على الجبهة الشمالية، وأجرت قوات الكتيبة 12 التابعة للواء غولاني والتي تعمل في منطقة جبل روس وجبل الشيخ (حرمون) تحت قيادة اللواء 188 مدرعات تدريبًا في مناطق وعرة والتعامل مع تهديدات مختلفة بالتعاون مع قوات المشاة، والمدرعات والمدفعية، وأضاف انه في تمرين آخر للواء 55 تدربت القوات على سيناريوهات قتالية في مناطق مختلفة مع التركيز على قدرات الحركة في التضاريس الوعرة التي تُحاكي القتال في منطقة مشابهة للجبهة الشمالية، والتقدم في مسار جبلي، وتشغيل النيران بشكل تدريجي.

لا مواعيد للحرب؟

 

ولفتت الى أن إسرائيل لا تزال تحاول التوصل إلى اتفاق مع لبنان يسمح لسكان الحدود الشمالية بالعودة إلى منازلهم، إلا أن المستويات السياسية والعسكرية تستعد للخيار الثاني – الحرب، إذا فشلت القيادة السياسية والوسطاء الدوليون في التوصل إلى اتفاق، ووقف تبادل إطلاق النار وإعادة سكان الحدود الشمالية إلى منازلهم. وأشارت إلى أنه على الرغم من الاستعدادات المحمومة للجيش، لم يتم بعد تحديد توقيت العملية.

حرب خطيرة

 

وفي السياق نفسه، نشرت «سي ان ان « الاميركية تقريراً مطوّلاً يتناول مخاطر اندلاع الحرب الشاملة بين اسرائيل وحزب الله ، متناولةً الأسباب التي تجعل قيامها في الوقت الحالي أكثر خطورةً مما كان عليه في السابق. وفي التقرير الذي أعدّه مراسل الشبكة في القدس المحتلة، بن ويدمان، أوضح أنّ إسرئيل تخطّط لتكرار حربها غير الحاسمة في عام 2006، بينما كان حزب الله يستعدّ منذ فترة طويلة للحرب. بالإضافة إلى أسلحته، يمكن لحزب الله على الأرجح نشر ما بين 40 – 50 ألف مقاتل، اكتسب عدد منهم خبرةً قتاليةً في أثناء الحرب في سوريا.

«النار والدم»

 

وأكدت الشبكة أنّ مقاتلي حزب الله مدرّبون تدريباً عالياً ومنضبطاً، على عكس العديد من المنظّمات الأخرى التي تخوض حروب العصابات. وأشار التقرير إلى أنّ إسرائيل شنّت ضربات خلال السنوات الماضية على أهداف مرتبطة بحزب الله في سوريا، لكنها  لم تستِطع تحقيق مبتغاها. وذكرت «السي ان ان « بتقرير لجامعة «بيخمان» الإسرائيلية في وقت سابق من هذا العام، عنوانه «النار والدم» تحدثت فيه عن الواقع المخيف الذي يواجه إسرائيل في حرب مع حزب الله. ولفتت الشبكة إلى أنّ التقرير طرح سيناريو قاتماً، يطلق فيه حزب الله ما بين 2,500 إلى 3,000 صاروخ وقذيفة يومياً ولمدة أسابيع، تستهدف مواقع عسكريةً إسرائيليةً ومستوطناتٍ مكتظة بالإسرائيليين.

حرب المطارات والمضائق

 

في السياق نفسه، ذكّرت الشبكة بأنّ طائرات الاحتلال الحربية قصفت مطار بيروت الدولي في الـ13 من تموز عام 2006، بعد أقل من 24 ساعةً على بدء الحرب، متوقّعةً أن يكون المطار مرةً أخرى أحد أهداف إسرائيل في حال اندلاع الحرب على نطاق واسع. لكن الأمر المختلف في حال وقوع هذه الحرب هو أنّ حزب الله سيتمكّن أيضاً من ضرب مطار «بن غوريون» في تل أبيب.وأوضحت أنّ الخشية من أن تغلق طهران مضيق هرمز، في حال اندلاع الحرب ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية.

نقص كبير في الجنود

 

وفي تقرير يؤكد عدم جهوزية الجيش الاسرائيلي للحرب، لفتت صحيفة صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية الى انه يعاني من نقص كبير في عدد الجنود في ظل الأزمة الحالية، إذ يقدّر النقص بحوالي 25,000 و50,000 جندي وجندية، بسبب سوء تقدير خاطئ حول الاحتياجات البشرية للجيش، إذ لم تتوقع القيادة العسكرية الاسرائيلية اندلاع النزاعات العسكرية على جبهتين في وقت واحد، غزة ولبنان.

