الغارات الوحشية تتوسّع… وصليات صواريخ المقاومة أكثر غزارة
واشنطن تمنح «اسرائيل» دعماً عسكرياً وتحذّر من حرب مُدمرة! – ابراهيم ناصرالدين
لا صوت يعلو على صوت سفك المزيد من دماء اللبنانيين في كيان الاحتلال. اليمين المتطرف والمعارضة توحدوا بالامس على رفض طرح وقف النار المؤقت تمهيدا لتسوية في غزة والجبهة اللبنانية. وكما حصل على مدار العام الدموي المنصرم في غزة، كرر رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو العرض المسرحي المشترك مع الادارة الاميركية المتواطئة في الحرب، وبعد ساعات على ادعاء واشنطن الاقتراب من تحقيق تقدم في المقترح الذي صاغه في الاصل نتانياهو، قرر الاخير بعيد وصوله الى نيويورك التنصل من الاتفاق، واعلن ان الحرب ستستمر دون هوادة ضد حزب الله في ظل تسريبات وتحضيرات ميدانية توحي بنية الجيش الاسرائيلي البدء بمناورة برية وصفها بعض الاعلام الاسرائيلي «بالفخ»، محذرا من المغالاة في تقدير تاثير الضربات الجوية وعمليات الاغتيال على حزب الله الذي لم يستخدم بعد الا نحو 10 بالمئة من قدراته العسكرية، وفق تقديرات صحيفة «يديعوت احرنوت» الاسرائيلية.
الحرب المدمرة
هذه المناخات السلبية دبلوماسيا، ترجمت ميدانيا غارات عنيفة ودموية استهدفت المدنيين في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، ردت عليها المقاومة بعد ساعات من «الصمت» الميداني بصليات صاروخية ومسيرات استهدفت مستوطنات جديدة وقواعد عسكرية، وهذا يؤشر الى المزيد من التصعيد في الساعات والايام المقبلة، وقد حذر وزير الدفاع الاميركي لويد اوستن من خروج الامور عن السيطرة والدخول في حرب شاملة ستكون مدمرة لاسرائيل ولبنان. وفي هذا الكلام اقرار بالعجز، وكذلك بقدرة حزب الله على الحاق اضرار كبيرة بكيان الاحتلال في ظل حالة غموض كبيرة تكتنف استراتيجية المقاومة التي تبقي عملية الارتقاء في المواجهة والاسلحة غير المستخدمة جزء من «المفاجآت» التي ستغير قواعد الاشتباك السائدة حاليا.
لا للاحباط
ووفق مصادر مقربة من المقاومة، لا يجب الاستعجال في اطلاق الاستنتاجات المحبطة حيال كيفية ادارة المواجهة الحالية التي تعتريها الكثير من التعقيدات وتحتاج الى ادارة حكيمة للغاية، غير انفعالية، وتدار بعقل «بارد» لتحقيق الهدف المنشود في افشال مخططات العدو وايصاله في تهاية المطاف الى «حائط مسدود» وانعدام للخيارات، وفي نفس الوقت تدفيعه اثمانا باهظة آتية لا محالة في ارتقاء متدرج لمواجهة قاسية ومكلفة على الصعيد الانساني وكذلك العسكري والامني، لكن في نهاية المطاف فان ما يجب التاكيد عليه بان المقاومة تعرف ما تفعله وتسير وفق خطط واضحة ستترجم في الميدان وستكون نتائجها مدوية.
دعم عسكري اميركي
وفي دليل واضح على حجم النفاق الاميركي، اعتبر البيت الابيض ان البيان المشترك الصادر أمس الاول لوقف النار تم تنسيقه مع إسرائيل ولا نعتقد أن الحرب الشاملة هي الحل، وفي الوقت نفسه، اعلنت هيئة الاذاعة الاسرائيلية ان اسرائيل حصلت على حزمة مساعدات بقيمة 8.7 مليار دولار من الولايات المتحدة لدعم جهودها الحربية الحالية، وتشمل 3.5 مليار دولار مخصصة لمشتريات أساسية تتعلق بالمجهود الحربي و5.2 مليار دولار مخصصة لأنظمة الدفاع الجوي بما في ذلك منظومة القبة الحديدية المضادة للصواريخ ونظام ليزر متطور.
