استنفار دولي لتفادي حرب شاملة ازمات اسرائيل الداخلية تهدد وحدة جيشها – بولا مراد
اختار العدو الاسرائيلي استهداف عمق الضاحية الجنوبية لبيروت ردا على حادثة مجدل شمس لاعتباره انه بذلك يحفظ ماء وجهه. فرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي كان يعوّل على اتخاذ الحادثة حجة لتوسعة الحرب على لبنان، وجد نفسه تحت ضغوط دولية كبرى تمنعه من المغامرة في هذا الاتجاه. العدوان العسكري في الضاحية مساء الذي كان يستهدف القيادي الأمني في «حزب الله» فؤاد شكر، المعروف باسم «الحاج محسن»، وهو عضو «المجلس الجهادي» ومسؤول الوحدة الصّاروخيّة في الحزب، ادى لسقوط شهيدة وعدد من الجرحى وسط معلومات عن فشل اغتيال شكر.
ونقل الاعلام الاسرائيلي عن مسؤول إسرائيلي قوله «نأمل أن تكون الضربة الأخيرة في ضاحية بيروت هي نهاية هذه الجولة ولا نريد أن نرى تصعيداً يمتد لحرب أوسع نطاقاً»، فيما أكد وزير الدفاع الأميركي ان الولايات المتحدة ستدافع عن إسرائيل إذا تعرّضت لهجوم من «حزب الله».
رد بالمثل!
ولا يزال المجتمع الدولي مستنفرا بمحاولة لاستيعاب التطورات الاخيرة. اذ افادت معلومات «الديار» عن قنوات اتصال مفتوحة بين بيروت وواشنطن وباريس ولندن وطهران لضمان ان يكون رد حزب الله محدودا ولا يتجاوز الخطوط الحمراء المتعارف عليها، بما لا يشكل حجة لرئيس الوزراء الاسرائيلي لاعلان الحرب المفتوحة مع لبنان.
وفي سياق الجهود الدولية المبذولة، يصل، وبحسب مصادر حكومية لبنانية، وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان الى بيروت الخميس ليلتقيا المسؤولين اللبنانيين من دون ان يتضح ما اذا كانا يحملان عروضا معينة لاستيعاب التطورات الاخيرة او لوقف الحرب، علما ان مصادر قريبة من حزب الله تؤكد ان لبنان الرسمي موحد اكثر من اي وقت مضى الى جانب المقاومة لمواجهة اي تصعيد اسرائيلي مرتقب، لافتة في تصريح لـ»الديار» الى ان اجوبة حزب الله حاسمة لكل الموفدين سواء لجهة رفض فصل جبهتي جنوب لبنان وغزة او لجهة الرد على اي رد اسرائيلي بنفس المستوى على قاعدة «الرد بالمثل».
وبحسب المعلومات، فان الحزب سيتروى بالرد على عملية الضاحية لكن الرد سيكون خارج قواعد الاشتباك التي كانت سائدة باعتبار أن اسرائيل تجاوزت هذه القواعد والخطوط الحمراء باستهداف الضاحية.
في هذا الوقت، واصلت طهران تحذيراتها، فأكد رئيس مجلس العلاقات الخارجية الإيرانية كمال خرازي، أنّ «مزاعم إسرائيل بمسؤولية حزب الله عن حادثة مجدل شمس مثيرة للسخرية».وشدد على أنّ «إسرائيل ستواجه ردا شديدا إذا أقدمت على مغامرة في لبنان».
اما وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، فنبّه من أنّ «أي تصعيد بين لبنان وإسرائيل يُمكن أن يفجّر الوضع، ونود أن نرى حلًا دبلوماسيًا». وقال: «لا أعتقد أن نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله أمر حتمي».
ازمات تهدد جيش اسرائيل
وليس تدقيق تل ابيب بالهدف الذي ستعتمده وحده ما أخّر عملية الرد، بحيث انشغلت الحكومة الإسرائيلية في الساعات الماضية بتطورات داخلية تصدرت سلم الاولويات في تل ابيب.
وأشارت صحيفة «إسرائيل اليوم» إلى أن رئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلية هيرتسي هاليفي علق اجتماعاً عملياتياً بشأن الجبهة الشمالية، في إشارة إلى التصعيد المتوقع ضد لبنان، بسبب الأحداث في مركز الاعتقال العسكري «سدي تيمان» بجنوب إسرائيل وانطلق نحو معسكر بيت ليد. بعدما اقتحم متظاهرون إسرائيليون من اليمين المتطرف مجمعين عسكريين يوم الاثنين، بعد وصول محققين لاستجواب جنود بشأن انتهاكات بحق أسرى فلسطينيين.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية، عن «مشادات في جلسة الحكومة الأسبوعية بين الوزراء على خلفية اقتحام معسكرات الجيش».
وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرّف إيتمار بن غفير، دعا الى إجراء «تغيير جذري في قمة الجيش الإسرائيلي» معتبرا انه «على وزير الدفاع يوآف غالانت أن يطير الآن». كما طالب بن غفير، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بـ»فتح تحقيق مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت لكشف إذا ما كانت لديه معلومات عن هجوم 7 تشرين الأول ولم يرسل تعزيزات».
ويأتي ذلك، بعد أن ذكرت القناة 12 الإسرائيلية بأن غالانت طالب نتانياهو بالتحقيق في منع بن غفير الشرطة العسكرية من التحرك ضد مقتحمي معسكر بيت ليد على خلفية توقيف جنود إسرائيليين من سجن سديه تيمان إثر انتهاكات بحق أسرى فلسطينيين. كما طالب غالانت بمحاسبة أعضاء الكنيست والوزراء الذين شاركوا في اقتحام المعسكر.
