Site icon IMLebanon

الديار: المقاومة تبدأ المعادلات الاستباقية: محاولة حماية البنى التحتية

 

 قلق من تصعيد في الفترة الانتقالية وغموض حول نوايا بايدن؟

 ترامب يتواصل مع طهران… وعود لا ترمم الثقة ولا تمنع الرد – ابراهيم ناصرالدين

 

 

اذا كان ثمة من يراهن او ينتظر تبلور استراتيجية الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب بشان الحرب الاسرائيلية على لبنان، فانها ليست المقاومة التي تواصل فرض المعادلات في الميدان رغبة منها في ايلام العدو وفرض وقف للنار باسرع وقت ممكن، وفق الشروط التي تحفظ السيادة الوطنية وتمنع حكومة الاحتلال من تحقيق اهدافها الخطيرة في الشرق الاوسط انطلاقا من «البوابة» اللبنانية. في هذا الوقت، سجلت اولى المحاولات من قبل الادارة الاميركية الجديدة «لجس النبض» مع طهران دون تقديم اي ضمانات تسمح بالرهان ايجابا على صدق نوايا الرئيس المنتخب في ظل طروحات غير عملية ووعود لن تكون كافية لمنع طهران من الرد على العدوان الاسرائيلي الاخير، فيما بدأ الترويج في الاعلام الاسرائيلي لرغبة رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو باقناع الرئيس جو بايدن بانهاء عهده بانجاز يعوض اخفاق الديموقراطيين بضرب المشروع النووي الايراني بموافقة ضمنية من ترامب الذي يرغب بتسلم السلطة كداعية للسلام.

 

وفيما تحاول باريس عبر وزير خارجيتها التي تعرض للاهانة في اسرائيل بالامس، الترويج لصفقة لا تبدو انها ناضجة، شهد الميدان تحولا نوعيا بعدما ادخلت المقاومة اسلحة نوعية لضرب اهداف استراتيجية بهدف تثبيت معادلات جديدة في ظل توقعات باقدام حكومة العدو على التصعيد في الفترة الانتقالية الاميركية، وقد كانت باكورة هذه الاستهدافات امس الاول بضرب القاعدة العسكرية القريبة من مطار بن غورين بصاروخ «فاتح 110»، في رسالة ردعية لقوات الاحتلال، لحماية مطار رفيق الحريري الدولي، مفادها بان المقاومة لديها الوسائل التدميرية المناسبة لاخراج المطارات الاسرائيلية عن الخدمة اذا ما اتخذت الحكومة الاسرائيلية قرارا باستهداف البنى التحتية في لبنان. وقد اصيب بالامس العشرات من جنود الاحتلال وضباطه في الجليل وفي كمين قرب بلدة يارون الحدودية، في يوم وصفته وسائل الاعلام الاسرائيلية بانه «يوم عنيف» ادى الى دمار هائل في المستوطنات، حيث استخدمت المقاومة منظومة «ملاك واحد» الصاروخية في قصف الكريوت في حيفا حيث حصل تسرب للغاز ادى الى هلع وهجرة جماعية للسكان.

رسائل ترامب لايران ؟

 

وفيما سربت وسائل اعلام اسرائيلية عن مقربين من نتانياهو توقعهم استمرار الحرب في لبنان اقله لثلاثة اشهر، اكدت مصادر دبلوماسية «للديار» ان الساعات القليلة الماضية شهدت اول محاولة من فريق الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب للتواصل مع طهران عبر وسيط خليجي معتمد، وذلك في اطار استكشاف معالم المرحلة المقبلة. وعلم في هذا السياق، ان الاميركيين يريدون الانطلاق في العلاقة بناء على اسس جديدة تقوم على فكرة التخلي عن الافكار المسبقة وعدم ربطها بما حصل من صدام مباشر وغير مباشر خلال الولاية الاولى لترامب، مع ابداء الاستعداد لمناقشة افكار حول العودة الى اتفاق نووي بحلة متجددة تزامنا مع البحث بترتيبات حول الملفات الساخنة في المنطقة ومنها الحرب في غزة ولبنان، وكذلك سوريا والعراق.

