IMLebanon

الديار: هوكشتاين والتفاوض تحت النار… «الشياطين» في تفاصيل آليات الـ1701

 

بري لوقف العدوان أولاً… حزب الله: العدو لا يستطيع «إملاء الشروط»

«إسرائيل» تمهّد لاستهداف المستشفيات وبوحبيب يُحرّض على طهران! – ابراهيم ناصرالدين

 

لا تعويل جدي على حراك «ربع الساعة» الاخير في عمر ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن، غير المعني بالضغط على بنيامين نتانياهو، المصر على حرب الابادة في غزة، ومحاولة «تدمير» حزب الله في لبنان. فلا احد في واشنطن على استعداد للتدخل الجدي «كرمى» لعيون اللبنانيين او الفلسطينيين، الاولوية تبقى لعدم اغضاب «اللوبي الصهيوني» في الولايات المتحدة «كرمى لعيون « كاميلا هاريس، التي تخوض منافسة انتخابية متقاربة مع الرئيس السابق دونالد ترامب.

 

ومن هنا يمكن فهم عبارة رئيس مجلس النواب نبيه بري بان «العبرة في التنفيذ». فالمبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين لم يحمل الى بيروت اي ضمانة اميركية، بان «اسرائيل» ستنفذ او توافق على اي تفاهمات مفترضة مع المفاوض باسم المقاومة، لهذا سمع هوكشتاين كلاما واضحا في «عين التينة» عن ضرورة وقف النار قبل اي شيء آخر، وعدم القبول باي تعديلات على القرار 1701، وبعد ذلك كل النقاشات متاحة على مندرجات هذا القرار على نحو متواز، وفق نظرية واقعية تقوم على صيغة «لا غالب ولا مغلوب».

 

لكن ما لم يقله المبعوث الاميركي في بيروت علنا، قاله مسؤول اميركي لـ «سي ان ان» بان واشنطن تحاول الاستفادة من زخم العملية العسكرية «الاسرائيلية» لفرض تطبيق القرار 1701، اي التفاوض تحت النيران وعندئذ ستكون «الشياطين» في التفاصيل. وقد جاء رد حزب الله على نحو مباشر لا يقبل اي التباس، «العدو ليس في موقع املاء الشروط، والايام المقبلة ستكشف مزيدا من قدرات المقاومة، وهو ما سيكون له الاثر في اظهار ميزان القوى الحقيقي».

 

هذا الموقف عبر عنه عضو كتلة الوفاء للمقاومة ابراهيم الموسوي، الذي اكد ان المعركة لا تزال في بدايتها والعدو ليس في موقع المنتصر، واشار الى ان الرئيس بري اوصل الرسالة الصحيحة لهوكشتاين حول اولوية وقف النار، وتوعد بان العدو سيصطدم اكثر فاكثر بقدرات المقاومة وتخطيطها وتعاطيها مع الاهداف وفقا لتوقيت معين…

 

وفي هذا السياق، شهد الميدان بالامس مناورات برية على الحدود لم تغير من طبيعة المراوحة في المشهد، حيث تدور معارك «الكر والفر» على مساحة كلم ونصف، وفيما تواصلت زخات الصواريخ على معدلاتها اليومية، ووصلت بالامس الى «حيفا» و «تل ابيب»، وارتكبت قوات الاحتلال المزيد من المجازر ضد المدنيين. فقد شنت مساء امس غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية مستهدفة للمرة الاولى منطقة الاوزاعي، التي شهدت حركة نزوح كثيفة، وذلك بعد ساعات على تدمير ممنهج لارزاق الناس ومنازلهم بحجة استهداف فروع القرض الحسن الخالية من موظفيها ومحتوياتها، الا ان الاخطر مساء امس كان ادعاء الناطق باسم جيش الاحتلال افيخاي ادرعي بوجود اموال وذهب بمئات ملايين الدولارات للحزب، مخبأة في نفق اسفل مستشفى الساحل في الضاحية الجنوبية، وهي كذبة مفضوحة، لكنها تمهد لنيات مبيتة باستهداف محتمل للمستشفيات، وهو سيناريو خطر سبق وشهده قطاع غزة، ولهذا اعلنت ادارة المستشفى مساء امس عن اخلائها خوفا من استهدافها، ودعا مديرها الدكتور النائب فادي علامة الجيش اللبناني للتأكد من اكاذيب قوات الاحتلال التي نفت نيتها ضرب المستشفى؟!