اصرار على القتل
وغداة وصوله الى نيويورك تقصد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نسف الجهود الدبلوماسية واعلن مواصلة «ضرب حزب الله بكل قوة»، وقال ان سياسة إسرائيل واضحة ولن تتوقف حتى يعود سكان الشمال..وكان موقع أكسيوس قد نقل عن مسؤول بوفد نتنياهو إلى نيويورك قوله إن التقدير أننا لن نتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان وسنواصل القتال.كذلك نفى مكتبه تقارير بشأن إصداره أوامر بتهدئة الهجمات في لبنان، وأعلن ان نتنياهو أصدر تعليمات للجيش بمواصلة القتال بكامل قوته»، مشيرًا إلى أنه لم يقدّم أي رد على الاقتراح الأميركي الفرنسي لوقف إطلاق النار.
معضلة نتانياهو
وقد شككت اوساط دبلوماسية في امكانية تحقيق نتانياهو لاهدافه، وقالت ان كل هذا يثير ثلاثة أسئلة امام الحكومة الاسرائيلية، وهي تتحضر للتصعيد، كيف ستنتهي هذه المواجهة؟ ما هو تعريف النجاح؟ وهل هذا التعريف معقول، وقابل للتحقيق؟ في حين تقاتل إسرائيل على جبهات متعددة. وقالت ان نتنياهو لا يملك أي اجابة على هذه الأسئلة!
الاعداد لتوسيع العدوان
في هذا الوقت، ، اعلن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت تصديقه على مجموعة من العمليات القادمة التي سينفذها الجيش الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، و اجرى رئيس الاركان هرتسي هليفي جلسة تقييم وعبر عن رفضه لاي وقف مؤقت للنار لان الاقتراح برايه يقضي على الانجازات المحققة، اعلن قائد سلاح الجو الإسرائيلي انه يجري الاعداد لدعم الجيش من خلال عمليات برية ضد حزب الله، ووفق الاعلام الاسرائيلي تراجع نتانياهو عن الاتفاق بعد ضغوطات بتفكيك الحكومة، وكانت اولى المواقف من وزير خارجيته الذي اعلن انه لن يقبل هذه الصفقة، حتى لو ادى ذلك الى حرب طويلة الامد.
اجماع على سفك الدماء
في غضون ذلك، نقلت صحيفة «هآرتس»الإسرائيلية عن وزير الامن ايتامار بن غفير أن حزبه «القوة اليهودية» لن يصوت مع الائتلاف لصالح أي مشاريع قوانين تطرحها، إذا وافقت الحكومة على وقف إطلاق النار المؤقت.كما هدد بن غفير، خلال اجتماع لحزبه، بالانسحاب من الحكومة إذا أصبح وقف إطلاق النار دائما.
وبالإضافة إلى بن غفير، أعلن وزراء آخرون رفضهم لوقف إطلاق النار ومنهم وزراء المالية بتسأيل سموترش والشتات عميحاي شيكلي، والرياضة ميكي زوهار، والاستيطان أوريت ستروك. وقال شيكلي، من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو انه من المستحيل استكمال الحملة في الشمال دون تحرك بري هدفه إنشاء منطقة عازلة.أما وزير الرياضة ميكي زوهار، من الحزب نفسه، فقال في منشور على منصة «اكس»، إن وقف إطلاق النار دون أي مقابل ملموس من جانب حزب الله هو خطأ جسيم يهدد «الإنجازات الأمنية»الكبرى التي حققتها إسرائيل في الأيام الأخيرة. من جهته، قال وزير المال بتسلئيل سموتريتش، إن المعركة في الشمال يجب أن تنتهي بسيناريو واحد: سحق حزب الله وحرمانه من القدرة على المس بسكان الشمال. اما وزيرة الاستيطان من حزب «الصهيونية الدينية»، أوريت ستروك، قالت عبر إكس: لا يوجد تفويض أخلاقي لوقف إطلاق النار مع حزب الله، ليس لمدة 21 يوما ولا لمدة 21 ساعة». بدوره، أعرب زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد دعمه المشروط للاتفاق، وقال: «على إسرائيل أن تعلن هذا الصباح أنها تقبل اقتراح وقف إطلاق النار، ولكن لمدة 7 أيام فقط حتى لا تسمح لحزب الله باستعادة أنظمة القيادة والسيطرة الخاصة به.وأضاف لابيد في منشور على ذات المنصة: «لن نقبل أي اقتراح لا يبعد حزب الله من حدودنا الشمالية.
تشاؤم عربي
بدوره أكّد مصدر عربيّ دبلوماسيّ أنّ المندوب الإسرائيليّ أبلغ الجميع في نيويورك، بوضوح أنّ العملية على لبنان لن تتوقف وأنّ لديهم تعليقات كثيرة على الاقتراح الأميركيّ. وأضاف «هناك اجتماع قريب بين مسؤولين من المخابرات الأميركية والفرنسية والقطرية والمِصرية لبحث تعديل الصيغ المقترحة للحل».