ماذا يريد ترامب؟

 

ووفقا لتلك الاوساط، لم تحمل الرسالة الاميركية اي تفصيلات حول اي من القضايا الانفة الذكر، لكن حملت في طياتها خطوطا عريضة تفيد بان ترامب لا يرغب بالتصعيد ويريد انهاء الحروب في المنطقة، وهو يؤمن بامكانية التوصل الى تفاهمات بالخطوط العريضة في الفترة الفاصلة التي تسبق توليه السلطة رسميا في كانون الثاني المقبل. واوحى الجانب الاميركي برغبة ترامب بعدم حصول رد ايراني «غير متناسب» على الهجوم الاسرائيلي على ايران كي لا تزداد الامور تعقيدا ويصعب حل الازمات، لكنه في المقابل لم يبعث باي ضمانات بانهاء الحرب الاسرائيلية على غزة على نحو نهائي، باعتبار ان الوضع معقد، مع وعد بامكانية خفض مستوى التصعيد الى حده الادنى، وتسهيل الظروف الانسانية للفلسطينيين، بانتظار تسلمه السلطة وعندها يتم ايجاد حلول مستدامة.

الملف اللبناني غير معقد!

 

اما في الشان اللبناني، فان مستوى التفاؤل لدى الادارة الاميركية مرتفع باعتبار ان الخلاف حول «اليوم التالي» ليس معقدا وهناك القرار 1701 على الطاولة، ويمكن التوصل الى اتفاق في غضون اسبوعين من المحادثات الجادة خصوصا ان القيادة العسكرية في اسرائيل سبق ورفعت توصيات للحكومة بامكانية الذهاب الى الى الحل السياسي بعدما استنفدت اهداف الحرب العسكرية.

لا ضمانات اميركية

 

هذه الافكار الاميركية بقيت دون ضمانات عملانية يمكن الركون اليها حتى الان، وحسب اوساط مطلعة، اذا كان الركون لحسن النوايا في زمن السلم غير ممكن، فكيف اذا كانت المنطقة تحترق، ولهذا كان الجواب الايراني واضحا بعدم الاكتراث للاقوال بانتظار الافعال، فمن يواصل عدوانه هو اسرائيل ومن بيده الحل والربط لوقف المجزرة هي الادارة الاميركية، والاختبار الجدي للنويا يبدأ بوقف النار، وغير ذلك يبقى محاولة جديدة لمنح نتانياهو المزيد من الوقت لاكمال مشروعه المتطرف المدعوم من الادارة السابقة والدولة العميقة في الولايات المتحدة، واذا اراد ترامب ان يرسل مؤشرات ايجابية عليه ان يثبت ذلك على نحو عملي لا من خلال الشعارات. ووفقا للمعلومات، كان الايرانيون واضحين لجهة ان ردهم على العدوان الاسرائيلي الاخير غير قابل للنقاش وفي التوقيت المحدد له، وان لا ثقة لهم بالرئيس ترامب بفعل التجربة السابقة، وكذلك تصريحاته خلال الحملة الانتخابية حين شجع نتانياهو على ضرب ايران بقسوة وعدم استثناء قطاع النفط والمفاعلات النووية. فهل تراجع عن افكاره؟ اذا عليه ان يثبت ذلك.

يأس «الاصلاحيين»

 

وفي «رسالة» بالغة الدلالة من التيار الاصلاحي الايراني المتهم بميله لعقد الصفقات مع الغرب، جاء أول تعليق من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على فوز ترامب «فاترا» بعدما اثبتت التجربة عدم وفاء الاميركيين بوعودهم، ولهذا قلل الرئيس الايراني من تأثير الأمر على بلاده، واشار الى ان فوز ترامب «لا يغيّر شيئا» بالنسبة إلى طهران، كما شدد على أن الأولوية بالنسبة لبلاده تكمن في تطوير العلاقات مع الجيران والدول الإسلامية. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي قد اكد امس ان بلاده لديها تجارب مريرة للغاية مع السياسات والتوجهات السابقة للإدارات الأميركية المختلفة، لكنه اعتبر في الوقت عينه أن فوز ترامب يمثل فرصة لمراجعة وإعادة النظر في التوجهات غير الصائبة السابقة لواشنطن.

حزب الله لن يهزم

 

من جهته، اعلن المرشد الايراني السيد علي خامنئي خلال لقاءٍ مع أعضاء مجلس خبراء القيادة في إيران أنّ «الجهاد المستمر بقوّة في لبنان وقطاع غزّة وفلسطين المحتلة سيؤدي حتمًا إلى الانتصار». وقال إنّه «وبحسب ما يُفهم من التطورات الجارية، والوعد الإلهي، فإنّ انتصار الحق ومحور الحق وجبهة المقاومة قطعي». وقال الخامنئي أنّ سيدنا العزيز السيد حسن نصر الله استشهد وباستشهاده نال أعلى المراتب وما كان يتمناه، لكنّه ترك هنا إرثًا كبيرًا وهو حزب الله الذي نما وتعاظم وتحوّل إلى قوةٍ لم يتمكّن العدوّ من هزيمتها على الرغم من كلّ إمكانياته المادية والإعلامية وإن شاء الله لن يتمكّن من ذلك.