ماذا حمل هوكشتاين؟

 

في الشكل لم يحمل المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين املاءات اميركية «فجة»، تتمشى مع الاجواء التي سبقت وصوله الى بيروت، ولهذا لم يتحدث في عين التينة او السراي الحكومي عن تعديل القرار 1701، لمعرفته المسبقة بعدم القدرة على الذهاب الى مجلس الامن والحصول على قرار معدل بوجود «الفيتو» الروسي والصيني. لكن هذه الاجواء لا تعني ان واشنطن المعنية بالوصول الى هدوء يسبق الانتخابات الرئاسية، لا تريد الاستثمار بالحرب «الاسرائيلية» غير المنضبطة ضد لبنان، لهذا تلفت اوساط سياسية مطلعة الى ان الاميركيين يحاولون الالتفاف على عقبة التعديل ، من خلال الحديث عن «آليات تنفيذية» للقرار تضمن تطبيقه، بما يضمن الهدوء المستدام لسنوات طويلة، دون الكشف عن فحوى الضمانات المطلوبة «اسرائيليا»، وكيفية الوصول اليها عمليا. ولهذا جرى التركيز على تطبيق صارم للقرار وتفعيل دور الجيش وقوات «اليونيفيل». وتجزم تلك الاوساط بان هوكشتاين لم يحصل على اي ضمانات لبنانية تتجاوز الالتزام بمضمون القرار 1701 وروحيته، وكان الرئيس بري واضحا بان الاولوية تبقى وقف النار قبل اي شيء آخر، من خلال احياء اقتراح هدنة الاسابيع الثلاثة، وبعدها يجري النقاش حول الالتزامات المتبادلة على الحدود.

افكار بري

 

ووفقا للمعلومات، كان بري راضيا عن طبيعة النقاشات مع هوكشتاين، واودع المبعوث الاميركي مجموعة افكار تنفيذية منسقة مسبقا مع رئيس الحكومة، وقد سمع المبعوث الاميركي من بري وميقاتي موقفا موحدا بعدم تقديم اي اجوبة نهائية وحاسمة، قبل الحصول على موقف واضح من «اسرائيل» حيال المقتراحات الراهنة بما فيها وقف النار.

 

وفي هذا السياق، شدد رئيس حكومة تصريف الاعمال على «أن الاولوية هي لوقف اطلاق النار والتطبيق الشامل والكامل للقرار 1701 ، لكونه الركيزة الاساسية للاستقرار في المنطقة. اما هوكشتاين فشدد على أن المساعي الديبلوماسية لا تزال قائمة وجدّية، مؤكدا العمل للتوصل الى وقف لاطلاق النار في الفترة المقبلة ، ودعم التطبيق الكامل والشامل للقرار 1701، ودعا كل الاطراف للعمل على التوصل الى صيغة تفاهم حيال كيفية تطبيق القرار.

لا تفاؤل

 

وفي انتظار ما سيحصل عليه وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن من اجوبة في «اسرائيل» اليوم، لم تبد اوساط ديبلوماسية الكثير من التفاؤل ازاء الزيارة رقم 11 الى المنطقة منذ طوفان الاقصى، ولفتت الى انه من المستبعد ان يمنح نتانياهو هاريس هدية مجانية قبل اسبوعين من الانتخابات الرئاسية، وهو لا يزال يعتقد انه بامكانه تحقيق «النصر المطلق» في غزة ولبنان، ولن يقبل اقل من استسلام حزب الله وحركة حماس، فيما يتحضر لشن ضربة على ايران يعتقد انها ستؤدي الى اختلال كبير في موازين القوى لمصلحته، ولهذا قد تشهد الايام المقبلة المزيد من التصعيد في نسق الهجمات «الاسرائيلية»، لان اعادة تفسير القرار 1710 تعني لنتانياهو محاولة فرض استسلام تحت النار، حيث تريد «اسرائيل» صلاحيات موسعة برا وجوا، لمنع ما تعتقد انه اعادة تسليح حزب الله، وهو ما عناه هوكشتاين عندما دعا القيادة اللبنانية الى اتخاذ القرار الشجاع الذي سيسمح بفترة رخاء طويلة؟!