الدوحة لا تعلم؟
وفيما من المنتظر أن تشهد الساعات المقبلة جولة جديدة من المشاورات بين الدول الساعية للتوصل الى وقف النار في إطار جولات الاتصالات المفتوحة المباشر منها وبالواسطة ، بعدما أخفقت جولة الاخيرة، في إقناع اسرائيل بفرملة اندفاعتها نحو الحرب، كان لافتا اعلان المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، إن بلاده ليس لديها علم حول وجود ارتباط مباشر بين مساعي التهدئة في غزة وفي لبنان. وقال «ليس لدي علم بارتباط مباشر بين الجبهتين ولكن الملفين متداخلان ومساراهما متوازيان. ولفت الى ان لبنان يواجه حربا إسرائيلية مكتملة الأركان وليس تصعيدا وقطر تدعو لوقف الحرب الآن في غزة ولبنان.
ميقاتي: الامر ليس بايدينا
من جهته أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي القيام «بكل ما يلزم لحماية لبنان، وإنجاز المساعي التي حصدت تأييداً عربياً ودولياً لموقف لبنان، لكن قال ان «العبرة الآن بالتنفيذ، أي بالتزام بنيامين نتنياهو بالبيان الأميركي – الفرنسي، لأنه سبق ورفض أكثر من مبادرة سواء جاءت من وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن أو من مجلس الأمن أو من الجانب العربي، وختم ميقاتي قائلاً: «ما ينبغي القيام به قمنا به، أما الباقي فليس في أيدينا؟!
لا توقيع على الهدنة
كما نفى المكتب الاعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي توقيعه على مقترح اتفاق وقف إطلاق النار بعد لقائه وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن والوسيط الاميركي اموس هوكشتاين»، وقال ان هذا الكلام غير صحيح على الاطلاق.
تحييد الجيش ومؤسسات الدولة مرحليا؟
وفيما تتجه المواجهة الى التصعيد، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت رسائل إلى مصر حول التصعيد الإسرائيلي في لبنان وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أن مسؤولين مصريين تلقوا «تأكيدات أمريكية بأن الهجمات الإسرائيلية على لبنان لن تصل إلى أي من منشآت الجيش اللبناني أو القوات المسلحة ومؤسسات الدولة اللبنانية في هذه المرحلة.
الحرب الاسرائيلية تتصاعد
في هذ الوقت استمرت الغارات العنيفة حيث استهدف الطيران الحربي عند الثالثة والربع من بعد ظهر امس شقة سكنية في مبنى من عشر طبقات في حي القائم، عند تقاطع حي الرويس ،حيث تعج المنطقة بالشقق السكنية والمارة واعلن الجيش الإسرائيلي ان هدف العملية قائد وحدة المُسَيَرات في حزب الله محمد سرور الملقب بـ«ابو صالح». واعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي انه تم تنفيذ عملية الاغتيال في الضاحية الجنوبية بطائرة إف 35. وفيما بقيت الغارات والقصف عنيفين جنوبا وبقاعا متسببين بدمار وسقوط شهداء وجرحى. كما استهدف مسيرة سيارة على طريق الكحالة. وكان لافتا حصول اعتداءات هي الاولى من نوعها، على المعابر الحدودية مع سوريا في البقاع الشمالي. واعلن وزير النقل علي حمية عن قصف إسرائيلي على معبر حدودي بين لبنان وسوريا من الجانب السوري للحدود.
صليات الصواريخ تدك المستوطنات
ميدانيا، رد حزب الله على الاعتداءات الجوية العنيفة والدموية على القرى والمدن بتكثيف الصواريخ الثقيلة على المستوطنات الاسرائيلية، واستهدف للمرة الاولى مستوطنة «كريات آن» بخمسين صاورخا،وكذلك استهدف بعشرات الصواريخ، عدداً من المواقع الإسرائيلية شمالي حيفا المحتلة، ودوّت صفارات الإنذار في عشرات مستوطنات، كما قصف الحزب مُجمعات الصناعات العسكرية لشركة «رفائيل» في منطقة «زوفولون» شمال مدينة حيفا، بِصليات من الصواريخ.كما استهدف حزب الله مستعمرة «كريات موتسكين» بِصليات من الصواريخ. أطلقت المقاومة امس، نحو 80 صاروخاً خلال رشقة واحدة، نحو عكا وخليج حيفا. وطلبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من المستوطنين في بلدات الشمال والجولان البقاء قرب الأماكن المحصنة. ودوّت صفارات الإنذار في عكا والمنطقة الصناعية وفي محيطها وفي الجليل الأعلى والغربي. واعلن حزب الله ايضا قصف مصنع المواد المتفجرة في منطقة «زخرون» بصلية من صواريخ «فادي 3»، ودك مستوطنة «كريات موتسكين» للمرة الثانية بصليات من صواريخ «فادي 1». كما اعترضت صواريخ المقاومة طائرتين حربيتنين فوق عدلون.