احتمال ضرب ايران؟

 

وفي سياق متصل، نقلت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية عن مصدر مقرب من نتنياهو تاكيده ان الاخير يرى فرصة متاحة لضرب ايران بقوة في الفترة الانتقالية الاميركية، ولفت الى ان «نتنياهو سيعمل على استغلال غضب بايدن على رجال حزبه ورغبة الرئيس المغادر ليخلف وراءه إرثا ًمبهراً، وإلا سيدخل كتب التاريخ كرئيس نحاه رفاقه عن التنافس في الحزب، وبعد ذلك فشل في محاولة المساعدة لمن حلت محله».

دور «الشرطي السيء»؟

 

وسيحاول نتنياهو اقناع ترامب اتمام المهمة في الشهرين والنصف المتبقية من خلال تحقيق النصر الحقيقي الذي لا يمكن تحقيقه دون ضربة حقيقية لإيران، مع التشديد على استهداف برنامجها النووي. ولكي يحصل هذا، ينبغي للرئيس بايدن أن يقتنع بأن إعطاء إسرائيل «ضوء اخضر» ضد إيران ستكون الخطوة المكملة لينهي بها حياته السياسية الطويلة. في وقت ليس من الصعب اقناع الرئيس ترامب، بأن الأفضل له منح بايدن دور الشرطي السيئ، كي يحصل هو على طاولة نظيفة في 20 كانون الثاني، ويتمكن على الفور من التركيز على صنع السلام.

رهانات «ومقامرة»

 

من جهتها، اكدت صحيفة «هارتس» انه لا فائدة من المقامرة على السياسة الخارجية للرئيس المنتخب. وقالت ان هذا مبكر جداً. كثيرون من المقربين منه، مثل مايك كومباو، هم من مؤيدي إسرائيل ومحبي نتنياهو. ولكن ظهرت في فترة ولايته الأولى في السياسة الخارجية للإدارة الأميركية أسس متناقضة ومختلطة. بث ترامب نزعة انفصالية وتحفظاً شديداً من غرق أميركا في أمن الحلفاء وعدم الرغبة في الدخول إلى حروب أخرى زائدة. في المقابل، صدق ادعاءات نتنياهو، وانسحب من الاتفاق النووي مع إيران بصورة قربت نظام طهران من موقف جعلها أقرب إلى إنتاج القنبلة.

مصالح ترامب اولا

 

وبراي الصحيفة ، فان سجل ترامب فيما يتعلق بإسرائيل أكثر تعقيداً مما يميلون للحديث عنه. لذلك، فإن مظاهر التبجيل والتذلل تبدو مبكرة قليلاً. سيهتم ترامب قبل أي شيء آخر بمصالحه، التي لا تتساوى بالضرورة مع توقعات ائتلاف نتنياهو. ولم يخف ترامب يوماً إعجابه بالدكتاتوريين، وحتى السوقيين بينهم، مثل حاكم كوريا الشمالية.

ماذا سيفعل بايدن؟

 

في المقابل، ثمة توقعات سياسية اكثر تفاؤلا في اسرائيل، لفتت عبر «يدعوت احرنوت» الى انه خلال فترة الانتقال التي تستمر شهرين، حتى تنصيب ترامب في 20 يناير 2025، فمن المرجح أن يسعى الرئيس بايدن، المتحرر من القيود السياسية والقيود الانتخابية، إلى ترسيخ إرثه. من خلال إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس وحزب الله، وقبل كل شيء الترويج لصفقة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى الحركة. وقد لا يتردد بايدن في ممارسة ضغوط شديدة على إسرائيل لتحقيق هذه الغاية.

لا وقف للعملية البرية!

