Site icon IMLebanon

الديار: التوغل البري يتحول الى كابوس: قوات النخبة في «مصيدة» المقاومة

 

 الحلول الداخلية تصطدم بالفيتو الاميركي… هوكشتاين «مش عالسمع»

 اسرائيل تنتقم بتوسيع نطاق التدمير… حزب الله لن يرفع «الراية البيضاء» – ابراهيم ناصرالدين

 

لليوم الثاني على التوالي صدق رجال الله بوعدهم للامين العام الشهيد السيد حسن نصرالله، وحولوا جنود الاحتلال الى اشلاء بمجرد ان لامست اقدامهم الامتار الاولى للحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. وبعد سحق معظم وحدة «الايغوز» امس الاول جاء دور لواء «غولاني» بالامس، حيث قتل 17 ضابطا وجنديا في المواجهات مع قوات النخبة في حزب الله، وبات تعبير كارثة المناورة البرية في الشمال الاكثر تداولا في الاعلام الاسرائيلي، وسط قلق جدي من الغرق في وحول لبنان مرة جديدة. عمليات المقاومة تجاوزت بالامس الـ 30، كمائن، ومصائد، وتفجير عبوات ناسفة، واطلاق صواريخ مضادة للدروع، وملاحقة القوات المحتشدة في المستوطنات بمئات الصواريخ، وقد استمرت عمليات الالتحام من «النقطة صفر» حتى ساعات متقدمة من الليل.

 

هذا الفشل الميداني، دفع قوات الاحتلال الى الانتقام من القرى والمدن، فتكثفت الغارات الجوية على المدنيين في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، فيما تكشفت مع ساعات هول الجريمة التي اركبتها قوات الاحتلال في منطقة الباشورة حيث استشهد 7 مسعفين من الهيئة الصحية الاسلامية بعد استهداف مركزهم، في جريمة موصوفة هدفها الانتقام والضغط على المدنيين لتوسيع نطاق التهجير حيث تجاوزت ارقام النازحين مليون نازح بعدما دعت قوات الاحتلال سكان 25 قرية ومدينة في قضاء النبطية الى ترك المنطقة والتوجه شمالا.

رهانات داخلية وخارجية؟

 

هذه الجرائم تحصل امام راي عالمي متواطىء يغطي العدوان الاسرائيلي، ولم تتردد وزارة الخارجية الاميركية بالامس في الاعراب عن موافقتها على ما اسمته استمرار اسرائيل في استهداف حزب الله لازاحته عن الحدود الشمالية عبر الحملة «المحدودة»، فيما غابت الديبلوماسية الاميركية عن «السمع» في مؤشر على رهان اميركي على العدوان لقطف اثمان سياسية لاحقا، ما ينعكس ايضا على مواقف بعض القوى السياسية في المعارضة التي لا ترغب بتسهيل اي حل رئاسي الان بانتظار نتائج المعركة التي يعتقدون انها لن تكون في مصلحة حزب الله؟!

تعتيم اعلامي حول الكارثة

 

وقد تميز يوم امس بتعتيم اعلامي غير مسبوق، بعد ان اصيب الجمهور بالاحباط والتجهم بسبب المجرزة التي تعرضت لها وحدة «الايغوز» امس الاول في العديسة، وقد كشفت صحيفة «يديعوت احرنوت» عن معاناة تلك الوحدة لمنع مقاتلي حزب الله من القيام بعملية خطف لجثة احد الضباط. لكن ذلك لم يمنع بعض وسائل الاعلام الصهيونية من وصف يوم امس بانه كابوس واستمرار لكارثة الشمال وتحدثت عن حادثين صعبين جدا بفارق ساعتين، وقد رصدت مروحيات الجيش الاسرائيلي تنقل القتلى والجرحي الى مستشفى رمبام في حيفا.