ما هي قدرات حزب الله؟
وفي هذا السياق، دعت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائليين الى عدم الغرق بالاوهام، وقالت أنّ حزب الله لا يزال قادراً على إيلام «إسرائيل» وإلحاق الضرر الكبير بها، وذلك على الرغم من ادعاءات عدد من المسؤولين الإسرائيليين «تدمير 50% من قدرات الحزب الصاروخية. وفي هذا السياق، قال المراسل العسكري في الصحيفة، يوسي يهوشع، إنّ حزب الله في عام 2006 كان يتوعد بـ «ما بعد ما بعد حيفا»، والآن «هو قادر على الإطلاق إلى ما بعد ما بعد تل أبيب أيضاً». ولفت المراسل أن «حزب الله لم يستخدم بعد إلا 10% من قوته لاعتباراته الخاصة. ولذلك، قال إن «النشوة التي يمكن رؤيتها بين صنّاع القرار وجزء من الجمهور يجب اعادة النظر بها، مشدّداً على أن «الوضع لا يزال معقداً وقابلاً للاشتعال، وبعض الإنجازات العظيمة لا تمحو سنة من الإخفاقات والفشل وأزمة الثقة.
حرب الاستنزاف؟
وفي هذا السياق، اشارت صحيفة «هآرتس» انه إذا لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فربما ينوي حزب الله شن حرب استنزاف ضد إسرائيل، من خلال زيادة مدى الإطلاق ليصل إلى مناطق أبعد بقليل من جنوب حيفا. هكذا يستطيع حزب الله تشويش حياة 2 مليون إسرائيلي في ربع مساحة الدولة تقريباً. وهذا لا يعتبر ثمناً تتحمله إسرائيل. لذلك، ربما تدفع هذه الهجمات الجيش الإسرائيلي إلى القيام بعملية برية، حتى لو كانت خطوة مختلفاً عليها في المستوى السياسي والأمني. وهكذا يكون قد نصب «فخا» محكما للقوات البرية.
التحذير من التورط
من جهتها حذرت صحيفة «يديعوت احرونوت» من ورطة اذا لم تتوقف الحرب الان، وقالت انه لإنهاء المهمة دون التورط، يجدر بنا أن نتعلم درساً مما يجري في سنة القتال في غزة. بدأت الحرب في غزة بإنجازات عسكرية وبدعم الولايات المتحدة، لكن التورط نبع من تأخر إسرائيل في عرض صفقة لإنهاء الحرب.
يجب انهاء القتال الان!
ولهذا تقول الصحيفة «إذا لم نعرف كيف نرفع اقتراحاً للإنهاء في غزة بالتوازي مع العمليات في لبنان، سنضطر للمناورة البرية، وعندها سنفقد رافعة التهديد الأساس على لبنان كما سنغرق بأشهر أخرى من الحرب في جبهتين. مثل هذا الوضع، حتى لو انتصرنا في الحربين في النهاية، فهو سيئ لإسرائيل».
«البيجر» والبحث عن الرجل المفقود؟
في غضون ذلك، أصدرت السلطات النروجية امس مذكرة بحث دولية عن رجل نروجي مفقود ربما يكون على صلة بتسليم أجهزة الاتصالات المفخخة إلى «حزب الله» في لبنان.وأكدت دائرة التحقيقات النروجية الوطنية انها أصدرت مذكرة بحث دولية، من دون تحديد هوية الرجل. وقالت ماري إليز بونايس ميهرير من شرطة أوسلو: «تمّ فتح ملف بشأن شخص مفقود وأصدرنا مذكرة بحث دولية للعثور عليه. وقالت شرطة أوسلو الأسبوع الماضي إنّها بدأت «تحقيقات أولية في تقارير صحافية تتعلّق بشركة مسجّلة في بلغاريا من قبل نروجي استورد أجهزة بايجر ونظّم تسليمها إلى حزب الله.