من جهته، اشار زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد الى ان «بنيامين نتانياهو غائب بعد اقتحام مليشيات من الملثمين قواعد عسكرية»، واكد بأن «وزراء ونوابا في حكومته جزء من محاولة انقلاب». وشدد لابيد على ان «اقتحام «سدي تيمان» إجرام حقير وخطير لأعضاء الكنيست الذين يضعفون الجيش الإسرائيلي ويفككونه، ويضعفون ويفككون دولة إسرائيل، ويقضون على أسس قوتنا من الداخل».
الدروز بالمرصاد!
وبالرغم من كل محاولات اسرائيل ونتنياهو الاستثمار بحادثة مجدل شمس، لا تزال المرجعيات الدرزية بالمرصاد للتصدي للفتنة التي يسعى اليها العدو. وفي هذا السياق، أصدرت «الهيئة الدينية والزمنية في الجولان السوري المحتل» بيانا الاثنين اكدت فيه رفضها أن «تُراق قطرة دم واحدة تحت مُسمى الانتقام لأطفالنا، فالتاريخ يشهد لنا بأننا كُنا وما زلنا دُعاة سلام ووئام بين الشعوب والأُمم حيث تُحرم عقيدتنا القتل والانتقام بأي صفة أو هدف».
وشددت على أن «التصريحات الخارجة عن الإجماع الجولاني سواء كانت من داخل الجولان أو خارجه لا تمثل إلا صاحبها».
الحكومة حاضرة
داخليا، واصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إتصالاته ولقاءاته الديبلوماسية المكثفة في في اطار مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والتهديدات المستجدة.
وشدد ميقاتي في خلال هذه الاتصالات على»أن لبنان يدين كل اشكال العنف ولا سيما التعرض للمدنيين، ويطالب بوقف العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان وتنفيذ القرار الدولي الرقم 1701 كاملا».
وقال:»من المستغرب أن العدو الاسرائيلي الذي يشن حربا بلا هوادة على الفلسطينيين، قتلا وتدميرا وتهجيرا، يزعم التفجع على ضحايا عرب سقطوا في منطقة عربية محتلة من قبل اسرائيل ويهدد ويتوعد، علما ان الملابسات الكاملة لما حصل لا تزال غير معروفة بعد».
واشار ميقاتي الى ان «التهديدات الاسرائيلية المستجدة ضد لبنان والتهويل بحرب شاملة لن تثني اللبنانيين عن التمسك بحقهم في أرضهم والدفاع عنها بكل الوسائل التي تقرها الشرائع الدولية «.
واكد أن «هذا الموقف تم ابلاغه الى جميع اصدقاء لبنان في العالم والى الاتحاد الاوروبي، كما سيتم الرد على المزاعم والاتهامات الاسرائيلية في رسالة مفصلة الى مجلس الامن الدولي».
وشدد على» أن الحكومة حاضرة بكل وزاراتها واجهزتها لمواجهة اي طارئ ولكن الاجراءات المطلوبة يجري اتخاذها بطريقة لا تثير الهلع عند اللبنانيين».
واوضح» أن لجنة الطوارئ الوطنية التي شكلها مجلس الوزراء في الايام الاولى للعدوان الاسرائيلي على لبنان تواصل عملها واجتماعاتها التنسيقية،كما تحديث الاجراءات والمعطيات المطلوبة. كذلك فان الاجتماعات الوزارية في هذا الاطار ستتكثف في السرايا هذا الاسبوع».
ميدانيا، كان جيش العدو الاسرائيلي قال انه استهدف منذ ساعات مساء الاثنين نحو 10 أهداف لحزب الله في جنوب لبنان.
وافادت «الوكالة الوطنية للاعلام» بأن طائرات حربية اسرائيلية استهدفت منزلا غير مأهول في منطقة الخلة بين بلدتي جبشيت وعدشيت بصاروخين ، وألحقت فيه اضرارا كبيرة. كما تعرضت بلدة الخيام لقصف مدفعي معاد.
بالمقابل، تصدت وحدة الدفاع الجوي في المقاومة الاسلامية للطائرات الحربية الصهيونية المعادية التي اخترقت حاجز الصوت فوق الاجواء اللبنانية، وأجبرتها على الانكفاء والتراجع خلف الحدود داخل فلسطين المحتلة. كما قصف الحزب مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل.
وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية، «مقتل شخص إثر سقوط قذيفة صاروخية في بلدة هاغوشريم بالجليل الأعلى».
أمر اليوم!
وعشية عيد الجيش، وجه قائد الجيش العماد جوزاف عون أمر اليوم للضباط والعناصر. وقال فيه:» يواجه وطننا أقسى الأزمات والتحديات، السياسية منها والمالية والاجتماعية، فضلا عن التهديد المتمثل بالاعتداءات اليومية منْ العدو الاسرائيلي، وما توقعه من ضحايا وتسببه من دمار وتهجير. في المقابل، لا تزال مساعي التهدئة لوقف الاعتداءات مستمرة وصولا إلى وقف دائم لإطلاق النار، فيما تواصل الوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب التنسيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان، ضمن إطار القرار 1701، على أمل أنْ يستعيد جنوبنا الهدوء وينعم أهلنا بالأمن والاستقرار».