الاقرار بالمأزق

 

هذا الواقع الميداني الصعب دفع وسائل اعلام اسرائيلية الى تخفيض سقف التوقعات، ودعا العديد من ضباط الاحتياط الجمهور الاسرائيلي الى عدم الاعتقاد بان حزب الله يمكن ان يرفع «الراية البيضاء»، وحذروا من الغرق مجددا في الوحول اللبنانية في ظل غياب اي استراتيجة للخروج. وفي هذا السياق، اكد اللواء احتياط في جيش الاحتلال نمرود شيفر، وهو قائد سرب سابق في سلاح الجو، الاقرار بان القوات البرية تعيش واقعا صعبا، ولفت الى انه لا يرى استراتيجية في خطوة العملية البرية في لبنان، وهذا امر مقلق جدا. بدوره اقر نائب رئيس مجلس الامن القومي السابق ايتان بن دايفد ان هناك فرقا كبيرا بين الهجمات من الجو والمناورة البرية التي تكشف الجنود في الميدان، واشار الى ان الامر لا يسير كما هو مخطط له، والعملية لها ثمن باهظ جدا.

الوقائع الميدانية

 

فامس الاول كانت العديسة، وامس مارون ويارون وكفركلا. دبابات ميركافا جديدة احترقت بالامس في داخل فلسطين المحتلة وقبل دخولها الاراضي اللبنانية. كل الشمال كان تحت النيران بالامس. صواريخ بركان، وفلق، والكاتيوشا، والعبوات الناسفة حولت يوم قوات النخبة المتقدمة الى جحيم، وفيما اقر الاعلام الاسرائيلي بسقوط قتلى وجرحى واحداث صعبة وخطرة، اعلنت المقاومة ان معلوماتها الميدانية الاولية تشير الى مقتل 17 ضابطا وجنديا. وقد قصفت المقاومة طبريا وقاعدة سخنين للصناعات العسكرية في خليج عكا.

جحيم «المطلة»

 

ووفقا لمصدر ميداني، فقد تم التصدي لكل توغلات قوات النخبة بالاسلحة المناسبة وقد تم افشال كل التقدم، واللافت بالامس عدم قدرة جيش الاحتلال على وقف الدعم المدفعي المساند للمقاومين، اما الكمائن فكانت العنوان الابرز بعدما تحولت الى مصيدة للقتل. فمستوطنة المطلة تحولت الى جحيم بعد استهدافها  ب 6 صواريخ فلق و100 صاروخ كاتيوشا بهدف قطع خطوط الامداد عن القوات المتقدمة. وشنت المقاومة 30 عملية عسكرية ولم ينجح جيش الاحتلال على مدى ساعتين في اخلاء القتلى والجرحى تحت غطاء ناري كثيف، وقد تم رصد التحركات المعادية مما جعل الاخلاء امرا معقدا وصعبا جدا.

«مصيدة» مارون الراس

 

واعلن حزب الله استهداف قوة مشاة إسرائيلية بعبوتين ناسفتين أثناء محاولتها التسلّل باتجاه مارون الراس، وكذلك «تفجير عبوة ناسفة بقوة من لواء غولاني في منطقة ترتيرة في بلدة مارون الراس كانت تحاول الالتفاف من الجهة الغربية للبلدة وسقوط افرادها بين قتيل وجريح». كما اعلن «اننا فجرنا عبوة لدى محاولة قوة مشاة إسرائيلية التسلل باتجاه بلدة يارون وأوقعناهم بين قتيل وجريح». كما تصدت مجموعات المقاومة لمحاولة تقدم لقوات العدو الإسرائيلي عند بوابة فاطمة بقذائف المدفعية»، وقد اجبرت على التراجع مخلفة وراءها آلية عسكرية. واستهدفت تجمعًا لقوات العدو بين شتولا والراهب بالصواريخ ، وتجمعًا «لقوات العدو قرب مستعمرة أدميت»، و «تجمعًا لقوات العدو الإسرائيلي في ثكنة راميم بصلية من صواريخ فلق»، وتجمعاته في مستعمرة سعسع بصلية صاروخية. واعلن الحزب استهداف «تجمع لقوات العدو الإسرائيلي في مستعمرة شوميرا بصاروخ فلق». وأعلنت المقاومة ان مجاهديها استهدفوا تجمعا لقوات العدو الإسرائيلي في مستعمرة البصة بصلية صاروخية. كما استهدفوا تجمعا لقوات العدو الإسرائيلي في مستعمرة أفيفيم بصلية صاروخية. وكذلك جرى استهداف تجمع لِقوات العدو الإسرائيلي في موقع حانيتا بقذائف المدفعية وتم تحقيق إصابةً دقيقة. كما استهدفت تحركات لِقوات العدو الإسرائيلي في مستعمرة مسكاف عام بِصلية صاروخية.