الشروط «الاسرائيلية»؟

 

وكان موقع «أكسيوس» الاميركي نقل عن مسؤولين أميركيين و «إسرائيليين» تأكيدهم، أن «إسرائيل» قدمت للولايات المتحدة الأسبوع الماضي وثيقة تتضمن شروطها، للتوصل إلى حل ديبلوماسي لإنهاء الحرب في لبنان. ونقل «أكسيوس» عن مسؤول «إسرائيلي» أن «إسرائيل» طالبت بالسماح لقواتها المسلحة بالمشاركة في «تنفيذ فعال»، لضمان عدم إعادة تسليح حزب الله وعدم إعادة بنيته التحتية العسكرية بالقرب من الحدود. وكشف التقرير أن «إسرائيل» طالبت أيضا بحرية عمل قواتها الجوية في المجال الجوي اللبناني. وقال مسؤول أميركي لـ «أكسيوس» إن من غير المرجح بشكل كبير أن يوافق لبنان والمجتمع الدولي على شروط «إسرائيل».

الخروج عن السيطرة

 

وكان هوكشتاين قد اكد بعد لقاء بري ان « الوضع خرج عن السيطرة، وقال ان ربط مستقبل لبنان بالنزاعات ليس في مصلحة اللبنانيين». ورأى ان «عدم تطبيق القرار 1701 هو سبب احتدام واستمرار هذا النزاع». وتابع: «ملتزمون حل النزاع في لبنان وفقا للقرار 1701، ولكن إن التزام الجانبين بالقرار 1701 ليس كافيا، والحكومة اللبنانية بحاجة للمساندة، وواشنطن ملتزمة بتقديم المساهمة اللازمة». واشار الى ان «المجتمع الدولي ملتزم إعادة الإعمار ودعم الجيش اللبناني، ولن أخوض محادثات حول تعديل القرار 1701 وإنما إمكان تطبيقه». ولفت الى ان «ادارة الرئيس جو بايدن تتطلع لضمان أن يكون هذا هو الصراع الأخير في لبنان لأجيال قادمة»…

 

من جهتها نقلت مصادر بري عنه قوله ان»اللقاء كان جيدا والعبرة في النتائج»…

الحل على «الطاولة»؟

 

من جهته، أكد ميقاتي «تمسك لبنان بالقرار الدولي الرقم 1701 لأنه يوفر الاستقرار»، مشدداً على «أن الحل الديبلوماسي للوضع في لبنان لا يزال على الطاولة»، مشيرا الى ان «حزب الله وافق على تنفيذ القرار 1701، والمطلوب ايضا وقف العدوان الاسرائيلي والخروقات المستمرة منذ صدور القرار برا وبحرا وجوا». أضاف ميقاتي: «لا اتصال مباشرا مع حزب الله منذ منتصف الشهر الفائت، ولكننا على تنسيق يومي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، والحزب ممثل في الحكومة وقد وافق على القرار الاخير الذي اتخذناه بشأن الطلب إلى مجلس الأمن الدولي كي يدعوه لاتخاذ قرار بالوقف التام والفوري لإطلاق النار.

«مغامرات» نتانياهو

 

وفي تعبير واضح عن القلق من مغامرات نتانياهو، انضم عددٌ من المراقبين في كيان العدو للتحذير مما وصفوه بـ «المغامرة الخطرة»، منهم المحلل السياسي في القناة 13 العبرية رافيف دروكر، الذي اكد إن نتنياهو الآن يندفع نحو إيران وتبادل لكمات معها، لاعتبارات تتعلق به لا بـ «إسرائيل»، مشددا على أنها مغامرة كبيرة وخطرة.

ميقاتي مصر على «المشكل»؟

 

وفيما زعمت الخارجية الفرنسية انها تجري حوارا صعبا مع طهران بشأن وقف النار في لبنان، يصر رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على افتعال «مشكل» مع طهران، وجدد التصويب على الموقف الايراني في مقابلة مع قناة «العربية» السعودية، وقال انه ابلغ القيادات الإيرانية أن يخففوا العاطفة تجاه لبنان، وقال «راجعت حوار رئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قاليباف بنفسي، وأبلغت اعتراضي، والرسالة وصلت».