اخطاء استراتيجية

 

ولفتت الصحيفة الى انه وعلى مدار العقود الماضية، قلصت قوات الجيش الإسرائيلي بشكل كبير من عدد جنودها النظاميين والاحتياط. وبحسب إيتان شامير، مدير مركز بيغن- السادات للدراسات الإستراتيجية في جامعة بار-إيلان بالقرب من تل أبيب.  فلقد تم تسريح حوالي 170,000 جندي من الاحتياط لأن قيادة الجيش قررت أنهم لم يعودوا بحاجة إليهم. لكن الحرب الحالية أثبتت أن هذا كان خطأً كبيراً. لم يتم تقليص الأعداد فحسب، بل تم أيضاً خفض ميزانيات التدريب بشكل كبير. لم يكن من المصادفة أن يتطلب الجيش ما يقرب من ثلاثة أسابيع من التدريب، قبل أن يتمكّن من شنّ هجوم بري في الحرب الحالية.

الدمار «الكبير»

 

من جهتها اقرت صحيفة «معاريف» أنه مع الصواريخ والمقذوفات الصاروخية والمسيرات باستطاعة حزب الله الحاق ضرر بشكل شديد للغاية، ولفتت الى انه فقط مع وجود ألف رأس متفجر عادي في اليوم ستزرع دماراً عظيماً في مدن إسرائيل، وهذا إضافة إلى الصواريخ الدقيقة. ولقد أخطأت إسرائيل حين قررت ألا تهاجم لبنان في 11 تشرين وكانت فرصة للمفاجأة وتوجيه ضربة هائلة لحزب الله وترميم الردع.

اسرائيل مستنزفة ومشلولة

 

ولفتت الصحيفة الى ان «اعداء» اسرائيل نجحوا في حملها إلى المكان الذي أرادوها فيه. برأيهم، الجيش الإسرائيلي التي يقاتل في عدة جبهات، يستنزف بالتدريج ولا يملك ما يكفي من المقاتلين. الاقتصاد الإسرائيلي يغرق. طهران تتسلى برؤية إسرائيل تدفع بجبال من التموين إلى غزة، وتنبذ في الغرب على صورة قاتلة، وبايدن يوقف القذائف. ميناء إيلات مشلول، وطهران تخطط أن يغلق الحوثيون والعراقيون حيفا وأسدود أيضاً. وبرأي طهران، المجتمع الإسرائيلي يتمزق إرباً. واليوم الزعيم الأعلى خامنئي يفرك يديه فرحاً وينتظر بصبر تفتت إسرائيل. كما تقول «معاريف».

الوضع الميداني

 

ميدانيا، رد حزب الله على الاعتداءات التي طالت النبطية وبلدة سحمر، بصلية كبيرة من الصواريخ تجاوزت الـ 60 استهدفت  القاعدة الأساسية للدفاع الجوي ‏الصاروخي في ثكنة بيريا، واعلن حزب الله ايضا تنفيذ هجوم جوي بمسيّرات إنقضاضية على موقع الناقورة البحري استهدف أماكن تموضع واستقرار ضباط وجنود الجيش الاسرائيلي ما أدى إلى اشتعال النيران في الموقع وسقوط من بداخله بين قتيل وجريح. كما قصفت المقاومة موقع رويسة القرن في مزارع شبعا المحتلة، وقد نعى حزب الله الشهيد علي أحمد علاء الدين الذي استشهد في غارة على بلدة سحمر بالبقاع الغربي. في هذا الوقت طاول القصف المدفعي الإسرائيلي كفركلا وأطراف بلدة الهبارية. وكذلك شن الطيران الحربي والمسيير غارات على حداثا وراميا وكفركلا والطيري وعيترون.

الجامعة عند حزب الله؟

 

في هذا الوقت، كان لافتا  امس زيارة مساعد الامين العام للجامعة العربية حسام زكي رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بعد قطيعة استمرت نحو 9 سنوات مع حزب الله الذي صنف يومها حزبا «ارهابيا». ووفق مصادر مطلعة فان هذه الزيارة تعكس انفراج العلاقات بين الحزب والجامعة العربية، كانعكاس طبيعي للتقارب السعودي- السوري ،والخليجي- الايراني، وهي تؤسس لمرحلة جديدة. واشار زكي بعض اللقاء الى انه كان هناك اشكالات في الماضي ولم تعد موجودة، وقال ان «حزب الله طرف رئيسي وهو هام جدا على الساحة اللبنانية، ونتواصل معه الان وهو امر طبيعي، والانفراجات في المنطقة يمكن البناء عليها.

 

وقد جرى خلال اللقاء نقاش في الحرب في الجنوب، حيث شدد زكي على ضرورة  منع التصعيد، وكذلك انتخاب رئيس جديد للجمهورية. واشار الى انه لا يوصل اي رسائل، وقال « نحن نقف مع كل لبنان قلبا وقالبا».