الاعتداءات الاسرائيلية

 

في هذا الوقت، اعلنت وزارة الصحة استشهاد 1974 شخصًا بينهم 127 طفلًا و261 امرأة واصابة 9384 شخصا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان»، وفيما قدم الجيش شهيدين سقطا في الطيبة- مرجعيون وبنت جبيل بسبب الاعتداءات الاسرائيلية المباشرة، استمرت الغارات العنيفة المتنقلة بين العاصمة والجنوب والبقاع، وتوسعت امس دائرة الاستهداف نحو جبل لبنان، وتحديدا الى بلدة كيفون في الجبل والمعيصرة في فتوح كسروان. وقد اعلن الجيش اللبناني عن استشهاد أحد العسكريين وأصابة آخر بجروح نتيجة اعتداء من جانب العدو الإسرائيلي، وذلك أثناء تنفيذ مهمة إخلاء وإنقاذ بمشاركة الصليب الأحمر اللبناني في بلدة الطيبة – مرجعيون. كما اعلنت قيادة الجبش في بيان» استشهاد أحد العسكريين نتيجة استهداف العدو الإسرائيلي مركزًا للجيش في منطقة بنت جبيل- الجنوب، وقد ردت عناصر المركز على مصادر النيران.

توسع الغارات الجوية

 

وشنّ الطيران الإسرائيلي بعظ الظهر سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية استهدفت حي معوض فانهار مبنى بشكل كامل يضم مكتب العلاقات الاعلامية في حزب الله، كما استهدفت مناطق ‫حارة حريك، وبرج البراجنة، وحي الأميركان والغبيري. واستهدفت غارة اسرائيلية بلدة كيفون في عاليه. ايضا، استهدفت غارة منزلا خاليا في المعيصرة كسروان. ومساء استهدفت البوارج  3 مرات منطقة الليلكي، واستهدفت مبنى سكنيا في الشياح.

ماذا يحضر «للمصنع»؟

 

وفي مقدمة لعدوان مرتقب على المعابر الحدودية الشرقية، زعم الناطق باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي ان حزب الله يحاول استخدام معبر المصنع المدني الحدودي بين سوريا ولبنان لنقل وسائل قتالية إلى داخل لبنان. وقد نفى وزير الاشغال علي حمية هذه الادعاءات، واجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالا بقائد الجيش العماد جوزيف عون والمدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري طالبا التشدد في الاجراءات الامنية المتخذة على الحدود اللبنانية- السورية بعد المزاعم الاسرائيلية وتبلغ رئيس الحكومة من قائد الجيش ان الجيش متشدد جدا في الاجراءات التي يتخذها على المعابر الحدودية، ولا سيما عند معبر المصنع.

الانجازات التكتيكية لا تحقق الانتصار

 

في غضون ذلك، اكدت مجلة «فورن بوليسي» الاميركية ان الإنجازات التكتيكية لا تضمن النجاح الاستراتيجي، لبنيامين نتانياهو، لان الضرر الذي تسبّبت به اسرائيل لمحور المقاومة لن يدفعه الى التخلي عن القضية أو يرفع الراية البيضاء. فإسقاط أطنان من المتفجرات على السكان لن يزيد في حبهم لك، بل سيغرس في نفوس الكثيرين منهم الرغبة بالانتقام، أو على الأقل دفع جلادهم الى التوقف. وهكذا لا يزال حزب الله يطلق الصواريخ على إسرائيل، بشكل يجعل من الاستحالة عودة المستوطنين الذين فرّوا من الشمال. وهكذا سيعيد الحزب تشكيل نفسه من جديد مع مرور الوقت. ويحلّ محل القادة آخرون، ويقوم الكادر بإعادة البناء والتسلّح من جديد، وبأساليب حربية جديدة، والتعلّم من الدروس في هذا الوقت وتحاول إسرائيل إرسال جنودها من جديد إلى جنوب لبنان، لكن توغلاتها السابقة لم تنته بشكل جيد.