 

وتجاهل ميقاتي مجددا التوضيحات الايرانية قائلا انه «يتفهم ان تدعم إيران التفاوض، لكن لا أحد يتحدث نيابة عن الدولة اللبنانية».

 

وهذا الموقف رد عليه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي، الذي اكد أن «إيران ترفض اتهامات رئيس الوزراء اللبناني بالتدخل في شؤون بلاده»، ورأى أن «أفضل مسار لتسوية الوضع السياسي في لبنان هو وجود حوار لبناني – لبناني». وأوضح أن «إيران تعتبر السعي إلى وقف الإبادة الجماعية الصهيونية ضد غزة ولبنان وظيفة إنسانية وأخلاقية وإسلامية»، معلنا أنها ستواصل مشاوراتها لوقف الحرب على غزة ولبنان وترحب بكل الجهود لتحقيق هذه الغاية.

بوحبيب يحرض على طهران!

 

تجدر الاشارة الى ان ما يقوله ميقاتي لم يعد مجرد موقف اعلامي لارضاء الغرب والولايات المتحدة الاميركية، في ظل تولي وزير الخارجية عبدالله بوحبيب مهمة التحريض على الدور الايراني خلال لقاءاته وجولاته الخارجية، وهو امر سيكون على «الطاولة» في اول جلسة وزارية، حيث سيكون لوزيري حزب الله موقف متشدد ازاء هذا التحول المثير للريبة، والذي تجاوز حدود ما هو متفاهم عليه داخل الحكومة.

 

ووفق مصادر سياسية بارزة باتت اللازمة الاساسية في كلام بوحبيب امام نظرائه الغربيين والعرب، ان لبنان جدي في محاولة التخلص من التأثير والنفوذ الايراني، والمسألة برأيه مجرد وقت! وهو يوحي على نحو غير مباشر بان ثمة رهانا غير مباشر على العدوان الاسرائيلي لتغيير موازين القوى داخليا وفي الاقليم.

 

وقد وصفت تلك الاوساط الكلام بالخطر ويحتاج الى توضيح غير قابل للمراوغة، التي يعتمدها بوحبيب في مقاربته للملفات والمواقف، وستكون جلسة الحكومة المقبلة مفصلية لوضع «النقاط على الحروف»، خصوصا ان هذه العدائية المبالغ فيها لطهران لا تخدم تماسك الوضع الداخلي، وتدفع البلاد الى توترات سياسية لا معنى لها، ولهذا يتحفظ «الثنائي» عن الدخول في سجالات علنية حتى الآن، بانتظار معالجة الامور بهدوء. فاذا كان ما يحصل مجرد اجتهادات خاطئة وسوء تقدير، يمكن تجاوز الامر، اما اذا كانت سياسة ونهجا جديدا يحاول بوحبيب وميقاتي فرضه بقوة الامر الواقع، فسيكون هناك كلام آخر.

ماكرون متعاطف مع نتانياهو

 

وفيما لم تحمل زيارة الأمين العام لـ «جامعة الدول العربية» احمد أبو الغيط الى بيروت اي موقف جدي يمكن التعويل عليه، جدد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون موقفه المنحاز الى كيان العدو، وفي اتصال هاتفي برئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، أعرب عن تضامنه مع رئيس الوزراء «الإسرائيلي» في أعقاب الهجوم غير المقبول بطائرة بدون طيار الذي استهدف منزله الشخصي. وأشار إلى حرص فرنسا على أمن «إسرائيل».

 

وفي ما يتعلق بلبنان، طلب ماكرون من رئيس الوزراء «الإسرائيلي» الحفاظ على البنية التحتية وحماية السكان المدنيين والتوصل إلى وقف لإطلاق النار في أسرع وقت ممكن. وندد بالإجراءات التي يقوم بها الجيش «الإسرائيلي» ضد قوات اليونيفيل، وأعرب عن رغبته في أن تؤدي الأمم المتحدة دورها الكامل في جنوب لبنان، للسماح بعودة السكان المدنيين إلى ديارهم، بأمان، على جانبي الحدود.