 

في هذا الوقت، وفي خبر يكشف عن صعوبة المواجهة مع حزب الله على الحدود، كشفت وسائل الاعلام الاسرائيلية عن تراجع قيادة جيش الاحتلال عن قرار الاعلان عن وقف العمليات البرية في لبنان نهاية الاسبوع الماضي، بضغط سياسي، مع العلم ان القيادة العسكرية سبق وابلغت الحكومة ان المهمة انجزت ولم يعد هناك حاجة للمزيد من التوغلات والمواجهات المباشرة. وقد التقى رئيس أركان جيش العدو، هرتسي هاليفي امس مع رؤساء السلطات المحلية في الشمال برفقة قائد المنطقة الشمالية وقائد الجبهة الداخلية، ولفت الى انه «لا يوجد شيء يمثل الانتصار أكثر من عودة آمنة للسكان وسنمضي في هذا الطريق معًا، نحن نضرب البنى التي أقامها حزب الله منذ العام 2006 ونعمل ذلك بأكبر قوة ممكنة ولن نسمح باعادتها»، ودون ان يقدم اي وعود حول العودة القريبة للمستوطنين، قال «نواصل العمل مع الكثير من القوة والإصرار، حيث يتعين علينا اعداد خطط واضحة لضمان أن الوضع هنا سيكون أفضل بكثير مما كان قبل الحرب، ولفت الى انه في كل تسوية سياسية لو تحققت سيتعين على الجيش الإسرائيلي معاقبة الخروقات بقوة النار!.

الميدان مشتعل

 

في هذا الوقت، واصل حزب الله رفع نسق المواجهات، وقد اتخذت العمليات خلال الساعات القليلة الماضية شكلا جديدا مع دخول المستوطنات الواقعة على اكثر من 40 كلم الى نطاق الاستهداف اليومي، ما جعل الحياة فيها مستحيلة، وكان الابرز مساء كمين اوقع قتلى وجرحى في قوة مشاة اسرائيلية حاولت التقدم باتجاه بلدة يارون. وقد وصف الاعلام الاسرائيلي يوم امس باليوم العنيف مع الكثير من عمليات الاطلاق وسقوط الصواريخ التي ادت الى اضرار كبيرة. واعلن حزب الله انه استهدف بالصواريخ قاعدة بحرية و4 مستوطنات شمالي إسرائيل، كما استهدف 9 تجمعات وتحركات لجنود شمال إسرائيل، وقال الحزب انه استهدف بصلية صاروخية قاعدة ستيلا ماريس البحرية شمال غربي مدينة ‏حيفا، وأوضح أن هذه القاعدة هي قاعدة استراتيجية للرصد والرقابة البحريين على مستوى الساحل الشمالي، كما اعلن الحزب أنه استهدف بصليات صاروخية 4 مستوطنات هي: الكريوت، ويفتاح، وكريات شمونة، والمنارة، ومرغليوت، كما استهدفت المقاومة بصليات صاروخية 8 تجمعات وتحركات لجنود عند ثكنة راميم، وبوابة موقع هرمون العسكري، ومستوطنات ليمان، وحانيتا، وشوميرا، وساعر، ودوفيف، وقبالة بلدة كفركلا، وكذلك استهدفت المقاومة تجمعا لقوات جيش الاحتلال شرق بلدة مارون الراس بصلية صاروخية.

استهداف المدنيين

 

في غضون ذلك، تواصلت الغارات العدوانية على كافة المناطق، وارتفع عدد شهداء الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان الى 3103 شهيد على الأقل وإصابة 13856 منذ تشرين الاول 2023 وفق ارقام وزارة الصحة، وضمنهم 60 شهيدا و63 جريحا في العدوان على البقاع امس. وقد واصلت قوات الاحتلال استهداف السيارات على الطرقات، فعلى طريق الجمهور- الكحالة سقط شهيد وجريح باستهداف سيارتهما، وفي صيدا عند جسر الاولي استهدفت سيارة هوندا ما تسبب بسقوط 3 شهداء وعدد من الجرحى، بعد ان تقصد العدو الإسرائيلي استهدف سيارة أثناء مرورها عند حاجز الأولي ما ادى الى إصابة 3 عسكريين من عناصر الحاجز و٤ من عناصر الوحدة الماليزية العاملة ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل، وذلك أثناء مرور آليات تابعة للوحدة عند الحاجز.

حركة المطار طبيعية

 

وفيما يحاول حزب الله حماية المطار من خلال ايجاد معادلات ردعية جديدة، كتب وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حميه على منصة «إكس»: «مطار رفيق الحريري الدولي بيروت يعمل بشكل طبيعي». وجاء كلام الوزير بعدما تعرضت منطقة الاوزاعي بمحاذاة المطار ليل أمس الاول لغارة عنيفة، كما سُجّلت بعض الأضرار في حرم المطار جراء قوّة القصف. وأفيد بأن لا أضرار في المطار نتيجة الغارات الإسرائيلية واقتصر الأمر على تناثر الحجارة على المدرج الغربي وطريق الخدمة إضافة إلى أضرار بسيطة في محيط المدرج 17، وقد عادت الأمورإلى طبيعتها والمطار يعمل بكل أقسامه وبشكل طبيعي.