الدولة العميلة الجاحدة

 

وقد تبخّرَ التعاطف الدولي الذي حصلت عليه إسرائيل بعد هجمات 7 تشرين الأول، بعدما راقبها العالم وهي  ترتكب المذبحة ضد السكان المدنيين في غزة ولبنان. واليوم اذا قتل جنود أميركيون أو بحارة في الشرق الأوسط  بسبب اي مواجهة مع ايران، فسيكون الخطاب السائد  في الولايات المتحدة هو أن الإدارة الأميركية عرضت أرواح الأميركيين للخطر دفاعاً عن دولة عميلة جاحدة إلى الأبد، تأخذ المال والأسلحة من الولايات المتحدة، ثم تفعل ما يحلو لها.

غضب في اميركا

 

وعلاوة على ذلك، إذا تسبّب سوء إدارة الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن للموقف في خسارة كامالا هاريس للانتخابات، فسوف يبدأ كلٌّ من الديموقراطيين والجمهوريين بالتساؤل عما إذا كان الدعم لإسرائيل، والذي ارتدّ سلباً، لا يزال الموقف السياسي الذكي. وتخلص المجلة الى القول «ان إنجازاتُ نتنياهو القصيرة الأجل تعرّض مستقبل اسرائيل للخطر في الأمد البعيد».

الحراك السياسي

 

وفيما يرتقب وصول وزير خارجية ايران اليوم الى بيروت، تواصل الحراك الداخلي لمحاولة انتاج حل رئاسي يبدو انه لا يزال معقدا. وفي هذا السياق، زار رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي استكمالا للقاء الثلاثي الذي جمعه امس الاول الى رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط في عين التينة، واعلن الحاجة الى حوار وطني لمواكبة المرحلة الراهنة. وعلم من مصادر مطلعة انه طلب من الراعي المساعدة في حض الاطراف المسيحية على التجاوب مع المساعي الحالية لاخراج الاستحقاق الرئاسي من «عنق الزجاجة»، وقد وعده البطريرك القيام بما هو ضروري. في الاطار ذاته، استقبل رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع في معراب النائب وائل أبو فاعور موفداً من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، كما زار النائب سامي الجميل.

سلبية لدى المعارضة

 

وفيما اعلنت الدائرة الاعلامية في «القوات» الاستعداد للتجاوب مع دعوة بري لانتخاب رئيس، نفت مصادر سياسية مطلعة ان يكون موقف «معراب ايجابي»، واشارت الى ان الاجواء لدى المعارضة لا تزال سلبية، في ظل رهان على الوقت واعتقاد سائد لديها انه يمكن الحصول على تنازلات اكبر لاحقا من «الثنائي»، بعد ان فسرت مرونة الرئيس بري بانها ضعف يبنى عليه للحصول على مكاسب سياسة اكبر. واليوم «الكرة» في «ملعب» المعارضة عموما والاحزاب المسيحية خصوصا، بعد ان طلب منهم بري اقتراح اسماء يمكن ان تحظى بأصوات 86 نائباً، أي أكثرية الثلثين التي لا يمتلكها أي فريق. وهذا يقود إلى الاعتقاد، بحسب مصادر مطلعة، بأن كل الجهود الداخلية لن تؤدي إلى إنضاج تسوية رئاسية ما لم تأتِ من ضمن التسوية الدولية التي تسعى إليها باريس وحيدة ولا تبالي بها واشنطن.

استثمار اميركي بالعدوان

 

ولا تعتقد اوساط وزارية بان الحلحلة ممكنة في الوقت الراهن، في ظل سلبية اميركية واضحة وغير مفاجئة، والترجمة العملية «للفيتو» الاميركي غياب المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين عن السمع، فلا اتصال بينه وبين المسؤولين اللبنانيين، فهو غاب عن السمع  عن سابق تصور وتصميم بعد اغتيال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، لان واشنطن ترغب بالاستثمار في العدوان الاسرائيلي لرفع سقف المطالب في محاولة للي ذراع حزب الله، وكذلك الدولة اللبنانية، واجبارهما على تقديم التنازلات. لهذا لا تبدو الادارة الاميركية مستعجلة لفتح قنوات الاتصال الان، وتراهن على عامل الوقت، وخصوصا نتائج الغزو الاسرائيلي البري «ليبنى على الشيء مقتضاه».